مفهوم الشرف مابين الشفاه وبين الأفخاذ

سعد كريم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 09:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الشرف هو قيمه من قيم الفضيلة التي يسعى لامتلاكها الانسان ومضمونها ان يكون الانسان صادقا في نقل الواقع الذي يشهدها من جانب ومن جانب اخر يكون ايظا صادقا في طرح ما يجول في خاطره للآخرين ومجمل ذلك يشكل مصداقيته داخل مجتمعه الذي يعيش فيه وان هذه المصداقية سوف تكسبه كرامه واحترام من قبل مجتمعه وعادتا يكون سعي الانسان للحصول على هذه الكرامة والاحترام دافعها اما شعريا أو لا شعوريا ويتبن لنا هنا ان العامل الاجتماعي يتدخل بنسبه كبيره في تحديد معالم هذا الشرف لكل إنسان لكن تبقى القيمة الأساسية لماهية الشرف هي مصداقية الانسان مع المبادئ والقيم الانسانيه التي تجعل منه مؤدبا مع غيره نافعا له غير ضار وان الوسيلة التي يستخدمها الانسان عادتا في التعبير عن شرفه هي الكلمات التي تخرج من فمه ليشرح حقيقة الواقع الذي يريد ان يعبر عنه للآخرين ومن هنا وصف مكان الشرف عند الانسان بين شفتيه لان الشفاه هي الناقل للمعلومة الى المحيط الاجتماعي , هذا الواقع ينطبق على كل المجتمعات الانسانيه باستثناء مجتمعنا العربي والإسلامي لان مصداقية الانسان في نقل الحقيقة التي يشهدها أو المصداقية في طرح ما يجول في خاطره لا يمثل عندهم شرفا وإنما الشرف عندهم ينحسر في أعضائهم الجنسية وهذا الكلام لا ينطبق فقط على عامه الناس بل يشمل نخب المجتمع ايظا وخصوصا الذين يتسلقون الى السلطة من قاع المجتمع ومنهم حتى رؤساء الدول لهذه المجتمعات وهذا فهم لا يترددوا في الكذب على شعوبهم وعلى والعالم في سبيل تدعيم سلطانهم وعندما تكتشف أكاذيبهم لا يعتبرون هذا الكذب انتهاكا لشرفهم وانتقاصا من كرمتهم لأنهم يعتقدون ان شرفهم يبقى سالما طالما أعضائهم الجنسية سالمه , وعندما نريد ان نبحث في أسباب اختلاف مفهوم الشرف في المجتمع العربي عن باقي مجتمعات العالم علينا ان نعود الى العامل الاجتماعي لأنه القيمة المتغيرة الوحيدة في معادله الشرف ولكون مجتمعنا هو مجتمع ديني إسلامي وهذه العقيدة ترسخت في العقل الباطن أو اللاشعور عند إنسان هذا المجتمع وأصبحت جزا من ضميره وهذا يتطلب منا ان نبحث مفهوم الشرف في عقيدة الدين الإسلامي ومن أين جاءت به هذه العقيدة ألدينيه .

ان المجتمع الذي ظهرت فيه عقيدة الدين الإسلامي هو مجتمع الجزيرة العربية والذي يتصف بصفات البداوة واهم القيم التي تحكم صفات البداوة هذه كما ذكرها ابن خلدون في مقدمته هي القوه بجميع مصاهرها وخصوصا القوه التي تكون مصحوبة بالتوحش والتفاخر بالقتل والغزو والسلب والنهب واحتقار العلم والصناعة والعمل اليدوي وصفات البداوة هذه جعلت رزقهم يكون في ضلال رماحهم وهم لا يعرفون من دنياهم غير الفروسية والفخار بالغلبة والتنافس على الرئاسة ومن الامثله الشائعة في المجتمع البدوي هي ( الحق بالسيف والعاجز يريد شهود ) وكذلك ( الحلال ما حل باليد ) لذلك فهم يقيسون الرجولة الكاملة بمقياس الغلبة والاستحواذ , وعندما نريد ان نبحث عن قيمه الشرف التي تمثل مصداقية الانسان في ضل هذه القيم لهذا الواقع الاجتماعي فلا نجد لها وجود وكل ما نجده في هذه القيم هو قتل ونهب الغير باستخدام القوه والنهب هنا يعني نهب مال ونساء الغير ومن الطبيعي ان النساء التي تنهب يتم مضاجعتهم من قبل الناهبين لذلك ارتبط الشرف عند الانسان البدوي بالأعضاء الجنسية لنسائهم نتيجة هذا الواقع لكون المجتمع البدوي لا يقف مع الشخص الذي ظلم ونهب ماله ونسائه ويعتبره إنسان جبان ويحتقره وفي نفس الوقت هو يمجد ويفاخر بالظالم الذي نهب المال والنساء ويعتبر هذا الفعل من ضروب الفروسية والشجاعة وهذا ما يجعل الانسان البدوي الذي تنهب نسائه يشعر بذله كبيره في هذا المجتمع البدوي الذي يعيش فيه وهذا هو سبب ربط قيمه الشرف بالأعضاء الجنسية عند المجتمع البدوي وعندما جاء النبي محمد بدعوته الدينية واستقر بها في مدينه يثرب فانه اختار قيم وعادات جنوب الجزيرة العربية الموغلة بالبداوة واعتبرها النظام الحياتي لأداره شؤون إتباعه لذلك فان مفهوم الشرف في عقيدة الدين الإسلامي لم يختلف عن مفهومه في المجتمع البدوي بل ازداد انغماسا في هذا المفهوم الذي يعتبر قيمه الشرف مرتبطة بجسد المرأة وأعضائها الجنسية وبعد ان انتشرت عقيدة الإسلام الدينية بالسيف في بلدان العالم القديم واكتساب القدسية له من خلال هذا السيف ومع توارث الأجيال لهذه العقيدة الدينية ارتبط مفهوم الشرف هذا بقدسية العقيدة الدينية أكثر من ارتباطها بالقيم البدوية ولصقت بمجتمعنا التصاقا مثلما يقول المثل الدارج ( جير اسود بزبون ابيض ) وأصبح من الصعب علينا التخلص من هذا المفهوم .

#سعد_كريم_مهدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل