أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الموصل.. مدينة للخوف والجهل والحذر















المزيد.....

الموصل.. مدينة للخوف والجهل والحذر


حسب الله يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 4519 - 2014 / 7 / 21 - 02:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد شهر على سقوطها :
الموصل.. مدينة للخوف والجهل والحذر
حسب الله يحيى
لم يكن سقوط مدينة الموصل في 9/ 6/ 2014 بأيدي التنظيم الارهابي التكفيري (داعش) طارئاً في حياتها، ذلك ان هذه المدينة سبق وأن شهدت جملة من الاستباحات والمذابح والهيمنة والاحتلال وصلت الى (21) مرة بدءاً من عام 1261 حتى الآن .
وفي مقدمة الاسباب التي تكمن وراء احتلالها مراراً، كونها مدينة عريقة بتجاربها وموقعها الجغرافي وتمتعها بالاراضٍ زراعية شاسعة .
كما أن سكانها يجمعون بين المحافظة على أرثهم، الى جانب وعيهم الحضاري المنفتح على العالم، وهو الامر الذي جعل التنوع القومي والمذهبي والديني.. يشكل قوة في بناء وجودها التاريخي والحضاري والاجتماعي.. وجعل من هذا التفاعل بين مكونات المجتمع الموصلي.. تفاعلاً إيجابياً منسجماً يجمع بين : العرب والكورد والتركمان والمسلمين والمسيحيين والايزيديين والصابئة والشبك والكاكائية.. مثلما جعل التداخل بين التحضر المدني للموصل مع القرى والارياف المحيطة بها، ونزوح كثرة من سكان هذه المناطق، بات يشكل عاملاً في مدى إنفتاح هذه المدينة على اقوام وعادات واديان ومناطق شتى .
ويطبع أهل الموصل أواصر القربى والمعرفة والتواصل، ومن طبعهم المسالم الذي يتعايش مع الآخرين بيسر وسهولة .
ومع ان طابع المحافظة على العادات والتقاليد الاجتماعية والتوجه الى الورع والتقوى.. يعد من سماتها البارزة؛ الا ان مناطق عديدة منها باتت تشهد متغيرات حضرية جديدة أبرزها : حي الجامعة والدواسة وشارع حلب.. وكان لافتتاح جامعة الموصل واستقبال الطلبة من مدن العراق كافة، فضلاً عن استقبال طلبة عرب.. أثر في انفتاحها وانتقالها الى مدينة متحضرة، تخرج عن عباءة التقاليد المتخلفة والعادات، التي لم تعد متلائمة مع متغيرات العصر.. هذا الواقع الحياتي الذي تتمير به هذه المدينة العريقة؛ بات الآن يواجه جملة من المحن بعد سقوطها بأيدي قوة إرهابية مسلحة ومتخلفة وطارئة على المدينة اطلق عليها تنظيم (داعش) .
ومع ان البعض يرى ان (داعش) قد وجد له حاضنة في الموصل، يرى آخرون ان هذه الحاضنة غير موجودة اصلاً، وإنما كان عنصر الخوف وفوبيا الحذر الشديد الذي ابتليت به هذه المدينة على مدى سنوات طويلة، كان قد جعلها تستسلم للبطش وقوة السلاح الذي اعتمده تنطيم (داعش) في وقت كان اهل المدينة عزلاً الا من شرطة محلية في الجانب الايمن.. وقد قتل معظم المنتسبين للشرطة على مراحل مختلفة، وكان معظم منتسبي الشرطة المحلية يتخفون ويعملون سراً ويعمدون للحفاظ على أنفسهم من الاغتيالات التي كانت تطالهم يومياً.. فيما كان الجانب الايسرتسيطر عليه عناصر من الجيش الاتحادي القادم من مدن عراقية مختلفة.. وبين شرطة خائفة، وحذرة، ومرعوبة.. تخشى الظهور بملابسها الرسمية او حملها للسلاح، الا اثناء الحراسات، وبين قوة عسكرية لا تعرف طبيعة أهل المدينة ولا تتقن التعامل معهم، وانما تلزم الاهالي بأوامر يعدها سكان هذه المناطق التي شغلها الجيش بأنها صارمة ومهيمنة عليهم.. الى جانب الاعتقالات القسرية والعشوائية وغير المسؤولة التي مورست ضد كثرة من الابرياء .
ومع ان المجتمع الموصلي، مجتمع قائم على عوائل عرفت بزعامتها وسطوتها واحترامها والتزامها بقيمها، هناك مجتمع عشائري يلتم على نفسه، ويعمل على تأكيد حضوره على الرغم من توجه معظم ابناء الموصل الى الاستجابة للقوانين التي تحفظ لهم أمنهم وسلامتهم واستقرارهم ونشر العدالة بينهم .
كذلك نجد ان الموصليين، شديدو الحرص على التمسك بفضائل الدين الاسلامي الحنيف، مع حرصهم على احترام الاديان الاخرى التي تعيش بينهم بسلام كالمسيحية والايزيدية والمندائية.. ولم تشهد الموصل خصومات مذهبية ابداً، وظلت حسينيات ومراقد الشيعة محترمة ومصانة ومفتوحة.. شأنها شأن مساجد وجوامع ومراقد السنة.. ومثلها المعالم الدينية كالكنائس والمعابد التي يركن اليها اصحاب الديانات الاخرى .
ولم تشهد الموصل خصومات على المذهب او القومية او المناطقية.. وإنما ظل المجتمع الموصلي مجتمعاً يبحث عن حياة آمنة مستقرة ..
صحيح ان عدداً من ضباط الجيش السابق.. هم من ابناء هذه المدينة، وصحيح ان تنظيمات اسلامية ومتطرفة، واخرى تنتمي في تفكيرها الى السلطة السابقة.. موجودون في هذه المدينة؛ الا انهم لايشكلون قوة يعتد بها، او يخشى من وجودها، ذلك ان معظمها قد انكفأ على نفسه، وبات يحرص على ذاته وعائلته من دون منغصات ..
وما يقال عن مساندة ودعم هؤلاء الضباط ومناصري السلطة السابقة، لتنظيم (داعش) الذي سقطت الموصل على ايدي عناصره؛ امر مبالغ فيه على الرغم من عدم نفيه او انكاره كلياً.. ويكمن السبب في عدم نصره او دعم (داعش) على نطاق واسع – كما يعلن عن المحللين السياسيين على الفضائيات – من قبل هذه الجماعات، يعود الى الكثرة من الاسلاميين الموصليين الذين لا ينتمون الى أي تنظيم سياسي، كما ان من كان ينتمي الى (حزب البعث) قد تخلى عنه بسبب الاحباط واليأس وفقدان الثقة بين اعضائه ..
اما الفئات السياسية اليسارية والديمقراطية، فقد غادر معظمهم الى المناطق المحيطة بمدينة الموصل مثل : القوش، قرة قوش، شقلاوة.. وذلك بسبب الاغتيالات التي طالت عدداً كبيراً منهم منذ سنوات تألقهم اواخر الخمسيات وأفول نجمهم بعد سلسلة الاعتقالات التي عملت على إستئصال وجودهم .
فيما ظل الكورد يشكلون حضوراً آمناً ومستقراً في الجانب الايسر من المدينة.. بينما وجدت جماعات وصفت بـ (الغجر) او (العريبان) تغزو المدينة وتحكم إرادتها وهيمنتها على الكثير من المناطق المحيطة بأحياء الموصل القديمة.. وبات زحفها الى المدينة يشكل خطراً على طبيعة المجتمع الموصلي وجغرافيته .
هذا الواقع الموصلي بكل مايحمله من سلبيات وايجابيات، بات اليوم يواجه ضغوطاً قاسية بعد سقوط الموصل في 9/ 6/ 2014 .
وبعد ان شهدت الموصل اجراءات متسارعة قام بها تنظيم (داعش) برفع الحواجز من الازقة والشوارع، وتوزيع المياه بالخزانات المتنقلة، ومنع أي مظهر من مظاهر التسلح.. بدأ السكون يجتاح المدينة لبضعة ايام؛ الا ان هذا السكون بدأ يتحرك، ومن ثم يستاء ويغضب ويخشى ويعيش بحذر وترقب وقلق.. بعد ان كشف (داعش) عن هويته الحقيقية التي تكمن في فرض إرادته ونفوذ هذه الجماعات التكفيرية المسلحة، والعمل على بسط الاساليب القمعية والرجعية والماضوية التي تسعى وبشكل حثيث للعودة بالموصليين بل وبالعراق والعراقيين جميعاً الى قرن التخلف والانحطاط والظلام.. والمجيء بنظام سلفي لايختلف عن (طالبان) في افغانستان، وهو ما لا يمكن للموصليين الذين عرفوا بعقولهم التنويرية القبول به والعودة بهم الى زمن التخلف الذي تقاطع كلياً مع متغيرات العصر .
وكانت مؤشرات (داعش) واضحة للعيان، وقد تبينها الموصليون جيداً من خلال تدمير أضرحتهم ومقدساتهم ومعالم مدينتهم وسرقة إرثهم وتراثهم وآثارهم.. ومنع تدريس البنات، وحرمان العنصر التدريسي النسوي، وفصل المرأة عن الحياة ضمن مفهومهم (وقرن في بيوتكن)، والتوجه لتشريع قوانين جائرة تتعلق بالزواج، وفرض الجزية على من تبقى من المسيحيين والايزيديين ..
والتدخل في شؤون اللباس والمظهر والسلوك الاجتماعي.. وتمادى هذ التنظيم (داعش) في اعماله القمعية التي لم يعرف الموصليون مثيلاً لها في حياتهم وبدأ غريباً عليهم، وتبين الموصليون ان عناصر هذا التنظيم طاريء ولا صلة له بأبناء الموصل الاصلاء الذين يعرفون بعضهم البعض الآخر، واكتشفوا لغات ولهجات هذه العناصر التي يسمعونها من قبل.. الامر الذي جعلهم يدركون جيداً ان هذه الفئة غريبة وطارئة تماماً عن الموصل والموصليين.. وزاد من دهشهم واستيائهم وخوفهم وحذرهم من اعلان (ابو بكر البغدادي) نفسه خليفة على المدينة، وما كان لأهلها القدرة على التنفس رافضين.. فالموت يطال من يعترض، والقصاص بالجلد لمن يخالف، وامر الخليفة جائرة ولاقدرة لأحد على صده بوصفه حاملاً للسلاح، فيما المجتمع بكامله ليس اعزلاً فحسب وإنما يتوسل هواءه وقوت يومه وامنه.. لئلا ينطفيء في أية لحظة ..
من هنا نتبين ان الموصل باتت تواجه جملة من المحن التي يصعب حلها، فأهلها بين مشرد فاقد لسكنه وجمع عائلته، وبين مسحوق عاطل عن تأمين سلامته ورغيف خبزه ، وبين الجميع تتوزع قوى ظلامية تكفيرية تفرض نفوذها بقوة السلاح على مدينته ترتدي السواد الحزين وتخشى من زمن اسود قد يطول أمده ويمتد الى زمن غير معروف.. تسود فيه ادوات القمع والدمار، ويهيمن على وجود اهله الخوف والموت الزؤام والجهل والحذر الذي لايستقر على أمن ولا عيش ولا حياة .
وعلى وفق هذا الحاضر التدميري الذي تشهد وقائعه الموصل اليوم، لابد من البحث عن سبل موضوعية دقيقة لتحريرها من القوى المسلحة التي يتقدمها (داعش) وبعض العناصر التي تعود بأنتمائها الى الجيش والحزب السابق.. من دون ان نقلل او نبالغ في عدة وعدد هذه العناصر ..
وامام الحكومة بوصفها راعية امن واستقرار البلاد، العمل وبشكل استراتيجي وتكتيكي معا لعودة الموصل الى احضان العراق، وذلك عن طريق اكتساب الخبرات الوطنية من الجيش السابق، والقوى الوطنية والعشائرية وكسب ثقة الموصليين بايلائهم قدراً من احترام انتمائهم الوطني وارثهم الموصلي واعانتهم في محنتهم للخروج من الكارثة التي حلّت بهم ..



#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراما الحزن في نصوص خالدة خليل
- مسرحية قصيرة بعنوان ( قطار الموت )
- في وزارة الثقافة : حرير انموذج لمسرحية تعلن معرفتها بالناس م ...
- ثقافات العالم .. عراقياً
- قراءة في رواية -اغتيال الحنين- لحسب الله يحيى
- المتنبي.. يتجول في شارع مغلق
- لماذا رضي المسلمون بأشعال الفتنة ؟
- الغني يتسول ! السياسة العراقية تطفيء المستقبل وتكبل البلاد ب ...
- ايهما أهم ...الوطن ام السلطة؟
- توبة طائر نقار الخشب/ قراءة في كتاب : - الحكمة الكردية - للد ...
- العملة ..مع من تتعامل ؟
- مقترح مشروع خطة إنقاذ وطني لوزارة الثقافة العراقية
- المتقاعدون .. سينما ومسرح!
- متى يتعلم الطغاة من حكمة الشعوب ؟
- لم يعد السكوت ممكناً
- البطاقة التموينية ..تستغيث !
- ريتشارد الثالث : جدارية صلاح القصب الاخيرة
- اديب القليه جي ذاكرة 97 عاماً من المسرح العراقي
- مفاتيح جديدة امام وزارة الثقافة
- سامي شورش .. سامياً


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الموصل.. مدينة للخوف والجهل والحذر