سعد كريم مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 23:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نسمع الجميع يلعن ويشتم بالقاعدة وداعش والتنظيمات الاسلاميه الأخرى عن جرائمهم الإرهابية التي هزت أركان أللحمه الوطنية في العراق وحصدت أرواح الكثير من أبنائه والتي استمرت منذ الاحتلال الأمريكي للعراق ولحد ألان لكن لم أجد اي منهم من سئل نفسه ما الذي جاء بالقاعدة وداعش وباقي التنظيمات الدينية الى العراق ولماذا استوطنت فيه وأصبح لها هذا النفوذ الكبير في العراق والذي لم يسأل نفسه أقول له ان هناك قاعدة فلسفيه تقول ( نقيض الشيء ينمو مع الشيء نفسه ) واستنادا الى هذه القاعدة الفلسفية فان تنظيم القاعدة وداعش وأي تنظيم إسلامي سني اخر هما نقيض الشيء وعلينا ان نبحث عن الشيء نفسه ولكون عقيدة القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الاسلاميه التي تقاتل في جبهة واحده والتي تدعى التطرف الإسلامي السني لذلك يكون الشيء الذي نمى وكبر في العراق وجعل هذه التنظيمات تنمو وتكبر هو التطرف الديني الشيعي لان هذان الطرفان يتناحران على السلطة منذ وفاه النبي محمد الذي تحول الى اقتتال بعد مقتل الخليفة عثمان ابن عفان واستمروا في هذا التناحر الذي يتحول في بعض الأحيان الى اقتتال حتى سقوط ألدوله العثمانية والاحتلال الانكليزي للعراق في مطلع القرن الماضي عندها تنفس الشعب العراقي نفس الروح الوطنية لأسباب كثيرة لا مجال لشرحها كي لا نخرج عن الموضوع الأصلي ومن هذا الواقع الجديد خرجت شخصيات وطنيه استطاعت ان تبني حضارة طيبه للعراق واستمر هذا البناء حتى مطلع السبعينيات من القرن الماضي عندها بدئت إيران تمد نفوذها في جنوب العراق من خلال تأسيس الأحزاب الدينية الشيعية في جنوب العراق لبث التطرف الشيعي في عقول سكان جنوب العراق لكن الغباء السياسي لصدام حسين الذي كان يحكم العراق جعله يرتكب خطيئتين بحق الشعب العراقي من خلال استخدامه للقوه في معالجه المشاكل السياسية التي يواجهها وكانت الخطيئة السياسية التي ارتكبها حزب البعث الحاكم في مطلع السبعينات هو تصفيه كوادر الحزب الشيوعي العراقي الذي كان له نفوذا كبيرا خصوصا في جنوب العراق من خلال السجون والتصفية الجسدية والتهجير بغيه تحطيم هذه القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي كانت تحتضنه ولكون الفكر الشيوعي يتقاطع مع الخرافات ألدينيه بكل أشكالها لذلك هو كان صمام الأمان لجنوب العراق حتى لا ينزلق في مستنقع المد الديني الشيعي وان تصفيه كوادره وهدم قاعدته الجماهيرية اوجد فراغ فكري كبير في عقليه الانسان في جنوب العراق وجعله هدفا سهلا لاصطياده من قبل الأحزاب الدينية التي أسستها إيران لاحقا خصوصا وان حزب البعث الحاكم لم يستطع ان يسد الفراغ الفكري الذي حصل نتيجة غياب فكر الحزب الشيوعي في جنوب العراق بفكر علماني اخر بديل يقبله الانسان في جنوب العراق هذا من جانب ومن جانب اخر انساق صدام حسين الذي كان يحكم العراق في تلك الفترة بشكل أعمى الى استفزازات الخميني وحكومة الملالي في إيران بعد وصولهم الى السلطة ودخوله الحرب العراقية الايرانيه التي دامت ثمانية سنوات ومن الطبيعي ان الحروب تترك أثر سيئ على المجتمع أضافه الى خسائر الأرواح والخسائر المادية فهو خسر القيمة الحضارية والقيمة الثقافية التي اكتسبها الانسان العراقي في تاريخه الحديث وخسارة هذه القيم الحضارية زادت من الفراغ الفكري للانسان العراقي وانعكست خصوصا على الانسان البسيط وعلى ألاميه الفكرية بين المتعلمين في جنوب العراق لذلك أصبح يبتلع عقيدة الإسلام الشيعية التي تقدمها له الأحزاب الشيعية ابتلاعا وينساق كالأعمى ورائها دون ان يفكر في مضامينها ونتائجها التي سببت له فقدان لروح المواطنة لان ولائه أصبح الى هذه الأحزاب الدينية ولكون هذه الأحزاب الدينية ولائها الى إيران فبالتبعية أصبح ولاء هذا الانسان الى إيران وليس لبلده العراق ناهيك عن حروب الخليج التي أعقبت الحروب الايرانيه والتي عززت هذا الاتجاه اما نقيض هذا الشيء وهو عقيدة الإسلام السنية واستنادا للقاعدة الفلسفية التي اشرنا إليها هي ايظا بدأت تنمو مع نمو العقيدة الشيعية لكن نموها لم يكن واضحا في بداية الأمر بسبب انشغال الشعب بالحرب العراقية الايرانيه أضافه الى ان صدام حسين كان يضفي صفه العلمانية على سياسته كي يضمن ولاء الجميع ولا ينشق عليه احد في هذه الحرب لكن بعد خسارة صدام حسين لحرب الخليج الأولى في الكويت وحصول حاله التمرد في جنوب العراق المدعومة من إيران ارتكب صدام حسين خطيئته سياسية جديدة عندما غير نمط سياسته العلمانية الى النمط الديني واتجه الى دعم واحتضان المد الديني للعقيدة السنية في المناطق التي يوجد فيها فيول لهذه العقيدة بغيه ايجاد قوه تناهض المد الشيعي في جنوب العراق كي يضمن من خلالهم سلامه نظام حكمه فقد وجدناه يتجه لبناية المساجد الكبيرة رغم الحصار الاقتصادي الذي كان يخنق العراق اقتصاديا وتقريب رجال الدين إليه عندها اخذ المد الديني لهذه العقيدة بالانتشار وبدأت تظهر جماعات تطلق لحاها وتعيد تسويق العقيدة السنية وكان يطلق الناس عليهم اسم جماعه أخي لأنهم يستخدمون كلمه أخي في أحاديثهم هذا هو واقع العراق قبل ان يحتل من قبل القوات الامريكيه وبعد الاحتلال جاءت ألفرصه المناسبة لكل من انساق وراء العقيدة الشيعية والعقيدة السنية لان يبدأ مرحله جديدة من التناحر بين أتباع هاتين العقيدتين واستلزم هذا التناحر الى تشكل ميليشيات مسلحة لكل الطرفين وهذا أمر طبيعي ((لان عقيدة الإسلام الدينية التي تحوي هاتين الطائفتين نشأت في المجتمع البدوي للجزيرة العربية وتشبعت بهذه القيم واهم هذه القيم هو التوحش في القتل بغيه التوصل الى التسلط على الآخرين ومن خلال استخدام هذه القيمة استطاعت عقيدة الدين الإسلامي من الانتشار في دول العالم القديم )) وفي هذا الواقع الميلشياوي أمر طبيعي ان يحشد كل طرف ما استطاع من قوى حسب قوانين أللعبه البدوية لذلك وجد تنظيم القاعدة أرضيه رحبة في أوساط الميلشيات السنية كي تكافئ القوى المتناحرة وكانت الخطية السياسية الأكبر للاحتلال الأمريكي أنها وضعت برنامجها لغرض تسليم السلطة الى الميلشيات الشيعية بدلا من تسليمها الى قوى علمانيه تتمكن من خلال المؤسسات الامنيه المهنية التي تنشاها ان تحتوي المد الطائفي لهذه الميليشيات السنية والشيعية وتحصرها في زاوية واحده لكن فعل القوات الامريكيه بتسليم السلطة الى احد أطراف الميليشيات المتناحرة سوف يجعل الطرف الثاني يستميت بكل الوسائل كي ينتزع هذه السلطة
كيف يتخلص العراق من الإرهاب
ان الصراع والاقتتال على السلطة بين أتباع ميليشيات العقيدة الشيعية وميليشيات العقيدة السنية على ارض الوطن العراقي أعاده المجتمع العراقي الى مجتمع البداوة وهذا ليس سرا وإنما كل العادات والقيم البدوية عادت بقوه الى المجتمع العراقي ومظاهر البداوة واضحة جدا على سلوك الانسان العراقي وكي نقرأ مستقبل العراق في ضوء هذا الصراع والإرهاب الناتج عنه الذي حصد أرواح وأموال هذا المجتمع علينا ان نستحضر خبره ابن خلدون في تأسيس ألدوله على يد البدو الذين كانوا يأتون من عمق الجزيرة العربية ليغزوا البلدان المتحضرة تحت شعار نشر العقيدة الدينية لأنه أفضل من وصف المجتمع البدوي فيخبرنا ابن خلدون في مقدمته ان هذه الدول التي يؤسسوها هولاء البدو بعد ان يغزوها بالقوة المصحوبة بالتوحش لا تدوم أكثر من ثلاثة أجيال عندها يصاب هولاء البدو بالترهل نتيجة ترف المدينة وهذا الترهل يفقدهم قوتهم التي غزوا بها لذلك يكونوا مطمع لمجموعات أخرى من البدوا لا زالوا يحتفظون بقوتهم يقومون بغزوهم والاستيلاء على السلطة وتأسيس دولتهم على أنقاض ألدوله السابقة وكلام ابن خلدون هذا لا يختلف كثيرا عن الحالة البدوية التي وصل إليها المجتمع العراقي فنجد ميليشية البداوة الشيعية وصلت الى السلطة بقوه الجيش الأمريكي ودعم حكومة إيران وتنازعها على السلطة ميليشية البداوة السنية لذلك فان الأعمال الارهابيه التي تقوم بها ميليشيات البداوة السنية هي جزء من حربها على ميليشيات البداوة الشيعية وهذه الحرب لا تنتهي الا بعد ان تصاب ميلشيات البداوة الشيعية بالترهل عندها تنقض عليها وتنتزع السلطة منها رغم ان المليشيات الشيعية أصيبت بالترهل مبكرا نتيجة الفساد الذي نخر سوستها وسوسه أجهزتها الامنيه والدفاعية ولم تستطيع ان يمتد سلطانها لثلاث أجيال لذلك فان سقوطها لم يكن بعيدا وبعد سقوطها سوف تعاد الكره بالمقلوب وتكون فيها ميلشيات البداوة الشيعية هي التي تقوم بالأعمال الارهابيه كي تنتزع السلطة من ميليشيات البداوة السنية التي انتزعت السلطة منها سابقا وهلم جره يسوقنا قانون البداوة ويستمر الإرهاب لأجيال بعد أجيال وكل جيل يلعن الجيل الذي سبقه لذلك لم يكن أمام العراقيين سوى بديل واحد لا ثاني له وهو ان يصحح الوضع الذي خلقته قوات الاحتلال وان تودع السلطة في العراق الى قيادات علمانيه مدنيه تقوم هذه القيادات بوضع برامجها السياسية والاجتماعية والاعلاميه التي تحتوي المد الديني للطائفتين ألسنيه والشيعية وتعيد هذه الميليشيات الى جحورها التي خرجت منها ولأتسمح لها بممارسه طقوسها الدينية الا داخل الجوامع والحسينيات عندها يستطيع العراق ان يضع قدمه على أول درجات سلم الحضاره الانسانيه ويستعيد حضارته التي خسرها
#سعد_كريم_مهدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟