أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - عاصفة أوراق: ماركيز.. وعواصف: العراق















المزيد.....

عاصفة أوراق: ماركيز.. وعواصف: العراق


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 4467 - 2014 / 5 / 29 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


" الحياة ليست ما يعيشه احدنا،
وانما هي ما يتذكره،
وكيف يتذكره ليرويه". ماركيز/ عشتُ لأروي
غاب عن عالمنا ،في السابع عشر من نيسان 2014م:(غابريل غارسيا ماركيز)، الذي كان يحدق في الحاضر ، دون أن يتجاهل الماضي.( ماركيز) و أعماله كانت عن بلده (كولومبيا) وقارة أمريكا اللاتينية، وعن القسوة والعنف والتاريخ فيهما. من أعماله (عاصفة الأوراق)، التي تجسد عذاب وغربة الإنسان ، في عالم لا يفقه منه شيئاً ما .. غير ما يفرض على الطفل وما يراد منه، عند حضوره مراسم الجنازة. لكن- الطفل- يلاحظ باندهاش وببصيرة حادة ما يحدث بعد رحيل (المجهول).. متسائلاً: هل كان حقاً ،هذا المسجى: هو الدكتور ؟!. أم هو: مَنْ زَيفَ واستبدل كل شيء.. شخصه.. علاقاته السابقة .. ماضيه ؟!. و لم يستطع أن يتغلب على لحظة موته الواقعية .. مع بقاء حذائه وقبعته خارج التابوت؟!. تبدأ (عاصفة الأوراق) بملاحظات الطفل.. حول ما هو مطلوب منه في لحظة تحقق موت (الدكتور) الذي هبط إلى تلك المنطقة ليكافح الموت .. الموت الذي تمكن منه أخيراً . (الموت) ، الذي لا مفر منه : "فمنكم مّنْ يتوفى.. ومنكم مَنْ يرد إلى أرذل العمر.. كي لا يعلم من بعد علم شيئا".(قرآن كريم). "عاصفة ألأوراق" الرمزية أو الفعلية تتحدث عن شخص و اسم - ربما- منتحل.. أو متخيل.ولكنه بات متحققاً عبر الموت.. فالموت ،عادة، مباغت..وغير مرغوب به.. لكنه عندما يحصل ، ذات لحظة ما،ويؤدي مهمته و يرحل.. يترك خلفه شيئاً واقعياً، يصبح اسمه (جثة). وعن تلك الجثة يقول الكولونيل: "لم أستطع أن أتأكد من أوراقه صحيحة أم لا.."؟!. ويضيف:"هذا الرجل كان عاش هنا خمس سنوات في هذا البيت "؟!. (عاصفة الأوراق).. مسرحها قرية (ماكوندو) التي خلقها (ماركيز) ، و الذي اكسب ما صنعه، عبر الروي والكلمات والوقائع والتاريخ بأحداثه الفعلية أو المتخيلة ، لحماً وشحماً ودماً ، عبر سماته الخاصة وقدراته الشخصية الفذة. حياة ووقائع لا تنس نهائياً. "من أجل دراسة رواية(عاصفة الأوراق) لابد من وضع تعريف للفضاء العام الذي تبدو فيه ونحدد الأثر الذي تركه عليها .. والفضاء هو كل هذا الفراغ الهائل الذي يحيط بنا ويمتد من حولنا مع امتداد مدى أبصارنا ويحدده مستويان هما الأرض والسماء"- الباحث علاء مشذوب . الواقع المفترض، أو المتخيل ، الذي تعيشه(ماكوندو) فضاء مصنوع بمهارة أهم وأرقى صناع الخيال البشري، في منتصف القرن المنصرم،:مصادفات ، خيانات، سرقات، ثأر متواصل، أمراض،فقر متوارث،تصورات ترتبط بالواقع الفظ ،والتاريخ واحباطاته، وثوراته ، وضحاياه، أحلام ودماء، وغرباء..لا أصل لهم ولا سلالات يرتبطون بها تاريخياً ..غير التواجد والذي يفرز الحب الخفي تارة ، والانتقام تارة أخرى. تبدو (ماكوندو)، بعد أن تركتها عاصفة الأوراق:" مدينة مهملة، بائسة، مدمرة نفسياً وروحياً. أبناؤها يستبطنهم الحقد والكراهية والدسائس الصغيرة والمؤامرات والتشوهات الخلقية. رحلت العاصفة وتركت المدينة متهالكة الشوارع، خربة، متهدمة البيوت"- (الروائي شاكر الأنباري). يربط (الأنباري )بينها ،و(عاصفة الصحراء) ، التي حلت بالعراق..وما تلاها و نتج عنها من أحداث، ودمار. فـهذا (العراق) لم يعرف الهدوء طوال تاريخه وعاش الاضطرابات والتحولات الصاخبة القاسية المريرة إذ تناهبه ،في الماضي والحاضر، بعض السياسيين والأفاقين وبرفقتهم:"صحافيين مغمورين استلموا رئاسات تحرير صحف ومراكز إعلامية وإذاعات وفضائيات جلبت كتاباً تخصصوا بجمع الخطب الدينية، والبلاغات القديمة، وأوصاف المراقد والمزارات، تخصصوا بفوائد الصلاة والأدعية والفتاوى وأنواع النكاح. ومنظمات مجتمع مدني تتخصص في كل زاوية من زوايا الحياة، منظمات للمرأة والطفل والمعوق والشهيد والسجين السياسي وضحايا الألغام والطلبة والشعراء الشعبيين والبيئة والأنهار والسماء والغازات السامة والمحامين والضباط القدماء وقتلى الحروب،والتهجير القسري. يستمدون أموالهم من أياد خفية ومنظمات عالمية لا احد يعرف كيف يصلون إليها، ومن فرق جيوش أجنبية ومكاتب إعلامية ودوائر في السفارات وأحزاب ذات اتجاهات متعددة متناقضة، وحركات ذات مصطلحات جديدة على الذائقة الشعبية. منظمات تقيم مؤتمرات في فنادق فاخرة وصالات أعراس وأبهاء لمحافظات ووزارات وأحزاب ، من بين قادتها يتم انتخاب زعامات لمناصب في الدولة والأحزاب على هيئة مستشارين، ومدراء عامين، وخبراء في القانون الدولي، ومدراء لهيئات مستقلة وغير مستقلة تتكاثر في حقول الحياة العراقية، كما لو كانت فطراً نما بعد ليلة ماطرة ". ( عاصفة الأوراق) ، تبدأ بما تؤكده (انتيغونا) بأن جثمان (بولينيسيس) لن يدفنه احد ، و إن كل مَنْ تواتيه الجرأة على خرقه.. سيحكم عليه بالموت رمياً بالحجارة؟!. ترى أيشمل هذا الأمر (العراق) الذي يكاد يشرف على لفظ أنفاسه؟!. أم لا يحدث هذا إلا بعد (حَلـّبْ) كل ثرواته المادية ؟!. وتدمير بناه ومرتكزاته الروحية؟!. في أغلب ما أشهر(ماركيز) من روايات وقصص قصيرة، وتحقيقات صحفية، ومذكرات شخصية، وحوارات عامة، ينقلنا إلى مدن ومجتمعات ،و جماعات تعيش حياتها الراهنة ، لكن خيالاتها تنحصر ضمن مأزقها الواقعي وتسعى، بإصرار دائم ، نحو تذكر تاريخها وضمن تأويلاتها الخاصة، والتي لا يرقى بالنسبة إليها ، الشك والاختلاف، فـ:" الاختلافات لا تنحصر على الماضي وأحداثه، وليس على ما جرى فيه، بل تمتد ، لتختبر اللايقين في ما إذا كان ذلك الماضي، ماضياً فعلاً، منتهياً ، ومختتماً، أم ما يزال متحققاً ومستمراً.. ضمن أشكال، ورؤى، وممارسات متجددة ، قد تكون مختلفة في الشكل لكنها متوحدة في المضمون"؟!- (ادوارد سعيد) (الثقافة والامبريالية). ( عاصفة الأوراق) تتجه نحو سياحات متعددة في تاريخ وحاضر ومكونات(ماكوندو). يؤكد الطفل في نهاية مراسيم جنازة دكتور (ماكوندو):"..الأوان قد فات، فقد انتهى الرجال من آخر عمل بقي أمامهم،رفعوا قاماتهم وقد نبتت كعوبهم في ارض الغرفة..والتابوت يطفو في النور كما لو كانوا يحملون سفينة ميتة وهم في طريقهم إلى دفنها. أقول لنفسي: الآن سوف تشم الكرونات الرائحة.. وعندها سوف تنطلق كلها في وقت واحد...تـغـرد". في رسالة وداعه لقرائه ومحبيه واعتزاله في بيته،بعد التأكد من مرضه الفتاك، قال ماركيز:"لو شاء الله أن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي .. ربما لن أقول كل ما أفكر به.. لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور ، سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكل نيام.لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق .. للطفـل سـوف أمنحه الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلم التحليق وحده ، وللكهول سأعلمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان، لقد تعلمت منكم الكثير أيها: الـبـشر". عام1981 قدم العراقي مصطفى عبود/ أبو النور/ " عاصفة الأوراق ..لماركيز "، قبل أن يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1982، عن أعماله، والتي يتم فيهم الجمع بين الخيال والواقع. (ماركيز) المعروف عالمياً وعربياً وعراقياً.. أما (مصطفى عبود) المولود في البصرة عام 1938 ، وأكمل دراسته الإعدادية فيها بتفوقٍ، ثم انتظم خلال منتصف الخمسينات، في (كلية التجارة- بغداد). و تخرج بدرجة الشرف الأولى. فقد هرب، في أواخر السبعينات، عن وطنه و أسرته الصغيرة ، والمجلات والصحف التي كان يدير تحريرها و يكتب أعمدته الصحفية اليومية السيسيو- ثقافية،فيها، باسم"أبو النور" ، وهو اسم ابنته البكر ، أو (م .ع) أو(م..) وأسماء صحفية أخر.توفي( مصطفى) كمداً وعذاباً على عراقه وبصرته التي خربتها الدكتاتورية والحروب الخاسرة- العبثية ، و دفن، منتصف التسعينات في (براغ). في السبعينات ترجم(مصطفى) لأهم كتاب العالم، عن اللغة الانجليزية ، والتي لم يتخصص فيها أكاديمياً.كما ترجم ( تحت أعواد) المشنقة ليوليوس فوتشيك، وحسب ما ذكره ، ليّ ذات جمعة ما، في مقهى (الدَكّة)، الكاتب والصحفي الراحل "عباس الرباط" ، زميله في "سجن نقرة السلمان"، إن (مصطفى) كتب في السجن وباللغة الإنجليزية ، مخطوطاً يتألف من حوالي (180)صفحة ،من القطع المتوسط ، عن الروائي والقاص"أرنست همنغواي" ، وعند تفتيش السجن دورياً تم مصادرته ، وحرقه ، بحجة انه من الممنوعات؟!.. لم تصلنا "عاصفة أوراق" ماركيز،إلا في عام (2008) بطبعتها الثانية والتي وزعتها مجاناً صحيفة (المدى) ضمن سلسة ( الكتاب للجميع) .



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (أردابيولا) ل(يفتوشينكو):..استشراف لمجتمع في طريقه إلى الانه ...
- عن: قراءة في السَّردِ النّسوي العربي - للناقد العراقي: عبد ا ...
- رحلة علي عيدان مع قصيدة النثر:.. و(هنالك.. وأبعد)
- الأول من أيار..وبناة الحياة..صناع المستقبل
- الشاعر منذر خضير:.. ورحلته إلى السماء السابعة
- قدرات الدماغ البشري الفائقة:.. و علم (الباراسيكولوجي)
- في الذكرى ال(11 )لسقوط نظام عصابات حزب البعث الفاشي (2 -2 )
- في الذكرى ال(11 )لسقوط نظام عصابات حزب البعث الفاشي (1 -2 )
- مقاربات في الشعر والسرد..شهادة عن الإبداع العراقي الحديث
- في الذكرى الثمانين لأضواء: ( 31 آذار 1934)
- كنت ألمحه..؟!
- جاسم العايف.. و( مقارباته في الشعر والسرد )
- التجمع الثقافي الحديث في البصرة يضّيف الكاتب جاسم العايف
- التجمع الثقافي الحديث في البصرة يخص الكاتب جاسم العايف وكتاب ...
- جريدة( الأديب الثقافية):..عدد جديد
- سالم علوان الجلبي.. و مجرى الاوشال*
- رواية (أفراس الأعوام) لزيد الشهيد:تاريخ وطن..تحولات مدينة*
- قصائد أربع للشاعر: أماجيت شاندان
- شيء عن ( 8) شباط الدامي*
- من الأشرعة يتدفق النهر.. للناقد- مقداد مسعود-..وبعض الملاحظا ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - عاصفة أوراق: ماركيز.. وعواصف: العراق