أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حمزة الجواهري - يجب أن تعود الحكومة إلى موقع الهجوم















المزيد.....

يجب أن تعود الحكومة إلى موقع الهجوم


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1248 - 2005 / 7 / 4 - 09:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في مقال سابق بعنوان "وشهد شاهد من أهلها، لا مفاوضات ولا هم يحزنون"، كنا قد تحدثنا عن تلك الزوبعة الفارغة التي اثيرت حول المفاوضات الأمريكية مع الإرهابيين في العراق، وهو ما عده البعثيين إنتصارا عظيما لهم، في حين كان الأمر لا يتعدى كونه رسالة للحكومة ينبغي عليها أخذها بالحسبان، ولكن كانت الرسالة مزعجة جدا للعراقيين لما فيها من مضامين قرأها الجمهور قراءة صحيحة لأن الشعور بالنصر كان قد ذهب بالإسلام السياسي بعيدا إلى حد الغرور. هذا المقال اذا تكملة للمقال السابق لاستكمال الصورة، لكي نراها على حقيقتها كاملة.
منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق كان الخطر ماثلا أمام أعيننا من أن سيطرة الإسلام السياسي بصفته الطائفية الحالية سيجعل من المشروع البعثي حقيقة على أرض الواقع، وهو أن الصراع في العراق طائفيا وليس صراعا بعثيا ضد جميع أطياف الشعب العراقي، بالضبط كما يريد له البعث أن يكون، حيث كان هذا الأمر رهانه منذ اليوم الأول. ولكن بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة بشكلها الحالي، لم يعد هناك مجالا لإنكار حقيقة أن السلطة الجديدة تحمل الصفة الطائفية، ومهما حاولت الحكومة والسياسيين اللبقين من تغيير هذا الواقع، لم يستطيعوا أن يغيروا من الصورة التي رسمت لهم، وهذا ما جعل من اللعب أن يكون على المكشوف خلال هذه المرحلة، من انه يجري تحت غطاء طائفي محض. هكذا صارت الحكومة أو الأحزاب الرئيسية التي تتقاسم السلطة أمام الأمر الواقع ولم يعد بمكانها أن تواجه الآخرين بغير صفتها الطائفية، وقد حصل هذا الأمر بالفعل، لكن مازال هناك مجالا واسعا للتراجع.
بالأمس قدم سياسيون عراقيون مشروعا سياسيا للولايات المتحدة والعالم من خلال مؤتمر بروكسل، بدعم أوربي، قدموا مشروعهم لحل الأزمة الأمنية في العراق، على أنهم تكنوقراط سنة عرب، ولا يمثلون حزبا أو أية جهة سياسية محددة، ولم تكن تنقصهم الحصافة السياسية ولا اللباقة بطرح البديل لما هو عليه الحال في العراق من تدهور أمني، ولم يستحوا على الاطلاق من تقديم هذا المشروع باسم السنة، أي بصفة طائفية، وذلك كون الحكومة تحمل هذه الصفة بحكم الفوز الساحق الذي حققته أحزاب الاسلام السياسي الشيعي في الانتخابات الأخيرة، فكلا الطرفين يستند لأمر واقع، لذا لم يعد هناك مجال، أو داع، للاختباء وراء العلمانية والديمقراطية لتقديم مشروع كهذا. لم ينسى هؤلاء أهم جانب من الموضع وهو عودة ضباط الجيش القديم لمواقعهم في الجيش الجديد على أنهم سنة عرب وليس كبعثيين، على اعتبار ذلك كشرط أساسي لانجاح المشروع. بذات الوقت قدم السامرائي أيهم مشروعه وأسس حزبه الذي يضم أطراف مما يسميه بالمقاومة الشريفة، ربما ليكون بديلا لذلك المشروع، وفي حال تم رفض مشروع السامرائي المضحك، سيكون هذا الأمر عامل دعم لمشروع التكنوقراط الذي قدم في بروكسل، والذي لا يحمل سوى تصورات يعتقدون أنها ممكنة لانهاء التمرد العسكري كما أسموه، وذلك من خلال صلاتهم برؤساء العشائر في المنطقة الغربية من العراق، وكذا من خلال قنوات الاتصال التي فتحها من جديد الدكتور علاوي مع الارهابيين، المهم هو قبول المشروع، ومن ثم لكل حادث حديث، مادامت الأسس قد تم وضعها وليس بنيتهم التنازل عنها، هي عودة الضباط من الجيش القديم للجيش الجديد وتشكيل استخبارات أوسع من تلك التي يقودها الشهواني الذي مازال يعمل مع الأمريكان كما لو أن الحكومة العراقية غير موجودة.
في الواقع ما كان هؤلاء التكنوقراط ليقدموا على هذه الخطوة ما لم يكونوا على يقين أن أمريكا متخوفة من مشروع خفي قد يظهر فجأة من الجانب الثاني، وما كانت الحكومة السابقة لتقدم على كل تلك الحماقات، ما لم تكن واثقة من أن أمريكا هي التي وراءها وتدعم مشروعها، وربما مازالت كذلك، ليس هذا وحسب، فهناك في واقع الأمر عدة قنوات أخرى مازالت مفتوحة لم تغلقها أمريكا، لأن الأخيرة لا يمكن أن تضع بيضها في سلة واحدة مهما كلفها الأمر ذلك، فالقنوات مازالت مفتوحة مع العرب الداعمين لهذا التيار، الذين لا يلبثوا أن يقدموا بديل لتليه بدائل اخرى، لعل واحدة منها تصيب الطرف الثاني بمقتل.
الاسلام السياسي الشيعي لم يكترث للتخوف الامريكي كونهم قد حققوا نصرا انتخابيا كبيرا كما أسلفنا، وكأن أمريكا سوف تتنازل عن ثوابتها فيما لو انتخب الشعب ممثليه! وكأن أمريكا قد غير من رأيها بهم كونهم مازالوا يحملون النزعة للتفرد بالسلطة وعدم قبول الشريك، كما هو معروف عن الاسلام السياسي بشكل عام! وما يزيد من الطين بلة هذه الأيام هو تزايد تأثير العامل الإيراني المهم للغاية، ليضيف متغيرا جديدا في المعادلة التي هي أصلا صعبة، حيث أن زمن الحلف السوري الإيراني لم ينتهي لحد الآن، ومازال هناك صلات لا يمكن أن تنفصم عراها بين الطرفين، والرئيس الإيراني الجديد، المدعوم من قبل المؤسسة الدينية المسيطرة على السلطات بالكامل، مازال يؤمن بمبدأ تصدير الثورة، وأحد فرسان الثورة الإيرانية المتحمسين للتوجهات الأولى التي جاءت مع الخميني، ولم يخفي الرجل إيمانه بهذا المبدأ، في الوقت الذي تنتشر فيه التنظيمات الإيرانية في الجنوب العراقي بكثافة وبنشاط محموم للسيطرة على منظمات المجتمع المدني وحتى الإدارات المحلية وقوى الأمن الداخلي في هذه المحافظات، ربما هذا الأمر بحد ذاته يشكل أكبر عامل استفزاز للولايات المتحدة، وبالتالي سوف يزيد المخاوف من أنها سوف تفتح قنوات جديدة للتفاوض مع الإرهاب وتبقي على تلك القنوات القديمة مفتوحة، هذا بالرغم من رضوخ الأمريكان للأمر الوقع وإبعاد البعث عن السلطة في العراق وذلك لدورهم الواضح والأكيد في تدهور الوضع الأمني.
لكن ما يجعل من مخاوف الناس أكثر واقعية هو أن الولايات المتحدة لا يهمها سوى مصالحها التي تعتبرها مهددة بوجود الحليف الإيراني الجديد للحكومة المنتخبة، والمليشيات المنتشرة في الجنوب العراقي بكثافة في المثلث الجنوبي من العراق. ربما ستكون سببا للسياسي الأمريكي بحيث يجد أن التهديد البعثي الجديد من خلال المشاركة في السلطة سيشكل خطرا أقل من الخطر الإيراني. بذات الوقت نجد أن البرغماتيين من السياسيين العلمانيين الذين قدموا أنفسهم كمتحدثين باسم السنة العرب خلال مؤتمر بروكسل يمكن أن يشكلوا عاملا يعيق طموحات التيار الديني الشيعي المسيطر على السلطة في الوقت الحالي، فيما لو شاركوا فيها، هذا إذا لم يكونوا شريكا قويا، ويجب أن لا ننسى أن هؤلاء يمكنهم أن يفشلوا مشروع كتابة الدستور ومن ثم المشروع السياسي برمته فيما لو حصلوا على الدعم الكافي من الولايات المتحدة، خصوصا وإنهم يحملون اليوم مشروعا متكاملا قدموه للولايات المتحدة والعالم أجمع دون تحفظ من أحد وبعلم الوفد العراقي للمؤتمر.
ربما مازالت قنوات النقاش بين أمريكا والإرهابيين ضيقة ولا تتسع لمسير أكثر شخص أو اثنين، ولكن بجهود أخرى متاحة يمكن أن تكون القنوات أوسع بكثير مما هي عليه الآن، وحين بلوغ هذه الحالة، سيكون العراق في خطر حقيقي، والانقضاض على السلطة أمر سهل للغاية من خلال آليات ديمقراطية، أو كما تبدوا على أنها ديمقراطية، وهذه السيناريوهات ممكنة جدا وسهلة التنفيذ إلى حد بعيد.
التيار الإسلامي لم يكترث أيضا للشعب العراقي، فهم على يقين أن العراقي لا يود إن يرى نظاما إسلاميا كما تود قوى الإسلام السياسي الشيعي أن يكون، فالعراقي ما قدم صوته لهم في الانتخابات إلا من اجل إن يضمن إن البعث لن يعود، ولكن الشعب ليس على استعداد لتبديل نظام شمولي بآخر شمولي من نوع آخر ربما يكون أقسى على العراقي. بالرغم من وجود هذه القناعة أصلا في الشارع العرقي، لكن اليوم يوجد ما يؤكدها وهو سلوك تلك المليشيات التي تعمل بحرية مطلقة على الساحة الجنوبية من العراق، حيث أن مثلث الجنوب مستباح من قبل هذه المليشيات، وما يزيد من الصورة وضوحا لأمريكا والعراقيين، هو ذلك التغاضي عن أفعالها المشينة، وبدأ الناس يتسائلون بقوة، هل التغاضي من قبل الحكومة عن أعمال هذه المليشيات مقصود أم إن المعلومات التي تصلنا من البصرة عارية عن الصحة، فلو كانت كذلك، إذا يتوجب على الحكومة تكذيبها، وهذا ما لم تفعله لحد الآن، أما إذا كانت صحيحة، فعلى الحكومة أيضا يقع واجب ردع هذه المليشيات أو القضاء عليها نهائيا في حال رفضها كما تحاول أن تفعل ذلك في المنطقة الغربية من العراق.
إن الانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، يقتضي تصحيح الخطأ الكبير الذي ارتكب بتشكيل الحكومة، فما المانع أن تضم الهيئة التي تكتب الدستور أعضاء من السنة العرب، تكنوقراط، غير منتمين لحزب البعث؟ وما المانع أن تستبدل العناصر المنتمية إلى أحزاب الإسلام السياسي الشيعي في الحكومة بعناصر علمانية من الطيف الشيعي أو أي طيف آخر؟ وما المانع أن تتحول لجنة كتابة الدستور إلى لجنة تدير العملية بدلا من كتابته، ويترك أمر الكتابة إلى متخصصين في هذا المجال دون النظر إلى طبيعة انتمائهم؟ ولماذا ينتظر أعضاء البرلمان من البعثيين أن يقدموا لهم أسماء للمشاركة؟ في حين هم واثقون أن الأسماء سوف تكون بعثية ملوثة؟ لمذا لا يتم اختيار عناصر غير منتمية إلى حزب البعث من الوسط السني؟ والذي يكتسب أهمية كبيرة اليوم هو مسألة تفكيك مليشيات الجنوب ومنع إيران من العبث بأمن البلد وعدم التراخي أو التغاضي عن أي نشاط من هذا النوع.
أن هذه الإجراءات يمكن تسقط أوراق البعثيين الذين يحاولون أن يفرضوا وصايتهم على الطيف السني العراقي والدخول للعملية السياسية من خلاله لتخريبها، وأن تجعل الحكومة في موقع آخر غير الذي وضعت نفسها به، وهو الصفة الطائفية.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وشهد شاهد من أهلها، لا مفاوضات ولا هم يحزنون
- مهمات كبيرة متزامنة وفسحة الوقت ضيقة
- النفط والدستور - الاستثمار في الصناعة النفطية والغازية
- النفط والدستور- معالجة مفهوم الاحتياطي دستوريا
- يا عبد حرب ويا عدو السلام
- النفط والدستور- ملكية النفط والغاز للشعب العراقي
- من الذي يجب أن يكتب الدستور؟
- تعليقا على رسالة الركابي للصدر
- محاولات ذبح حكومة الجعفري على أساس الهوية
- من رأى منكم تلك المقاومة الشريفة؟
- كل ما أرجوه أن لا يصدر الجلبي عفوا عن الملك
- الأعداء الجدد للبعث سوف يقلبون المعادلة
- بالرغم من أنهم كانوا، ومازالوا، الأوفى للوطن
- الجعفري والمسيرة وسط حقول الألغام
- حتى الشعلان تعَرَق خجلا من تصريحات النقيب
- الهروب للأمام لم يعد مجديا
- زيارة رامسفيلد تعيد الصراع للمربع الأول
- سقوط النظام الدكتاتوري، هل هو احتلال أم تحرير؟
- هل هي حقا محاصصة طائفية وقومية؟
- النظرية العلاوية في السياسة


المزيد.....




- مزاعم روسية بالسيطرة على قرية بشرق أوكرانيا.. وزيلينسكي: ننت ...
- شغف الراحل الشيخ زايد بالصقارة يستمر في تعاون جديد بين الإما ...
- حمير وحشية هاربة تتجول على طريق سريع بين السيارات.. شاهد رد ...
- وزير الخارجية السعودي: حل الدولتين هو الطريق الوحيد المعقول ...
- صحفيون وصناع محتوى عرب يزورون روسيا
- شي جين بينغ يزور أوروبا في مايو-أيار ويلتقي ماكرون في باريس ...
- بدء أول محاكمة لجماعة يمينية متطرفة تسعى لإطاحة الدولة الألم ...
- مصنعو سيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن
- انتخابات البرلمان الأوروبي: ماذا أنجز المشرعون منذ 2019؟
- باكستان.. فيضانات وسيول عارمة تودي بحياة عشرات الأشخاص


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حمزة الجواهري - يجب أن تعود الحكومة إلى موقع الهجوم