أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟















المزيد.....

الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 07:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الوثيقة التي أسقطت القناع :

وثيقة الدستور أو ما أصطلح على تسميتها بوثيقة علي السلمي والتي تواضع عليها صفوة من القوى السياسيه المصريه الواعيه وقيادات الجيش المصري ,هذه الوثيقة سدت الطريق تماماً أمام مطامع الإسلامجيه في السيطرة على مقدرات مصر والعبث بها وتسخيرها لغايات ومخططات تم إعدادها في مشايخ الرمل المتصحرة ,وتنفد بأيدي مصريه فاقدة لإنتماءها لوطنها. أحباط هذا المُخطط هو ما أثار حفيظة الإسلاميين وجعلهم يفتعلون هذه الأزمة, التي بدأت بالمليونيه التي دعوا إليها عشية جمعة الثامن عشر من نوفمر, وما تبعها من أحداث لاتزال تتوالى حتى الأن في ساحة ميدان التحرير.
أدرك الإسلاميون أن الساحة المصريه ليس خاليه لهم, وأن دعاوى الديمقراطيه التي يتظاهرون بها لم تنطلي على أحد, وأنه توجد في مصر قوى واعيه ومُدركه لحجم المؤامرة التي تستهدف مصروحضارتها, وتريد تحويلها من قلعة من قلاع الحضارة الإنسانية إلى نجع من نجوع بدو الجزيرة,,هذا ما دفع الإسلاميين إلى إفتعال هذه الأزمة في هذا الوقت بالذات وقبل أسبوع واحد من بدأ الأنتخابات التشريعيه وذلك بهدف إحداث حالة من الفوضى في الشارع, تجعل المجلس العسكري يتخذ قرار بتأجيل الإنتخابات ومن تم إتخاذ هذا القرار كدريعة للمطالبة بإزاحة المجلس العسكري بدعوى إنقلابه على الشعب وبأنه يريد الإستلاء على السلطة.

ـ لعل السؤال الذي يطرح نفسه الأن هو : لماذا يعترض الإسلإمجيه على وثيقة الدستور؟ فإذا ما كانت الدعاوى التي يطلقونها في حملاتهم الإنتخابيه, والتي يُصرح بها قيادات أحزابهم ,والتي تزعم أن هدفهم من الوصول للسلطة هو تلبية حاجات الإنسان المصري, وتوفير الحياة الكريمة له, وبناء مُجتمع تسوده العدالة الإجتماعيه وتتوفر لجميع أبناءه الفرص المتكافئة ,إذا كان هذا بالفعل الذي يسعون لتحقيقه من خلال الوصول للحكم, فلا يوجد بند واحد في الوثيقة يحول دون تحقيقهم لسعيهم هذا , ولكن الحقيقة ليست كذلك فكل تلك الدعاوى ليست سوى طُعم يُرمى للبسطاء لسرقة أصواتهم ,وأن مشاكل الإنسان المصري وحاجاته هي أخر هموم الإسلاميين ,بل إن بقاء الإنسان المصري في الحال المُزري التي هو عليها اليوم هو هدف من أهدافهم, لأنهم يعلمون أنه في حال تحررت حاجات هذا الإنسان, وفي حال تحققت له الكفاية الماديه التي تؤمن له حياة كريمة وتدفعه للتعلم والمعرفة, فإنه لن يكون بإمكانهم إبقاءه تحت سيطرتهم ,لذلك فإن بقاء المجتمع في حال من العوز والضعف وإنعدام المعرفة هي هدف رئيس من أهدافهم, لأن المجتمع الذي هذه صفته يكون تربة صالحة لزرع خرافتهم وأساطيرهم ومن تم السيطرة عليه.

يعلم الإسلاميون أن الصيغة الوحيدة التي ستبقيهم في الحكم إن هم وصلوا إليه, ستعتمد على إثارة الأحقاد والظغائن على الأمم الأخرى, تحت دعاوى تحرير المُقدسات وحماية أمة الإسلام وما اليها من دعاوى بائدة ,يستطيعون بها تهييج البسطاء وإستغلال عواطفهم الدينيه ,لوضعهم في مواجهة مع الأمم من حولهم, وبذلك إدخال البلاد في حروب غير محسوبة النتائج ,مما سيتيح لهم وتحت شعارات لاصوت يعلو فوق صوت المعركة ,أن يصفوا خصومهم, ويقمعوا كل صوت يعترض عليهم ,تحت دعاوى التكفير والتخوين والعمالة لأعداء الله وبذلك سيستطيعون تفريغ المُجتمع من قواه الفاعلة, ومن تم السيطرة عليه وفرض صيغهم المتخلفة التي يسمونها دين
الطريق الذي سينهجه الإسلامجيه حال وصلهم إلى السلطة, هو ذات الطريق الذي نهجه العسكر عندما وصلو للسلطة خمسينات القرن الماضي, إلا أن العسكر, عسكروا المجتمعات وقمعوا معارضيهم وخاضو حروبهم ,تحت شعارات القوميه, وهؤلاء الإسلامجيه سيقومون بذات الشيء ولكن تحت شعارات إعلاء كلمة الله, ونشر دينه, وتحرير مقدسات المسلمين ,وهي شعارات أكثر خطورة وأكثر مقدرة على تهييج البسطاء والعوام.

وثيقة الدستور قطعت عليهم الطريق لذلك نراهم اليوم يُعرضون أمن مصر بأكملها للخطربإثارتهم لهذه الفوضى , في هذه المرحلة التي يدرك حتى المبتدئين في السياسة أنها مرحلة شديدة الخطورة وأن الأولوية الأن هي أن تتجاوز هذه الأوطان حالات الفراغ الدستوري الناشئه عن تساقط الأنظمة السابقة ,ولكن هؤلاء الإسلامجيه تأتي مصلحة الوطن في أخر إهتماماتهم, فهمهم الأول هو تنفيد سياسات أمراء الغاز والنفط التي تُملى عليهم من قبل أؤلائك الذين يدفعون لهم كل هذه الأموال التي يخوضون بها حملاتهم الإنتخابيه, ويشترون بها ولاءات من هم على شاكلتهم ,ممن لا ولاء لهم إلا لكروشهم وجيوبهم.

التجربة التركيه :

لا يخلو حديث أو تصريح من تصريحات قيادات هذه التيارات الإسلاميه بكافة أطيافها إلا ويشير إلى التجربة التركيه, ليدلل بها على إمكانية إقامة دولة دينيه مدنيه ناجحة ومتطورة على النمط التركي, حتى أن أغلب الأحزاب الإسلاميه في المنطقة تسمت بإسم الحزب ذلك الحزب الأردوغاني التركي, محاولة بذلك أن تُقنع الناخب بأن برامجها تهدف إلى إستنساخ تلك التجربة. نحن هنا لسنا في معرض مجادلة هؤلاء الإسلاميين حول صدق إدعاءاتهم بإسلاميه التجربة التُركيه, فنحن نعلم أنهم يزورون حقائق التاريخ لصالحهم, فالتجربة التُركيه لم تكن أبداً نتاج لفكر إسلامي أو رؤيا إسلاميه ,بل هي نتاج لتجربة علمانيه رائدة .
الدولة التي أنتجتها التجربة الإسلاميه في تركيا هي تلك الخلافة المُتخلفة التي تسلطت على هذه المنطقة لأربعة قرون ,والتي كانت السبب الأول للتخلف الذي لانزال نعانيه حتى اليوم ,أما التجربة التركيه الحديثه فهي ثورة علمانيه قادها أتاتورك ضد عمائم سلاطين التخلف , والحزب الأسلاموي الذي يحكم الأن لايطبق شيئاً من تشاريعيه الإسلاميه, إلا في حياة أفراده الخاصة ,ولباس زوجاتهم ,أما قوانين الدولة التركيه فلا أردوغان ولا غيره له المقدرة على أسلمتها أو المساس بها , وهذا الحزب الذي يفاخر به الإسلاميين جاء إلى الحكم ليجد تركيا في هذه المكانة المتقدمة, ولم يكن هو من أحدث هذا التقدم .
كنت أقول بأننا لسنا في معرض الدخول في جدل مع دعاوى الإسلاميين وتجييرهم للتجربة التركيه لصالحهم ولكننا نطرحها هنا لنسأل الإسلاميين وقياداتهم هذا السؤال والذي يقول: لماذا تقبلون بنتائج التجربة التركيه وثمرتها وترفضون الظروف والمناخات التي أنضجتها؟ ألم تبقى التجربة التركيه ولمدة تسعة عقود من الزمن تحت وصاية العسكر ,وتعرضت لإحباطات عديده وإنقلابات قام بها العسكر على الحكم المدني ليتولو السلطة بأنفسهم ومرارات لاتحصى من تدخل العسكر في الشأن المدني. فهل أدى ذلك إلى إنهيار التجربة التركيه أو سقوطها ؟ ألم يكن نتيجة تلك الصراعات والمرارات هذه الثمرة التي تفاخرون بها اليوم وتعترونها أيقونتكم الإسلاميه الأثمن؟ . فلماذا لاتقبلون بخوض التجربة كاملة وتسيرون على ذات الخطوات التي سارت عليها التجربة التركيه لتحظو بذات النتائج ؟ لماذا ترفضون الوثيقة الدستوريه اليوم بداعي رفضكم لمنح العسكر أية سلطة إستثنائيه تجعلهم فوق القانون , ألم يبقى عسكر تركيا فوق القانو ثمانية عقود فلماذا تلتهمون الثمرة وتحرقون الشجرة التي أنضجتها؟.

تحتجون على العسكر اليوم وتؤلبون عليهم بداعي أنكم تريدون بناء تجربة ديمقراطيه متكاملة ولا تشوبها شائبة, دون النظر لحال المجتمعات التي تريدون إقامة هذه الديمقراطيه فيها.هل يمكن إنتاج تجربة ديمقراطيه متكاملة هكذا بضربة عصى سحريه في مجتمع لم يعرف ولم يتعرف خلال تاريخه عليها ؟ , هل يمكن بناء تجربة ديمقراطيه متكاملة في مجتمع يعيش نصف سكانه تحت خط الفقر, ويسكن سبعة بالمئة من تعداده في المقابر, وسبعين بالمئة فوق الأساطيح ؟, هل يمكن بناء ديمقراطيه متكاملة في مجتمع يُعاني إنسانه المرارات لتوفير رغيف الخبز لعياله ؟,فلماذا لا تستغلو السلطة التي ستتوفر لكم بالوصول للحكومة والبرلمان في إنقاذ هذا الشعب من الوضع المزري الذي يعيشه, وتستطيعون بذلك بناء مُجتمع متطور يتفهم معاني الديمقراطيه ,ويكون قادراً على الدفاع عنها وبذلك تنتفي الحاجة لوجود العسكر ليغيبوا من على الساحة السياسيه, كما حدث في تركيا الأن, تريدون إختصار تجربة تسعة قرون من الزمن في تسعة أشهر.

نحن إذ نطرح هذه الأسألة فإنما ننطلق من الدعاوى التي تطلقونها أنتم, ولا يعني أننا نؤمن بأنكم تهدفون لإنشاء لا تجربة تركيه ولا غيرها ,ونعلم أنكم تمارسون النفاق الحلال على البسطاء تحت بند التقيه, ونعلم أن قبولكم اليوم بممارسة اللُعبة الديمقراطيه يتم تحت فتوى أكل الميته عند الإضطرار وتحت فقه الضرورات تبيح المحظورات ,وأنكم تعتبرون مُشاركتم في العملية الإنتخابيه ذنب وجدتم أنفسكم مُضطرين لأرتكابه وسترتكبوه مرة واحدة تم تتوبون منه توبة نصوح, ولاتعودن لفعله مرة تانيه ,ولذا فأنتم اليوم تُحطمون هذه التجربة عندما علمتم بأنها لن توصلكم إلى بُغيتكم في السيطرة على مقدرات البلاد وتسخيرها في خدمة شرائعكم المعاديه للحياة , ولذا أنتم اليوم أيضاً تحاولون أمر أخر وهو الوصول للسلطة بنشر الفوضى ,وتقويض إستقرار المُجتمع المصري ليكون عرضة للإنشقاقات داخل التركيبة الأمنيه ,وحتى يجد أسيادكم في مشيخات البدو منفد ينفثون من خلاله سمومهم وأحقادهم داخل المجتمع المصري كما يفعلون الأن في سوريا.

عودة الوعي:

محاصرة السفارة الإسرائليه, والإعتداءات المتكررة على الأقباط, وحتى الوصول إلى أحداث ميدان التحرير التي تجرى الأن ,كل هذه الأحداث دقت ناقوس الخطر , ويبدو أن دقات هذا الناقوس كانت بالقوة الكافيه لتجعل الذين تم تغييبهم عن الوعي بواسطة شعوذات وطلاسم الإسلامجيه ,لتجعلهم يفيقون من غيبوبتهم ,ويدركون الهاوية السحيقة التي يجرهم نحوها هؤلاء المتأسلمين , هذا الإنطباع يراودك وأنت تشاهد أحداث ميدان التحرير, وترصد الأعداد الهزيلة للمتواجدين فيه من المُغرر بهم من قِبل شيوخ السوء وفقهاء الرذيلة .الأعداد التي تواجدت في الميدان وأعتدت على قوات الأمن وأحدتث هذا الشغب لا تشكل نسبة تذكر من الثمانين مليون مصري والذين يرصدون من بيوتهم ما يحدث ,ويرفضون المشاركة فيه,هذا المشهد أعاد الينا الأمل في عودة الوعي للإنسان المصري ,وأن يُدرك مدى خطورة وعظم المؤامرة التي تحاك ضد مصر والمنطقة بأكملها ,وأن على مصر أن تقوم بدورها التاريخ في أحباط هذه المؤامرة التي تريد إدخال المنطقة في عقود من الهمجية والتخلف, حتى تكون مرتع لشيوخ النفط والغاز, وحتى يستنسخوا فيها إنسانهم المشوه الذي أنتجته مشيخاتهم الخليجيه, أو ليكن وصفنا أدق نقول مشخاتهم الخليجيه التي تحول الإنسان فيها إلى آلة لا تجيد سوى الطحن والتغوط والنكاح.

هذه الجموع الصامته عليها اليوم الدور الأكبر, فالمسألة ليست متعلقة بحاضرهم بل متعلقة بمستقبل أجيال قادمة يجب أن يمهدو لها الأسس لتحيا حياة إنسانيه كريمة, ولا تضطر للعيش في ذات الظروف التي عاشتها أجيالنا الحاليه. الصمت الذي قابلت به ملايين الشعب المصري ما يجري في ميدان التحرير هذه الأيام سيعزل تلك الفئة المتعددة الولاءات ,ويجعلها منبوذة داخل المُجتمع وبين أفراد الشعب الذي ليس له ولاء إلا لمصر ولمصلحة مصر.
المشاهد التي تحدث في ميدان التحرير والعزلة التي يعانيها الإسلامجيه اليوم, تعيد لنا الأمل بأن تُصحح تلك التمرادات العظيمة التي قادها الشباب الطامح للحياة والفرح والحب, والتي تم سرقتها من قبل أعداء الحياء وأنبياء الفناء من إسلامجيه , يعطينا الأمل أن تصحح تلك التمردات مسارها وتتجه في الأتجاه الصحيح, التي يجعلها تتحول من مجرد تمرد يسقط حاكم إلى ثورة حقيقة تُسقط نهج فاسد قائم على أرضنا منذ ألف وأربعمائة عام من سيادة مفاهيم البدو على عقول سكان هذه المنطقة ,نحن اليوم أكثر أملاً في أن يتصدى الشباب الذي قادو ذلك التمرد وواجهوا الموت بصدورهم, يوم أن كان الإسلامجيه يتمسحون بجزم أؤلائك الطواغيت, ويعلنون بيعتهم وولاءهم لأؤلائك الحكام , ويحرمون الخروج عليهم , اليوم يعود لنا الأمل في أن تتحول تلك التمردات إلى ثورة تتقفى أثار الثورات العظيمة وتؤسس لدولة مدنية عمادها العقل والمعرفة والعلم دولة تنبذ الخرافات والأساطير, وتعزل هذه المؤسسة الدينيه المتخلفة وتمنعها من التدخل في شؤن الدولة ,وتجر كهنتها وفقهاءها من لحاهم لتعيدهم إلى صوامعهم وصياصيهم ومأذنهم, ليتسلو هناك بترديد خرافاتهم وأساطيرهم على ناقصي العقول ممن هم على شاكلتهم.

المواجهة التي تجري اليوم في ميدان التحرير ليست مواجهة بين الجيش والشعب كما يزعم إعلام الجزيرة المأجور ,المواجهة التي تجري الأن هي حرب حقيقية يخوضها جيش مصر البطل ضد التخلف والجهل وجيوش الظلاميه المدعومة بأموال النفط والغاز االقذرة,. الجيش المصري يقود اليوم حرب لأجل الحفاظ على هوية مصر وإستقلال مصر ضد الذين جعلو من الدين حصان طرواده ليتسللو من خلاله إلى داخل قلاع وحصون مصر وليخونوا أهلها وليفتحو أبواب قلاعها وحصونها أما جموع البدو التي تحاصر أسوارها.

معركة الجيش المصري اليوم هي معركة تعني كل إنسان شريف ,أياً كان توجهه أو مذهبه السياسي, ففي حين تكون مصائر الأوطان على كف عفريت يصبح الحديث عن الحقوق السياسيه من الكماليات التي لا يحتاجها أحد ,فما نفع هذه الحقوق عندما تذهب الأوطان ؟ .
إن كان تدخل العسكر في الحياة السياسيه شر, فالعاقل من يختار أهون الشرور عندما لاتكون أمامه من خيارات غير شريرة , والعسكر هم أهون الشرور في الخيارات المطروحة أمامنا اليوم , وقوى التحرربمختلف توجهاتها ستكون قادرة على فرض التغيير رغم صلاحيات العسكر الفوق قانونيه ,هذا إذا لم تتراجع عن المكاسب التي تحققت لها عقب هذه التمردات. العسكر لم يتحولو إلى مستبدين بفعل عصى سحريه, بل بفعل تخلي قوى التحرر عن مواقعها , واليوم سواء ظل للعسكر مشاركة في الحياة السياسيه أو حتى لو تولو السلطة بأنفسهم فإن قوى التحرر ما أستطاعت أن تحافظ على مواطئ أقدامها على الأرض, وترسخ ثقافة المجتع المدني ,وتسهم في بناء مؤسساته المدنيه, وفي الحفاظ على إستقلالية القضاء ,وحرية الإعلام ,ولم تتنازل عن ذلك. فإن العسكر أو غيرهم لن يستطيعوا أن يتحولوا إلى مستبدين من جديد.

اليوم يجب أن يتدارك الإنسان المصري الخطأ الذي وقع فيه أسلافه قبل ألف وأربعمائة عام, عندما لم يقاوم جحافل الغزو البدوي, وسمحوا لنوق ابن العاص الجرباء أن تعيث في ديارهم خراباً وفسادا,اليوم على الإنسان المصري أن يُصلح ذلك الخطأ ,وأن يمنع تكرار ذات الكارثة على أيدي المقتدين بهدي ابن العاص ,اليوم نحلم أن نرى الإنسان المصري يقبض على وريث ذلك البدوي المُتخلف ليس ليستعبده ,ولا ليبيعه في أسواق النخاسة ,بل ليحلق له لحيته الملئية بالقمل, ويعلمه كيف ينظف وجهه من الشعر ليمنع تراكم الفطريات المؤيديه على بشرته, ويعلمه كيف يتحضر ويساعده على أن يتأنسن, أو في أقل الأحوال أن يعيده إلى ما وراء كثبانه الرمليه المتصحرة ليخوض معاركه هناك مع أهل الخفاء.

اليوم نرنو إلى مصر لتمنحنا ربيعاً فرعونياً يعبق ببخور الحضارات المتجدرة في أعماق التاريخ , ننرنو إلى مصر لتُنتج لنا ربيعاً فرعونياً, قبطياً ,مصرياً ,يُطهر شداه هواء هذه المنطقة من عفونة ربيع العرب المُتخم بروائح الإبل الجرباء, ورعاتها الأكثر جربا.
اليوم نرنو لمصر لتمنحنا ربيعاً يُزهر برائحة الخصب, وتغرد فيه أصوات مناجل الحصادين, مبشرة بالخير والنماء, وطاردة لمنتجات ربيع العرب المُتقحل والمُتصحر ,الذي لم ينتج لنا إلا هذه الأشواك القبيحة التي تسمى لحى.

فهل سيفعلها الفراعنة وهل سيستطيعون في هذه المرة حماية مصر والمنطقة من موجات البداوة؟ , هل سيستطعيون اليوم إصلاح ما أفسد الأعراب ,وأعادة وصل ما أنقطع من مراحل الحضارة التي صنعها أسلافهم ,وتركوا لهم أثارها خالدة لتذكرهم بعظم الميراث ,وعظم الذور الذي عليهم أن يؤدوه نحو رفعة الإنسان.



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا تحكمنا موزة
- الجُموع ليست مُقدسة
- لماذا لا للإسلامجيه
- الدولة المدنية الدينيه
- الله يتضور جوعاً
- تضحيات الكفار يحصد ثمارها المؤمنون
- بين المدنية والتدين 3/3
- بين المدنيه والتدين 2
- بين المدنيه والتدين 1
- سيدي الرئيس


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي الخليفي - الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟