أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - العراقي والكذب














المزيد.....

العراقي والكذب


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 23:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الكذب ظاهرة نفسية واجتماعية ولا بد لكل شخص منا أن تصادف وتعرف على شخص كذاب في حياته العملية بالشارع أو الوظيفية أو العمل أو المقهى أو الجامعة، والكذب مدان أخلاقيا ودينيا واجتماعيا مع ذلك الكذب منتشر اجتماعيا نسبيا؟ ولكن اللافت للنظر إن للكذب قبول ضمني اجتماعي غير معلن في حالات خاصة مثل الكذب في البيع والشراء أو الكذب في المزاح أو الكذب في المجاملات والآداب الاجتماعية وهذا ما سأبحثه الكذب بين الإدانة الأخلاقية والقبول الاجتماعي له في مجتمعنا العراقي.
من المستحيل أن يوجد إنسان لا يكذب أبدا، وكل من يدعي خلاف ذلك يكون كذاب في نظر العراقيين، فهناك أسرار شخصية ومواقف محرجة أو خطره تقتضي الكذب أي تدفعنا إليها ضرورة قاهرة على الكذب وليس قصدا أو دافعا داخليا، وهذه الدرجة الخفيفة العامة من الكذب لا تحتسب في أنواعه، فالكذب أنواع ودرجات فمنه المنصب على شخص الكاذب الذي يتخذ من شخصه بطلا في كل المواقف والأمور ويكون منتصرا على خصومه وظروفه، فنسخر منه مبتسمين مستهزئين به، ومنه الكاذب في نقل أي خبر ومعلومة أو وعد وهذا يكون أسوأ من الأول لأنه يضر الآخرين أيضا يؤدي إلى مشاكل كبيرة، والكذاب درجات فمنه من يكذب في كل شيء، وبعضه يكذب في بعض الأشياء، والكذب منه نفسي واجتماعي، ومنه الكذب المتقن والكذب التافه حسب شخصية صاحبه، ونحن نسمي الكذاب (هلاش، يحمه، يطير فيالة، ابو فخري)، والمثل يقول إن الكذاب احترق بيته فلم يصدقه الناس حين راح يستغيث بهم، أو (يفوتك من اﻟ-;-ﭽ-;-ذاب صدﮒ-;- ﭽ-;-ثير) أي أن الكذاب لا نصدق حتى صدقه، بسبب فقدان ثقة الناس به، وهي جزاء له على خداعه، مع ذلك لا يتغير الكذاب عن كذبه! ورغم هذه الإدانة الأخلاقية للكذب هناك قبول اجتماعي ضمني له غير معلن في البيع والشراء يكون من حق البائع خداع المشتري ببضاعته ببيعها بأغلى سعر ممكن بإقناعه بمواصفات بضاعته الممتازة مهما كانت رديئة حالفا بأغلظ المقدسات، من جانبه يكون المشتري حذرا من البائع فيبخس من حق بضاعة البائع والتقليل من قيمتها وسعرها المعروض إلى الحد الأدنى الممكن حتى يصل الطرفان إلى التوافق في لعبة صراع الكذب المتبادل الذي يسمى بالعامية العراقية (عِملة، معاملة) وبعد أن ينتهي صراع الكذب على اتفاق وسطي يختم البائع كلامه بكذبة أخيرة حين يسدد المشتري المال (خليهَ على حسابي) مدعيا بيع بضاعته مجانا على حسابه!! هذا الكذب المقبول اجتماعيا ومن حق كل بائع أن يكذب على الشاري، والشاري يعلم بالكذب فيحاول أن لا يقع في خداع البائع فيكذب هو الآخر بالتقليل من قيمة البضاعة وسعرها، فيكون الكذب مزدوج بين البائع والمشتري، وحين ينخدع المشتري يقع اللوم عليه كمغفل والقانون لا يحمي المغفلين كما يقال! وهذا يعني إدانة الضحية وتبرئة البائع الكذاب (الجاني)! ولا حيلة للضحية غير اتهامه (ما يخاف من الله) والدعاء له بالبلاء الإلهي. كذلك يكون الكذب مقبولا في المزاح والذي يسمى أحيانا الكذب الأبيض، وهو مشروع في ما يعرف إصلاح ذات البين، أي إصلاح بين متخاصمين، وفي والمجاملات كعدم ذكر مساوئ وأخطاء وعيوب الآخرين حتى لا تجرح مشاعرهم، والكذب مقبول بل وملزم في الآداب الاجتماعية كدعوة الآخرين للضيافة (يله تفضل ويايه، والله) أو حين تأخذ مالا دينا (خليهَ خاف ما عندك) أو حين يهم الضيف بمغادرة منزلك يجب أن تقول (وين رايح؟ بعد وكت) أو (أبقى عالعشى أو عالغدى) أو تقول له بعد الضيافة (اعذرنا عالتقصير) فيرد عليه المدعو (شكرا، رحم الله والديك، دايم الله يخليك، الله يزيدها عليكم) وهو كذب يقر به المجتمع ويلزمه، بغض النظر عن صدق النية، بل مجرد كليشة يجب أن تقال في مواقف محددة، وكل من لا يلتزم به يكون قليل الأدب! والناس تقول عن هذه الآداب (ﺤ-;-ﭽ-;-اية اﻟ-;-ﺗ-;-ﻨ-;-ﮕ-;-ال ولو باﻟ-;-ﭽ-;-ذب) أي تقر بنفسها بشرعية الكذب، وهو كذب مزدوج أيضا يعلم به الطرفان الداعي والمدعو، وهناك كذب قيمي نتيجة القيم الاجتماعية مثل الكذب الذي يكون خوفا من الحسد حيث الغني يدعي العوز أو يكذب بشأن ثروته وأملاكه، أو كذب الرجال بقوتهم الجنسية الاستثنائية أو كذبه بأنه زير نساء أو انه لا يُغلب في أي شيء، وهناك كذب بالعكس يأتي لغياب أشياء وليس لوجودها وهو أيضا كذب قيمي، فلأن الفقير محتقر اجتماعيا يكذب الفقراء بأنهم أغنياء، أو الادعاء بالنزاهة وهو فاسد وهكذا.
الذي أريد أن أصل إليه أن تبرير الكذب ضمنيا اجتماعيا هو احد أسباب الفساد الأخلاقي في المجتمع، ووجود ثغرات أخلاقية تتيح لنا غش الآخرين بالكذب عليهم بدون إدانة، انه كذب متعلم من المجتمع وليس من الأفراد، ولا علاقة له بنفسية الشخص، فنرى الكذب في البيع وفي أصحاب المهن برفع أجورهم وسوء تنفيذ العمل إذا لم يكن الزبون (صاحب المال) مشرفا على الحرفي، ونرى كثير من العلاقات الاجتماعية يشوبها النفاق والنميمة رغم الود المتبادل اجتماعيا، لكن هذه الأكاذيب أصبحت تقاليد ومن الصعوبة اقتلاعها من المجتمع، بالتالي تحتاج إلى جهد تربوي وإشاعة ثقافة النزاهة والصدق في حياتنا الخاصة والعامة والمهنية، من خلال العقوبات والمكافئات، والنموذج الأمثل في النزاهة.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي وخصومه
- انطباعات عن سقوط الموصل؟
- ظاهرة داعش بالعراق
- العراقي والتنبؤ
- نقد أسطورة الجنة والنار في الإسلام
- العراقي والخوف
- التحريف النفسي للعنف البشري
- نقد الديمقراطية العراقية
- مقتدى الصدر ماله وما عليه
- نظرية المؤامرة في المجتمع العربي
- ثقافة الموبايل في المجتمع العراقي
- نقد الفكر الطائفي السني الشيعي*
- مدخل نفسي وانثربولوجي لأسطورة الشيطان
- الطائفية الاجتماعية بالعراق*
- التحريف النفسي للاستبداد السياسي العربي*
- الطائفية الماسوشية بالعراق
- مدخل إلى علم اجتماع الشيعة
- متى يدخل إبليس الجنة؟
- فلسفة (بروس لي) وعبقريته
- فلسفة الإنسان


المزيد.....




- إيلون ماسك ينتقد مجددا مشروع قانون الإنفاق الذي اقترحه ترامب ...
- مقتل 20 شخصًا بينهم أطفال في غارة على سوق مزدحم في مدينة غزة ...
- بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بي ...
- عودة 36 ألف لاجئ أفغاني من إيران في يوم واحد
- مظاهرات تطالب بإسقاط الرئيس الصربي بشبهة فساد
- جيش الاحتلال يلقي منشورات في غزة تتضمن آيات قرآنية
- مظاهرات إسرائيلية ترفض صفقة تبادل جزئية
- المجلس الإسلامي السوري يعلن حلّ نفسه
- أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة
- محللون: مستقبل نووي إيران بات غامضا وإسرائيل ستعتمد التعامل ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - العراقي والكذب