أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسن محاجنة - رمضان : ذكريات ، أزمات وحروب .














المزيد.....

رمضان : ذكريات ، أزمات وحروب .


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 21:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رمضان : ذكريات ، أزمات وحروب .
يوم أو يومان وستُعلنُ بعض دور الإفتاء في الدول الإسلامية ، ثبوت رؤية هلال شهر رمضان ، أما البعض الأخر ،فسيُعلن عم ثبوت الرؤية ، ويتم تاجيل قدوم الشهر يوما وربما يومين إضافيين ، لتبقى حالة تشرذم ألعالم العربي والإسلامي ، كما هي عليها منذ أمد بعيد . لأن الإعتماد الأساسي و"الشرعي " في رؤية الهلال هو بالعين المُجردة مشفوعا بقسم "مُغلظ " من طرف الشهود العدول . ولا أُريد الخوض في هذه القاعدة الشرعية على الرؤية بالعين المُجردة ، علما بأن ألرؤية وقبل عهد التلسكوبات أعتمدت على العين البشرية فقط ، التي ، ومقارنة بالتلسكوبات المعاصرة ، هي قاصرة قصورا شديدا ، بحيث لا مجال للمقارنة بينها وبين التكنولوجيا ، بتاتا .
هذا الجمود والتزمت في تحديد ثبوت الهلال ، أو ولادته ، يدل على عجز ، خوف أو "عبودية " لما حدده السلف ، والذين عاشوا في عصور كان فيها أعظم إنجاز تكنولوجي هو تأليف الكتب وتجليدها !! وكانت النسخة من كتاب واحد تُساوي وزنها ذهبا ، للجهد المبذول في نسخها وتجليدها . وكانت تقنيات تحديد مطالع القمر حينذاك ، تتم بالعين المجردة !!
إذن لماذا هذه العبودية لنصوص القدماء ؟ لأن حراس "السلف " الصالح ، يرتعبون من مجرد التفكير بإدخال إصلاحات على المنظومة الفكرية للسلف ، لأن أي تنازل في قضية ما ، سيجُر وراءه تنازلات أخرى في هذه المنظومة والتي أصبحت في حالة صدام مع العلم ومع مُنجزات العالم المُعاصر العلمية والتكنولوجية ، وكل هذه "العبودية " يتم تبريرها على أنها ألدين وما غيرها كفر .
فإذا قال قائل من السلف بأن الرؤية بالعين ، لأن وسائل أُخرى لم تكن متوفرة في حينه ، فهذا يُصبح دينا مُلزما للجميع . وأما حين يقول فلكي معاصر بأن العلم قادر على تحديد دقيق بالثانية والدقيقة لمطالع القمر لخمسين سنة أتية ، فعلمه لا يساوي شيئا في مقابل علم "العميان والعوران " من حراس "العقيدة " وحُماتها من الزيغ والضلال .هذه هي الأزمة الحقيقية .
فالمبنى الفقهي الذي يعتمده هؤلاء ، هومبنى مقدس ، وهو وفقط هو ،الدين ، بينما تختفي روح الدين وروح النصوص ، وتُصبح وسيلة للتعبد فقط ، بينما أقوال الفقهاء ، هي الاصل ومنظومتهم الفقهية هي الدين .
وإلى أن يتجرأ واحد من أصحاب العقول على الإستعانة بالتكنولوجيا وعلم الفلك ، سيبقى المسلمون مُبحلقين في السماء بحثا عن المولود الجديد ، هلال رمضان .
وعلى أعتاب رمضان ، فأنا شخصيا أحتفظ له في دواخلي بذكريات لطيفة من أيام ألطفولة ، وليس لمأكولاته الخاصة والمميزة فقط ، بل للأجواء والطقوس . فأنا من عائلة مُتدينة ، كان أبي المرحوم ، يستعد للشهر بشراء المأكولات الرمضانية الخاصة ، من جوز ، لوز وزبيب ، ورقاقات "قمر الدين " المصنوعة من المشمش المجفف ، الحلاوة الطحينية ، المكابيس (الطُرشي ) وما إلى ذلك من مأكولات خاصة .
وكان الصيام في طفولتنا وبتأثير الأكبر منا سنا ، يأتي بعفوية وتلقائية ، يُشجع الكبيرُ الصغيرَ على تحمل مشقة الجوع والعطش ، في إنتظار الجائزة في نهاية اليوم ، والتي عادة ما تكون مجموعة أطباق متنوعة وشهية !!
كانت مدينتنا في حينه قرية ، لا كهرباء ولا شبكة مياه ، وكان المسحراتي يجوب شوارع القرية على ضوء المشاعل التي يحملها أولاد الحارة ، طارقا على الابواب ، مُتغنيا بأناشيد وموشحات ، وكنا بعد أن نتناول السحور ، نتبعه كجوقة ونحن نردد وراءه أناشيده .
وقبل الغروب ، يعتلي المئذنة مؤذن حسن الصوت شجيه ، ليترنم ويُطربنا بأناشيد ومدائح ، كم كان صوته جميلا .. وقبل أذان الصبح كان يُنشد كل يوم نشيدا ومدائح مختلفة ، لم ينزعج أحد منه ومن صوته ، فقد كان صوتا رقيقا ، بحيث انني وأبناء جيلي حفظنا على مدار الايام والسنين كل مدائحه وتواشيحه .
قبل الإفطار ، كنا نقف أمام الجامع ووجوهنا مشرئبة نحو المئذنة ونحن نغني أغنية نطلب فيها من الخطيب (المؤذن ) أن يُسرع برفع أذان المغرب ، إيذانا بإعلان الإفطار ، وكل منا ممسك بيده شيئا يأكله في الطريق ما بين الجامع والبيت .
وكانت مائدة الإفطار لدى كل الجيران متشابهة ، فكل عائلة قامت بإرسال صحن من طبختها لذلك اليوم للجيران ، وكانت هذه في الغالب مهمتنا نحن الصغار ، نقوم بإرسال الصحون للجيران .
للنوستالجيا نكهة لا تزول مع الإيام ، بل يتحسّن مذاقها .
واليوم ، شهر رمضان وما يستلزمه من مصروفات يُشّكل عبئا على كاهل العامل والفقير ، فهو من جهة يريد أن "تعيش " عائلته في هذا الشهر ، كما تعيش بقية العائلات ، خاصة وأن المصاريف مكلفة وباهظة جدا ، والتبذير في هذا الشهر على أوجه ، ناهيك عن العزايم والهدايا ، ويتبعه عيد ، وله مستلزماته من ملابس جديدة وعيديات نقدية للأخوات ، البنات ، بنات الأخوة والأخوات ، وقائمة لا تنتهي من "الولايا " ، كما نُطلقُ في لهجتنا ، على القريبات .
وأفضل وصف لحال العامل في رمضان ، ما سمعتُه من إحدى قريباتي التي قالت "من رمضان الى رمضان ونحن نُسّدد ديون رمضان !!" .
وتستغل أو تنتهز البنوك التجارية قدوم شهر رمضان ، لتُعلن عن قروض خاصة لرمضان ، بفوائد "قليلة "، وليس أمام العامل سوى التوكل على الله ، والحصول على قرض ، ليمر رمضان على خير ..
ولا يكفي هذا الهم الاقتصادي ، فمحطات التلفزيون ، تُعيد وتُكرر ، مع "مشايخها " أحكام الصيام ، ويتضح لك ، بأنك إذا تبسمت فإن صيامك باطل ، من شدة التزمت الذي "طلع " علينا وعلى المسلمين من صحراء نجد المباركة ..
أحمل لرمضان الطفولة ذكريات جميلة ، لكنني لا أستطيع أن أقول بأن أطفال اليوم سيحملون نفس الذكريات.في ضوء ما يحدث في العالم العربي والاسلامي من تشريد ، ذبح وقتل ، لن يكون مكان لذكريات جميلة في نفوس الأطفال ، وستترك الحرب أثرها في النفوس الجريحة للطفولة السليبة والمُشردة .
وتستمر دور الإفتاء في الإختلاف على رؤية الهلال ، وعلى أحكام الصيام ، بينما هناك الملايين يصومون طيلة حياتهم لأنهم لا يملكون ثمن رغيف ..



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمرأة في فتاوى أليهودية الأُرثوذكسية ..
- -علاج- الإلحاد..
- الإسلام ألسياسي وفن ألمراوغة ..
- ألأُنثى بين التبخيس والإستغلال في ألثقافة ألعربية ..!!
- -ومن ألحب ما قتل- ..مُهداة للأستاذ محمد حسين يونس .
- ألعائلة المثلية :جدلية أخلاقية ..
- بين ألكيفية وألماهية ..
- داعش تكشف العورات وتُمزق الأقنعة ..!!
- ألتحرش ألجنسي : جدلية الإنتقام أو فكر ثقافي جديد ؟!(4)
- ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة :ألخوف الإجتماع ...
- ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة :(ألبهمنة) ( 2)
- ألتحرش هو منتوج جانبي (باي – برودكت) للثقافة (1)
- المثلية بين البيولوجيا والتنشئة ..
- المثلية ، السياسة والدين ..
- -يعيش - الإحتلال ..!!
- ألأخلاق وألسياسة..
- إسرائيل : ما بين -عاهرة - وقديسة - !!!
- حزيران بين -ألمسيحية - الإسلامية و- المسيحية -اليهودية ..
- التستوستيرون بين ألقمع ،الإباحية والترشيد ..
- ألفقر والأخلاق ..


المزيد.....




- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا ...
- الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل ...
- “طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها ...
- غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة ...
- مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس ...
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا ...
- قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - قاسم حسن محاجنة - رمضان : ذكريات ، أزمات وحروب .