ماذا لو بعث الموتى

احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4465 - 2014 / 5 / 27 - 01:29
المحور: الادب والفن
    

لا بد ان خطر على بالك وجال بخيالك , في وقت من الأوقات مثل هكذا تساؤل وأنت تقف على قبور الأحبة ورموس الاخلة , ممن تواروا خلف اللحود وحجب الأخدود , , لا بد ان خطر ببالك ,وجال بخيالك , ان يبعث الموتى من قبورهم وينهضوا من حفرهم فينفضوا تراب العدم ويزيحوا ستر الظلم , وقد عادوا لكامل وعيهم ودقيق صوابهم , أياما معدودة وساعات معلومة , لكي يتسنى لنا ان نلثم جباههم ونقبل ما بين أعينهم ونعتذر عما بدر منا اتجاه شخوصهم ورفيع مقاماتهم , ماذا لو بعث الموتى لنستفهم منهم ونستخبر عنهم فيرووا لنا ما غاب عنا ويقصوا علينا ما عزب عن مداركنا مما لاقوه تحت كتل الرمال وما وجدوه أسفل الصخور الثقال .
لا شك ان هكذا تساؤل إنما يراودنا أوقات الحيرة ,ويداهمنا ساعات الغربة ,لنعبر به عن مخزون تطلعاتنا وعظيم رغباتنا وشديد تعلقنا بمن ننزع لملاقاتهم ونشتاق لرقيق مناجاتهم , بعد ان صاروا محالا وغدوا خيالا , لا شك ان هكذا تساؤل إنما يراودنا من حين لاخر دون إرادة منا وهو تساؤل غير تقليدي يضرب حدود ما ألفناه من تساؤلات ضربا وينسفها نسفا ,فهو تساؤل غير مشروع على ضوء علومنا الدينية وقياساتنا المعرفية , التي درجنا عليها منذ الصغر وسلمنا بصحتها حتى الكبر .
الحقيقة ان مهمة طرح هكذا تساؤلات غير مألوفة يبقى امرا ضروريا يعود علينا بفوائد جمة وعوائد مهمة تضعنا أمام جملة من الإجابات والحقائق التي نحن أحوج ما نكون إليها إذا ما تحققت رغباتنا وعاد الى الحياة أمواتنا .
فماذا لو بعث الأنبياء مجددا , هل تراهم سيباركون لأممهم أحوالها ويثنون على خصالها لما اقتفوا من أثارهم وسلكوا من مناهجهم أم إنهم سوف يرمون اممهم وينعتون رعاياهم بشتى النعوت , لما اقترفته, من تحريف كتبهم وتزوير نصوصهم وتشويه معالم دياناتهم , ماذا لو بعث الأنبياء مجددا هل كانوا سيتفقون معنا بما بين أيدينا من كتب ونصوص ووصايا وأحاديث , ام انهم سوف يثبتون بعضا ويحذفون بعضا , ويؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ؟ماذا لو بعث أولياء الله وأئمة الهدى من الأولين والآخرين مجددا لشيعهم ومواليهم هل سيمنحونهم كتبا للشكر والتقدير, على ما يدعونه من محبتهم والانتساب الى طينتهم أم إنهم سيعلنونها مدوية إنهم براء مما سقط فيه هؤلاء من جهل وتيه وتخبط في أروقة الظلام ومعترك الأوهام .
ماذا لو بعث قادتنا السياسيون من الزعماء المؤسسين هل تراهم سوف يمنحون أحزابهم ثقتهم على امتداد الزمن وتعاقب الدهور لكونها لم تفرط بسياساتهم ولم تبخس توجهاتهم أم إنهم سوف يلقون بتلك الأحزاب في اليم ويذرون رمادها في كل الأرجاء.
ماذا لو بعث الإباء والأجداد من رقدتهم وانتبهوا من هجعتهم , هل سنجدهم راضون عنا . ليمنحوننا شرف كنتم خير خلف لخير سلف أم إنهم سيوبخوننا اشد التوبيخ على ما فرطنا فيه من حقوق وواجبات بحق بعضنا البعض الأخر .
أخيرا ماذا لو بعث والدي ,الذي توفي قبل سنوات في مثل تلك الأيام اللاهبة وقد بلغ من العمر عتيا حتى انه نسي اسمي واخذ يناديني باسم أخيه الأكبر ,ماذا لو بعث والدي مجددا هل ستراه يغفر لي زلاتي ,ويعفو عن حماقاتي , وقد قصرت في جنبه وأسأت الى رفيع مقامه أم انه سوف يوجه لي اشد العقوبات , وأعظم المثلات وان كنت صغيره الذي كان يصحبه كما يصحب الفصيل اثر أمه .
يبدو ان اغلبنا بحاجة الى ان يبعث الله الموتى ولو لساعات معدودة وأوقات محدودة , حتى نتوافر على إجابات وافية , وردود شافية , ظلت معلقة بين العجز والرجاء , والأرض والسماء .

#احمد_عبدول (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل