أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبدول - دولاب الانتخاب















المزيد.....


دولاب الانتخاب


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 4429 - 2014 / 4 / 19 - 21:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما زلت أتذكر كيف كنا نحشر حشرا كالخراف داخل سيارات الزيل والايفا العسكريتين ونحن نتجه الى محطات الاقتراع الصوري لتجديد ولاية رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة ,إبان منتصف عقد التسعينيات من القرن المنصرم ,وذلك عندما اضطر (صدام ) لإيهام الرأي العام بأن هنالك حياة انتخابية شفافة داخل العراق , وان الساحة لا تخلو من منافسين له على كرسي الرئاسة .
كانت لعبة مكشوفة كما هي الأعيب النظام البائد فقد كان اسم (صدام حسين ) الاسم الأوحد الذي لا ينافسه اسم أخر ومن يجرؤ على هكذا منافسة حمقاء .
لم يكن الوضع يختلف بشيء داخل سائر دوائر ومؤسسات الدولة العراقية آنذاك حيث كانت الجموع تحشر حشرا , وقد التفت الساق بالساق خوفا وفرقا من ان تزل أنامل البعض فيكتب خلاف مفردة (نعم) والتي هي بمثابة استحقاق الهي سماوي مقدس لقائد الحملة الإيمانية وحامي حمى الإسلام .ما بين تلك المرحلة وبين مرحلة لاحقة فتحت فيها أبواب الانتخابات على مصراعيها , وهي التجربة ,التي كانت تشرئب إليها أعناق العراقيين وتشخص صوبها أبصارهم ما بين مرحلة حشرنا بسيارات الزيل والايفا ومرحلة فتح الأبواب على مصراعيها ,لم تكن هنالك أي مرحلة وسطية تمهد لذلك الانتقال السريع والمفاجئ حيث عالم دولاب الانتخاب الذي لطالما حلم بركوبه العراقيون إبان الحقب المظلمة المتعاقبة ذلك الدولاب الذي يضج ويعج بشتى الأسماء والأحزاب والكتل والتنظيمات الحزبية والسياسية بشتى تلاوينها واتجاهاتها وميولها وإيديولوجياتها .
كان يفترض بدولاب الانتخابات ان يدور برفق وسهولة وهو يواصل دوراته المتلاحقة انطلاقا من الأسفل وصولا إلى عنان السماء إلا ان العصي الغليظة التي حشرتها تلك القوى التي لم تؤمن بالية ذلك الدولاب الانتخابي , والتي ما انفكت ان تضع شتى المعوقات والمعرقلات وسط عجلاته , لتؤثر تأثيرا سلبيا على مجمل حركته صعودا وهبوطا ,ولولا تلك المعرقلات ,لكان العراقيون اليوم قد أكلوا من فوقهم ومن تحت أقدامهم كما يقال .
لم تكن القواعد الشعبية والجماهيرية بوضع تحسد عليه وهي تنوي القفز داخل عربات ذلك الدولاب الذي لطالما حلمت به على امتداد عقود عجاف ثقال , لم تكن تلك الجماهير بالساذجة او غير الواعية كما يحلو للبعض ان ينعتهم بذلك من الكتاب والمتابعين لكن الوضع العام والذي وضعت بداخله تلك الجماهير لم يكن وضعا سارا بل كان وضعا حرجا استثنائيا حساسا للغاية ليس فيه الكثير من مساحة الإرادة والاختيار ,فقد وجدت تلك الجماهير وقد خرجت للتوا من أتون حقبة ديكتاتورية مظلمة وجدت نفسها تقف إزاء عدة قوى وقوائم على قدر كبير من التنافر والتباعد في توجهاتها ومتبنياتها وطروحاتها السياسية والإيديولوجية, فهنالك قوى الشر ( فلول البعث ) التي باشرت حال ضياع عرشها الى بث روح الفرقة والطائفية والانتقام والسعي الحثيث للإطاحة بالعملية السياسية البديلة لما كان عليه الحال قبيل السقوط المدوي ,كما كانت هناك تلك القوى التي رفعت الشعار الوطني (العلماني ) وكانت عبارة عن شخصيات منشقة عن البعث واخرى أعلنت براءتها منه خوفا وطمعا بالإضافة الى شخصيات مستقلة , لكنها كقوى وبشكل عام , كانت تمثل امتدادا لأجندة البعث العنصرية الضيقة,. أضف إلى ذلك كله ان قطاعات واسعة من الجماهير إنما كانت على علم ومعرفة بظروف تشكيل هكذا قوائم خارج ارض الوطن , وقد حظيت تلك القوائم بدعم ورعاية دولة مثل ( السعودية ) التي كان لها الدور الأبرز في إطالة أمد الحرب العراقية الإيرانية .
ولا شك ان قطاعات واسعة من الجماهير ,كانت تتوجس خيفة من هكذا قوى , أما القوى الاخرى فقد كانت عبارة عن قوى أحزاب الإسلام السياسي التي قارعت النظام البائد عندما كانت تتخذ من المنافي منطلقا لمجمل عملياتها العسكرية والسياسية , وقد حظيت تلك القوى بعد السقوط بدعم واسع من قبل المرجعيات الدينية في النجف الاشرف لا سيما في انتخابات عام 2005 .
كانت الجماهير العراقية في وضع لا تحسد عليه وهي تصوت لتلك القوائم التي تمثل قوى الإسلام السياسي وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها إنها لم تجد البديل الجاهز الذي تطمئن إليه كما وجدت ذلك في أحزاب الإسلام السياسي , في ظل حرب ضروس خاضتها القوى المتضررة من عملية التغيير ,على أسس مذهبية طائفية مقيتة لغرض كسب الجولة لاستعادة حظوظها في تجربة الحكم, وهكذا اضطرت الجماهير لخوض أكثر من دورة انتخابية تحت ذات المؤثرات والضغوط والدوافع كما حصل مع انتخابات عام 2010 , حيث قامت الانتخابات على أسس من الخوف والرهبة وعدم الثقة, في حين كان من المفترض ان يخرج العراقيون وهم لا يعانون من ادنى ضغوط أو مخاوف لكي يتسنى لهم اختيار الاكفا والأفضل والأنسب ممن يمثلهم وينوب عن قضاياهم المصيرية ,لكن هذا لم يحصل وللأسف الشديد .
فها نحن اليوم نخوض التجربة الانتخابية الرابعة ,وما تزال ذات الدوافع والضغوط التي بات الناخب العراقي يئن تحت وطأتها منذ عقد على التغيير , إلا ان المتغير في الانتخابات للدورة المقبلة, إنها تتسم بما هو اخطر مما كانت عليه الانتخابات السابقة وهو على النقيض مما توقعه الكثير من ان الدورات الانتخابية المتلاحقة , سوف تسير نحو مساحات وخيارات أفضل مما كانت عليه في دوراتها السابقة ,فقد تأبدت الانشقاقات الحزبية والسياسية داخل القائمة الواحدة لنشهد صراعا سياسيا محموما داخل الصف السياسي الواحد والأخطر في الأمر ان تلك الانشقاقات لم تبن على أسس المنافسة الشريفة على خدمة المواطن بقدر ما بنيت على أسس المناكفة والكراهية وكسر العظم وتسقيط الأخر ,و هذا لعمري ما يجر البلاد والعباد الى مربع الضياع والفوضى والتناحر بشتى صنوفه ومسمياته .
لقد تأمل العراقيون خيرا من تكرار تجربة ركوب دولاب الانتخاب إلا ان الطبقة السياسية التي شغلت ذلك الدولاب كانت جزءا من المشكلة ولم تكن جزءا من الحل في الكثير من الموارد والمواطن, أضف الى ذلك كله ما أحاط بتلك الطبقة من ظروف وملابسات كانت غاية في التعقيد والحساسية ,فما كان والحال هذا إلا ان اضطرب الدولاب بمن فيه وهو ما نخشى عواقبه على العراق وأهله .
يمكن القول ان التيار المدني الديمقراطي هو من يمثل أمل العراقيين بمختلف مكوناتهم الاثنية والمذهبية والمناطقية الا ان حظوظ ذلك التيار ما تزال غير موفقة والسبب في ذلك هو وجود واستمرار هاجس الخوف من الطرف الاخر ( المختلف عقائديا وحزبيا ) والذي باتت تغذيه عدة عوامل خارجية وداخلية وما لم تتوقف مثل تلك المغذيات والأمصال السامة فأن تصدر التيار المدني داخل العراق للمشهد السياسي سوف تتطلب سنوات عدة وهو ما لا نرجوه بحال من الأحوال .






ما زلت أتذكر كيف كنا نحشر حشرا كالخراف داخل سيارات الزيل والايفا العسكريتين ونحن نتجه الى محطات الاقتراع الصوري لتجديد ولاية رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة ,إبان منتصف عقد التسعينيات من القرن المنصرم ,وذلك عندما اضطر (صدام ) لإيهام الرأي العام بأن هنالك حياة انتخابية شفافة داخل العراق , وان الساحة لا تخلو من منافسين له على كرسي الرئاسة .
كانت لعبة مكشوفة كما هي الأعيب النظام البائد فقد كان اسم (صدام حسين ) الاسم الأوحد الذي لا ينافسه اسم أخر ومن يجرؤ على هكذا منافسة حمقاء .
لم يكن الوضع يختلف بشيء داخل سائر دوائر ومؤسسات الدولة العراقية آنذاك حيث كانت الجموع تحشر حشرا , وقد التفت الساق بالساق خوفا وفرقا من ان تزل أنامل البعض فيكتب خلاف مفردة (نعم) والتي هي بمثابة استحقاق الهي سماوي مقدس لقائد الحملة الإيمانية وحامي حمى الإسلام .ما بين تلك المرحلة وبين مرحلة لاحقة فتحت فيها أبواب الانتخابات على مصراعيها , وهي التجربة ,التي كانت تشرئب إليها أعناق العراقيين وتشخص صوبها أبصارهم ما بين مرحلة حشرنا بسيارات الزيل والايفا ومرحلة فتح الأبواب على مصراعيها ,لم تكن هنالك أي مرحلة وسطية تمهد لذلك الانتقال السريع والمفاجئ حيث عالم دولاب الانتخاب الذي لطالما حلم بركوبه العراقيون إبان الحقب المظلمة المتعاقبة ذلك الدولاب الذي يضج ويعج بشتى الأسماء والأحزاب والكتل والتنظيمات الحزبية والسياسية بشتى تلاوينها واتجاهاتها وميولها وإيديولوجياتها .
كان يفترض بدولاب الانتخابات ان يدور برفق وسهولة وهو يواصل دوراته المتلاحقة انطلاقا من الأسفل وصولا إلى عنان السماء إلا ان العصي الغليظة التي حشرتها تلك القوى التي لم تؤمن بالية ذلك الدولاب الانتخابي , والتي ما انفكت ان تضع شتى المعوقات والمعرقلات وسط عجلاته , لتؤثر تأثيرا سلبيا على مجمل حركته صعودا وهبوطا ,ولولا تلك المعرقلات ,لكان العراقيون اليوم قد أكلوا من فوقهم ومن تحت أقدامهم كما يقال .
لم تكن القواعد الشعبية والجماهيرية بوضع تحسد عليه وهي تنوي القفز داخل عربات ذلك الدولاب الذي لطالما حلمت به على امتداد عقود عجاف ثقال , لم تكن تلك الجماهير بالساذجة او غير الواعية كما يحلو للبعض ان ينعتهم بذلك من الكتاب والمتابعين لكن الوضع العام والذي وضعت بداخله تلك الجماهير لم يكن وضعا سارا بل كان وضعا حرجا استثنائيا حساسا للغاية ليس فيه الكثير من مساحة الإرادة والاختيار ,فقد وجدت تلك الجماهير وقد خرجت للتوا من أتون حقبة ديكتاتورية مظلمة وجدت نفسها تقف إزاء عدة قوى وقوائم على قدر كبير من التنافر والتباعد في توجهاتها ومتبنياتها وطروحاتها السياسية والإيديولوجية, فهنالك قوى الشر ( فلول البعث ) التي باشرت حال ضياع عرشها الى بث روح الفرقة والطائفية والانتقام والسعي الحثيث للإطاحة بالعملية السياسية البديلة لما كان عليه الحال قبيل السقوط المدوي ,كما كانت هناك تلك القوى التي رفعت الشعار الوطني (العلماني ) وكانت عبارة عن شخصيات منشقة عن البعث واخرى أعلنت براءتها منه خوفا وطمعا بالإضافة الى شخصيات مستقلة , لكنها كقوى وبشكل عام , كانت تمثل امتدادا لأجندة البعث العنصرية الضيقة,. أضف إلى ذلك كله ان قطاعات واسعة من الجماهير إنما كانت على علم ومعرفة بظروف تشكيل هكذا قوائم خارج ارض الوطن , وقد حظيت تلك القوائم بدعم ورعاية دولة مثل ( السعودية ) التي كان لها الدور الأبرز في إطالة أمد الحرب العراقية الإيرانية .
ولا شك ان قطاعات واسعة من الجماهير ,كانت تتوجس خيفة من هكذا قوى , أما القوى الاخرى فقد كانت عبارة عن قوى أحزاب الإسلام السياسي التي قارعت النظام البائد عندما كانت تتخذ من المنافي منطلقا لمجمل عملياتها العسكرية والسياسية , وقد حظيت تلك القوى بعد السقوط بدعم واسع من قبل المرجعيات الدينية في النجف الاشرف لا سيما في انتخابات عام 2005 .
كانت الجماهير العراقية في وضع لا تحسد عليه وهي تصوت لتلك القوائم التي تمثل قوى الإسلام السياسي وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها إنها لم تجد البديل الجاهز الذي تطمئن إليه كما وجدت ذلك في أحزاب الإسلام السياسي , في ظل حرب ضروس خاضتها القوى المتضررة من عملية التغيير ,على أسس مذهبية طائفية مقيتة لغرض كسب الجولة لاستعادة حظوظها في تجربة الحكم, وهكذا اضطرت الجماهير لخوض أكثر من دورة انتخابية تحت ذات المؤثرات والضغوط والدوافع كما حصل مع انتخابات عام 2010 , حيث قامت الانتخابات على أسس من الخوف والرهبة وعدم الثقة, في حين كان من المفترض ان يخرج العراقيون وهم لا يعانون من ادنى ضغوط أو مخاوف لكي يتسنى لهم اختيار الاكفا والأفضل والأنسب ممن يمثلهم وينوب عن قضاياهم المصيرية ,لكن هذا لم يحصل وللأسف الشديد .
فها نحن اليوم نخوض التجربة الانتخابية الرابعة ,وما تزال ذات الدوافع والضغوط التي بات الناخب العراقي يئن تحت وطأتها منذ عقد على التغيير , إلا ان المتغير في الانتخابات للدورة المقبلة, إنها تتسم بما هو اخطر مما كانت عليه الانتخابات السابقة وهو على النقيض مما توقعه الكثير من ان الدورات الانتخابية المتلاحقة , سوف تسير نحو مساحات وخيارات أفضل مما كانت عليه في دوراتها السابقة ,فقد تأبدت الانشقاقات الحزبية والسياسية داخل القائمة الواحدة لنشهد صراعا سياسيا محموما داخل الصف السياسي الواحد والأخطر في الأمر ان تلك الانشقاقات لم تبن على أسس المنافسة الشريفة على خدمة المواطن بقدر ما بنيت على أسس المناكفة والكراهية وكسر العظم وتسقيط الأخر ,و هذا لعمري ما يجر البلاد والعباد الى مربع الضياع والفوضى والتناحر بشتى صنوفه ومسمياته .
لقد تأمل العراقيون خيرا من تكرار تجربة ركوب دولاب الانتخاب إلا ان الطبقة السياسية التي شغلت ذلك الدولاب كانت جزءا من المشكلة ولم تكن جزءا من الحل في الكثير من الموارد والمواطن, أضف الى ذلك كله ما أحاط بتلك الطبقة من ظروف وملابسات كانت غاية في التعقيد والحساسية ,فما كان والحال هذا إلا ان اضطرب الدولاب بمن فيه وهو ما نخشى عواقبه على العراق وأهله .
يمكن القول ان التيار المدني الديمقراطي هو من يمثل أمل العراقيين بمختلف مكوناتهم الاثنية والمذهبية والمناطقية الا ان حظوظ ذلك التيار ما تزال غير موفقة والسبب في ذلك هو وجود واستمرار هاجس الخوف من الطرف الاخر ( المختلف عقائديا وحزبيا ) والذي باتت تغذيه عدة عوامل خارجية وداخلية وما لم تتوقف مثل تلك المغذيات والأمصال السامة فأن تصدر التيار المدني داخل العراق للمشهد السياسي سوف تتطلب سنوات عدة وهو ما لا نرجوه بحال من الأحوال .






ما زلت أتذكر كيف كنا نحشر حشرا كالخراف داخل سيارات الزيل والايفا العسكريتين ونحن نتجه الى محطات الاقتراع الصوري لتجديد ولاية رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة ,إبان منتصف عقد التسعينيات من القرن المنصرم ,وذلك عندما اضطر (صدام ) لإيهام الرأي العام بأن هنالك حياة انتخابية شفافة داخل العراق , وان الساحة لا تخلو من منافسين له على كرسي الرئاسة .
كانت لعبة مكشوفة كما هي الأعيب النظام البائد فقد كان اسم (صدام حسين ) الاسم الأوحد الذي لا ينافسه اسم أخر ومن يجرؤ على هكذا منافسة حمقاء .
لم يكن الوضع يختلف بشيء داخل سائر دوائر ومؤسسات الدولة العراقية آنذاك حيث كانت الجموع تحشر حشرا , وقد التفت الساق بالساق خوفا وفرقا من ان تزل أنامل البعض فيكتب خلاف مفردة (نعم) والتي هي بمثابة استحقاق الهي سماوي مقدس لقائد الحملة الإيمانية وحامي حمى الإسلام .ما بين تلك المرحلة وبين مرحلة لاحقة فتحت فيها أبواب الانتخابات على مصراعيها , وهي التجربة ,التي كانت تشرئب إليها أعناق العراقيين وتشخص صوبها أبصارهم ما بين مرحلة حشرنا بسيارات الزيل والايفا ومرحلة فتح الأبواب على مصراعيها ,لم تكن هنالك أي مرحلة وسطية تمهد لذلك الانتقال السريع والمفاجئ حيث عالم دولاب الانتخاب الذي لطالما حلم بركوبه العراقيون إبان الحقب المظلمة المتعاقبة ذلك الدولاب الذي يضج ويعج بشتى الأسماء والأحزاب والكتل والتنظيمات الحزبية والسياسية بشتى تلاوينها واتجاهاتها وميولها وإيديولوجياتها .
كان يفترض بدولاب الانتخابات ان يدور برفق وسهولة وهو يواصل دوراته المتلاحقة انطلاقا من الأسفل وصولا إلى عنان السماء إلا ان العصي الغليظة التي حشرتها تلك القوى التي لم تؤمن بالية ذلك الدولاب الانتخابي , والتي ما انفكت ان تضع شتى المعوقات والمعرقلات وسط عجلاته , لتؤثر تأثيرا سلبيا على مجمل حركته صعودا وهبوطا ,ولولا تلك المعرقلات ,لكان العراقيون اليوم قد أكلوا من فوقهم ومن تحت أقدامهم كما يقال .
لم تكن القواعد الشعبية والجماهيرية بوضع تحسد عليه وهي تنوي القفز داخل عربات ذلك الدولاب الذي لطالما حلمت به على امتداد عقود عجاف ثقال , لم تكن تلك الجماهير بالساذجة او غير الواعية كما يحلو للبعض ان ينعتهم بذلك من الكتاب والمتابعين لكن الوضع العام والذي وضعت بداخله تلك الجماهير لم يكن وضعا سارا بل كان وضعا حرجا استثنائيا حساسا للغاية ليس فيه الكثير من مساحة الإرادة والاختيار ,فقد وجدت تلك الجماهير وقد خرجت للتوا من أتون حقبة ديكتاتورية مظلمة وجدت نفسها تقف إزاء عدة قوى وقوائم على قدر كبير من التنافر والتباعد في توجهاتها ومتبنياتها وطروحاتها السياسية والإيديولوجية, فهنالك قوى الشر ( فلول البعث ) التي باشرت حال ضياع عرشها الى بث روح الفرقة والطائفية والانتقام والسعي الحثيث للإطاحة بالعملية السياسية البديلة لما كان عليه الحال قبيل السقوط المدوي ,كما كانت هناك تلك القوى التي رفعت الشعار الوطني (العلماني ) وكانت عبارة عن شخصيات منشقة عن البعث واخرى أعلنت براءتها منه خوفا وطمعا بالإضافة الى شخصيات مستقلة , لكنها كقوى وبشكل عام , كانت تمثل امتدادا لأجندة البعث العنصرية الضيقة,. أضف إلى ذلك كله ان قطاعات واسعة من الجماهير إنما كانت على علم ومعرفة بظروف تشكيل هكذا قوائم خارج ارض الوطن , وقد حظيت تلك القوائم بدعم ورعاية دولة مثل ( السعودية ) التي كان لها الدور الأبرز في إطالة أمد الحرب العراقية الإيرانية .
ولا شك ان قطاعات واسعة من الجماهير ,كانت تتوجس خيفة من هكذا قوى , أما القوى الاخرى فقد كانت عبارة عن قوى أحزاب الإسلام السياسي التي قارعت النظام البائد عندما كانت تتخذ من المنافي منطلقا لمجمل عملياتها العسكرية والسياسية , وقد حظيت تلك القوى بعد السقوط بدعم واسع من قبل المرجعيات الدينية في النجف الاشرف لا سيما في انتخابات عام 2005 .
كانت الجماهير العراقية في وضع لا تحسد عليه وهي تصوت لتلك القوائم التي تمثل قوى الإسلام السياسي وذلك لعدة أسباب لعل أبرزها إنها لم تجد البديل الجاهز الذي تطمئن إليه كما وجدت ذلك في أحزاب الإسلام السياسي , في ظل حرب ضروس خاضتها القوى المتضررة من عملية التغيير ,على أسس مذهبية طائفية مقيتة لغرض كسب الجولة لاستعادة حظوظها في تجربة الحكم, وهكذا اضطرت الجماهير لخوض أكثر من دورة انتخابية تحت ذات المؤثرات والضغوط والدوافع كما حصل مع انتخابات عام 2010 , حيث قامت الانتخابات على أسس من الخوف والرهبة وعدم الثقة, في حين كان من المفترض ان يخرج العراقيون وهم لا يعانون من ادنى ضغوط أو مخاوف لكي يتسنى لهم اختيار الاكفا والأفضل والأنسب ممن يمثلهم وينوب عن قضاياهم المصيرية ,لكن هذا لم يحصل وللأسف الشديد .
فها نحن اليوم نخوض التجربة الانتخابية الرابعة ,وما تزال ذات الدوافع والضغوط التي بات الناخب العراقي يئن تحت وطأتها منذ عقد على التغيير , إلا ان المتغير في الانتخابات للدورة المقبلة, إنها تتسم بما هو اخطر مما كانت عليه الانتخابات السابقة وهو على النقيض مما توقعه الكثير من ان الدورات الانتخابية المتلاحقة , سوف تسير نحو مساحات وخيارات أفضل مما كانت عليه في دوراتها السابقة ,فقد تأبدت الانشقاقات الحزبية والسياسية داخل القائمة الواحدة لنشهد صراعا سياسيا محموما داخل الصف السياسي الواحد والأخطر في الأمر ان تلك الانشقاقات لم تبن على أسس المنافسة الشريفة على خدمة المواطن بقدر ما بنيت على أسس المناكفة والكراهية وكسر العظم وتسقيط الأخر ,و هذا لعمري ما يجر البلاد والعباد الى مربع الضياع والفوضى والتناحر بشتى صنوفه ومسمياته .
لقد تأمل العراقيون خيرا من تكرار تجربة ركوب دولاب الانتخاب إلا ان الطبقة السياسية التي شغلت ذلك الدولاب كانت جزءا من المشكلة ولم تكن جزءا من الحل في الكثير من الموارد والمواطن, أضف الى ذلك كله ما أحاط بتلك الطبقة من ظروف وملابسات كانت غاية في التعقيد والحساسية ,فما كان والحال هذا إلا ان اضطرب الدولاب بمن فيه وهو ما نخشى عواقبه على العراق وأهله .
يمكن القول ان التيار المدني الديمقراطي هو من يمثل أمل العراقيين بمختلف مكوناتهم الاثنية والمذهبية والمناطقية الا ان حظوظ ذلك التيار ما تزال غير موفقة والسبب في ذلك هو وجود واستمرار هاجس الخوف من الطرف الاخر ( المختلف عقائديا وحزبيا ) والذي باتت تغذيه عدة عوامل خارجية وداخلية وما لم تتوقف مثل تلك المغذيات والأمصال السامة فأن تصدر التيار المدني داخل العراق للمشهد السياسي سوف تتطلب سنوات عدة وهو ما لا نرجوه بحال من الأحوال .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتوحد العراقيون أمام جلاديهم ؟
- عندما يصبح الإعلام أداة للتسقيط السياسي (البغدادية انموذجا )
- صور الله
- إلى أين سينتهي المطاف بالعلوي ؟
- القانون المثير للجدل
- قبور ومعاجز
- عجبي لهؤلاء المتشيخون
- البهلول العليل
- هل أنا حقا علماني ؟
- هكذا تكلم اليعسوب
- في ذكرى غزوة 1991 -المباركة - !
- تاملات في الخطاب السياسي للسيد عمار الحكيم
- اصوات مهاجرة
- كل عام وانتم بخير سادتي القراء
- هل يكفي ان يكون الطرح صحيحا ؟
- ليس دفاعا عن العمامة
- رسالة الى جريدة المدى
- هل فشل الساسة الشيعة في ادارة حكم العراق ؟
- قضية الشيعة والسنة
- حكاية من سالف العصر والزمان


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد عبدول - دولاب الانتخاب