أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - أم غاوية 5














المزيد.....

أم غاوية 5


حيدر الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 21:36
المحور: الادب والفن
    


كانت أم غاوية تتألق في المآتم حيث تستعرض قدراتِها في الردح وتثبت تفوقها فيه على "الحِضْريات" اللائي كان لطمهن كلطم شمهودة، كما تقول. "الحِضْرِيّاتْ غُبُر يمه. يبوي، يبوي، يبوي، إحّوه، إحّوه، إحّوه. غَمْهِنْ وغم لطمهن." وكانت تعتقد أن أمي حضرية لأنها وُلدت في البصرة، خلافاً لخالتي غاوية المولودة في (العدل) بالعمارة. وحين مات ابن خالي، وكان طالِباً في المرحلة المتوسطة، هوّست جدتي: "البيرغ طاح، أظنه انصاب راعيّه." فاعترضت أمي بأن الميّت مجرد طفل وليس هزّاز بيارق. لكن جدتي قابلت اعتراضها بنظرة ازدراء، ولم تعلّق بشيء. وما أكثر ما كانت أم غاوية تترنم مع نفسها وهي تتروّح بـ (مهفّة) الخوص وتقول: "يا سيحون منّه الماي مرجون" ثم تلتفت لتسألني: "يمّه شني السيحون؟" وكنت أتظاهر بالجهل لكي لا أحرمها متعةَ تعليمي. وذات مرة قررتُ أن أجيبها، فقلت: "الكوسج." فتهلل وجهها، وهتفت: "عفيه بابني العاشج." لكنها عادت فسألتني: "يمه شني لا ولا ولا؟" قلت: "ما أعرف،" فقالت: "جدة، ابن ابنك إلك، وابن بنتك لا. كل جسم ينبت شَعَر، إلا حرحارة ايدك لا . . . " ولم أعد أذكر الـ (لا) الثالثة. ثم قالت كأنها تذكرتْ تواً: "يمه تَعَرف شتگول علي لا مِتِتْ؟" قلت: "لا." فأزاحت حافة العصابةَ عن جبينها، وطوت ذراعيها، وراحت تضرب جنبيها بكوعيها وتنشد:

بشْروا الزايرة هل جاها ابنها
تسع شهور شالتْني بْبَطنها
وسبع سنين ربتْني بحضنها
ثاري الصوچ مني موش منها
ملينا، يا الدنيا دخيلچ."

ولم تنسَ أن تذكّرني بأن أسترجع ما كانت أودعتْه لدى الحجية (عوره) من أوعية منزلية حين انتقلتْ هي من خُصِّها القديم في نهير الليل الى الرباط الصغير. وكنتُ رأيتُ الحجية (عوره) مرة واحدة في سوق الدجاج. كانت عوراء فعلاً وأصغر سناً من جدتي وإنْ بدت عجوزاً هي الأخرى. وكانت شعيراتُ حاجبيها ناتئة كشوارب القطط. وقد لفتت نظري الخزّامة الكبيرة المدورة التي كانت تخترق أرنبة أنفها، وقلمُ الوشم النازل من حافة شفتها السفلى الى منتصف ذقنها. وقد سألتْها جدتي: "حجية تَعَرْفين شتگولين علي لا مِتِتْ؟" قالت الحجية(عوره): "لا لا، أم غاوية، يومچ بعيد ان شا الله." فتجاهلتها جدتي وأجابت نفسها وهي تميل بأعلى جسمها يميناً ويساراً: "گضيتن يا بَعَدْ منچن يا اصيلاتْ؟" فقالت الحجية (عوره) وهي تهز رأسها بالموافقة، فتهتز لذلك خزامتُها: "صدگ أصيلات." وكانت الأوعية التي أودعتْها لديها جدتي تتكون من صفريّة و"مصخنة" وإبريقين من البرونز (جدتي تسميه ابرنِج) وحِب من الفخار.



#حيدر_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أم غاوية 4
- أم غاوية 3
- أم غاوية 2
- أم غاوية 1
- توطِئة - أوكتافيو باث
- بصرة عام 11 (الحلقة الرابعة)
- بصرة عام 11 (الحلقة الثالثة)
- بصرة عام 11 (الحلقة الثانية)
- بصرة عام 11 (الفصل الأول)
- المتنبي شهيداً
- كتابة على حيطان الطفولة
- المثقف محمود عبد الوهاب
- قصف
- مَرْثاة
- أحلام أدوية الملاريا (2) / براين ترنر
- في الحشائش العالية / براين ترنر
- الى النسور: يوتوبيا مضادة / براين ترنر
- أحلام أدوية الملاريا 1 / براين ترنر
- تأبين / براين ترنر
- ما أشدَّ هذا البريق! / براين ترنر


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الكعبي - أم غاوية 5