أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تخاذل المثقف – لماذا نحن متخلفون .













المزيد.....

تخاذل المثقف – لماذا نحن متخلفون .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 16:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تخاذل المثقف – لماذا نحن متخلفون (24).

تناولت فى هذه السلسلة من " لماذا نحن متخلفون" الأسباب الموضوعية المُنتجة للتخلف معتنياً بالبحث عن الجذور لنصل أن التخلف ليس سببه ضعف التعاطى مع العلم والتكنولوجيا بالرغم أن هذا حادث مقتصراً على إستهلاك التكنولوجيا ولكن التخلف الذى نقصده هو ثقافة ونهج تفكير وسلوكيات بكل تمظهراتها لن يفلح معها إستيراد علوم وتكنولوجيا أوالتوسم فى خطط إصلاحية للإنعتاق من مستنقع التخلف .
الرؤية التى نثيرها فى هذا المقال تعتنى بسبب آخر من أسباب التخلف متمثلاً فى تخاذل النخب المثقفة بكافة أطيافها من علمانيين ويساريين وليبراليين وقوميين فبدلا ان تكون هذه النخب أمل الأمة فى الإنعتاق من التخلف أضحت بنهجها المتخاذل مساهمة بشكل غير مباشر فى تجذير التخلف .!
سنمارس فى هذا المقال عملية جلد لهذه النخب فهى لم تكن صادقة ولا شفافة ولا أمينة تجاه أمتها لتمارس عملية تخاذل وهروب من ساحة معركتها باللعب على الحبال أو التهرب والإهمال أو المراوغة والمداهنه فلم تقم بدورها فى تأسيس ثقافة جديدة أو تقديم مواقف واضحة من ثقافة التخلف السائدة إما خوفاً أو ورياءاً أو نفاقاً آثرة السلامه .بالطبع سيكون موقفنا معتنياً بفئة المثقفين الشريفة المترددة المتخاذلة الولجة ولن نعتنى بمثقفى السلطة الذين يأكلون على كل الموائد ليطوعوا ثقافتهم لمن يدفع فهؤلاء غير جديرون إلا بضرب النعال .

سنتناول بعض المشاهد التى تفضح النخب المثقفة من العلمانيين والليبراليين واليساريين والقوميين الذين يملئون أجهزة الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة ذات الإنتشار حضوراً كقامات ثقافية تحظى بالبريق وماهم إلا نخب وطلائع مزيفة تجبن عند المواجهة فلا تقدم مواقف جادة حاسمة تعتنى بإرساء ثقافة ونهج جديد بل تهرب و تراوغ لتهمل جذور مآسينا منصرفة عن قضايانا الرئيسية متخاذلة أمامها فلا تقحم نفسها فى عش الدبابير حرصاً على سلامتها وأمانها أو إحتضانها وقبولها حتى يكون لها نصيب من العسل .
فلننظر لموقف طلائع وقوى التنوير وكل ما تستطيع حصره من نخب ثقافية عند تعاطيهم مع التراث والثقافة الدينية والعادات والتقاليد السائدة التى تتوحش لتترجم ذاتها فى حضور أفكار وسلوكيات تنتهك من إنسانيتنا وكرامتنا فلا تجد من يتصدى لها ولو وجدت فارساً يتقدم فهو يحاول ان يكون دبلوماسياً لبقاً أو قل للدقة متخاذلاً.

انظر لهذا التراث الذى ينتشر ويجد حضور فى ثقافة المجتمع بشكل أو آخر لنزداد تشوهاً وبشاعة وتخلف
النساء ناقصات عقل ودين .
وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا
الحصير في البيت خير من امرأة لا تلد
لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة .
لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم في ثلاثة : المرأة والفرس والدار
فإنه يقطع صلاته : المرأة ، والحمار ، والكلب الأسود
لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم لعلّه يعانقها ويجامعها في آخر اليوم
استأخرن ؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق
إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتأته وإن كانت على التنور
علقوا السوط حيث يراه أهل البيت
لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتفجر بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه

هذه الأحاديث تردد ويعلو رنينها فى المجتمع وإن لم تكن حاضرة بكل تلك الفجاجة البدوية ولكن يكفى هذا المناخ الثقافى الحاضن كمكون لفسيفساء ثقافتنا المتخلفة فى التعاطى مع المرأة واضعاً إياها فى كل مستويات الدونية ,لنسأل هنا عن موقف النخب الثقافية من علمانية وتنويرية وما شابه عندما تتطرق تلك الأحاديث لمسامعهم أو قل إدراكهم إياها بحكم ثقافتهم فهل وجدنا صوت واحد يصرخ مندداً رافضاً هذا التراث معلناً إستياءه منه بموقف واضح لا يقبل الإلتباس أم نحظى على إهمال وكأن هذه الأحاديث غير موجودة ولو تطرق أحد فستجده يقدم كلمات إنشائية عن حق المرأة فى الحياة بكرامة والمشاركة فى العمل والإنتاج وحقها فى التعبير والفكر والمشاركة السياسية والإجتماعية أما تلك الأحاديث التى تُخرب وتُدمر فلا يقترب منها أو قل يتم تجاهلها .
هناك فصيل آخر من المثقفين لا يحسم أمره بل يتخاذل ويداهن ويلعب على الأحبال لتجد نتاج مداهنته وميوعته أنه يتحرك فى نفس الملعب الذى يريدون له ان يلعب فيه ليضيف المزيد من الدعم لرصيد التطرف والهوس الدينى والقوى الرجعية فهو يتجاهل تلك الأحاديث التى تحط من شأن المراة ليبحث عن مشهد تراثى من هنا أو هناك مبرزاً إياه كمُكرم للمرأة .
المثقفون العرب يهربون يخجلون من إعلان رفضهم وإستيائهم من التراث الذى يتغلغل فى مجتمعاتنا وينال من كرامة المرأة فلا يجرأون على إعلان أن هذا التراث هو المؤسس الحقيقى لكل إنتهاك للمرأة لذا لا نجد من يصرخ مستنفراً لكل ما فى التراث من دونية للمرأة ككونها نجسة وعورة وناقصة عقل ومن الحق ضربها وتعليق السوط لها أو كبهيمة للوطء متى رغب الرجل فيها دون مراعاة لمشاعرها كإنسانة ذات كرامة .

قد يقول قائل أن المرأة العربية تنال بعض الحقوق فى بعض البلدان وأن المسلم لا يعامل إمرأته كشؤم او نجسة يساويها بالكلب ولا يعلق لها سوط ولا يقبل أن تلعق جراحه بل يحترمها ويعتنى بكرامتها فلا ينكحها كالبهيمة متى طلب ذلك بل يتقبل ان تكون قائدة فما جدوى ان يعلن المثقفون والتنويريين مواقفهم الحادة من التراث وإعلان الحرب عليه .
نقول أن التطور النسبى والطفيف فى المجتمعات العربية جاء رغم أنف النخب التنويرية فتطور العلاقات الإنتاجية والإنفتاح على الحضارة الغربية فرض هذا التطور الطفيف رغم أنف الانظمة والمؤسسات الدينية و الإجتماعية المهيمنة ثم أن الأمور لا تكون هكذا فالمثقف التنويرى يؤسس لثقافة جديدة وعليه أن يرسى قواعدها بتحديد واضح للمواقف لا تقبل المهادنة والخوف ليترسخ فكر ونهج فى وعى الجماهير وتنشأ أجيال لها مواقف فكرية حداثية واضحة تربت عليها بوعى وهذا يفسر لنا الردات الحضارية فى بعض المجتمعات العربية كمصر والعراق وسوريا وتونس فبعد أن شهدت تلك البلدان تطور نسبى حل بها ردات حضارية فى الثلاثين سنه الفائتة وهذا يرجع ان المثقفون تخاذلوا ولم يواجهوا التراث بكلمة "لا " قوية فبقى التراث كامناً ليخرج من قمقمه ثانية .

فلنطوف فى مشاهد اخرى تفضح تخاذل المثقفون وكيف أن تخاذلهم ساهم وأسس لتخلف المجتمع .
ماهو موقف المثقفين والتنويرين من حديث "لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " لن تجد أى موقف مُعلن رافض ولن تحظى بصوت خجول يتحفظ لينصرف المثقف ويقدم شعارات رومانسية عن التاريخ المشترك ولا مانع لدى المتخاذلين القيام بعملية تخدير بإستحضار مشهد تراثى أو تاريخى من هنا وهناك لتبيان أن هناك مودة ورحمة للمسلم تجاه النصرانى وأن الإسلام داعى للمودة ليدير ظهره تماماً من إدانة التراث الذى يؤسس للفتنة والكراهية والتمييز والذى منه تنطلق الجماعات الأصولية السلفية لتسمم جسد المجتمع , لذا فهذا التخاذل عن المواجهة وتحديد المواقف من النص المؤسس للتعصب والفتنة يفتح المجال دوما لإثارة النعرات الطائفية لأن مثقفنا لم يمتلك الجرأة أن يقول "لا ".

مشهد آخر غريب من أصحاب الثقافة والتنوير لم يجرؤ احد منهم على توصيف الغزو العربى الإسلامى كغزو إستعمارى مثل سائر المستعمرين بل أشد وطأة فهو إستعمار إستوطن ومسخ هوية ولسان وثقافة شعوب دون سائر المستعمرين لذا عندما تتخاذل المواقف الفكرية وتختلط المعايير وتتشوه العقول والقيم ويصبح القبيح جميلاً فلا تندهش من القبح فهناك مثقفون تخاذلوا و إرتضوا الغفلة والتجاهل ومن هنا ندرك معنى تفريط المثقف والتنويرى فى المسئولية الملقاة عليه ومدى الجرم الذى يخلقه من التفريط والتخاذل .

مشهد آخر من تخاذل المثقفين نراه مع حد الردة الذى يُطارد كل من يترك الإسلام بناء على تقييم شيخ لتجد إهمال المواجهة بالرغم أنهم يتشدقون ليل نهار بحرية الفكر والتعبير والإعتقاد كقضية رئيسية يعتنون بها , فلا تجد مثقف عربى وقف ليقول لا لحد الردة كتشريع غير حضارى ولا إنسانى رافضاً إياه كسيف مسلط على حرية الفكر والإعتقاد .
لن نحظى من المثقفين العرب فى أعلى سقف لهم إلا شن حملة على رجال الدين الذين يكفرون البشر ليقيموا محاكم تفتيش على العقول والنوايا بل تجد بعض المثقفين يحاولون إثبات إيمان من يُطعن فى إرتداده فهو مازال فى حظيرة الإسلام ولن نجد فى خضم هذه الميوعة والتخاذل موقف لمثقف يعلن بكل قوة رفضه القاطع لحد الردة جملة وتفصيلاً فمن حق أى إنسان أن يرتد بدون تقديم مبررات وأن الردة تتعارض مع حرية الإنسان فى الإعتقاد فلا تكون معركة المثقف مع الشيخ علان أو ترتان الذى يُدس أنفه فى إيمان البشر ليكفر هذا ويعلق المشنقة لذاك فالمعركة مع فكر وثقافة ونهج وليست مع أشخاص.

عندما سمحت مصر بوضع بند الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع فى دستورها فتحت الباب لكل ماهو غريب وشاذ لم يعهده المصريين فقد أطل على المجتمع المصرى قانون الحسبة الذى يحق لمسلم ان يفرق رجل عن زوجته كونه يراه كافراً مرتداً عن دين الإسلام ومثال الدكتور نصر حامد ابو زيد مازال حاضرا فى الذاكرة ليفضح تخاذل المثقفون ,فالرجل صدر حكم قضائى بتفريقه عن زوجته بناء على تكفير الدكتور عبد الصبور شاهين له فماذا كان موقف المثقفين .
إنصرف المثقفين عن الرفض القاطع والحاد لقانون الحسبة الغاشم ولم يقترب أحد من مربط الفرس بإسقاط قانون الحسبة والشريعة الإسلامية ورفض تفعيله بل إنهالوا بالهجوم على الدكتور شاهين كونه لم يفهم رؤية الدكتور نصر كما لا يحق له ان يتدخل بتكفيره وتفريقه عن زوجته معلنين إحتجاجهم أن يتعامل الفكر فى المحاكم أو وفق تقييم أحد ليرتضوا ضمناً بقانون الحسبة ,فلم نسمع فى تلك المعمعة موقف لمثقف من الحسبة ذاتها كقانون فاشى بل إرتضوا أن تكون النيابة العامة مصدر رفع القضايا ضد المرتد وليس الأفراد لتؤصل لتخاذلهم .

هل وجدت مثقف عربى يعلن رفضه الواضح للحدود فى الشريعة الإسلامية كعقوبات غير انسانية لا تتوافق مع التحضر والمدنية وأنه سيناهضها كونها شديدة القسوة ولا تتناسب مع العصر.
هناك رؤية رافضة للشريعة الإسلامية داخل المثقفين والتنويريين العرب الا إنك لن تجد رأى مُعلن واضح رافض للشريعة الإسلامية رفضاً قاطعاً وأنه سيناهض من يحاول تمريرها فهناك رهاب التراث بل يمكن أن نحظى على تخاذل قمئ يصل إلى حد العهر الفكرى فى مهادنته لتجد من يطالب بتأجيل الشريعة حتى يتحقق فى المجتمع العدالة والسلام الإجتماعى ليسوقوا أمثلة عن تعطيل عمر بن الخطاب لحد السرقة فى عام الرمادة .
مواقف متخاذلة من النخب الثقافية التنويرية تفرط بإستهتار فى مدنية وحداثة الأمة فمن المفترض أن مثقف الحر المؤمن برسالته سيعلن رفضه التام والقاطع للشريعة الإسلامية سواء أكانت مجتمعاتنا جاهزة أم غير جاهزة فهى منافية لإنسانيتنا وعصرنا ولا مجال للتوفيق والتلفيق ولكن هكذا حال نخبنا الثقافية المتذبذة الولجة عندما تقترب من التراث .

عندما يدعو الشيخ الحوينى إلى غزو البلدان والسلب والسبى كسبيل لحل الأزمة الإقتصادية فكلما حلت ضيقة بالمسلم فماعليه سوى بيع رأس والتصرف بأموالها .
بالطبع لن نعتنى بهذا الهراء وتلك الأحلام المريضة البائسة ولكن سنعتنى برد فعل المثقف الذى يستمع لمثل هذه الفتوى فلا تجد منه أى رد فعل فهو إما تجده صامت أو يهز رأسه مستنكراً أو قد تجده يضحك سخرية لكنك لن تجده من يصرخ ليدين هذا الهراء والنص المؤسس له..نحن متخلفون لأن مثقفينا جبناء لديهم رهاب من التراث وروائحه .
السلفي الحويني يدعو الى غزو الدول ونهب اموالهم ونسائهم بإسم الجهاد كحل للازمة الاقتصادية.
http://www.youtube.com/watch?v=yaSqNzHZ_t4

شيخ سلفى آخر يدعى مرجان فى حوار مع الإعلامى وائل الإبراشى يعلن فيه عن فرض الجزية على الأقباط وأن جماعته السلفية تتبنى هدم الأهرامات وابوالهول وكل الآثار المصرية القديمة .
لم نرى رد فعل للمثقف المصرى عندما سمع هذا الإرهاب والهمجية البربرية المعلنة لنجد مقدم البرنامج يصف هذه التصريحات بالغلو بينما المفترض أن يواجه هذا الفكر الإرهابى العنصرية بمنتهى الشدة والقسوة ولكنه لن يفعل فهناك رهاب من القوى الرجعية وتراثها .
http://www.youtube.com/watch?v=jBR9XiE-mok

مثقفينا لا يستطيعون المواجهة مع التراث بالرغم أن كل الظروف متاحة ليقولوا كلمتهم ليعضدهم فى هذا قيم المدنية والحداثة التى غزت المجتمعات العربية رغماً عن أنفها ولكنهم متخاذلون ولجون يأثرون السلامة واللعب فى المربعات المتاحة ليسمحوا بذلك لثقافة الجهل والتغييب والإفساد أن تتواجد لتحتل مقاعد فى ظل أمة فاقدة البوصلة ومناراتها الثقافية عاطلة مشلولة متخاذلة.

مثقفينا أرسوا ثقافة التخاذل والهروب عن المواجهة فى نفوس شعوبنا ليصبح نهج فى التعاطى الفكرى فلا هم قدموا مواقفهم ورؤيتهم الفكرية والثقافية لتطوير مجتماعاتهم وألحوا عليها بمواقف معلنة لا تقبل الإلتباس ولا هم أسسوا لموقف نقدى فكرى بل للأسف أتاحوا فضاء للقوى الظلامية أن تطل علينا ثانية وتتصاعد من منطلق عدم إرساءهم لثقافة حاسمة علاوة على إحباط المجتمعات العربية الفاقدة لمشروع ثقافى حضارى يعبر بها إحباطاتها وتخبطها لتتلقفها القوى الرجعية فهى تنمو وتزدهر فى هكذا أجواء .

قد يقول قائل أننا نقسو على المثقف العربى فهو يقدم نضال تنويرى فى مجتمعاته ليعتنى بالحريات والحقوق السياسية والإجتماعية وحق المرأة والأقليات فى حياة كريمة ومعالجة المشاكل الراهنه بدلا من تحدى التراث الدينى والتقاليد الإجتماعية الصلدة لأقول هنا أن هذا الإعتناء غير مُجدى لا يؤسس لشئ طالما أهملنا أصل الفيروس الذى ينهش فى مجتمعاتنا لنعتنى به فالدفاع عن كرامة المرأة مثلاً أو الحريات السياسية هو عمل جيد ولكن بل جدوى يتحرك فى إطار ملاحقة الأحداث والمستجداث فعند كل إنتهاك يُسرع المثقف ليولول على إنسانية المرأة المنتهكة أو على فتنة تهدر فيها حرية وكرامة الأقليات ليصرخ مُثقفنا طالبا الحرية والكرامة لهم ثم تهدأ الأمور وتبرد لتعاود الظهور ثانية فيتحرك مرة اخرى لإدارة الأسطوانة المشروخة بنفس تلك الكلمات الممجوجة التى لا تخجل .

المثقف العربى يدين التخلف والعنف والتطرف والرجعية والإرهاب وهذا أمر جيد ، ولكنه لا يدين المصدر الديني والإجتماعى المُفرز لها مُتغافلا عن كونه المصدر الرئيسي لكل الإنتهاكات والتطرف والرجعية .
يعزى المثقف أسباب التخلف والتطرف والرجعية إلى تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية وهذا صحيح ولكنه يتجاهل ويتغافل عن الجذر الرئيسى والحَضانة التى تمنح الحياة لأجنة التخلف والتطرف المتمثلة قى ثقافة دينية مانحة المدد والدعم
تجد المثقف العربى شديد التخاذل والمهادنه بل قل المراوغة عندما يقدم على تفسير ظاهرة التطرف والتزمت كنتيجة فهم خاطئ للنصوص الدينية، وأنها أعمال ليس لها علاقة بالإسلام أو بمنظومة مجتمعاتنا الأخلاقية فهو هنا يتغاضى متعمداً عن عنف بعض النصوص وبالتالي لا يعترف بأساس المشكلة. ليكون نهج هذا الخطاب الإلتفافى تمييع المواقف وتضيع فرصة مواجهة جادة لبعض النصوص بغية تنقيحها أو تعطيلها أو الدعوة بعدم مناسبتها لهذا العصر , لينتج من هذا الإهمال والميوعة إستمرار المتطرف في إنتاج عنفه وتطرفه وإستمرار المثقف في تبريره بغية العزوف عن الدخول فى عش الدبابير ليبقى الفيروس كما هو عليه .

ليس من المطلوب من المثقف أن يكون سياسيا فهذه ليست قضيته فللسياسة أصحابها الذين يدركون متى يهادنون ومتى يحاربون بينما المثقف يرسى ويؤسس ثقافة ووعى للأمة مدركاً جذور أزماتها ومشاكلها ليرسم خطوط فكرية عريضة تتحرك فيها الأمة اليوم وغداً , فهناك فرق بين المثقف والسياسى , فالسياسي يحسب خطواته ويدرك أوراقه ويتعايش بلغة التوزانات والإنتهازية متحسساً خطواته حريصاً على مكاسبه راغباً فى تنميتها بينما من المُفترض أن المثقف يرسى منهج وفكر وثقافة مقدماً قناعات فكرية يرى فيها المستقبل قبل الحاضر لذا هو يتعامل بمشرط الجراح باحثاً عن أصل الورم لإجتثاثه.

الأمل فى الحوار المتمدن .
يبقى الأمل فى مؤسسة الحوار المتمدن كمنقذ ومحرر للمثقف العربى أو قل حاضن وراعى لنمط من المثقفين العرب سقط عنهم الرهاب والتخاذل فلا تخشى القوى الرجعية ولا تقيم توزانات وحسابات بل تقدم وعيها الحر الجرئ الشجاع لتؤسس لثقافة مدنية تقدمية تزيح ثقافة التخلف .

دمتم بخير
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذراً إيمانكم كله خاطئ فالله ليس كمثله شئ.
- لماذا الإيمان ولماذا يؤمنون .
- تأمل .تأمل -الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية .
- منطق الله-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم(34).
- الصراع العربى الإسرائيلى الذى خاب وخبا-قضية للنقاش .
- البشاعة تراث أم بشر–الدين عندما ينتهك إنسايتنا(50).
- إختار الإجابة الصحيحة–الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية .
- إنهم نصابون –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم .(33).
- الله بين المعنى واللامعنى .
- مفاتيح لفهم الوجود والحياة .
- هل هناك أمل فى إسلام متصالح مع العصر-قضية للنقاش.
- فى المعنى والغاية والقيمة-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
- تناقض فى الكتابات المقدسة-جزء 3-الأديان بشرية الفكر والهوى و ...
- فى العشوائية والنظام-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
- وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ-;- لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ –الدين ...
- تناقضات فى الكتابات المقدسة-الأديان بشرية الفكر والهوى والهو ...
- ثقافة -إنت مال أهلك- المفقودة-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- فى المعنى والقيمة والغاية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
- قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.
- قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوا ...


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تخاذل المثقف – لماذا نحن متخلفون .