أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مديح الصادق - دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.. الحلقة السابعة















المزيد.....

دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.. الحلقة السابعة


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 10:10
المحور: المجتمع المدني
    


الحلقة السابعة
ٌمازلتُ في بغداد التي عشقتُ، حالِماً بحضنها الدافئ الأمين، إياها قاصداً فوق السحاب زحفتُ، أحبَّة طيبون لي فيها وعدتُهم باللقاء بعد غيبة واغتراب، زملاء اجتمعنا سوية فتقاسمنا كأس هموم عراقنا وحولنا كنا حذرا متلفتين خشية جاسوس يشي بما نجترُّ من معاناة قبل سقوط رمز الفاشية في العراق، في بلد عربي استضاف الكثير من الطاقات والكفاءات، الأستاذ صباح، الأستاذ علي، الأستاذ ليث كانوا بانتظار قدومي بعد أن فارقتهم منذ أكثر من عشرة أعوام، وسلَّيت نفسي بوعد من أخي صباح بأن أحظى بفرصة عمل في مجال الإعلام وقد يتسنى لي أن أعوض ستة أعوام من الكسل والخمول في بلد قلما تجد فيه من يفهم ما تقول، وما تريد؛ لكن داعش الغبراء سدت علينا حتى طريق اللقاء، ومضى كل إلى ما استجد في تلك الظروف من أحداث، هي الحرب - أبا نور - وفي الحروب لابأس أن تتشظى الأرواح كما الأجساد، أمنيتي كانت أن أزور المتنبي بأرصفته التي عليها تزاحمت حضارات الشعوب، مسارح بغداد التي تركتُها ومازلت حاملا عنها أجمل المشاهد والذكريات، النوادي الثقافية والاجتماعية، صالات عرض السينما، المقاهي، والمكتبات؛ فلست أدري إن هي التي هربت مني أم أنا الذي منها هربت

كان عليَّ أن ألبي دعوة كريمة من فضيلة ( الريش أمة ) ستار جبار حلو، رئيس الطائفة المندائية في العراق والعالم؛ لحضور مؤتمر رجال الدين في مندي الطائفة في حي القادسية المجاور لمجمع الوزراء، رغم تحذيرات من حولي بما تخبئه المُستجدات، وما أن تذكر العنوان لسائق تكسي حتى يفر من أمامك كأن ناقوساً ينذره بموت محقق هناك، وصلتُ أخيراً بعد أن ضاعفتُ الأجور، ابتدأتُ جلسة الافتتاح بمشاكسة لغوية إذ اعترضتُ على كلمة على لوحة الإعلان جاءت مرفوعة وكان حقها الجر مُقاطعا عريف الحفل أخي الدكتور كامل كريم، أشاعت جوا من الارتياح والانبساط، كانت فرصة جميلة أن التقيت الأخوة رجال الدين المشاركين سواء من العراق أم من مختلف أرجاء العالم، ،وضيوفا قدموا من خارج العراق ومن باقي المحافظات، والأخوة أعضاء مجلسي الشؤون والعموم والأستاذ توما زهرون مدير أوقاف الطائفة التي ترعى المؤتمر من كل جوانبه، كانت لي كلمة موجزة نقلت فيها تحايا أهلنا في كندا، وباركتُ للمؤتمرين هذا الإنجاز الكبير، ودَّعت الحاضرين بعد طعام الغداء، وافتقدت صديقي العزيز أبا نور، تحسين إبراهيم

الثالث عشر من حزيران، جرح العراق لم يزل نازفاً مثل جرحي، بغداد ثكنة عسكرية في أتون حرب ضروس، أناشيد حرب، وناقلات تحمل المتطوعين والعتاد والسلاح مع اختلاف قناعات الجهاد، فذاك ينوي الدفاع عن المراقد الدينية المقدسة، لاغير، وذاك ينحصر همُّه في دفع أفواج داعش ومن آزرهم عن بغداد وليفعلوا في غيرها ما يشاؤون، والثالث رافع راية العراق من الشمال حتى الجنوب بعيدا عن طائفة أو عرق أو دين، وكلهم على السلاح قابضون، لله دركم أيها العراقيون؛ الحرب قائمة، والتفجيرات يُسمع صداها هنا وهناك، إطلاق رصاص عشوائي لا يميز سنيا،شيعيا، مسيحيا، مندائيا، أيزيديا، عربيا، كرديا، تركمانيا، آشوريا كلدانيا، شبكيا؛ وأنتم تمارسون الحياة كأن لم يكن هناك موت، أوخراب

بحثتُ عن موارد الاقتصاد فلم أجد أثرا إلا لاقتصاد طفيلي لا يعتمد سوى على واردات النفط رغم حالة استنزاف الثروات بشتى الأساليب، فساد إداري ومالي، مشاريع وهمية تحت ستارها استحوذ الديناصورات في السلطة على ملايين الدولارات، تلكؤ ورداءة في الإنجاز، ما تسمعه عبر وسائل الإعلام في واد وماتراه على الأرض في واد، لا جديد سوى الخراب والدمار والإهمال، المنتوج الأجنبي يكاد يطغي على المحلي، لاغرابة أن تجد في سوق الخضار صنفين من كل نوع، أحدهما محلي، والآخر مستورد من دول الجوار، ومثله منتوج الصناعة، فالأسواق تغص بكل أنواع المصنوعات، من الأجهزة الكهربائية حتى الملابس الداخلية والجوارب، المصانع الشهيرة التي كانت ترفد السوق المحلي بأرقى المنتجات الخدمية والغذائية قد اختفت بعد تعطيلها، ومع اختفائها تزايدت أعداد العاطلين، والفقراء، والجائعين، ومن منهم اختار طريق الشر والسوء والإرهاب، المساكن العشوائية في مباني الدولة والساحات والمعسكرات، تغيير في خارطة السكان، سكان البلاد الأصليون قد هجروا أحياءهم والوطن مجبرين تحت ضغط التهديد والإرهاب، أحياء فقدت ألوانها وطعمها، الرصافي مبحوح صوته غارق بأكوام النفايات،آلاف الكوادر والكفاءات العلمية والثقافية قد غادرت البلاد لأن لامكان إلا لمن انتسب لحزب له في السلطة يد، وإن كان أميَّاً لا يفقه من مسؤولياته أدنى حد، مستوى التعليم المهني والأكاديمي قد تدهور إلى حد صار الغش ظاهرة مألوفة، تضاف إلى العبور تحت شتى الذرائع التي لا تخضع للمقاييس، وافتقار المؤسسات العلمية لما أفرزته الثورة العلمية وتكنولوجيا المعلومات، مع سوء الإدارة، وتخلف وسائل التعليم، إنه الضياع في بلد علَّم العالم كيف تكتب الحروف

أيعقل في هذا العصر، وبعد تزايد أعداد المتقاعدين جراء الحروب والإرهاب وترك العمل المبكر، وتزايد السكان؛ أن تحصر جميع معاملات التقاعد في دائرة متهالكة قديمة البناء، سيئة الخدمات، متخلفة في وسائل الإنجاز، وفي عموم البلاد، في المديرية العامة للتقاعد في بغداد؟
اجتزتُ طوابير باعة الخضار والأسماك واللحوم المذبوحة في العراء، الذين يلقون ببقايا ما يبيعون على الأرض وينثرون الماء المخلوط بالبقايا على جانبي الممر الضيق المؤدي لباب الدائرة، ذباب يطير أفواجا وغيره من الحشرات، غالبا ما يكتفي الحراس بالتحديق في وجوه المراجعين قبل دخولهم دون تفتيش دقيق، عليك أن تمر في كل الشبابيك قبل أن تعثر على الشباك الذي تريد، وأن تحمل ما تلوح به على وجهك في هذا الحر الشديد، وما تنشف به عرق العنق والوجنتين، وقنينة ماء بها ترطب اللوزتين، فأمامك انتظار قد يطول حتى انتهاء الدوام، نساء ورجال يتزاحمون متدافعين حول فتحات ضيقة لاستلام المعاملات دون نظام، وقد تجد مخرجا لما جئت من أجله، أو أن تعاود الكرة فتدور دورة جديدة لاستخراج اوراق سلمتها لهم من قبل فأضاعها الموظف المختص حين انشغاله بحملة انتخابات ابن الطائفة أو بنت العم، ومن هذا كان خوفي فقد أضاعوا من ملفي شهادة إثبات الحياة التي سلمها إياهم وكيلي قبل أربعة أشهر، وعليَّ استخراجها وتصديقها من جديد، كان الله في عونكم، يا أهلنا العراقيين، صبرا جميلا، على النارين، نار داعش، ونار أبناء جلدتكم من الفاسدين، دواعش العصر الحديث



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماً مازلتُ انزفُ، يا عراق.... مشاهد من رحلتي الأخيرة... الح ...
- الحلقتان الثالثة والرابعة، دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق..... م ...
- نداء إغاثة، إلى كل الشرفاء في العالم
- دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.... الح ...
- بُشراكَ يا أكيتو، لمناسة عيد رأس السنة الآشورية البابلية
- ثمانونَ وأنتَ تزهُو، للحزب الشيوعي العراقي في عيده الثمانين
- بطاقة تهنئة للحزب الشيوعي العراقي بعيده الثمانين
- أمازالَ أسودَ هذا الشِباطُ؟
- أيُّها الغيارى، أحسِنوا الاختيار
- لولا ( أمُّ الحبوكرِ ) لكُنَّا بخيرٍ، منْ زماااااان...
- التجمع المدني الديمقراطي ضرورة حتمية
- عادتْ ليلى... شِعر
- ليلةُ حُبٍّ فيسبُكِّيَّة... قِصَّةٌ قصيرةٌ
- هل يعودُ السنونو؟ نص شعري
- في رحابِ الإمام عليٍّ، عليهِ السلامُ
- قَسَمٌ ... نص شعري
- قَسَمٌ
- لقاءٌ على رصيفٍ رطبٍ
- نداء، نداء استنهاض الهِمم لأهلنا في الداخل العراقي
- امرأةٌ مِن ماءٍ وطين


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مديح الصادق - دماً مازلتُ أنزفُ، يا عراق... مشاهد من رحلتي الأخيرة.. الحلقة السابعة