أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الخياط - السياب.. فراهيدي متجدد















المزيد.....

السياب.. فراهيدي متجدد


شاكر الخياط
كاتب ناقد وشاعر

(Shakir Al Khaiatt)


الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 14:32
المحور: الادب والفن
    


قبل ان اخوض في هذا الموضوع لابد لي ان اتطرق الى معلومة قد تغيب عن ذهن البعض القليل وهي ان السياب كان يجيد قرض الشعر وهو قد كتب الشعر العمودي بقصائد كثيرة...وموجودة في مكتبة القارئ.. ولو لم يكن السياب بهذا العنفوان وهذا الحب للشعر العربي الاصيل ومعرفة اسراره وتفاصيله لما استطاع ان يبدع مجددا في انتاج الشعر الحر الذي ادى الى تطور كبير ليس في الادب على صعيد العراق انما على صعيد الوطن العربي.. والادب العربي عموما.. بل تعدى هذا الاهتمام على مستوى العالمية كذلك، ان من حسن الصدف بل ربما تكون هذه واحدة من حسنات القدر ان يجتمع الاثنان الفراهيدي الخليل بن احمد، والفراهيدي الجديد المتجدد ، في بلدة واحدة ومسقط راس واحد تتشرف البصرة ويتشرف العراق بهما مثلما افتخرت ولازالت با مثالهم من العمالقة والمبدعين الذين اثروا الادب العربي فاصبحوا مراجع وثروة لا يمكن ان نتجاهلها يوما...لعل البصرة في رايي هي واحدة من الاسباب التي حدت بالسياب الى ان يتوج جهده بهذا الابداع متراصفة ومصطفة مع جملة اسباب كثيرة، وهي نفسها التي ربما دفعت الفراهيدي الى ذلك الخلق الجديد الذي اصبح منهاجا يسير عليه الناظمون مثلما عرفنا بنتاج من سبق هذا الابداع وهذه حالة نادرة تؤشر في باب اخر الى عظمة ما اتى به الفراهيدي الاول.. ولعلني لا اجانب الحقيقة ابدا انما اكون في لبها على الدوام لو ارجعت الأخفش وبشار بن برد والجاحظ وسيبويه والفرزدق والاصمعي وابن المقفع والحسن البصري الى مدينتهم الرائعة البصرة، وربما آخرون فاتني ذكرهم لاستمرار البحث.. البصرة تلك المدينة التي مهما تكالبت عليها الازمنة والمصائب ومهما مرت عليها الذئاب والمتنمرة انفسهم لن تزيح عن شناشيلها وعشّارها سمة الخلود.. ولهذا فهي مدعاة فخر لكل صائب ومبدع، وهي ابعد ما تكون بالحب عن كل جاهل...
كان السيّاب شاعراً فذّاً اصطبغ شعره بصبغة الأطوار التي تقلّبت فيها حياته المعاشيّة والاجتماعية والفكريّة. لقد كان للسياب من الالم الذي عصره في شبابه الاثر الكبير في نبوغه، كما هو حال النابغين غيره، مضافا الى هذا شعوره بالغربة القاسية المؤلمة وهو في بيت ابيه، مثلما شعر بتلك الغربة في بيئته، وكان يبحث عمن يخرج قلبه الشديد الحساسية من اتون آلامه، ولربما كان موضوع المرأة في حياة السياب تلك الفتاة التي يريد ان يبوح لها بأسراره ومعاناته ويسكب روحه في روحها ولكي تنتشله من اوهامه ، وتُغرقه في عالمٍ من الحنان والرقة؛اثر واضح بل وطافح ايضا، ورافق ذلك كله تتبّع فكريّ وعاطفي لحركة الرومانسية التي شاعت في اوروبا والتي ازدهرت في بعض الأقطار العربيّة ولاسيّما لبنان المقيم والمهاجر، فاندفع في تلك الحركة، وراح في قصائده الأولى يداعب شجونه في جوّ من الضبابية اليائسة، وراح يناجي الموت، وينظر إلى مصيره نظرة اللوعة والحرمان، ويهوي في لجة عالمه المنهار، لم يبتعد السياب ابدا عن الخزين الثر والموروث الوافر للشعر العربي القديم فقد حفظ منه الكثير ، وهضمه ورصع به ديباجة شعره بصورة مباشرة وغير مباشرة، ففي الأسلوب برز التأثر واضحًا في مجموعة "البواكير"
وفي التراكيب التي رددها كنا نلاحظ أن أكثرها من الشعر العباسي، وقد نثرها السياب في مجموعاته المختلفة، وتظهركذلك التضمينات الشعرية والاقتباس واغلبها في ديوانيـه : "أنشودة المطر" و "شناشيل ابنة الجلبي"، وهذا يعني بلا ادنى شك أن الشاعر في نضجه الأدبي كان مقتنعًا بالتضمين على طريقة "إيليوت" بل ربما كان يفعل ذلك عن قصد، لان التضمين عند السياب له علاقة واعية مع القديم، وفيه إثراء للتجربة وتعميق للمعنى.
مثلما كان ذلك جليا في تطوير المضمون وملاحظة الأثر القديم، لكنه توسع أو عارض، وفي كلتا الحالتين يشحن معانيه الجديدة بطاقة لها جذور قوية في التراث.



هذه المحاولات كانت في المرحلة الأولى من مراحل شعر السيّاب، وهي مرحلة يمر بها اي شاعر حيث تستنتج وترى في شعره بداية لشاعر لم يكن يفكر فيما سينتج لهذه الامة من ادب جديد ومدرسة ومنهج جديد سيخلده الى يوم النشور..
لينتقل بعدها الى مرحلة تعتبر مرحلة الخروج من الذاتية الفرديّة إلى الذاتية الاجتماعية، التي انطلق الشاعر منها في نزعة اشتراكيّة ورومانسيته حادة، يتحدث عن آلام المجتمع وهموم الناس، ويُهاجم الظلم في أصحابه، وقد بدأ بمد جذور ابداعه الجديد في تربة الادب الخصبة مظهرا انه لم يتخلَّ عما قرا وحفظ لذا تراه غير بعيد عن العمود في مضمونه لولا الشكل، وهنا نؤكد على ان روح العمود في البيت الشعري القديم التي اطرها الفراهيدي ببحوره الخمسة عشر والتي اصبحت فيما بعد ستة عشر، هي ذات الروح التي دأب السياب عليها في تأطيره لبحور من الستة عشر، وهي ايقاعية التفعيل لتفعيلة واحدة مكررة مرتين في الشطر( البيت) او تفعيلة واحدة مكررة ثلاث مرات او تفعيلة واحدة مكررة اربع مرات، وبهذا يستخلص السياب التفعيلات الايقاعية في البيت الواحد والتي اجاز استخدامها مرة او اكثر حسب نظم الشطر في الشعر الحر اضافة الى بعض الجوازات لسنا الان بصددها... ويُصوّر ذلك مثلا في (حفار القبور) حين يقول:

واخيبتاه! ألن أعيش بغير موت الآخرين
والطيبات: من الرغيف، إلى النساء، إلى البنين
هي منة الموتى عليّ. فكيف أشفق بالأنام
فلتمطرنهم القذائف بالحديد وبالضرام

يرى بعض الباحثين إن السياب تأثر بشعراء عرب وأجانب في مراحل تطور تجربته الشعرية وبخاصة في الخمسينيات " في مرحلة الالتزام الماركسي وما تلاها " ناقلاً عن السيّاب قوله " إنه يحب البريطانيين وليام شكسبير وجون كيتس". وذكروا أن السيّاب كان يقول: «وأكاد أعتبر نفسي متأثراً بعض التأثر بكيتس من ناحية الاهتمام بالصور بحيث يعطيك كل بيت صورة، وبشكسبير من ناحية الاهتمام بالصور التراجيدية العنيفة. وأنا معجب بتوماس إليوت.. متأثر بأسلوبه لا أكثر… ولا تنس دانتي فأنا أكاد أفضّله على كل شاعر.» ويقول آخرون : إن السياب ذكر عام 1956 أن البحتري " أول شاعر تأثر به ثم وقع تحت تأثير الشاعر المصري علي محمود طه (الذي توفي عام 1949) فترة من الزمن وعن طريقه تعرف على آفاق جديدة من الشعر حين قرأ ترجماته للشعراء الإنجليز والفرنسيين" ويتطرق بعض النقاد إلى تأثر السيّاب بكل من أبي تمام والبريطانية سيتويل وينقل عنه قوله : «حين أراجع إنتاجي الشعري ولا سيّما في مرحلته الأخيرة أجد أثر هذين الشاعرين واضحاً فالطريقة التي أكتب بها أغلب قصائدي الآن هي مزيج من طريقة أبي تمام وطريقة إديث سيتويل». ولطالما أشاد السياب بالشاعر العراقي المعروف محمد مهدي الجواهري (1899-1997) الذي كان يلقب (متنبي العصر) واعتبره "أعظم شاعر" في ختام النهج التفعيلي للشعر العربي. ولم يعرف عن السياب تمرده على النصوص العربية مهما كانت درجتها من الابداع وكأن ولادة السياب في البصرة بالذات ومعاناته العائلية في طفولته ومعاناته الاجتماعية في حياته من غربة وغير ذلك، كانت تتجمع لتصبح كأسباب ومقومات خلق لمبدع خلاق ما كان بدونها سيكون كعبقريته الان...على ان الفراهيدي في علمه ( العروض) كان المثل الاعلى للسياب الذي لم يكن يفكر يوما بالخروج عن الذات التي اودعته هذه الملكة واظهرته من خلالها غير متنصل عن الاصل ولا لاهث كما هي الحال مع من يريد ان يصل اليه ( حاشاه من هؤلاء ان يقتربوا حتى) تجنيا وبهتانا ...على ان ما نلاحظه في هذه الايام من دعوات صارخة بلهاء ومن ضجة وحملة لإبعاد اصالة السياب عن نهجه الذي اوجده فخرا لنا وعنوانا بدعوى ان هذا تجديد ما هو في الحقيقة الا ابتعاد عن الاصل وليس فيه من التجديد لا قالبا ولا مضمونا.. ولا يمكنني ان انسى من حاورني يوما قائلا " لو ان السياب كان حيا لبادر اول المبادرين الى كتابة ما يسميه هو بــ ( شعر نثر).."
من هنا انتهز هذه الفرصة الجميلة لأولئك المدعين بالحداثة او التحديث او التطور ان يقرأوا الخليل ثم السياب بعد ان يكملوا قراءة المتنبي ثم يختاروا مدعاهم الباطل بعد حين... ومن ظن انني متزمت برايي فهذا خطأ كبير، لأنني لا اغمط الناس حقوقها ولم ولن اقف مهما اوتيت من مكنة وقوة بطريق التحديث والتجدد الا انني اريد ان نسمي الامور بمسمياتها.. فما كان شعرا هو شعر، وما كان نثرا هو نثر،، ولكل هويته الطيبة المبدعة الراقية ، ام ظن هؤلاء ان النثر هو اقل من الشعر؟ وهذه طامة كبرى




#شاكر_الخياط (هاشتاغ)       Shakir_Al_Khaiatt#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتنبي ... الرؤى، النبوءة، والاستشراف
- ارنست همنغواي .... قنديل الادب الذي لم ينطفيء
- ارنست همنغواي ... قنديل الادب الذي لم ينطفئ
- لماذا ينعى العالم غابريل كارسيا ماركيز
- الايقاع والجرس في الشعر العربي 4
- الايقاع والجرس في الشعر العربي 3
- الايقاع والجرس في الشعر العربي 2
- الايقاع والجُرْس في الشعر العربي
- -اوديب- مفهوم العقوبة لدى سوفيكليس
- The voice-احلى صوت- صفعة جديدة
- مهم جدا (قبل الانتخابات التشريعية)
- في النقد الادبي – 10 –
- في النقد الادبي - 9 -
- في النقد الادبي - 8 -
- في النقد الادبي - 7 -
- في النقد الادبي - 6 -
- في النقد الادبي - 5 -
- في النقد الادبي – 4 –
- في النقد الادبي – 3 – الشعر
- في النقد الادبي - الشعر - - 2 -


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الخياط - السياب.. فراهيدي متجدد