المقاومة الوطنية والديموقراطية

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 1261 - 2005 / 7 / 20 - 12:37
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

اثبت شعبنا على مر العصور انه شعب ابي لا يقبل الذل والاضطهاد وتاريخه مليء بالثورات والانتفاضات الشعبية ضد كل طامع بخيراته ومستعبدا له مهما كانت قوته وجبروته. وتطور وعيه واساليب نضاله عبر تاريخه المعاصر ولعبت القوى السياسية الواعية دورها في تطوير هذا الوعي وتطورت معه. ولذلك لم يرضخ للاحتلال الامريكي البريطاني رغم كل الستر التي اسدلها على مخططاته لتركيع شعبنا وسلب خيراته واستخدامه قاعدة لمد هيمنته على العالم. نهضت المقاومة الوطنية العراقية ضد الاحتلال الامريكي- البريطاني بمهمة تاريخية جبارة بدءا من صمود ام قصر والفاو حتى يومنا هذا، في ظروف غاية في الصعوبة ليس اقساها مجابهة اقوى امبريالي العالم بكل اسلحتهم الجبارة واعدادهم الكبيرة ، بل غياب القيادة السياسية الواعية والدعم الجماهيري الواسع. فالامبريالية الامريكية بعنجهيتها لم تستطع ستر جوهرها كقوة احتلال همجية حطمت كل الاسس الحضارية لشعبنا من متاحف ومكتبات ومعاهد وجامعات واطلقت العنان لقوى الاجرام وفتحت الحدود لقوى الارهاب. مما اثار الشعور الوطني والكرامة الانسانية بين صفوف جميع فئات الشعب على اختلاف قومياتهم واديانهم وطوائفهم من عمال وفلاحين وعسكرين من مختلف المراتب العسكرية لتشكيل فرق المقاومة الوطنية المسلحة على امتداد القطر. و استطاعت بما وجهته من ضربات موجعة بقوات الاحتلال خلال سنتين ونيف ومن تكاليف باهضة ان تحرك الشعب الامريكي فقد صوت 57% في استفتاء شعبي لسحب القوات الامريكية من العراق كما دفع 128 من اعضاء الكونغريس ومعظمهم كانوا من المؤيدين للحرب على العراق مطالبين بسحب القوات الامريكية من العراق . كما اثارت شعوب جميع جميع الدول التي ساهمت بالحرب وفي قوات الاحتلال فضلا عن شعوب العالم والتي عبرت عنها بالمظاهرات الجبارة التي شملت العالم ضد استمرار الحرب على العراق والمطالبة بسحب القوات الاجنبية منه.
ولكن هذه المقاومة الوطنية الباسلة لم تستطع كسب الجماهير الواسعة. لانها لم تستطع اولا وقبل كل شيء ادراك حاجتها الى الاسلوب الديموقراطي في التعامل مع الشعب . فالشعب هو مصدر وجودها وقوتها واستمرارها فهو الذي يمدها بخيرة ابنائه وهو الذي يحميها ويعلمها ويتعلم منها. ولم تعمل على تمييز نفسها عن الارهاب بشجب اعمالهم الاجرامية والعمل على حماية الجماهير. ولم تضع لها برنامجا واضحا يربط بين طرد المحتلين وبناء العراق الديموقراطي. فالجماهيرلايمكن ان تثق بمقاومة ليس لها برنامج واضح الامر الذي يسهل على اعدائها اتهامها بايتام النظام الدكتاتورية او بديل عنه. او دمغها بالارهاب لاسيما وان القوى السياسية الوطنية بتاريخها الوطني المجيد لم تجرأ على تحمل مسؤوليتها التاريخية لقيادة هذه المقاومة الوطنية، فقد اختار بعضها موقف الترحيب بقوات الاحتلال واخرى المهادنة ، تحت شعار المقاومة السلمية حتى انجاز العملية السياسية التي وضعت مخططها قوات الاحتلال، وخروجها طوعا !!. متناسية عبر تاريخ الشعوب عامة وشعبنا خاصة : ان قوات الاحتلال لم ولن ترحل من بلد بدون مقاومة ضارية بكل الوسائل والاساليب بما فيها المقاومة المسلحة. مثبطة عزيمة الجماهير بالانتظار السلبي ومغذية الاوهام بامكانية خروج الاحتلال طوعا بعد انتهاء العملية السياسية التي رسمها، تاركة الجماهير تتلضى تحت قسوة قوات الاحتلال والارهاب و تعاني من مختلف اشكال الابادة والتقتيل، ومن تدهور كل مرافق وسبل حياتها وامتهان كرامتها يوما بعد اخر .
ان على عاتق المقاومة الوطنية تقع مسؤولية تاريخية جسيمة ، وطنية وعالمية لتحرير شعبنا من الاستعباد وتقديم المثل لشعوب العالم بامكانية مقاومة اعتى اعداء البشرية ودحرهم وذلك يتطلب اولا وقبل كل شيء:
قيادة سياسية واعية مدركة لمحتوى العصروالمخاطر التي تهدد كل شعب والبشرية عموما، وسبل واساليب درئها لانقاذ شعبها والمساهمة في انقاذ البشرية وتعمل على: 1- توحيد صفوف المقاومة الوطنية تحت شعار" التحرر و الديموقراطية".2- صياغة برنامج يحدد اهدافها وفي مقدمتها انهاء الاحتلال وبناء الديموقراطية ويطور اساليب ووسائل كفاحها بالاعتماد على جماهير الشعب والثقة بقدراتها على ضمان استمرار المقاومة وحمايتها وانتصارها، برنامج يربط بين النضال المسلح والنضال السلمي للجماهير من مظاهرات واعتصامات واضرابات وجمع تواقيع، لتحقيق مطالبهم بدءا من حملات المطالبة بانهاء الاحتلال الى توفير الكهرباء والماء والعمل وصياغة دستور ديموقراطي يضمن حقوق الانسان لجميع العراقيين ولاسيما حقوق المرأة والطفل، وانتخابات حرة، ومراقبة اداء المؤسسات وحماية الدستور، وتطوير المبادرات الجماهيرية واستعدادها لمقاومة الاحتلال بكل الوسائل والاساليب 3- وان تعمل على تمييز المقاومة الوطنية عن الارهاب باعتباره اداة الاحتلال لشل طاقات الجماهير بما يثيره من رعب ويوهم الجماهير بانها اسوة بالارهاب العدو الرئيس لشعبنا وليس الاحتلال. والعمل على مكافحة الارهاب وشجب الاعمال الارهابية بحق شعبنا والكشف عنهم وفضح ارتباطاتهم مع قوى الاحتلال. وتنظيم حماية الجماهير من جرائمهم 4- الربط بين النضال الوطني من اجل التحرر والديموقراطية بالنضال من اجل كسب ثقة قوى البشرية الخيرة التي تقوم بمختلف النشاطات على الصعيد العالمي من اجل انهاء الاحتلال بالالتزام بقواعد المقاومة الوطنيةالانسانية والترفع عن القيام باعمال تخل بشرف المقاومة الوطنية والمساهمة بدعمها بتقديم المثل لشعوب العالم. 12/7/2005

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات