أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوتيار تمر - لماذا اعيش / الانفال















المزيد.....

لماذا اعيش / الانفال


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 08:21
المحور: الادب والفن
    



بدا عليها الارهاق منذ ان رأها اول مرة، كانت تحمل حقيبتها بطريقة تدل على اللامبالاة وعدم الاهتمام، ترسخ عنده هذه الرؤية عندما وجدها ذات يوم وهي تخرج من العمل وقد خرج قميصها من تحت تنورتها وعندما نبهتها صديقتها التفت اليها ابتسمت وغادرت دون مبالاة بالامر، هذه الحالة جعلته ينظر اليها بصورة مختلفة، فمن بجمالها العفوي الذي يظهر لك من اول نظرة الى ملامحها السمراء التي تميل الى الاحمرار وعيناها الكبيرتين العسلتيين مع وجهها الدائري الممتلئ وطولها المتوسط ونحافتها التي يراها الاخرون اهتمام منها بوزنها بينما هي نحافة طبيعية، كل هذا يجعل منها فتاة تنجذب الانظار اليها، الا انها مع كل ذلك تعيش وفق منطق غريب، فوضوي في ظاهره، وعبثي في مساره، وفي مضمونه مفجوع وممتلئ بالحزن المزمن جراء صور ومشاهد اخترقت وعيها الباطني فاصبحت جزء من تفكيرها ومحرك للعقل ومسيطر على العاطفة.
هلات فتاة في الاربعين من عمرها، عاشت منذ منتصف عقدها الثاني مأساة جعلتها تنظر الى كل شيء بلامبالاة اشبه في مضمونها الى الرفض الوجودي للواقع المفروض عليها، كانت في مقتبل العمر عندما ادخلت الى المستشفى بعدما شاهدت عائلتها تتمزق اجسادهم امام عينيها، شاهدت الذئاب البشرية وهي تلتهم جمال وجه والدتها، وروعة حرص والدها، وبريق نقاء اختها الاكبر منها واخيها التوأم .
نامت العائلة على امل غد مشرق حيث المدرسة تنتظر الابناء والعمل في الحقل المجاور للبيت للوالد وبعض الاعمال المنزلية مع مساعدة الوالد للوالدة، فقد تعودوا ان يعيشوا ايامهم بهذا النمط الهادئ المليء بالحب والحنان والتآلف، في ذلك البيت البعيد قليلاً عن صخب وفوضوية البيوت الاخرى داخل قريتهم، بيت مبني بالطابوق المصنوع من التراب، بشكل منظم وجميل، وبسقف ترابي ايضاً..مع ثلاث غرف صغيرة احداها للوالدين والاخرى للفتاتين والثالثة للابن والتي كانت ايضا للضيوف عندما يزورهم احد اقربائهم او عابر سبيل، هلات كانت تحب هيوا اخيها كثيراً والاثنان كانا يحبان ديلان الاخت الكبرى والثلاثة كانوا متيممين بوالدتهم فاطمة والاربعة كانوا يعيشون على وقع انفاس والدهم سيامند..الذي يكد ويعمل من اجل ان يمنحهم الامان والاستقرار..فمع اعمال الحقل كان يمتلك دكان صغير يبيع فيه بعض محصولاته وبعض الكماليات والاغراض الأخرى التي تؤمن له معيشة راضية ومقنعة.. لم تكن العائلة ينقصها شيء لاسيما انها تربت على القناعة بما يمتلكون ويملكون ويحصدون..لذا نامت ليلتها تلك كما في كل ليلة سابقة على أمل غد مشرق يبعث فيهم روح المحبة وتتجدد فيهم الأماني لغد آخر.. وعلى غير عادتها في تلك الليلة استيقظت هلات وايقظت أختها..وعندما سألتها مابك هلات ماالذي ايقظك..دمعت عيناها وقالت شاهدت كابوسا مرعبا..وجدت شخصاً بغيضا بعينين كبيرتين حمراوتين يقتل أبي.. وبكت حينها فأمسكت بيدها ديلان وضمتها إلى صدرها لتبكي هي الأخرى معها.. قد تتحملان أي شيء يحصل لهما لكن أن يفقدا والدهما فهذا أمر لم يخطر على بالهما ابدا..ارتفع صوت نحيبهما فسمع الواد الذي خرج من فراشه راكضاً إلى غرفتهما فدق عليهما الباب ولم ينتظر الاستئذان دخل بسرعة وكأنه نسي أنه علّم أولاده على عدم الدخول إلا بعد الاستئذان لكنها حالة طارئة فصوت بكاء الأولاد يكسر أية قاعدة سابقة بالأخص لديه.. أسرع إليهما وضم رأسيهما إلى صدره وبصوت مختنق مابكما لماذا تبكيان.. لم يستطع أن يسيطر على نفسه دمعت عيناه هذا مشهد لم يتكرر في حياة أولاده كيف يبكيان في مثل هذا الوقت المتأخر..مابهما ..ماذا ينقصهما.. من آذاهما..وأسئلة لانهاية لها .. قاطع تساؤلاته تلك ديلان أبي لاشيء فقط هلات شاهدت كابوسا..هلات فلذة كبدي أي كابوس هذا الذي يتجرأ أن يبكيكِ ويفزعكِ بهذا الشكل..فارتمت هلات في حضنه ولفته بذارعيها الناعمتين " بابا لاتتركنا أبداً.." ففهم الوالد ما يمكن أن تكون هلات قد رأته..فقبل جبينها وقال لها لاتخافي لن اترككم ابدا ومهما يحدث سأكون الردع الذي يقيكم من أي شيء.. فعادت الفتاتين الى فراشهما وعاد الأب أيضا إلى فراشه حيث حيث شعرت فاطمة وقتها به فقالت أين كنت قال خرجت لقضاء حاجة وعدت.. فنام الاثنان.
مضى الوقت سريعاً ولم تشرق هذه المرة محملة معها الاماني تلك التي تعودوا عليها، إنما وجدوا أنفسهم محاصرين في بيتهم من قبل رجال مدججين بالسلاح، وحدهم يصرخ بصوت عالي بلغة غريبة عليهم، حينها أخذ سيامند بيد زوجته وتوجه لغرفة بناته حيث كان هيوا قد سبقهم إليها خوفا عليهما.. فاذا بهم يرون جنودا محملين بكل تلك الاسلحة قد طوقوا بعض مناطق القرية والطائرات تقصف الجانب الاخر الذي وجد الجنود فيه مقاومة.. بدأ القصف وانتشرت النيران..وتعالت الصرخات.. وبمشهد غريب انتهت الأحلام.. وتم أسر أهالي القرية وحملوهم في سيارات عسكرية وأخذوا الى معكسر أعد لهذا الغرض..وهناك تسابقت الأيام لتضع حدا لأغلب أبناء تلك القرية فمنهم من مات جوعا..ومنهم من مات تحت التعذيب..ومنهم من انتهى به الأمر إلى الجنون فاطلق سراحه في العراء لتنهش بجسده الحيوانات التي تربت على أكل لحوم البشر.. أما سيامند وعائلته وبعض العوائل القليلة الاخرى التي تم أسرها بدون مقاومة فقد أدخلوا في سجن محكم..في البداية كانت العوائل مع بعضها إلا أنهم بعدها فرقوهم وبدأ حينها فترة الافتراس الشهواني لمن يحكمون بزمام أمور السجن.
ذكرت هلات مرة بانها كانت في البداية تعرف أخبار بعض فتيات تلك الأسر لأنهن كن معها في محنتها اليومية حيث يدخل بعض الجنود ويهددون الأهل بالسلاح فيأخذون البنات الى غرفة مخصصة لآمر السجن الذي كان ينفرد بهن ويبدأ باغتصابهن ويهددهن إن لم ينفذن ما يطلب منهن سيقتل عوائلهن أمام اعينهن.. لكن ذلك لم يستمر طويلا وذلك لأن أغلب تلك الفتيات القاصرات وبسبب وحشية الجنود معهن أخذتهن المنية فارتاحوا من سعير ولهاث الجنود.. لذا كان آمر السجن يستفرد بأختها مرة وبها مرة أخرى.. وذات يوم عندما أجبرا على الذهاب معا تمردت هلات ورفضت أن تلبي طلبات آمر السجن فغضب وضرب رأس اختها بمؤخرة مسدس كان بيده يهددها به..فوقعت أرضاً وسالت الدماء من رأسها وبدأ بعد قليل يرتجف جسدها حتى فقدت روحها...لم يسفع صراخ ونواح ودموع هلات بأن يدعوها مع اختها..بل حملوها ورموها في حفرة معدة لمثل هذه الحالات.. آمر السجن الذي تذكرت هلات وجهه بتفاصيله المخيفة حيث كان ذا بشرة سوداء بعينين كبيرتين حمراوتين وحاجبين بغيضين وجسد اشبه بجسد غول..
أمر بجلب عائلة هلات..فاخذوا الى قاعة كبيرة فيها يوجد كل ما يحتاجه المرء من أدوات التعذيب والقتل والبطش بالآخرين.. ربطت الوالدة على صليب.. ثم ربطوا يدي ورجلي هيوا.. أما الوالد فقط ربطوه بالمسامير مصلوباً وكان أحدهم يقف بجانبه يرفع رأسه بين الفترة الاخرى ليشاهد ما يتم فعله بأهله..ومن شدة ما حاول التخلص من المسامير التي خرقت ساقيه وكفيه نزف..ونزف..حتى توفي بحالته تلك..أما الأم فقد صدمت من وقتها وماتت هي الاخرى..ولم يبق سوى هلا ت و هيوا.. حيث أخذا بعدها ورموها في زنزانتهما.
قام هيوا بسرعة وقتها وحضن رأس أخته..وبدأ كرجل قد صُقل لتحمل الوجع والالم يواسي اخته..لكن هلات فقدت وعيها تماماً وبدأت باسترجاع الاحداث والتساؤلات تتناسل في ذهنها حتى اصيبت بالعقم التفكيري.. فكفرت..بكل شيء.. وبدأت تصرخ وتصرخ وتصرخ.. شدها هيوا لصدره.. وبدأ يمسك بكفه فمها..وهو يقول لها أختي لاتتركيني لاتدعيهم يأخذوك لمن تتركيني..الا ان الصدمة كانت أقوى من تلك المشاعر ..ولم تهدأ هلات بقيت تصرخ الا ان دخل أحد الجنود وجرها من شعرها وهيوا يحاول أن يمنعه لكن ما هي الا لحظات حتى ضربه أحدهم باخمص بندقيته على رأسه فوقع جامداً دون حراك وانتهت رحلته ايضاً وقتها دون ان يتفوه بكلمة وعيناه على أخته التي كانت تساق كنعجة الى قاتلها.
أدخلوا هلات على غرفة واعطوها حقنة مهدأة فغفت ولم تعد تشعر بشيء.. وعند استيقاظها كانت قد فقدت كل شيء..فدخل آمر السجن اليها وبدأ بحيوانية أبناء آدم ينهش بلحمها الطري الذي لم يدنسه شيء منذ ولادتها إلا هو.. فاغتصبها كعادته وشرب كأس بعدما انتهى من شهوته..ورمى ببعض شرابه المعتق على جسدها الذي ينزف من وحشيته.. وخرج..هلات بقيت تنزف..بشكل غريب..ولكنها مع كل ذلك الألم لم تمت إنما أبقتها الأقدار لتعيش بعدها سنوات وسنوات لعلها أرادت أن تسرد على الاخرين ما حصل لها أو إنها أرادتها ان تعيش وقع مشاهد فقدانها للعائلة وهي تندب حظها مرة وتلوم نفسها مرات ومرات..حيث ظلت تقول بانها لو لم تقاوم آمر السجن الذي اراد اغتصاب اختها امام عينها لما ضربها وقتلها ولما حصل مع عائلتها ما حصل.
وبينما هي تسترجع وجعها النازف مع نزفها القاتل..حضر في مخيلتها صورة والدها وهو يقاوم الصلب ويريد أن يفعل شيء لاجلهم..لم تكن تتألم بشيء اكثر من ذلك المشهد حيث والدها ينزف وهو لايبالي وكل همه ان يتخلص من تلك المسامير التي اخترقت جسده الطاهر ليخلص عائلته من تلك المذلة وتلك الطامة..فاذا به يتخلص من الكل ويترك الكل ويلبي نداء ليس لاحد خيار في رفضه أو قبوله.. بكت وبكت ونست نزفها ووجه قاتل كل شيء جميل فيها ولها..ورفعت بكفيها وكأنها تريد أن تمسك بوجه والدها..لكن صوت الجندي وهو يجرها من شعرها جعلها تستفيق من مشهدها ذاك.. لتجر الى زنزانتها حيث لم تجد فيه سوى بقايا دم هيوا فركعت وارتمت بعدها عليه تشم رائحة أخيها التوأم.
بقت هلات في سجنها لأكثر من سنة وقد تم إهملها لأنها فقدت تلك الجاذبية التي يريدها آمر السجن..وعلى الأغلب بعدما وجد غيرها حيث كان يساق إلى السجن الكثير من العوائل وتتدفق الفتيات وتكتظ بتلك المعسكرات بشكل لم يكن تلك الذئاب لتجوع أكثر مما هي جائعة.. بعد سنة ونصف تقريبا نقلت هلات مع فتيات أخريات الى معسكر آخر فيها عوائل كثيرة..ولكن ما جذبت إنتباه هلات ان تلك العوائل مكونة من نساء كبيرات بالعمر واطفال صغار..اما الرجال فلم تجدهم ولا الفتيات الشابات.. بل حتى النساء المتزوجات الشابات ايضا لم يتواجدن في ذلك المعسكر.. المهم انها لم تنعم طويلا بالبقاء في ذلك المعسكر حيث سيقت هي وأخريات الى سجن قريب في قلعة في احدى المدن القريبة وبقيت في السجن مع قريناتهاالا ان تم اطلاق سراحهن بعدما اقتحت قوات معارضة للحكومة المدينة وحررتها.
بعدها أصبحت هلات فتاة أخرى عاشت حياة اشبه بحياة ناسكة صامتة لاتتكلم كثيراً ولاتختلط كثيرا.. استلمها عمها الذي كان يعيش في الخارج وتكفلها وأخذها معه إلى حيث يعيش..ومع أنها كانت شاكرة لعمها وتساعد زوجته في أعمالها المنزلية إلا أنها قررت أن تكمل دراستها.. وتعمل لكي تصرف على نفسها.. فوافق عمها ووجد لها عملا بسيطا في إحدى محلاته التي كان يملكها..واثناء فترة عملها لم تكوّن هلات أية علاقة صداقة مع أي شخص سوى فتاة تصغرها بعامين، هي الأخرى كانت يتيمة هاجرت الى ذلك البلد بعد أن قتل والديها في الكنائس حيث قامت الحكومة وقتها بجمع أهل قريتها في كنيستها وأخذت النساء وقتلت الرجال وكل من قاومت من النساء وكانت أمها ممن قاومت فأصبحت من وقتها في رعاية خالتها التي هاجرت إلى تلك الدولة بعد ارسل ابنها دعوة لها فاخذتها معها.. وفي دراستها لاحظت إحدى مدرسات هلات أنها تعاني من حالة نفسية غريبة أقرب إلى الفوبيا من كل شيء يقترب منها.. حتى أنها كانت تفزع من الأصوات العالية احياناً..فحاولت أن ترسلها الى الوحدة النفسية التابعة للمدرسة وعرضت على إحدى الأخصائيات التي استطاعت ن تستخلص منها كل المعلومات التي نذكرها نحن..بل أنها قالت لها تفاصيل لم نذكرها حول أول مرة تم اغتصابها من قبل آمر السجن جيث ذكرت لها بأنها أخذت من عائلتها بحجة التحقيق معها..وعندما أراد والدها أن يمنعهم ضربوه وابعدوه.. فأخذوها عنوة إلى غرفة صغيرة جدرانها مصبوغة بالرطوبة ورائحتها كريهة جداً..والدماء تلطخ اغلب ارضيتها..والسرير كان قديم مصنوع من الحديد عليه بطانية قاتمة اللون وسخة بدرجة انها كانت كافية لقتل إنسان إذا ما وضعت على فمه.. أدخلوها الغرفة وتركوها لربع ساعة تقريبا لوحدها ثم دخل عليها آمر السجن بوجهه القبيح وجسمه الضخم وبدأ يتكلم معها بنعومة محاولاً أن يستميلها، إلا أنها كانت خائفة مفزوعة منه.. وعندما لم يجد كلامه نفعا بدأ يهددها بأنه سيقتلها لكنها لم تكن تخضع فبدأ يهددها بقتل والدها واغتصاب والدتها وأختها أمام عينيها و عيني والدها.. ومن ثم إغتصاب أخيها ايضاً.. حينها صرخت وبكت.. كانت تقول بأن ذلك الشخص لغته لم تكن مفهومة وفصيحة بالنسبة لها(كانوا قد تعلموا بعض الكلمات التي تحقق لهم رغباتهم وتوصلهم الى أهدافهم سواء في عمليات الإغتصاب أو التهديد والتعذيب).. لذا كانت تهز برأسها مشيرة بأنها لاتفهمه إلا أن ذلك لم يمنع من تعرف ماذا يعني حين كان يقول لها" سأقتل بابا وماما...وو...." وكان يمسك ب.... ويقول لها سافعل باختك..." .. قالت بعدها بأنه أمسك بيدها وشدها إليه ورماها على السرير ونزع عنها ملابسها بوحشية وكلما كانت هي تقاوم أكثر كان هو يزداد وحشية وقسوة، حتى أنه ضربها على وجهها فأغمي عليها.. ولم تشعر بشيء بعدها إلا وهي ملخطة بالدماء وقد اغتصبت ومزق رحمها، وما هي لحظات حتى وجدت ممرضتين يقومون بمعالجتها وإعطائها بعض الحبوب.. لم تفهم شيئا وقتها.. ولم تتصور كيف بالإنسان أن يكون هكذا لكنها يوما بعد يوم أدركت بأن لاشيء اسمه إنسان أو رحمة إنما هي الذئاب تعيش لتنهش بلحم بعضها البعض.. على وقع هذه الأفكار عاشت وكبرت هلات.. وكانت تحضر بين فترة واخرى إلى جلسات خاصة مع الأخصائية التي تعجبت بأنها لم تستطيع أن تمنحها الآمان لحظة مع أنها حاولت بكل الوسائل أن تبعد عن تفكيرها وذهنها تلك الصور الموجعة.. تخرجت هلات.. بدأت تعمل في مؤسسة.. لكنها ظلت تعاني من نوبات الفوبيا تلك من كل شيء.. وقد توصل الأطباء المختصين الذين حاولوا علاجها إلى نتيجة واحدة وهي أنه لايمكن أن يتم معالجة هلات من حالتها.. لأنها أصلا غير مستعدة أن تتخلص من تلك الصور المعلقة في لاوعيها والأخرى المنغمسة في وعيها.. لأنها من جهة تشعر بالذنب.. ومن جهة أخرى لاتريد أن تخسر تلك الصور التي حاول والدها أن يفعل أي شيء من أجلها لأنها آخر المشاهد التي جمعته به.. وأخيراً أصبحت منذ سن مبكرة مقتنعة بأن الانسان لم يخلق إلا للعبث بالآخر ونهب وسلب الآمان والراحة من الآخرين.. لهذا فهي تعيش مبدأ لماذا أعيش حسب قواعد وقوانين الآخرين طالما أنا لا أنتمي إليهم في شيء.. وهذا ما يجعل من يراها على الرغم من جمالها العفوي الفائق تعيش تلك الفوضى واللامبالاة.. وبالتالي هذا ما جعله يكون رأيه الذي ذكرناه في البداية حول لامبالاتها.. وكذلك جعله يعيش حالة من الانجذاب الى متابعتها..لكونه يعمل في نفس المكان..وتقريبا يراها اغلب ايام الاسبوع دون حتى ان يفكر مرة ان يسألها لماذا هي بهذه الغرابة.



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوجين في موكب الموت
- صور من ذاكرة شاب/ الانفال
- أُم ايبو / الهجرة المليونية
- دلبرين في شهرزاد / عامودا
- الحكومة الاعلامية
- فوضى الاعلام تمتزج بفوضى الاحزاب
- قراءة نقدية في نص- عبودية- للشاعرة ايلينا المدني / جوتيار تم ...
- قراءة في نص- عذراً منك- للشاعرة ريم هاني
- الوعي السالب للبناء في كوردستان
- قراءة في احدى نصوص الشاعرة رنا اسعد/ جوتيا رتمر
- دمشقيات
- قصص قصيرة جدا
- قراءة في نص - مطر من الارض- للشاعر شكري اسماعيل/ جوتيار تمر
- رسالة البابا الى الحكام
- قراءة في نص - وقفة - للشاعر هلكورد قهار / جوتيار تمر
- الفعل بالضرورة / مسرحية
- قراءة في نص- لاجدوى- للشاعر شعبان سليمان/ جوتيار تمر
- عندما يصنع الموت حياة / قصة
- قراءة في نص (الوحوش داخلي نائمة) للشاعرة سوزانة خليل/ جوتيار ...
- الحقيقة (مسرحية)


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوتيار تمر - لماذا اعيش / الانفال