أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة














المزيد.....

نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فبقى يعقوب وحده. وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر. ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حُق فخذه. فإنخلع حُقَّ فخذ يعقوب في مصارعته معه. وقال أطلقني لأنه قد طلع الفجر. فقال لا أطلقك إن لم تباركني. فقال له ما اسمك . فقال يعقوب. فقال لا يُدعى إسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل. لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت.
وسأل يعقوب وقال أخبرني بإسمك. فقال لماذا تسأل عن اسمي. وباركه هناك.
(سفر التكوين )

كيف تعرف البدوي على الله وكيف أحبه ؟

يقول المثل المصري : ما من محبة إلا بعد علقة سُخنة.

كان البدوي يتجول في صحرائه وحيدا ،ً وقد إنتهى لتوه من خداع أباه الشيخ العجوز ، وسرقة البركة التي كانت مُخصصة من الله لأخيه وبينما هو في هذه الحال ظهر له الله فكان أول تعارف بينهما .

وبدأ هذا التعارف بمشاجرة إنتهت إلى إشتباك بالأيدي والأرجل والأسنان ، حيث تمكن البدوي من مصارعة الله لليلةٍ كاملة ، وإنتهت تلك المصارعة بأن يستعطف الله البدوي ويرجوه أن يُطلق سراحه لأن الفجر آذن بالبزوغ.

ولكن البدوي الجلف لم تؤثر فيه إسثغاتات إلههُ المهزوم ، وظل ماسكاً بخناقه حتى أضطر ذاك الإله إلى إستجماع ما تبقى لديه من قوة ، وضرب البدوي ضربةً مباغِثة خلعت حُق فخده ، وتمكن الإله أخيراً من أن ينجو بجلده ويُحلق لعرشه في السموات العُلى قبل أن يدركه ضوء الفجر .

هكذا عرف البدوي الله ، وبهذه الطريقة أجبر البدوي الله الذي لم يكن يعرف إسم عبده الذي يصارعه على منح عبده هذا البركة ، وتبديل إسمه من يعقوب إلى إسرائيل .

لسنا هنا بصدد الخوض في تناقضات هذا النص التوراتي ، ولا في تأويلات فقهاء العهد القديم والجديد ، ومحاولاتهم البائسة للتوفيق بين ما ورد في النص ، من أن يعقوب في خلوته صارع إنسان، وبين قول يعقوب إنه نظر الله ونجى بنفسه ، ولن نتطرق أيضاً لكل المُمَاحكات الكهنوتيه التي تحاول أن تُفلسف هذا النص البدوي ، وتجعل من ذاك الصراع ، صراع روحي وليس جسدي ، رغم أنه إنتهى بعاهة مادية للسيد يعقوب وذلك بخلع حُق فخده.

ما نريده من مقاربة هذه النصوص المُضحكة هو التأمل في طريقة فهم البدوي لمعنى الأُلوهية.

فذاك البدوي الذي كان يعيش حياة الترحال في بادية فلسطين، كان نبيا ، وابناً لنبي ، وحفيداً لنبي، وأيضاً والداً لنبي، ويبدو أن العلقة السُخنة التي نالها الله على يد هذا البدوي قدجعلته مُجبراً على منحه كل هذه البركات. والتي لم تنحصر في مباركة نسله بل إمتدت لأن يقطعه ذاك الإله كل الأرض التي تطأها قدمه خالصة له ولأبنائه.

لم تنتهي بركات الإله عند هذا الحد، فقد حول مآساة هذا البدوي والتي تسبب له فيها أبنائه بالغدر بأخيهم الطفل ، ورميه في الجُب ليباع كعبد ، حول تلك المآساة إلى نعمة حلّت على البدوي ، وعلى أبنائه الغادرين أيضاً ، وذلك بأن أوصل ذلك الإبن المغدور إلى سُدة الحكم في أرض النيل ، ليستقدم كل قبيلته البدويه إلى هناك ، لكن ذلك البدوي الذي إعتاد إنتزاع حتى البركة بالقوة والغصب والسرقة ، لم ترق له الحياة في مُجتمع متمدن ، تحكمه قوانين تُجرم الإغتصاب والسرقة والنهب ، فظل معزولاً في ذاك المُجتمع هو وإلههُ المغلوب ، حتى إبتكر خلفه قصة جديدة لتواصل جديد مع الله على يد أحد أحفاد ذاك البدوي.

كان ذاك الحفيد أكثر تأدباً مع إلهه ، فلم يدخل معه في مصارعة حرة كما فعل سلفه ، بل كان يختلي به على إنفراد في قمة جبل مجهول ، ليعود من عنده مرةً مزوداً بألواح كتبها له الله بخط يديه ، ومرةً أخرى يزوده ذاك الإله بعصى تُفجر الماء من الصخر ، وتفلق البحار ، وتلتهم الأفاعي والحيات وفيها منافع أخرى أيضا .

هذا النص التوراتي غاية في الأهمية لإنه يُبين لنا كيف بدأ أول تعامل للبدو مع مُفردة الله ، والتي لم تكن موجودة في قواميسهم ، ومن تلك البداية نستطيع متابعة كيف تطورت تلك العلاقة بين البدو والله على مرّ الدهور والأزمان حتى يومنا هذا ، وفي كل الديانات التي يسميها مُعتنقوها بالديانات السماوية .

سيتكشف لنا عبر هذه المُتابعة أن علاقة البدو ومن يعتنقون تعاليم البدو ويدينون بها مع الله ، تلك العلاقة كانت ولم تزل حتى اليوم قائمة على سرقة البركة وإغتصبابها من إلهِهم رغم أنفه .

فذلك الإله الذي يخشى طلوع الفجر ، ويتخفى في قمم الجبال محتجباً عن المؤمنين به ، هو ذات الإله الذي سنراه في نصوص بدوية لاحقة يمتنع عن لقاء عباده كلياً، فلا يكلمهم إلا من وراء حجاب ، أو يرسل رسولاً يوحي بإذنه ما يشاء، ويبدو أن تجربة إله البدو مع عباده البدو ، قد تركت مرارات في نفسه لم تستطع الدهور الطويلة محوها ، بل ستظل عالقة في ذهن الإله حتى في يوم دينونته. ذلك اليوم الذي سيضطر فيه للقاء كل عباده البدو ، بمن فيهم ذاك البدوي الذي إنتزع البركة منه إنتزاعاً ، ولذا سنراه في النصوص البدويه الاحقة يحتاط لنفسه فيتخد حرس إلهي سماهم الزبانية ، حتى إذا ما إستعان البدوي بعصبيته في يوم الدينونة ونادى ناديه ، فإن إلههُ سيدعو الزبانية لحمايته.

....... يتبع



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البداوة والمواطنة _ 3
- البداوة والمواطنة _ 2
- البداوة والمواطنة
- الفتاوى المُقرفة قد تهديك السبيل
- دمشق العصّية
- البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية
- سرطاناتنا الحميدة
- عذرا معشر الكلاب
- من يتآمر على من في مصر؟
- الثورة لا تخرج من جامع
- دعوة إلى التشيع
- ما الذي تبقى من إسلامكم؟!!
- ديمقراطية الولي الفقيه
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 2/2
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 1/2
- الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟
- حتى لا تحكمنا موزة
- الجُموع ليست مُقدسة
- لماذا لا للإسلامجيه
- الدولة المدنية الدينيه


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة