أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب














المزيد.....

صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4401 - 2014 / 3 / 22 - 06:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب


تابعت ُ باهتمام مقال الأستاذ سامي لبيب و الذي تناول فيه رد فعل الأستاذ مالك البارودي على كلام أحد الشيوخ عن المذابح التي يتعرض لها مسلمو جمهورية "إفريقيا الوسطى"، و كان الطابع الذي خرجت به هو نفس قناعتي التي اكتسبتها منذ أعوام ٍ طويلة، و هي أن البشر متشابهون مهما اختلفت أيدولوجياتهم و ثقافاتهم، فهم إذا اعتنقوا مبدأً ما أصبحوا أعداء ضده.

يختلف شكل العداوة ِ بين الثقافات، و تفصل هوة ٌ كبيرة ٌ بين ردود أفعال الناس، فمنهم الذي يكتفي بالعداء الداخلي، و منهم من يذهب به نحو الخطاب الهجومي، و منهم من يتطور الأمر لديه نحو العنف، لكنهم يشتركون جميعا ً في المبدأ العام و هو "رفض الآخر".

حاول الأستاذ سامي لبيب أن يتكلم في "الحق الإنساني" فوجد معارضة ً مُدهشة ً في عددها، و في مادتها، و في منحاها الذي لم يقترب مجرد اقتراب مما تكلم فيه كاتبنا المستنير، و أحسست و أنا أقرأ أن الرجل في واد، و المعلقين في واد ٍ آخر.

يرتكز كارهو الإسلام و المسلمين على الفعل العنيف لجماعات الإخوان المسلمين و السلفين التكفيرين، و يتجه الشعور الدفاعي نحو مخزون الخوف، ليشكل معه هالة ً من الرفض و الكراهية و الرغبة في الإدانة و الاستئصال يحيطون بها عموم المسلمين.

و إني أجد أن هذا الأمر غريب عجيب، فكلنا نعيش مع بعضنا على هذه الأرض، و المشكلة لم تكن يوما ً مع عامة المسلمين، لكنها مع خاصة المتطرفين حاملي السلاح، و هؤلاء تحاربهم الدولة، و يرفضهم جمهور المسلمين، فما الداعي إلى كراهية هذا الجمهور و الرغبة في إدانته؟

أطرح أفكاري في البيت بحرية كبيرة مع أبنائي، و وجدت أن ولدي جورج يشاركني الكثير، و تفاجأت به يخبرني أنه أصبح يكره النقاش مع بعض الملحدين على الرغم أنه يجد فكره قريبا ً منهم، و ذلك بسبب أنه متعصبون بشراسة، و لقد أورد لي مثالا ً قال أن إحدى المعلقات رسمت صورا ً ساخرة للمسيح و محمد، فكان تعليقه عن ضرورة احترام مشاعر الآخرين، فوجد ردها عنيفا ً مع ردود ٍ أخرى قالت له أنه مجرد "ذمي" في أرض المسلمين و عليه أن يقف معهم ضد هؤلاء المسلمين.

هذه الكراهية مؤذية، وضيعة، غير مفيدة، و غير إنسانية، و لا مبرر لها، فما معنى أن تكرهوا عموم المسلمين و هم أكثر من مليار و 500 مليون، لأن سيرة رسولهم و نصوص كتابهم عنيفة؟ هل تشاهدونهم خارجين على العالم كل يوم يقتلون و يذبحون؟ ما معنى أنه و في كل مناسبة تخرجون علينا بقصة عائشة و مفاخذة الصغار و رضاع الكبير و بول البعير؟ هل معنى هذا أن كل مسلم ٍ مشغول ٌ بطفلة يفاخذها بينما يتناول زجاجة "بول لعير أب"؟

هذه السفسطة و المنطق المتهافت لا مبرر لهما، لكن مجتمعنا مريض ٌ بهما. هناك ملحدون من أصل إسلامي ما يزالون يكرهون المسيحية ككرههم لها و هم مسلمون، و العكس صحيح ٌ تماما ً، ملحدون من أصل مسيحي كرههم للإسلام لم يتغير بعد إلحادهم، ومسلمون حاليون هذا شأنهم من المسيحية، و مسيحيون كذلك من الإسلام، فهي سخرية ٌ دامية ٌ بالألم و الوضاعة حين تختلفون في الأيدولوجية و تتفقون في الكراهية، ألا تبصرون؟ هل أنتم عميان إلى هذا الحد؟

الكراهية في مجتمعنا شاملة، فهي تتجلى ليس فقط في الدين، لكن في اللون، لي صديق ٌ أسود، كان أستاذا ً في اللغة الإنجليزية ممتلئا ً بالحياة، كان غارقا ً في قصة حب مع فتاة ٍ من نفس دينه، مهذبه، متدينة، ذات عقل راجح، لكنهما لم يستطيعا الزواج، رفض أهلها تزويجها له لأنه "أسود"، بكل بساطة. و بعد سبع سنين هاجر للعمل في السعودية و ترك الاختلاط مع العرب و أصبح يحب الأجانب لأنه يأس من أمة ٍ شعارها "المساواة" و لا فضل لعربي على أعجمي، لكن كل ممارساتها تغيب عنها المساواة و يحضر فيها كل شئ ٍ آخر.

صديق ٌ أخر مصري الجنسية، كان يدير كافيتيريا المعهد الذي كنت أُدرِّس فيه قبل سنين، مهذب ٌ جدا ً، واسع الأفق، أنيق الملبس، حلو الحديث، حلو المعشر، كان على علاقة حب ٍّ بأردنية، و لم يستطع الزواج بها، لأنه مصري.

نحن مجبولون على رفض الآخر، هذه علتنا، هذه آفتنا، هذه خطيئتنا، و لا عذر لنا.

الأستاذ سامي لبيب شخص متسق مع نفسه، لديه مكيال واحد، يكيل به، و هو يستحق كل الإحترام و التقدير لطرحه. و هو شخص مستنير ينشر النور في كل ما يكتب. لذلك تعلموا منه، فالاستنارة تكون أولا ً بإدراك الوضع كما هو دون تشويه من موقف ٍمسبق أو عاطفة، ثم بالتفكير في الحل الصحيح، ثم في إرادة التغير، ثم في السلوك بحسب المنهج الجديد، هذه هي الاستنارة.

ليست الاستنارة بمعرفة عيوب نصوص الإسلام و المسيحية، و لا بالاضطلاع على كتب تفنيد سير الأنبياء أو تبيان تعارضها مع حقوق الإنسان، فهذه اسمها "معرفة" لكنها لا تصنع شيئا ً لصاحبها و لا تفيده، بالعكس قد تكون وبالا ً عليه حين يستخدمها أداة ً للعداء، و الاستعداء و الكراهية و المواجهة و الخصومة و الإقصاء و التقوقع على النفس و الاستعلاء و الفوقية.

لم يكمل عباس محمود العقاد تعليمه، لكنه كان مفكرا ً فذا ً و أذكر له ما معناه أن الحقيقة لوحدها لا قيمة لها إن لم نحسن طريقة قولها و نقلها للآخرين، و هذه الطريقة تساوي في قيمتها قيمة الحقيقة بل تفوقها، فهي تحدد قبول أو رفض الآخر لطرحنا، و رد فعله و النتائج المترتبة على الحقيقة.

يجب أن نتخذ قرارا ً بأن نحب، إن أردنا أن نطور مجتمعاتنا و إلا جميعنا مصيرنا الفناء، جميعنا، لن يبقى أحد.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان، و من كانت له أذنان للسمع فليسمع!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الوحشية – الوجه الآخر للإنسان
- قراءة في الشر – مباعِثُه، مظاهره، و ارتباطه بالدين و الألوهة
- في اللاهوت و حرية الإنسان
- قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 3 (من وحي ال ...
- لماذا يُقتل رائد زعيتر؟
- قراءة في تحريم الخنزير
- في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين 2
- في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين
- قراءة في الإنسان.
- لما ضحكت موناليزا
- في تحرير المرأة – انتفضي سيدتي الآن
- داعش – فرض الجزية على المسيحين في الرقة السورية
- قراءة في القداسة – بين الجذر الديني و الاستحقاق الإنساني
- في نفي النبوءة - رؤية في الجذر النفسي للنبوءة و نقد آليات ال ...
- في اللاوعي الإدراكي و تأثيره على الإنسان – الحنين، و الجنة و ...
- في نفي دونية المرأة – التكاثر الجنسي كخيار الطبيعة
- في نفي دونية المرأة – بين داروين و العلم الحديث
- بين الإله الحُلولي و الإله الشخصي.
- من سفر الإنسان – قتل الأطفال باسم الحب
- الهوس بجسد الأنثى - بين فيمين و النقاب


المزيد.....




- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب