|
الرأسمالية تتج الفقر و الإرهاب
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1261 - 2005 / 7 / 20 - 13:11
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الإرهاب من أبشع مظاهر العصر الحديث ، وأن الصور التي ترينا الأجساد الممزقة لضحايا العملية الارهابية في لندن ، و الناس الأحياء المرعوبين ، لا تعطينا صورة توضيحية كاملة عن الارهاب في العالم اليوم. إن تلك الصور لا بد أن تكتمل مع صور ضحايا الارهاب في العراق و أفغانستان ورواندا و الصومال و غيرها ، لكي تكون أمامنا صورة كاملة مكتملة وواضحة ، للجرائم التي ترتكبها سواء التنظيمات الجهادية أو الحكومات و الأنظمة الرجعية الظلامية . و إن الإرهاب لم يعد حربا ، ولا بسياسة. إنه استعراض للقوة و الجبروت من أطرافه . إنه أيمان بأن كلما كانت الضحايا أكبر عددا ، والجريمة أعظم ، كلما أقترب الارهابيون من تحقيق أهدافهم. الإرهاب أصبح يستهدف حياة الناس الأبرياء و طموحاتهم و أحلامهم . فالهجمات الإرهابية ليست موجهة ضد الأجساد البشرية فحسب، بل هي بالرجة الأولى تقتل الروح و النفس والعقل والفكر و الشعور في الإنسان . وبعد كل جريمة ارهابية يتم التضييق على الحريات الشخصية ، و تنتهك حقوق الإنسان من قبل أجهزة الأنظمة الرأسمالية ، وتنتاب الجاليات الشرقية ، و المواطنين الغربيين ذوي البشرة المختلفة عن بشرة الأوروبي ، موجة اعلامية عنصرية معادية ، وتنتهك حرماتهم . وإن الإرهاب تتغذى جذوره في العلاقات الإجتماعية الظالمة للرأسمال ،و التفرقة العنصرية، و الإستغلال و الإضطهاد في المجتمعاتع البشرية. و هو سواء كان اسلاميا ، أو ارهاب دولة ، وليد ظروف اللامساواة و اللاعدالة و الظلم و التصارع الاجتماعي في سبيل البقاء، و انتزاع الحصة الأكبر . فالمجتمع الرأسمالي مثلما هو منبع العنصرية و الفاشية و الفساد و الادمان والعديد من الأمراض الاجتماعية ، يكون منبعا للارهاب أيضا. وإن القومية التي كما يقال إنها ظاهرة برجزازية ، و الدين هما من أخطر مولدات الإرهاب. الأفكار الخرافية تكون حمالة أكبر شحنات ذات قوة تدميرية و تخريبية . ففي النزعة القومية المتطرفة خرجت النازية الهتلرية. وقد تعرضت لندن ، تلك الحاضرة الإنسانية السمحاء إلى هجمات ارهابية و تفجيرات من قبل الحركة الإسلامية الإرهابية .. الجهاد _ فرع أوروبا للقاعدة . وقد دبّرت الجرائم التي تنم عن تجرد القائمين بها من أية ذرة من رأفة و إنسانية ،بطريقة يمكن لها أن تحصد أكبر عدد ما أمكن من أرواح الأبرياء ، في وقت تتزاحم الحركة و الناس يهمون إلى أعمالهم و أشغالهم . إن جرائم الإسلام السياسي ليست بنت اليوم ، بل هي ترتكب منذ عقود في باكستان و أفغانستان والعراق وأماكن أخرى، وبدعم القوى الإمبريالية سواء مباشرة بتزويده بوسائل القتل والدمار ، أو في أضعف الحالات بالسكوت على جرائمها والتعتيم على وسائل الإعلام المضادة لها ، أو بتبرير تلك الجرائم بذرائع حرية المؤمنين في الدفاع عن دينهم و قتل أعدائه. فالقتل عند الإسلام السياسي مشرّع عقائديا و دينيا و جزء أساس من إيديولوجيته . لهذ أرى أن قادة الرأسمال الإمبريالي ، و القوى الاهابية الإسلامية و القومية المتطرفة ، كلهم شركاء في جرائم الإرهاب ، وفي مقدمتها الجريمةالتي ارتكبوها في لندن. أولئك القادة الذين ، قادة الثمانية الكبار ، الذين كبرهم نابع من صغر الآخرين ، أولئك الذين كانوا مختفين في قلاعهم المحصنة فور سماعهم بخبر التفجيرات أطلوا على الناس يعزونهم كعادتعم تعازيهم الكاذبة ، ويناشدونهم تحمل المصائب و الصبر و عدم الخوف و القلق ، و شرعوا يوعدونهم بأن الحرب على الإرهاب ستستمر حتى القضاء عليه باجتثاث جذوره في العالم. إنني لست ضالعا في الاقتصاد ، و لست بسمير أمين ، لكنني أشعر ، بل أتيقن أن مجموعة الثمانية بادعاءاتهم القضاء على الفقر في العالم كذبة كبرى ، بل يمكن القول إن غناهم من فقر الآخرين ، و كبرهم من صغر الآخرين ، و عزهم من ذل الآخرين ، و شبعهم من جوع الآخرين . إنهم لم يجتمعوا للقضاء على الفقر في أفريقيا و أمريكا اللاتينية وآسيا كما يدعون ، بل التموا لكي يرتبوا من جديد أساليب النهب و طرائقه ، و يعملوا على ادامة ماكنة الاستغلال و الاضطهاد. اجتمعوا لكي يطمئنوا على سلامة عمليات انتاج الفقر الرأسمالية و اعادة انتاجه . ,إنهم امعنانا في افقار الشعوب المضطهدة في أفريقيا و آسيا ، يستمرون في بيع الأسلحة للانظمة المستبدة لاستخدامها في قتل رعاياها. فكل الدلائل التاريخية لتطور المجتمع البشري تشير إلى أن الحركة الإرهابية تولدت من رحم الرأسماية الجشعة في نهاية القرن العشرين. و قامت القوى الامبريالية الرأسمالية بتمويل الارهاب اليميني المعادي لمصالح جماهير العمال و الكادحين والمستضعفين الواسعة . فليوفر بلير وبوش رئيس عصابة الثمانية ، و بقية قادة الإمبريالية الثمانية تعازيهم الكاذبة و تعاطفهم المنافق مع ضحايا الإرهابيين ، صنائعهم لأنفسهم. إنهم لا بد أن يكونوا رفاق جريمة لحركة ساعدوا على قيامها و دعموها بكل الوسائل ، بدون مراعاة مشاعر الشعوب الأخرى. أن الإرهاب الذي يحصد أرواح الأبرياء يوميا في العراق ، يتحمل الثماني الكبار الجزء الأكبر مسؤوليته . لكننا نرى و نشهد أن ثمة جبهة بشرية تقدمية أنسانية تقف في مواجهة جبهة الارهاب و الرجعية والامبريالية .. هذه الجبهة الانسانية كانت تضم أولئك الضحايا ، ضحايا العمليات الارهابية في لندن ، إنها تتكون من ملايين الناس الذين خرجوا يواجهون البوليس الرأسمالي ، ضد الحرب ضد الفقر في أفريقيا ، و ضد الافقار و اضطهاد الشعوب .. هؤلاء بقيادة طلائع تقدمية يسارية هي التي تحارب الارهاب بصدق و جدارة ، وهي القادرة على اقتلاع جذوره .
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آلهة الحرب
-
اقرعي! اقرعي! ياطبول!
-
نحن كثيرون قصائد للشاعر بابلو نيرودا
-
المميزات الأربعَ عشرة للأنظمة الفاشيّة
-
قصيدة فروغ فرّخزاد - الوهم الأخضر
-
نعاج الله
-
مهمات اليسار في العراق شاقّة لكنها ليست مستحيلة
-
من غزليات جلال الدين الرومي
-
لماذا لندن وواشنطن تدعمان نظام كريموف الدموي؟
-
تأمّلات في العولمة و الفدرالية
-
ارتعاشة الجنيّات
-
في ذكرى محاكمة جزّار ليون
-
النازية وتأميم الجماهير
-
مطر الألم والحنين
-
الأول من آيار_ اليوم الأول للدنيا
-
بقرتان و اختلاف نظريات الاحتلاب
-
السبب الحقيقي لامتناع الطالباني عن المصادقة على قرار اعدام ص
...
-
إلى أين ؟ إلى أين ؟
-
البابا الراحل كان حليف ريغان في قتل المستضعفين
-
لي وطن من آلامي
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|