أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الحجارة والتراب _ قصة قصيرة














المزيد.....

الحجارة والتراب _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4495 - 2014 / 6 / 27 - 18:10
المحور: الادب والفن
    


سر الحجارة والتراب

أمتداد الأفق اللا متناهي ولد لديه عقيدة أن وراء البصر هناك عالم أخر قد لا نجيد اكتشافه لكنه بالتأكيد موجود بدليل أنك كلما تقدمت للأمام وجدت جزأ منه , لذا كان يعمل على تجسيد نظرية تلامس هذه الفكرة وتخرج كل الخزين الغيبي الذي حفظ الكثير مما كتب فيه وهو طفل نشأ في عائلة تمتهن أسرار الغيب واللا محسوس , ينزعج جدا من وصفه بالساحر الحقيقة أنه ليس كذلك فهو ساحر بعقله الذي ينتهك به جدران المعقول , ثمة أمور لا ندركها دون أن ننتبه أنها جزء من واقعنا لكن الواقع هو المسئول عن هذا التغييب , هذه ملخص فلسفته التي كثيرا ما صدعني بتفاصيل أحتار أن أميز بين المفعم بالدهشة منها وبين الخيال الجامع القريب من الهلوسة أحيانا .
في عيونه تقرأ نوع من الأبجدية التي لا يفهم رموزها إلا القليل ووراء كل نظرة هناك فكرة تتمحور حول مساحة العلم والحلم , العلم في تفاصيل ما يؤمن هو ولادة لذات العالم بذات الواقع لكنها تتجدد يوميا عن مولود متطور هو ذاته بكامل ما يحمل من حقيقة لكنه يكبر ويكبر ,لذا ترى أن الولادات المتكررة للعلم تجعل الإنسان أصغر سنا , هذا ليس منطق حقيقي ولكنه واقع حقيقي ,اصطحبني في رحلة طلب مني أن أصمت فقط أو في أقصى الأمر أن أسجل ملاحظاتي على ورق ,كانت الرجلة إلى ظهر المدينة عناك شبه هضبة جرداء لكنها مسكونة كما يدع الأهالي بالجن , لم أعرف هذه المقولة إلا الآن بعد عشر سنوات من تلك الرحلة التي لم أخرج منها بشيء يفسر لي أشياء رأيتها ولامستها قد يكون عالم مخادع لكنه جاد في كشف سوء قراءتنا لما ندع معرفته .
على الصخور الناتئة والمتفرقة متعددة الأحجام كان يقرأ كل شيء تأريخها المثبت بإشارات وعلامات لم ينتبه لها الكثير أو قد مرت على مر من هنا دون أن تثير فيه أسئلة لماذا كل هذه الكتابات . صلبان نجوم أفاعي أشكال هندسية ودلالات رمزية ,. من مثلي لا يفقهها لكن صديقي لديه قاموس يشرح كل شيء وفق قاعدة منضبطة حتى وصلنا إلى صخرة تبدو من بعيد كأنها خيمة صغيرة , واجهتها العريضة تقابل الشمس أما الزاوية الحادة منها كان مرتسما عليها خط متكسر كأنه درج , قال هذا المراد !.
ممسكا بيدي يعد خطوات لم تتعدى سبع وغرز في الأرض قطعة جديد كأنها مزرف في نفس دائرة المكان حتى غرزت تماما قال ها هنا , لا أعرف ها هنا يعني أن المكان الذي نحن فيه يشكل فتحا فكريا لي ,للغير الكثير يعتبرونه كنز ,نظف المكان بكلتا يديه ثم أستعان بمجرفة صغيرة طلب مني أن أبعد التراب قليلا عن فتحة المخبأ ! أي مخبأ لا أرى إلا صخور وتراب , خجلي منعني أن أترك الرجل وجنونه , منيت النفس بالصبر قد يكون وراءه حكاية تصلح أن تكون درس , باشرت ومع كل دقيقة تمر تهرب مني فكرة المغادرة الآن أنا أكثر حماسة مع كثرة العرق الذي يتصبب من كل جسمي ,عجيب الإنسان حينما يكون وجها لوجه أما عالم جديد ,ظهور حجارة كأنها منحوتة بأزميل نحات تبرز منها أشكال نباتية وحيوانية وكتابات قال لي أنها رومانية زادت من عطائي وأنا أشاركه في البحث عن سر الأرض .
سؤال دار في ذهني أخشى أن أطرحه علنا متوهما أني أستر جهلي بالواقع وتزيفاته العلنية ,هل يستطيع هذا التراب أن يخدعنا ؟ ولأي حد ؟, أن أن الواقع أصلا هو خديعة كبرى نتقبلها ونتعامل معها لأن لا خيار لنا أخر يمنحنا الرضا عن غرورنا ؟, كلما أزاح صديقي شيء من التراب تتكشف لي عوالم الخديعة تلك حتى وصل إلى ما يشبه البلاطة المربعة كانت واضحة الحدود والملامح أنها غطاء ليس إلا , لكن ما تحت الغطاء ولم كان ؟, الحقيقة كل ما جرى لهذه اللحظة التي أعاد فيها صديقي التراب مرة أخرى دون أن يستمر في البحث حتى يثبت لي أن السحر الذي يؤمن به لا ما يدعيه الناس هو أن تكشف التراب عن الواقع الخفي , فقط أردت أن أمنحك فرصة لتكتشف أن العالم الحقيقي مجموعة أسرار لا تنتهي .
في طريق العودة وأنا أسترجع المشاهد من ذاكرتي حاصرتني مجموعة تساؤلات أكثر جنونا من سحر صديقي أولها عن هذا العالم الجميل السري والمعلن لماذا يبدو قبيحا في غالب الأحيان ؟ ,هل فعلا بهذه القباحة أم نحن نتصنع له صورة بهذا الإطار المزيف , ماذا لو كنسنا القباحة وأزحنا التراب عن كل الأسرار هل تنتهي حماقات بني البشر أم ستزداد أثما فوق آثامهم المؤبدة وجودا ,أحسست أن صاحبي يفهم ما يدور في مخيلتي ويريد أن يزيد من مساحة تفكيري عن عالم السحر الحقيقي لكنه يبدو مقتنعا أني أمضي سريعا نحو التسحر الذي بسطه واضحا جليا أمامي ,أعطاني حجرا غريبا يبدو أنه أكتشفه وأنا لم ألحظ شيئا ما فيه صورة لطائر صغير حفرا وفي الوجه الأخر نحت بارز لما يشبه امرأة حامل مستلقية , قال هذا الحجر لا يمكن أن يكون حقيقيا برغم أن لا شيء محدد يرمز له ,قلت ما يعني , قال جواب عن أسئلة تدور في خلدك .
من ما دار في ذهني أيضا لماذا يفعل الأقدمون كل هذه التحصين والألغاز وهم يعلمون أنهم ذاهبون بلا عودة ؟,قد يكونوا أكثر حكمة منا أو أكثر جنون طالما أن منهم من يهتم أقول البعض بالأسرار ليخدع من يأت أو أنه يريد أن تكون ودائعه هنا قريبة منه ليكون الأسرع بانتشالها لو تهيأت له فرصة العود ,من كان يعتقد أنه العودة قريبة فهو أكثر تفاؤلا وواقعية منا بل أكثر عقلانية , نحن لم نضع جدول لحياتنا وكل شيء مباح حتى الموت صار بضاعة تباع وتشترى , لا أسرار فقط نعملها عندما نريد أن نحتال على الخديعة والوقيعة ,صديقي بادرته ، أظم أنهم أكثر نقاءً من هذا الجيل وأكثر انفتاحا على الأمل أجابني بما يشبه الصاعقة هم ونحن على مستوى واحد من الغباء .
أقترب المساء الأخير وتسللت أخر بقايا الضوء خلف التلال ونحن في أشد حالات التعب ورفيقي مستمر في سرد الكثير من قصص الحجارة والتراب والغباء والفطنة ,كلمته التي لا تفارقني وصداها يقرع في رأسي (نحن وهم على مستوى واحد من الغباء) هل يعقل هؤلاء الذين شيدوا أول الجهد الإنساني المتحضر بقليل من الممكن الذي يساعد وليخلدهم عبر القرون والآجال في نفس مستوى غبائنا نحن الذين خدعنا التراب أن نبحث عن تأريخ نؤمن به كحروف أما أن نبحث بين الحروف والتراب عن حكايات



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعنة
- مباعث التغير والإنقلاب في المجتمع السعودي _ ح2
- الفصل الأول _ ربيع النرجس والرمان ج1 . من رواية النرجس والرم ...
- الفصل الأول _ ربيع النرجس والرمان ج2 . من رواية النرجس والرم ...
- مباعث التغير والإنقلاب في المجتمع السعودي _ ح1
- حورية النهر الميت _ قصة قصيرة
- عباسيات 4
- عباسيات 1
- عباسيات 2
- عباسيات 3
- أحلامنا وعشب الحدائق
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح3
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح4
- ترانيم بغدادية في صباحات الشروق
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح1
- إسلام سلام وإسلام حرب . ح2
- الفكر الإقصائي ومشكلات التدين
- الهروب من عزرائيل
- ( الأفق الرمادي بين حسابات السياسة والعسكر )
- قصيدة الجرح والبلسم


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الحجارة والتراب _ قصة قصيرة