الدولة الإسلامية والدولة السلفية

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 06:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

البعض يثير من باب التساؤل الخبيث عن سر تطير البعض من قيام الحركات الإرهابية التكفيرية بالمناداة بإنشاء دولة إسلامية كغاية وهدف وسعي حثيث , وهذا الطرح يعد بالنسبة له ليس جديدا ولا مخيفا بالقدر الذي يجعل الناس في توجس من هذه التوجهات والمطالب المشروعة , طالما أن الدولة الإسلامية ليست بدعة أختصت بها هذه الحركات ولم تكن تطبيقا منفردا لها ونحن نقر بأن الكثير من الدول الآن تدعي قيام دول إسلامية على أراضيها إيران والسعودية مثال وهناك قوى على الأرض تنادي بها دون أن تثير نفس الزوبعة .
الحقيقة أن المقدمة صحيحة ولكن بنائها فيه خلل في القراءة وهي جزء من منهج أحتيالي يوهم القارئ بأن مجرد بناء مقدمة منطقية يتوجب أن تأتي النتائج منطقية دون أن يلاحظ أن في بعض الأحيان حرف واحد في بناء المقدمة يخرجها من الواقعية المنطقية إلى حالية التلاعب والدوران خلف مقاصد لا تتطرق لها المقدمة وقد تختفي بالنتائج , السعودية كما قراءة الأساس الإسلامي لمفهوم الدولة بموجب ما تؤمن به من معطيات تساعد في إنشائها لكن لم تكن في وارد إعادة النظام السياسي الإسلامي بالكيفية التي ابتدأ فيه وتأسس عليه أصلا وهذا محال منطقيا لسبب بسيط جدا أن نظام الخلافة قام على فكرة خلافة الرسول أي في البعد الزماني ذاته لا في بعده الفقهي والعقائدي فقط والدليل أن في أيام تولي الخليفة الثاني كان اللقب في البداية له خليفة خليفة رسول الله .
الخلافة تستوجب شروط أهمها أن تكون امتداد لدولة رسول الله الأولى وهذا ليس بالممكن حاليا لوجود انقطاع مع تساهلنا في كل الشروط الأخرى والتي تقدر فترة الانقطاع هنا بقرن من الزمان وإذا أردنا أن نكون منصفين عقلا فالخلافة هنا ليست خلافة الرسول بل خلافة الحاكم العثماني الذي في كل الأحوال والشروط الذي وضعها السلف الفكري السياسي باشتراط أن تكون الخلافة في بني هاشم حصرا تخرج الخلافة العثمانية من خلافة رسول الله ونعود لعصر انتهاء الخلافة العباسية باعتبارها أخر خلافة هاشمية ممكن الأعتماد عليها نسبيا , وبالتالي فدولة الخلافة التي تريدها هذه التنظيمات بينها وبين الخلافة الهاشمية ما يقارب الألف سنه , من هذا الباب لا يمكن أن نسلم بصحة قيام دولة تعبر ألف سنه للخلف لتعيد نظام سياسي أنهار لعدم توافقه مع الأسس الأولى لدولة الإسلام والمسلمين التي يطلق عليها الدولة الإسلامية .
الدول المعاصرة والتي تتخذ من الإسلام دستور بنائي لنموذج تطرحه على أنه تطبيق لفكرة دولة الإسلام لم تتفق بينها على حدود مشتركة إلا في تبني الشعار كهدف غائي وتركت التطبيق العملي لفكرة التناسب الزمني مع مؤديات وأشكال الحكم المعاصر (ملكي أو جمهوري) وبالتالي هي لا تتبني خيار الخلافة ولا تتبني الرجوع الف سنه لتعيد الهيكل السياسي لدولة لم تعد قائمة وموجودة , أما فكرة التنظيمات التكفيرية الأصولية فهي ليست ذات الفكرة أعلاه بل تصر على فكرة العبور وإعادة المفهوم السالف بكل حذافيره وتطبيقاته دون النظر إلى أهمية وجوب أن نفهم فكرة الخلافة أصلا فكرة لم ترد لا في أصول الإسلام ولا في فروعه وبالتالي فهي ليست من الموجبات الأخرى التي أهمها العدل والتوحيد والتي يمكن أن يتم تطبيقهما وتبني مدلولاتهما بأي صيغة تنحاز للعدل الإلهي كما تنحاز للتوحيد بشرائطه وهي من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر .
اذن المقدمة هنا تختلف ويكون التساؤل هل من الممكن أعادة دولة الخلافة الإسلامية كهدف واقعي تتبناه التنظيمات الأصولية مثلما تتبنى بعض الدول والحركات مفهوم الدولة الإسلامية ,وهل هذا يدعو للقلق الحالي والذي تتطير منه الناس بما يعني من عودة مجتمعاتنا إلى أكثر من ألف سنه وبما يعني أيضا خسران الإنسان الكثير من المنجزات التي تحققت عبر هذا الزمن الطويل ,فإن كانت النتيجة هي ذاتها بين ادعياء الدولة الإسلامية وبين أدعياء دولة الخلافة فلا مضض من قبولها بالشكل المطروح .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل