أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم البغدادي - الفردنه ...قصه قصيره














المزيد.....

الفردنه ...قصه قصيره


جاسم البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4422 - 2014 / 4 / 12 - 18:15
المحور: الادب والفن
    


حين تتعفر الظلمه بالشبق , يهف زجل الصبوه مثل يراعه تتلمظ لانين الناي الذي يزجرها كي ترقد قبل صفير الصبح ..ليليه تلك المحنه ..ليليه تتشرنق بين صفايف الحلم والتنطر لليال اخرى علّ فيها صوله منتهيه بركلات الجدران وصهيل الفرس فجرا وبائع الغاز يطرق القناني كمؤذن السلطان يعلن النصر في غزوات بلاد الرقيه والنقف مع تهويل فتكات الجندرمه بحضائر الخنازير ..يجهش حد الاختناق , يرخي اعنـَه الشكوى . ذات اصيل ,الغرفه موصده الباب بعنجهيه ,الزمهرير يطرطش في الخارج , الريح تحمحم ,المطر يبصق باشمئزاز ..وحده يتدثر بالازار خدر الاطراف مرتعشا , عاتما كالفانوس المتأرجح على الجدار ..جلجل صوت فتململ ..جلجل ثانيه فتنحنح , ثالثه ..دلع لسانه ..شتاءا حين تحتفل السماء بجبروتها الازرق يدب الصقيع والبرد اللسَاع في كل مكان ويسبت التوثب حد الثماله والتلاشي في الصمت الى اقصى مسامات الحس ..هي تناور , لا تستسلم البؤره للهلاك بحفاوه ترفل بعبثيه اليأس ..بضع تحرشات مرتجفه ..اغرق في القهقهه بجذل , وكادت هي ان تنسلخ من جسدها غضبا ..تفجرت ,ولولت , بالغت في التفجع ,اعتصرها الصداع كلليمونه , زحف اليه الذعر بلا مهادنه ..اقعد , استكن , تشرنق ,كبل نفسك بزنجيل او اربطها الى وتد السرير..تشابكا , تناهشا ,استغرقا في النظر لكلاهما ..شهوه لاهبه تتربص بالذبيحه ..يعوم التنهد في صدريهما ..يتهاوون في زفره محتدمه .. تفر الظلال منتشيه ويبقى الجسد ..تتمطى اللوعه ..وتتشرف الكآبه بحضور العزاء ..يقبـَل يدها , قابلتي الشمطاء العتيقه , ما فتئت تقمطني باغلالها , تذرع كياني حسا حسا , ثمَه عمل كثير لا زال ينتظرها , ثمَه ما ينطحن ويتعجن ويتخمر ..قبل خبز الضنك المقدَر في تنانير البؤس ..لا داعي للعجرفه الجوفاء ..سنتمرغل بالتعقل من جديد , لا تكرار للمحاوله .. اي طائل من الاستعطاف والاستجداء والاسترحام ؟ حتى الصبر المنقوع كل امسيه يستبين انه كان مغموسا في قدر الكآبه الشمطاء العتيقه ..استخرجه من القاع فتزئبق وسال بين كفيه مدادا راح يحبو لاقرب شرخ من الاسفلت ليدفن نفسه هناك .. تعاقبا الرؤيا من خلال النافذه الواجمه ..خلف النافذه ساعة موت ..ضامره , شاحبه , مستميته بالتخفي ..اسرفت في التدخين ..سألته ..احقا سنكون احرارا كباقي الخلق يوما ؟..اجهش بالضحك ..اي علاقه عكسيه تجمعهما !! انحدر مكركرا بصدى متموج ..سنودع الرعب الى غير لقيا ..استجدى انفاسه المتعثره وقال لاهثا ..سيأتينا في الرؤيا ..طرق على الباب , من يفتح ؟ اعمى وعمياء والقادم اعمى ..يتوكأ على خشبه مهترئه , بقايا سفينه نوح ..يسحل رجليه لاقرب جدار يسند ظهره ويزحف ممتشقا نحو النافذه ..تماطل هي ..تتمرد , تشاكس ..يجفل عنها .يعود للجدار يرخي رجليه فتنسلت متزحلقه ..يجلس على الارض ..يسكن مع اول شراره لهبوب الذكريات ..مثل سلاحف هلاميه تتموج حوله ..يرفع انفه للاعلى ويدور راسه كانه يبحث اين يبدأ الشم ..ادمن شم الذكريات قبل ان ينغرس بها عميقا ..يزداد الطرق ..يسمعها ..لماذا اخترنا فقدان البصر ؟ ايَ جنون هذا ؟ تنهدت .. تأففت ..اخذت تروح وتجئ ..يشعر بها ..اجاب ..الفردنه ..نحن نبصرها الآن وهذا كل ما نريده ..هنا فقط ندرك كم نحن مبصرون ..استراح ..هذه الذكريات الماثله في ذاكرتي تتآخى معي ..كلانا يتوسد الآخر..اسدلت جفنيها ..غطت وجهها ..اجهشت بالبكاء ..لا بئس تلك بداية الاستسلام ..ما اروع الاسترخاء للافلاس التام ..هذا كل ما نريده الان ..التمرد في مدارات الاشلاء التي صدقت اجزاءها ان لها حياة , لن يجدي الا العبث ..بلا طائل نجري ..بلا طائل نعيش ..بلا طائل نأمل ..دلف غبار من النافذه ..استنشقه ..ما زال المشوار طويل ..من قال ان اليأس سهل ..مثل ترياقه السم ..موجع ..لزج ..نازف حد الانفجار ..شاحب هزيل ..ولج القادم من الباب ..هي فتحته كي تسمع آخر صيحه العزاء ..صفق كفيه المتيبستين كجلد شجره معمره وصاح بصوته المشقق كهولة ..اقذفوا كل شئ للخارج ..انتهت الطقوس تستطيعون ان تبصروا الان ..خلسه فتحا اعينهما ..خافا النور ..والهواء ..والحياة ..نظر كلاهما للاخر ..هي اجمل مما كان يتخيلها وهو ليس ابشع مما كانت تتخيله ..لسعها بعض الحياء حين تذكرت انها حدثته بامور كثيره مخجله ..لكن تلك هي طقوس الفردنه ..ان لاترى الشخص الاخر وتبوح له بكل شئ ..كل شئ ..تتحدث لجدار آدمي ..لحفره محفوره بارض يباب ..لا يعرف احدهما الاخر ..غرباء تماما ..ليس عليك ان تسأل ..لكن تتحدث ..ذات ليليه شتويه مستميته العتمه ..سارا وسط الاحراش ..مثل غول مرعب وجنية سوداء ..ذاك الليل لا ينبع منه ضياء ..لايولد منه صباح مثل كل الازمنه ..ليس سوى ارتجاج الاشجار للعاصفه وانفاس الليل الخائفه ..هناك ثمه كرسي الفردنه ..غائم وقاتم ..لكنهم ابصروه متوهجا حين فقدوا ابصارهم فداءا لطقوسه ..



#جاسم_البغدادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخبوا امي ..
- وطن غدار (شعر عامي)
- اقتلوني والمالكي معي !!
- وطن تحت المداوله
- اين مكاني من الاعراب ؟
- قصص في اسطر
- دين - علمانيه -عولمه
- اعتراف في حضرة المولى ..
- الجهاديون ..بين الأمن الأسرائيلي وإمارة مكه امكرمه
- فؤاد سالم ..حين ينام العاشق..
- الجمهوريه الثالثه
- منظمات المجتمع المدني ..خليه حرب ضد الفساد
- إمرأه ولا كلّ النساء
- كانت هي .... قصه قصيره
- هذا هو فريدريك نيتشه ...
- أياد علاوي والبرآءه من نفسه
- خيبه ندم - قصه قصيره
- فساد لاسباب صحيه !!
- نوبة ذكرى
- خرافه بملامح امرأه


المزيد.....




- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم البغدادي - الفردنه ...قصه قصيره