أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي الخليفي - البداوة والمواطنة _ 3














المزيد.....

البداوة والمواطنة _ 3


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 10:54
المحور: المجتمع المدني
    


لا يمكن لنا أبداً معالجة التشوهات التي أصابت عقل الإنسان المشرقي ، دون تخليصه من رواسب الثقافة البدوية المُستهلِكة ، والتي سيطرت عليه لقرون متطاولة . وهذا لن يتأتى لنا دون الخوض في العقيدة الإيمانية التي ورثها هذا العقل المشرقي عن أسلافه ، والذين أجبروا على إعتناقها تحت تهديد السيف ، أو تحت إرهاب التخويف بجهنم المزعومة.

فصل الإيمان كمفهوم إنساني وحضاري عن عادات وتقاليد بدو قريش وما جاورها من قبائل الصحراء المُتوحشة ، سيكون هو الأساس ليبدأ هذا العقل المشرقي مسيرته نحو التحرر والإنعتاق من سطوة البداوة ، التي سيطرت عليه لما يزيد عن ألف وأربعمائة عام ، تحت عنوان زائف ومُزور يسمى دين الله .

ذلك لن يتم ، إلا بعودة هذا العقل المشرقي للبحث والتنقيب في ميراث أسلافه العظماء ، الذين صنعوا الحضارات قبل الإجتياح البدوي الرهيب.

بحثه ذاك سينير له الطريق ، وسيساعده في إيجاد أصول هذه المفردات الإيمانيه التي يدعي البدو أنها هبطت إليهم من السماء ، وبذلك سيتعرف هذا العقل المشرقي على تلك المفردات الإيمانيه في نسختها النقية ويدرك جوهرها ، ويستطيع بذلك فصلها عن الموروث البدوي القرشي الذي أُلصق بها.

كل مُفردة من مُفردات الإيمان البدوي المزعوم ،لابد أن تجد لها جدور راسخة في فلسفات وأفكار حضارات المشرق القديم ، والبدو لم يفعلوا شيئاً بعد سرقتها سوى تشويهها ، وتسخيرها لخدمة نمط حياتهم الغير مُنتجة ، ومن تم وضع ختم الله عليها لتكون مُلزمة وغير قابلة للتطوير أو حتى للنقاش.

لايمكن أبداً للعقل المشرقي أن يتحرر ، طالما ظل يعتنق عادات البدو وتقاليدهم ، ويعتبرها دين يدين به لله .
سياسة الهروب للأمام التي ينتهجها العقل المشرقي ، عبر محاولاته اليائسة والبائسة في الفصل بين ما يعيشه اليوم ، من نتاج لإنتشار ثقافة البداوة في نسختها الحديثة المُعاشة ، ومحاولة فصلها عن جدورها الأولى عبر تنزيه النسخة الأصلية لهذه الثقافة ، وإعطائها مسحة نورانية تبرأها من هذا الواقع المُعاش اليوم ، هذا الهروب هو عمل عبثي لن يُفضي إلا إلى مزيد من الغرق في الأوهام .

الداعشيون الذين نُعاصرهم اليوم ، ونرى مدى بشاعتهم وقبحهم وإجرامهم ، إن هم إلا صورة طبق الأصل عن أسلافهم الداعشيون القُدماء ، الذين داهموا هذه المنطقة قبل ألف وأربعمائة عام .

نحن اليوم بمشاهدتنا لما يفعله الداعشيون المُحدثون إنما نشاهد صورة قد تكون مخففة عما فعله أسلافهم من داعشيو قريش ، ولو تطورت وسائل الإبداع في هذه المنطقة ، ووجد مثقف حقيقي يستطيع إنتاج أفلام سينمائية ، تستقي نصوصها من الكتب التي تروي سير الداعشيون القدماء، وتتناولها بعين الإنسان المُتحضر ، لشاهدنا من البشاعات ما تتضائل معه كل بشاعات القاعدة والنُصرة وحماس وحزب الله ، وكل التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها .

العقل المرعوب عقل عاجز عن التفكير ، وطالما ظل العقل المشرقي يتناول المسائل التي تُطرح عليه للنقاش ، وهو تحت سطوة ألسنة جهنم المزعومة التي أرعبه بها البدو ، فهو لن ينتج شيئا .

الخلاص من سطوة الرعب والخوف ، هو ما سيجعل هذا العقل قادر على وضع تلك النُصوص التي جاء بها البدو ، ونسبوها زوراً إلى الله ، ليستعبدو بها الأمم من حولهم ، وضعها على طاولة البحث والدراسة ، ولن يحتاج العقل المتحرر من سطوة الخوف إلى كثير من العناء ، ليدرك أن تلك النصوص لاتصلح حتى أن تُنسب إلى الشيطان إذا إفترضنا جدلاً وجود كائن بهذا الإسم.

إدراك المصدر الحقيقي لتلك النصوص ، ومعرفة أنها ليست سوى مفاهيم بدوية متخلفة عن الحياة سيوجب الخلاص منها ، والخلاص منها سيوجب خلاص العقل المشرقي من ثقافة الترحال والتيه والتشرد التي جعلته يعيش حياة البداوة روحياً ، حتى بعد أن تجاوزها جسديا.

خلاصه من ثقافة البداوة التي تقوم على الإقتتال، والغزو ،والسلب ،والنهب، ستكون هي خطوته الأولى نحو التأسيس لثقافة المواطنة ،التي تقوم على الحياة المشتركة المبنية على التعاون والتكافل، والتي يكون فيها كل فرد خيط أساسي في النسيج الإجتماعي للوطن المُزمع بناءه.

قِطعة الأرض هي العنصر الأقل أهمية في بناء الأوطان ، فطالما توافر الإنسجام الفكري بين طائفة مُعينة من الناس ، وتوحدت أهدافهم وتوجهاتهم ، فهم قادرون ولاشك على بناء أوطان عظيمة ، أعظم بمئات المرات من الأوطان المتوارثة التي لايجيد أهلها سوى التغني بحفنات ترابها الغالية .

لقد أسس الإنسان لأوطان وراء البحار في هذا الكوكب ، وصنع فيها أعظم الحضارات التي وصلت بالإنسان إلى إستكشاف مجاهل الفضاء ، وهو سيكون قادر على التأسيس لأوطان أكثر رقي وتقدم في كواكب أخرى بعيدة عن هذا الكوكب.

أما العقول التي ستظل تعيش على ثقافة البدواة التي تقول أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين ، وتظل تتقاتل وتتناحر لأجل بُقعة من الأرض ، زرعت ثقافة البداوة في عقولها أنها بُقعة مُقدسة عند الله ، تلك العقول ستظل مستلبة لصالح تعاليم البداوة المُقدسة ، ونهايتها ستكون حتماً هي نهاية كل ما يتعارض مع قوانين الحياة ، التي تقوم على التقدم والتطور والإرتقاء .

نهايتها الحتمية هي الإنقراض ، إما على يد القوارض التي تعشش في عقولها وتقرضها ، وإما بمبيدات القوارض التي سيضطر الإنسان المُتحضر يوماً ما لإستعمالها ، عندما ييأس من صلاح هذه المخلوقات ، فيضطر لإبادتها حتى لاتستمر في إعاقة الحياة عن التقدم والنماء.



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البداوة والمواطنة _ 2
- البداوة والمواطنة
- الفتاوى المُقرفة قد تهديك السبيل
- دمشق العصّية
- البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية
- سرطاناتنا الحميدة
- عذرا معشر الكلاب
- من يتآمر على من في مصر؟
- الثورة لا تخرج من جامع
- دعوة إلى التشيع
- ما الذي تبقى من إسلامكم؟!!
- ديمقراطية الولي الفقيه
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 2/2
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 1/2
- الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟
- حتى لا تحكمنا موزة
- الجُموع ليست مُقدسة
- لماذا لا للإسلامجيه
- الدولة المدنية الدينيه
- الله يتضور جوعاً


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي الخليفي - البداوة والمواطنة _ 3