أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة..1991..8














المزيد.....

اوراق على رصيف الذاكرة..1991..8


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 00:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار .. 1991..8

مع ان كل المعطيات تشير الى ان هناك ولادة لأحداث كبيرة سوف تحري الا ان تتحول تتحول التوقعات الى واقع حاد كهذا الذي سمعته من بائعة اللبن فذلك أمر يستدعي خليطا من الرهبة والفرحة المعجونة بالخوف والرعب !! التفت الى خالي الذي يجلس بجانبي مستفهما .. !! كان قد لف طرف كوفيته على كتفه الأيسر تعبيرا عن الحزن والخيبة وهو يجهل نصير اخيه الذي ظل في حفر الباطن لا يعلم هل هو حي ام مدفون في تلك الصحراء المقفرة !! نظر الي طويلا نظرة حيرى ثم قال : هيا بنا الى البيت مباشرة قبل ان تسوء ... اجتزت جسر المشرح .. لاح لي الباب النظامي لحامية العمارة العسكرية وكان يفصلني عنها الشارع فقط .. كان الباب مغلقا والسكون يخيم عليها .. حين اقتربت من مقتربات الجسر اليوغسلافي لاحظت نزول عربة مدرعة وهي تتجه نحو الماجدية!! وصلت الجسر الذي لم يتبقى منه غير رصيفه الأيمن والذي لا يستوعب عرضه اكثر من سيارة واحدة .. تنحيت جانبا لكي اتحاشى رتل من سيارات عسكرية حديثة تسير بسرعة جنونية وفوهات البنادق تبرز من شبابيك أبوابها !! كانت تلك عربات قيادة وترافقها عربات حماية وكان يبدو عليها علامات الهروب باتجاه بغداد!! اجتزت الجسر وألقيت نظرة على مستشفى صدام الذي كان يقع على يمين الجسر ..كان الهدوء لا يزال يخيم عليه .. وصلت بيتي الذي لا يبعد كثيرا عن المستشفى ويقع في حي 28 نيسان!! دخلنا مسرعين .. كان صوت الرصاص كعادته يأت متقطعا وكما اعتدنا عليه منذ وقف اطلاق النار قبل ثلاثة ايام .. انطلقت الانتفاظة .. هكذا اخبرت عائلتي ورحت استخرج بندقيتي ومسدسي اللذان كنت قد اخفيتهما منذ زمن بعيد .. !! ناولت البندقية لخالي .. خرجت الى الحديقة وحللت سلسلة ( وردان)!! زئر ثم قفز باتجاه شباك غرفة الضيوف المطل على الحديقة ووقف على قوائمه الخلفية نابحا ومزمجرا وهو يشم رائحة رجل غريب!! صرخت به: لا لا وردان لكنه ركض باتجاه الباب وهو يحاول اقتحامه لكي يفتك بذلك الرجل الغريب .. !! أصاب خالي الرعب من تصرف وردان وأصر على طلبه بربط الكلب مرة اخرى والا ترك البيت ورافقني .. اوصيته ان يبقى في البيت خلال فترة غيابي وثم ذهبت الى المستشفى .. كان الليل قد خيم على المدينة وكانت الشوارع خالية من البشر وكان الظلام يخيم بشكل مرعب والسكينة تمزقها اصوات الرصاص الذي صار يزداد كثافة في الجانب الشرقي لدجلة ويرسم خطوطا حمراء في في فضائها الكالح ...
اكان كل شيء هادئا في المستشفى لكن القلق والتساؤل مرسوما على عيون المنتسبين ... اتجهت مباشرة الى المصعد وركضت متسلقا الى الطابق الخامس ومن هناك القيت نظرة عبر الشباك الى الجانب الشرقي من المدينة .. ااااه .. انها تحترق !!بناية المحافظة
تحترق ...
نزلت مسرعا .. كنت اجتاز دكات المصعد مضاعفا قفزاتي.. دخلت على المدير .. أمسكت بذراعه وانا اخبره بان المدينة قد اشتعلت !! كان قد سمع شيئا لكنه قفز معي وتسلقنا المصعد مرة اخرى .. ااه احترقت مديرية الأمن .. احترقت شعبة حطين .. المحافظة لا زالت تخترق .. اصوات الرصاص والمذنبات الحمراء تمزق الليل المظلم ...انها الانتفاضة ..!!
بدى لنا الشارع العام في الجانب الغربي فارغا .. لاحت لنا من بعيد حرائق على جانبي الطريق .. كانت السيطرات تشعل اطارات مستهلكة للدلالة والدفئ في ذلك البرد القارس .. فجأة اجتاحتني رغبة فضولية بالذهاب نحو تلك الحرائق !! كنت تواقا ومستعجلا لمعرفة ما يدور في المدينة !!
حاول المدير ان يقنعني بعدم الذهاب خوفا علي وحين يأس من ذلك نصحني بأن استغل عجلة اسعاف. الادعاء بأني ابحث عن جرحى  من اجل اسعافهم 
اقنعت صباح السائق بان يقلني الى هناك .. كان ذلك السائق الشاب حاضرا دائماً وكنا نسميه سائق المهمات الصعبة ..كان لا يتردد امام اي واجب يكلف به ..
اشعل صباح دلالة الإسعاف الحمراء مع الضوء الواطئ لمصابيح العجلة الأمامية وسلكنا الشارع الرئيسي المؤدي الى جسر الجمهورية .. لم يكن لدينا أية تفاصيل عما يجري سوى تلك المذنبات الحمراء التي كانت تطرز ليل المدينة وسماؤها المظلمة واصوات الاطلاقات التي أخذت تتخللها من حين لآخر انفجارات تدل على ان القاذفات قد دخلت العراك الجاري.!! تبين لنا لاحقا انها معركة بين أفراد مديرية الأمن وشباب الانتفاضة التي كان يقودها مباشرة وبنفسه الشيخ أحمد العبادي !! كنا نسير ببطئ وكأننا نبحث عن شيء .. ما ان اقتربنا من الإطارات المشتعلة حتى انطلقت نحونا رشقة رصاص الكلاشنكوف وأحسسنا باختراقها جوانب الإسعاف !! رافق ذلك هجوم مجموعة من الشباب الملثمين وهم يكبرون : الله اكبر قف الله اكبر ..رأيت احدهم يسقط وتسلق الآخرون عجلتنا من جانبيها وهم يدقون بأيديهم على أبوابها .. اطل احدهم علينا من جهتي وما ان دقق بوجهي حتى صرخ بإسمي وتناول رأسي وهو يقبله ويصرخ بفرح دكتور انتفاضه .. ثوره .. يسقط صدام حسين !!

يتبع 



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991..7
- خاطرة
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ..6
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 .. 5
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ...4
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ...3
- اوراق على رصيف الذاكرة انتفاضة آذار 2
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991
- بلا عنوان
- اسرار
- حمام الدوح
- حلم ..
- صح ... غلط
- اوراق على رصيف الذاكرة .. عريف عباس
- اوراق على رصيف الذاكرة .. حرب الكويت
- تضامن
- بين سبيلك و ميركه سور 1 ..( اوراق على رصيف الذاكرة)
- عواء الكلاب
- لو كان الزعيم عضوا في البرلمان !!!
- مطر الثريا ...


المزيد.....




- خلال احتفال اليوبيل.. العاهل الأردني يستل سيفه تحية للأجهزة ...
- الصين تؤكد استعدادها للتعاون مع روسيا لمواجهة قوى الاحتواء ا ...
- مصر.. ارتفاع كبير في أسعار البن والشاي والكاكاو
- إدانة تاريخية.. السجن 8 أشهر لمشجعين وجهوا إهانات عنصرية ضد ...
- بلينكن من القاهرة: اضغطوا على حماس
- شاهد: نازحون ينصبون مزيداً من الخيام في مخيم ساحلي بدير البل ...
- الانتخابات الأوروبية - في أي الدول تصدّر اليمينُ المتطرف؟
- بلينكن يعود إلى الشرق الأوسط للترويج لهدنة في قطاع غزة
- اللجنة البرلمانية لجرائم نظام كييف ضد الأطفال: على الجنائية ...
- لافروف لنظيره البرازيلي: راضون عن تطور علاقاتنا الثنائية ونن ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طالب الجليلي - اوراق على رصيف الذاكرة..1991..8