أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - هذه الرواية - نادي القتال














المزيد.....

هذه الرواية - نادي القتال


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1264 - 2005 / 7 / 23 - 12:51
المحور: الادب والفن
    


عن دار ميريت صدرت رواية " نادي القتال " للروائي الأمريكي تشاك بولانيك ، ترجمة د . أحمد خالد توفيق . وكنت قد شاهدت الفيلم الأمريكي المأخوذ عن الرواية ، لكني حين قرأتها وجدت أن الفيلم أضر بالرواية ولم ينفعها ، وكان مجرد نوع من الاختزال لعمل هام . وواضح من الرواية كما يقول د . أحمد توفيق في مقدمته أن المؤلف يسترشد بمبدأ : " الكتابة لمن لا يقرءون بدلا من الكتابة لجمهور القصة المعتاد " . وهذا المبدأ هو الذي يقود المؤلف لبناء روايته أساسا على الأحداث والأفعال العنيفة الصادمة التي تتقاطع مع الجنس والموت والعنف ونزعة تدمير الذات والعالم بشتى الوسائل . لهذا يعترف " تايلر " الشخصية الأولى في الرواية بقوله : " إنني لن أكتشف قوة روحي العظمى إلا من خلال تدمير ذاتي " ، وتنجم هذه النزعة من كونه : " نكرة .. لا يعبأ أحد بحياته أو موته " . ومن الطبيعي لشخصية تسعى لتدمير نفسها أن تسعى أيضا لتدمير العالم والثقافة والنظام القائم . يقول تايلر : " أريد أن أدمر كل شئ جميل لم أنله قط ، أن أقتل السمك الذي لن أستطيع أن آكله ، أن أحرق متحف اللوفر ، أن أمسح مؤخرتي بلوحة موناليزا ، أريد للعالم كله أن يبلغ الحضيض " . ويؤدي هذا الميل العنيف للموت وتحطيم وجه العالم إلي صراع يشتبك فيه الرجال في قتال بعضهم البعض قتالا بلا رحمة داخل نادي " القتال " الذي أنشأه " تايلر " . إنهم يتقاتلون من دون سبب ، لمجرد أن يشعروا بذواتهم ، وبقوتهم ، ذلك أن " غالبية من يأتون لنادي القتال يأتون من أجل شئ يخافون أن يقاتلوه ، وبعد بضع معارك يقل خوفك كثيرا " . لقد اخترع تايلر هذا النادي ، لكي يتحرر فيه الناس بالعنف من خوفهم وكراهيتهم للنظام السائد . إنهم يخرجون جماعات ليتبولوا في زجاجات العطور الفاخرة بغرفة زوجة أحد الأثرياء ، ويحطموا واجهات السيارات ، ويشعلوا الحرائق في المباني ، ويبصقوا في أطباق الطعام بالفنادق . لقد اخترع تايلر نادي القتال ، ثم أصبح النادي مذهبا فكريا عاما منتشرا في مدن عديدة سواء بمعرفة ووجود تايلر أم من دون ذلك . وفي لحظة محددة حينما يرغب تايلر في وقف كل هذا العنف ، فإنه يجد نفسه عاجزا ، بعد أن تشكل للفوضى والعنف جيش مستقل واسع الانتشار . وخلال ذلك كله تلوح بقوة شخصية الإنسان الفوضوي ، الذي يؤمن بعمق بأن الدولة هي العدو الأكبر للفرد وأن إزالتها ضرورة لتحرره ، وأن السبيل الوحيد لذلك التحرر هو بناء مجتمع لا يحتاج إلي دولة . ويقدم المؤلف خلال روايته جانبا هاما من نفسية الفوضوي وتبريره لتدمير الذات والكون ، إنها نفسية وذهنية من يضعهم المجتمع في موضع النفي والإقصاء " باعتبارهم فضلات للتاريخ " ، " مهمشين " ، لا تعبأ بهم حتى الآلهة ، ولذلك يقول تايلر " إن جذب اهتمام الإله بك عبر الشر قد يكون أفضل من ألا تنال ذلك الاهتمام على الإطلاق " . ولهذا فإن تلك المجموعات تحلم مع تايلر وتحت زعامته بتدمير الحضارة من أجل الوصول إلي عالم أفضل ! ومع ذلك فإننا نرى بوضوح أن خلف ذلك اليأس العميق حلما مجنونا بالعدالة . يقول تايلر: " تصور لو أننا نظمنا إضرابا ورفض الجميع العمل حتى يتم توزيع ثروات العالم بالقسطاس " . إنه يأس ذلك الجيل الذي يقول عنه تايلر لأحد كبار ضباط الشرطة : " نحن الذين نغسل غسيلك ونطهو طعامك ونقدم لك العشاء .. نحن أطفال التاريخ المتوسطون الذين ربانا جهاز التلفزيون وقال لنا إننا سنصبح مليونيرات ونجوم سينما وموسيقى، لكن هذا لن يحدث ، ونحن الآن نستوعب هذه الحقيقة " .
ويكشف المؤلف عن قسوة الحياة التي تتأرجح بين غياب العدالة الاجتماعية ، ومواجهة الموت كمصير فردي ، هذه القسوة التي لا تولد سوى قسوة مماثلة وكراهية وعنفا . في نهاية الرواية فقط ستعرف أن تايلر ، والراوي الذي يحكي عن تايلر هما شخص واحد ، حطمته الهلوسة وأمراض العقل في مستشفى بعيد . وتبقى بعد ذلك في نفس القارئ طويلا تلك الصورة المفزعة للمجتمع الأمريكي الذي يتحلل ، وينهار ، ويوشك على تدمير ذاته والعالم . أليس هذا ما يحدث ؟!

***
أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد جملة واحدة مستمرة
- الليبراليون العرب .. من يخدعون ؟
- أدباء مصريون من أجل التغيير .. موقف أم وجود ؟
- الرقابة والثقافة في مصر
- مسيحيون من أجل القرآن
- حديقة - قصة قصيرة
- المستشار محمد بك نور .. الذي برأ طه حسين
- أيام واحات صنع الله إبراهيم
- التمويل الأجنبي عمالة صريحة
- جذور للكتابـة
- المادة 76 في حياة مصر الثقافية
- معرض القاهرة والكتب
- طول لسان رياض النوايسة
- في وداع كاتب شريف
- كلمة سحرية تتحدى الزمن
- -- قصة قصيرة - بط أبيض صغير
- من تثقيف العسكر .. إلي عسكرة المثقف
- كعك أمريكي لسكان الفالوجة
- ياسر عرفات .. تغريبة أخيرة
- ليلة القبض على العريش


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - هذه الرواية - نادي القتال