أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - البهلول العليل














المزيد.....

البهلول العليل


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4366 - 2014 / 2 / 15 - 22:07
المحور: الادب والفن
    


من السمات والخصائص التي تتميز بها المناطق ذات الطابع الشعبي في عراقنا الحبيب , والتي ينحدر ابنائها من طبقات اجتماعية فلاحية وعمالية وهي طبقات ذات دخول متدنية, إنها تشكل مصدرا لولادة نمط من الشخصيات الاجتماعية التي تتميز بطابع الظرف واللطافة والفكاهة إضافة إلى ما تشتمل عليه من أبعاد إنسانية وفكرية وثقافية ,ولا شك ان هكذا شخصيات ظريفة لطيفة سوف تذكرنا بشخصيات لها ثقلها في التاريخ والأدب العربي كشخصية البهلول الكوفي على سبيل المثال لا الحصر .
في ثمانينيات القرن الفائت كانت مدينة الحرية التي اسكن فيها تشهد حضورا لوجوه شعبية تمتلك سجلا حافلا بالمواقف والحكايات التي تشبه حكايات ألف ليلة وليلة .
(ماهر) والذي يعرف بماهر العليل وذلك لضعف بنيته وشدة نحوله كان احد أهم تلك الوجوه المؤثرة في الوسط الشعبي في مدينتنا أبان عقد الثمانينيات من القرن الفائت .
كان ماهر بشوشا رقيق الطبع حلو المعشر حسن السيرة طيب القلب , واسع الاطلاع طالبا مجدا متميزا في الصف السادس العلمي إلا انه وفي العام 1981 تحديدا كان يحضر بعض الدروس الدينية التي يقوم بإلقائها شيخ معمم في احد الحسينيات وقد اتهم هذا المعمم بالانتماء لأحد الأحزاب الدينية المحضورة آنذاك ليتم إعدامه فيما قضى ماهر قرابة الستة اشهر داخل زنزانات الأمن الصدامي وهو يتلقى شتى صنوف التعذيب على أيدي جلاوزة النظام البعثي المقيت.
خرج ماهر بعد ان اشترطت عليه عناصر الأمن جملة من الشروط والالتزامات كان أهما ان يبتعد عن ارتياد الدروس الدينية في الحسينيات والجوامع فالاولى به ان يقصد البارات وحانات الخمور لا سيما وانه شاب في مقتبل العمر إذا ما أراد الإبقاء على حياته وحياة والدته المراة العجوز .
خسر ماهر صحته كما خسر مستقبله ليجد نفسه متنقلا من حانة إلى اخرى ومن خمارة لخمارة يوم كان شارع السعدون وسط بغداد فردوسا للهاربين من جحيم وأهوال المعارك التي تندلع على امتداد الحدود العراقية الإيرانية ,إلا ان نشاط العليل لم يتوقف حتى وهو يلج مربع الضياع والتمرد,فقد اخذ يبث همومه ولواعجه ونكاته اللاذعة التي تندد بكل ما يحيطه من أوضاع ونظم سياسية واجتماعية بائسة .
لقد حفلت حياة العليل بجملة من الحكايات والمواقف التي تسبطن الكثير من الدروس والعبر والمعطيات ,فمما يؤثر عنه انه قد امتنع عن الطعام والشراب لأكثر من يومين حتى شارف على الهلاك ,عقب إقدام الصهاينة على مذبحة (صبرا وشاتيلا )في المخيمات الفلسطينية وذلك في عام 1982 تضامنا مع ضحايا المجزرة وتنديدا بالموقف العربي الخانع والذليل إزاء هكذا مجزرة إنسانية مروعة .
يحكى ان العليل وكان وحيدا لوالدته انه وبعد نهار من العمل الشاق (العمالة ) جاء الى داره ليجد والدته تندب حظها العاثر فلما سألها قالت له ان البزون التهمت الغداء المعد له وكان الغداء عبارة عن (سمجة ) فرد العليل قائلا ( آماه ان الجوع كافر والجوعان كلشي ايسوي ).
وفي موقف طريف اخر مع والدته وقد اقنعته ان يقصد احد الانهر (البزول )القريبة من داره ا عسى ان يرزقه الله من واسع رزقه وكان ماهرا في استخدام (الصنارة ) ذهب العليل الى النهر عسى ان يظفر بشيء من الرزق الحلال لكن شيئا من هذا لم يحدث وقبل ان يرجع خائبا منكسرا وإذا بقنينة من الخمر تطفو فوق سطح النهر فما كان منه إلا ان هرع لالتقاطها محتسيا ما بداخلها وهو يهم بالعودة الى داره ,وصل العليل الى والدته وهو يترنح يمنة يسرة فلما تبينت حقيقته صاحت به ( وليدي اني وديتك تسترزق لو وديتك تشرب)فرد عليها بصوت خافت وقد لعبت الخمرة برأسه (يمه الله ما يرزق أمثالي بس الشيطان ما نساني ).
قتل العليل قبيل السقوط باشهر قلائل في ظروف غامضة بعد ان ان توفيت والدته التي كان يحب ان لا يسميها الا بأسمها (نوعة ) لتنطوي بذلك صفحة من صفحات أولئك البهاليل الذين ملئوا الدنيا وشغلوا الناس بحكاياتهم ومقالبهم ونكاتهم وجرأتهم وتمردهم وغرائبهم رحم الله البهاليل من أيام أبو وهيب بهلول الكوفي الى أيام بهلولنا العليل البغدادي .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أنا حقا علماني ؟
- هكذا تكلم اليعسوب
- في ذكرى غزوة 1991 -المباركة - !
- تاملات في الخطاب السياسي للسيد عمار الحكيم
- اصوات مهاجرة
- كل عام وانتم بخير سادتي القراء
- هل يكفي ان يكون الطرح صحيحا ؟
- ليس دفاعا عن العمامة
- رسالة الى جريدة المدى
- هل فشل الساسة الشيعة في ادارة حكم العراق ؟
- قضية الشيعة والسنة
- حكاية من سالف العصر والزمان
- ثنائية الثورة والانقلاب
- الله ليس رغيفا
- المترحمون على الطغاة
- عقدة الهلال
- رسالة عاجلة الى السيد رئيس الوزراء
- شيوخ الظل
- حديقة الدار
- دماء العراقيين هل تحتاج إلى فتوى لتحريمها ؟


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد عبدول - البهلول العليل