أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن محسن رمضان - التعامل مع فاقدي السلطة الأخلاقية














المزيد.....

التعامل مع فاقدي السلطة الأخلاقية


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4516 - 2014 / 7 / 18 - 16:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


برزت الجريمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة كعلامة فارقة في كشف (الازدواجية الأخلاقية) التي يحيا بها الكثير من المثقفين والسياسيين العرب على مختلف مشاربهم وأفكارهم وأديانهم وأهواءهم. بل إن تلك الازدواجية كانت مفضوحة بشكل صارخ منذ سنة 2006 في العدوان الإسرائيلي الهمجي البربري على لبنان. فقد كان الرد العربي آنذاك، كما هو الآن تماماً، في معظمه، صمتٌ مطبق كصمت القبور بل أشد. فمن يراقبهم لا يشك ولو للحظة أن هؤلاء موتى. ثم، وبعد تأخير طويل كان ترجو معه الحكومات العربية أن ينتهي الإسرائيليون من جرائمهم وبربريتهم الوحشية قبل أن يقولوا شيئاً، جاء إصدار البيان السعودي الشهير، الذي كان يريد أن يعرف سبب هذه الجريمة أولاً حتى قبل أن يفكر مجرد تفكير في أن يفعل شيئاً لوقفها ووضح حد لقتل النساء والأطفال والأبرياء، ثم أجاب البيان نفسه بنفسه ليقول بأن المسؤول عن هذه الجرائم التي تُرتكب في حق الأبرياء هو (حزب الله وليس إسرائيل التي تقتلهم بدم بارد وبالجملة)، وأنه ليس في الإمكان أحسن مِن إصدار هذا البيان. هذا الموقف الذي استظلت به الحكومات العربية، شرقاً وغرباً، ومعها السياق الإعلامي العربي الرسمي وتوابعه في المهجر الأوروبي، ومعهما كم لا بأس به من "المثقفين"(!) العرب، تركوا لبنان كله، بشيوخه ونسائه وأطفاله، تُهدم بيوتهم فوق رؤوسهم ويُقتَلون عشوائياً بدون رحمة ويُشردون بعشرات الآلاف عبر الحدود. هذه (الازدواجية الأخلاقية المنحدرة) التي تقف طويلاً جداً، إلى حدود التكرار الممل، أمام (جرائم التطرف الإسلامي)، ثم لتُبرز كل شاردة وواردة، وكل صورة وفلم حتى وإنْ كانا مزوران ولا يتعلقان بجرائم هذا التطرف بالذات، وتتكلف التحليل والبحث والدراسة والتفذلك والشتائم والهمز واللمز والتحريض على شعوب كاملة لا لشيء إلا لانتمائها لدين دون آخر، هذه (الازدواجية الأخلاقية المنحدرة) في نفس الوقت (تتعمد أن تغض النظر وتصمت صمت الموتى في حوالك القبور وإلى حدود التناقض الذي يثير الاشمئزاز) عن جرائم أشد بشاعة وأكثر انحداراً في المعيار الأخلاقي مثل التي تحدث الآن في غزة وتتبناها دولة قامت على الاغتصاب والاحتلال وطرد السكان الأصليين كإسرائيل، بل وتتعداه إلى (التبرير الشائن لجرائم إسرائيل ونصوصها الدينية الهمجية وفقها الوحشي ولا تجد حرجاً إطلاقاً في اتهام الضحايا أنفسهم بدلاً من المجرم).

منذ سنوات، أحسبها طويلة الآن، تعرفت على كتابات إنسان عربي رائع يُدعى (جورجي كنعان). وأول ما قرأت له كان كتاباً يحمل عنواناً معبراً جداً عن واقع أكثر الناطقين بالعربية على اختلاف أديانهم وفلسفاتهم، اسمه (الأدمغة الفارغة). في هذا الكتاب، كتاب (الأدمغة الفارغة)، الذي يضج فيما بين صفحاته، كلما واتت الكاتب فرصة لذلك، بالشكوى الأليمة لِما يراه حوله من انحدار مفاهيمي وأخلاقي ومعياري مما يجعل مهمة مَنْ يريد أن يقول الحقيقة مهمة شاقة جارحة مُهينة، قال جورجي كنعان الآتي:

"إن ما يَحرُّ العقل ويعذب النفس ويشتم الأخلاق، أن تجد نفسك مضطراً إلى التعامل مع الملوثين أخلاقياً وعقلياً واجتماعياً، الذين يعيشون في واقع من ضحالة الوعي وضمور العقل وغفلة الذهن. وأن تكون مجبراً على الاستماع لما يدور على ألسنة الدهماء، الذين يعانون عرياً فكرياً مريعاً. والاصغاء إلى أشرس الألسنة التي تعبر عن أشرس الأوهام. وأن يكون محكوم عليك بالتعليق على مثل هذه التصريحات المُلفقة التي يرشح التدجيل من كل كلمة من كلماتها. ولا تجد من يساعدك في الرد على أصحاب مثل هذه التصريحات، الذين شوّهوا الحقيقة وزوروا التاريخ وطمسوا الحق وحقنوا المجتمع بالأضاليل".
[جورجي كنعان، الأدمغة الفارغة، ص 65-66، دار الطليعة، الطبعة الأولى، بيروت]


ربما كنت متأثراً بجورجي كنعان عندما كتبت منذ سنوات عن هؤلاء الذين (يبررون جرائم المجرم لا لشيء إلا لأن مصالحهم، الدينية أو الاجتماعية أو السياسية، مرتبطة فيه):

"السلطة الأخلاقية" هي مصطلح فلسفي في الأساس يتيح لصاحبه نوع من المصداقية عندما يتحدث عن جزئية معينة في مواضيع متعددة منها الأخلاق والسياسة وتبني الشعارات الوطنية وغيرها من المواضيع التي تستدعي فكراً مجرداً. تلك "المصداقية" في السلطة الأخلاقية هي التي تتحدث إلى المستمع حتى تملك حظاً في الاقناع، ولهذا هي لابد منها عند الخطاب الذي يتطرق إلى محاكمة أفعال الآخر وتجريمه أو تبرأته. فالازدواجية في المعايير لأهواء الدين والانتماء والعرق والطبقة هي ازدواجية (جارحة للسلطة الأخلاقية وحاطة من قيمتها) وتجعل المتكلم لا يملك حظاً من المصداقية التي تؤهله لأن يُبدي رأياً.

وكتبت أيضاً في مناسبة أخرى: "مشكلة كبرى عندما يحدثك فاقد المبادئ الأخلاقية عن الأخلاق. ومسرحية هزلية عندما يحدثك فاقد الإنسانية عن القيم الإنسانية. فاللص لا يتحول فجأة إلى شريف إلا في أذهان الشعوب المتخلفة الطارئة على الحضارة. والمنافقون لا يتحولون فجأة إلى وطنيون أحرار إلا عند شعب قصير الذاكرة، حظه من الثقافة ما يقرأه في الصحف الإلكترونية غير المحايدة على الإنترنت أو ما يتداولونه كأحاديث في تجمعات قتل الوقت ومقاهي العاطلين عن العمل". وكتبت أيضاً: "لا معنى حقيقي لمفردات الكلام، فيما يخص المبادئ والقيم والأخلاق، إذا أتت من إنسان يناقض فعله قوله. وأي قيمة للأمانة إذا تكلم عنها الخائن؟ وأي قيمة للشرف إذا تكلم عنه اللص؟ وأي قيمة للإنسانية إذا تكلم عنها المجرم؟ وأي قيمة للحق إذا تكلم عنه المغتصب؟ وأي قيمة للنزاهة إذا تكلم عنها المرتشي؟ وأي قيمة للورع والتقوى إذا تكلم عنهما العاهر؟ وأي قيمة للإستقامة إذا تكلم عنها السفيه؟ وأي قيمة للوطنية والأخلاق إذا تكلم عنها الجبان الهارب؟".

إسرائيل كيان مجرم فاقد للأخلاق والضمير، وكل مَنْ يبرر لها فعلها (هو مثلها تماماً).



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقه اليهودي والمبادئ الإنسانية الليبرالية
- نصوص التوحش الإسرائيلي
- منطق السقوط المعكوس
- جرائم الحرب الإسرائيلية يا أيها الغثاء
- يسوع والمرأة السورية – 6
- أكره أن أودع أحداً
- حتى نفهم التطرف السلفي المسلح
- يسوع والمرأة السورية – 5
- أنتم صنعتم داعش
- يسوع والمرأة السورية – 4
- يسوع والمرأة السورية – 3
- يسوع والمرأة السورية – 2
- يسوع والمرأة السورية – نموذج للمنهج السلفي
- السلفية المسيحية
- مقدمة في مفهوم السلفية
- لم يكن سعيداً، ولكنني فخور به - تعقيب على الدكتور القمني
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 9
- في جريمة اختطاف الفتيات النيجيريات
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 8
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 7


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن محسن رمضان - التعامل مع فاقدي السلطة الأخلاقية