أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - ما هي الاحتمالات الأكثر ترجيحا حول من يمول -داعش- ويسدد فاتورتها؟















المزيد.....



ما هي الاحتمالات الأكثر ترجيحا حول من يمول -داعش- ويسدد فاتورتها؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4384 - 2014 / 3 / 5 - 00:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج الى اجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
السؤال الرابع والسبعون:
ما هي الاحتمالات الأكثر ترجيحا حول من يمول "داعش" ويسدد فاتورتها؟
كشفت قناة "العربية" في برنامج لها بثته في 15 شباط 2014، أسماء بعض قيادات "داعش" وخاصة عن اسم كبير قادتها أي أميرها وهو "عواد ابراهيم عواد القريشي الحسيني" المعروف باسم "أبو بكر البغدادي". وكان "أبو بكر" امام وخطيب جامع "القبيسي" في بغداد، وأستاذ جامعي حاصل على الدكتوراة في العلوم الاسلامية. كما كشفت القناة أسماء عدد آخر من قيادات "داعش".
ولكن ما ظل مجهولا هو من يمول "داعش". فعملياتها الكثيرة على جبهتي العراق وسوريا، تتكلف الكثير من الأموال، سواء كانت تلك العمليات داخل العراق بالتفجير اليومي للسيارات، والقتال في "الرمادي"، وفي "الفالوجة"، وفي صحراء "الأنبار"، اضافة الى قتالها المتواصل منذ سنتين ضد الجيش السوري النظامي، وأخيرا ضد "الجبهة الاسلامية" و"أحرار الشام" و"الجيش السوري الحر". فهذه العمليات مجتمعة، لا تقتضي انفاق ملايين الدولارات فحسب، بل المليارات منها. فمن يسدد هذه الفاتورة الكبيرة.
كانت "داعش" بقياداتها المتعددة وأبرزهم أميرها "أبو بكر العراقي"، تشكل الى وقت قريب، نجمة تدور في فلك "أيمن الظواهري"، زعيم القاعدة الذي خلف "اسامة بن لادن" بعد مصرعه. وكان من المتوقع عندئذ أن تكون القيادة الأم في القاعدة، هي التي تمول "داعش". ولكن بعد أن أصدر "الظواهري" أمره بفك الارتباط بين منظمة "دولة العراق الاسلامية" و"جبهة النصرة"، طالبا تخصص الأولى بالشأن العراقي، وانفراد الثانية بالشأن السوري، ورفض أمير "دولة العراق الاسلامية" ذلك ماضيا في القتال في "سوريا" اضافة الى القتال في "العراق"، قرر "الظواهري" التوقف عن الاعتراف ب"داعش" كمنظمة تابعة للقاعدة الأم، مما عنى التوقف عن تسديد فواتيرها المتعلقة بشراء السلاح والتموين، او دفع مستحقات المقاتلين. ولذا بات من الضروري التساؤل عمن يدفع فواتير "داعش" اذن، وخصوصا بعد أن تخلت القاعدة الأم عنها؟
والواقع أنني في معرض صياغة نظريتي حول المسلك الصحيح في كيفية التحليل الاستراتيجي السليم، والتي أسميتها " استراتيجية نهاية المطاف، توصلت الى قناعة بأن دراسة أية استراتيجية، لا يجوز أن تتوقف عند الأثر المباشر لها، أي الأثر المتوقع كنتيجة مباشرة لتحقيق استراتيجية معينة، بل يتوجب الخوض لمعرفة كل النتائج التي قد تترتب عليها وصولا الى "نهاية مطاف تلك الاستلرتيجية". فواضع الاستراتيجية، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات التي قد تنشأ كأثر لاستراتيجيته تلك، مما يقتضي تدارس كل الاحتمالات ، الصغيرة منها والكبيرة، بل عليه أن يراعي أضعف الاحتمالات المتوقعة أن تتحقق نتيجة لخطوته تلك، دون الاكتفاء بالتركيز على الاحتمالات الأقوى فحسب. وقد لاحظنا من قبل، كيف فشلت خطط أميركية استراتيجية اكتفت بدراسة الأثر الفوري والمباشر لتخطيطها. وكان من أبرز أمثلتها، تسليحها الاسلاميين المتشددين لمقاتلة السوفيات في "افغانستان"، واذا بأولئك المقاتلين يناصبون العداء لأميركا، بمجرد خروج السوفيات من "أفغانستان". وكان المثال الثاني تبنيها ل"لخميني" كخليفة لحليفها السابق "شاه ايران"، باعتبار أن آية الله "خميني" الاسلامي الاتجاه، سينجح في الحد من تنامي الفكر اليساري في ايران، اضافة الى امكانية مشاغلته السوفيات في عمليات قتالية ضدهم عبر الحدود المشتركة بين "ايران" و"الاتحاد السوفياتي". ولكن الخميني بمجرد أن استتب الأمر له، قلب للولايات المتحدة ظهر المجن، وأسماها "الشيطان الأكبر". فالاحتمالات الأخرى، ولو بدت في حينها ضعيفة، لم تؤخذ بعين الاعتبار لدى دراسة وتقييم الاستراتيجية المراد تنفيذها هنا وهناك.
فاذا كان تمويل "داعش" هو عمل استراتيجي مقرر لتحقيق مصلحة ما لجهة ما، يصبح متوجبا علينا أن نتدارس كل الاحتمالات. فنتدارس بالتالي كل الدول او الجهات الأقل مصلحة أو استفادة من تمويل فاتورة"داعش"، بنفس الزخم والعناية التي نتدارس فيها الدول أو الجهات الأكثر مصلحة واستفادة من تسديد فواتير "داعش" وكلفتها الكبيرة.
فالسؤال اذن: من يدفع فواتير "داعش" ؟ ومن هو المستفيد من وجودها وبقائها، لكونها تخدم مصلحة له؟ هناك عدة احتمالات. ولكن هذه الاحتمالات المتعددة، لا تخرج عن كونها تدور في فلك الاحتمالات لا غير. فمن يندرج في قائمتها هي دول، أو جهات ممولة يحتمل وجود مصلحة لها في تمويل "داعش". وهذه القائمة تقتضي أن ندرج كل الدول (او الجهات) التي قد تكون مستفيدة من تواجد المنظمة. وقائمة الاحتمالات تتضمن الدول والجهات التالية: الكويت، السعودية، الولايات المتحدة، ايران، قطر، تركيا، سوريا، اسرائيل. ولا ينبغي استبعاد جهتين أخرىين قد يغيبا عن البال، وهما "هيئة الاغاثة الاسلامية"، و جماعات الرئيس الراحل "صدام حسين" من "حزب البعث" العراقي.
والواقع أننا لا نملك أدلة حاسمة، كما سبق وذكرت، ترجح أيا من هذه الاحتمالات. كل ما في الأمر أنها احتمالات تستند الى المصلحة، اضافة الى الاستناج المنطقي، بكون أحد أولئك، هو المستفيد من الأفعال التي ترتكبها "داعش" هنا وهناك،
و"الكويت" قد تكون صاحبة مصلحة في ايجاد وتمويل "دولة العراق الاسلامية". بل وقد تبدو صاحبة المصلحة الأكبر في ذلك، بهدف ابقاء العراق منشغلا بالاضطراب الداخلي، فلا يفكر مرة أخرى في المطالبة باستعادة "الكويت" للعراق والتي تمت المطالبة بها في العهد الملكي، ثم في العهد الجمهوري برئاسة "عبد الكريم قاسم"، وفي عهود أخرى آخرها عهد الرئيس الراحل "صدام حسين" الذي قام فعلا باحتلالها. كل ما في الأمر أنه ليس هناك منطق لمواصلة الكويت تقديم دعمها المالي ل"دولة العراق الاسلامية"، بعد أن تحولت الى "دولة العراق والشام الاسلامية"، موسعة نطاق نشاطها ليشمل سوريا، وذلك باسمها الجديد "داعش". فالمنطق يقول أنه لو صح وجود مصلحة لها في تمويل "دولة العراق الاسلامية"، فهذه المصلحة قد توقفت بعد شروع تلك المنظمة بالقتال داخل سوريا.
ولكن اذا توقفت "الكويت" فعلا عن التمويل، مفترضين أنها قد مولت في السابق، فمن هو المستمر في تمويلها في شكلها الجديد "كداعش"، مع أن جبهات القتال التي تخوضها "داعش"، قد توسعت من مقاتلة "الجيش السوري الرسمي"، الى مقاتلة "الجبهة الاسلامية"، و"جبهة النصرة"، و"أحرار الشام"، و"الجيش السوري الحر"، كلهم في آن واحد، مما يقتضي مزيدا من الانفاق. فمن أين يأتي هذا الانفاق ومن يموله؟
والاحتمال الثاني هو أن تكون السعودية هي الممول "لداعش". وقد يكون هذا الأمر منطقيا، لكون السعودية كانت وراء تأسيس حركة "القاعدة" منذ البداية. وقد أسستها عندئذ، بالمشاركة مع "أميركا" على أنها تجمع اسلامي متشدد، هدفه طرد السوفبات الملحدين من الأراضي الأفغانية. حيث قام الأمير "بندر بن سلطان"، الذي كان سفير السعودية لدى الولايات المتحدة عندما احتل السوفيات "أفغانستان"، باقناع الأميركيين أن أفضل وسيلة لمحاربة القوات السوفياتية الشيوعية الملحدة، هو بتشكيل طوابير من المقاتلين ذوي الاتجاه الاسلامي المتشدد الرافض للالحاد الشيوعي، لمقاتلة السوفيات على أساس الرفض الديني الاسلامي لتواجد الالحاد في بلاد اسلامية. وعلى هذا الأساس، قام "بريجنسكي" مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس "كارتر"، بتسليح أولئك المقاتلين، ناقلا السلاح اليهم على ظهور البغال التي اشتراها من قبرص ومواقع أخرى.
واذا كانت "السعودية" قد مولت الحملة في "افغانستان"، فلا أحد يعلم اذا كانت قد توقفت عن تمويلها، عندما خرجت عن الطوع الأميركي، واستقلت بقرارها مشكلة منظمة "القاعدة". واذا افترضنا جدلا أنها قد استمرت في تمويلها لفترة معينة، فان المنطق يستدعي توقفها عن ذلك، بعد أن انتقلت "القاعدة" من مرحلة الخروج عن الطوع الأميركي، الى مرحلة محاربة المصالح الأميركية بتفجيرها سفاراتها في بعض المواقع،وأبرزها السفارة الأميركية في "نيروبي"، وبتفجيرها الأبراج في نيويورك، كما ادعى الأميركيون. فاذا كانت "السعودية" تمول القاعدة في بدايات حياتها لغاية محاربة الشيوعية الملحدة التي لا تتناسب مع الأفكار "الوهابية" السعودية، فانه يبدو من غير المقبول أو المعقول استمرارها في ذلك التمويل، عندما بدأت "القاعدة" حملتها ضد الأميركيين، أهم الحلفاء للمملكة السعودية.
واذا كان هذا الوضع بالنسبة "للقاعدة" - المنظمة الأم، فهل من المعقول أنها قد مولت (الفرع) "داعش" المنتمية آنئذ للقاعدة؟ هناك احتمال بأن تكون قد فعلت ذلك متعمدة، لغاية تشجيع "داعش" على مقاتلة الجيش السوري الرسمي، الأمر المتناغم مع المصلحة الأميركية أيضا رغم عداء الأميركيين "للقاعدة". وقد يكون هذا التمويل السعودي، هو الذي دفع بزعيم "داعش" للتمرد على أعلى قيادات القاعدة وهو "أيمن الظواهري"، اعتمادا منه على التمويل السعودي. ولكن الذي لا يعقل، هو ان تكون "السعودية" قد مضت في سيرتها تلك، بعد أن دخلت "داعش" في قتال مع "الجبهة الاسلامية" التي تمولها وتتبناها السعودية. فمن غير المنطق اذن أن تمضي السعودية بهذا التمويل ل"داعش" وهي تقاتل جماعاتها وترفض التنسيق معهم.
فاذا كانت السعودية تمول "داعش" ثم توقفت، فمن يمولها اذن؟ وكيف تستمر"داعش" في القتال سواء في القطر العراقي او في القطر السوري مع توقف التمويل السعودي. فمن يدفع فاتورتها اذن؟
هل من يمولها هي "لولايات المتحدة الأميركية" كاحتمال ثالث؟ وهل يصح الادعاء بأن "القاعدة"، وربيبتها "داعش"، هما على أرض الواقع، حلفاء الولايات المتحدة وليسوا أعداءها كما يصور الأميركيون؟ فهل "القاعدة" ومن تفرع عنها "كداعش" اللذين كانا في الأساس من صناعة الولايات المتحدة بالتعاون مع السعودية، قد باتتا أيضا صنيعتها؟ ويعزز الاحتمال بأن "داعش" - على الأقل- هي صنيعة "الولايات المتحدة"، كون الأميركيين الذين يغرقون في استخدام طائرات "الأندرود" بدون طيار في قصف مواقع القاعدة في اليمن، وفي الصومال، وفي باكستان، قد امتنعوا عن قصف "داعش" الناشطة في "العراق" منذ سنوات، بتنفيذها تفجيرات يومية في المدن العراقية. فقد كان بوسع الأميركيين عبر أقمارهم الصناعية، أن يكتشفوا بعض مواقع "داعش" هناك، ويقصفونها بصواريخ طائراتهم، سعيا منهم للحد من تنامي منظمة "داعش" المسماة عندئذ ب "دولة العراق الاسلامية" والتي كانت عندئذ منتمية "للقاعدة". وهذا استدعى البعض للتساؤل ان كان يوجد في مفهوم الولايات المتحدة، قاعدة شريفة ك "داعش" في العراق، وقاعدة شريرة كالقاعدة في اليمن وفي الجبال الباكستانية المحاذية لأفغانستان حيث يتواجد رجال طالبان أفغانستان. فتلك فقط هي مواقع القاعدة الشريرة التي تقصفها الولايات المتحدة بين ليلة وضحاها.
ولكن التحليل المنطقي يرفض الطرح القائل أن "القاعدة" (ومنها داعش) هي صنيعة الولايات المتحدة رغم كونها في بداية الأمر من صناعتها. فلو كانت القاعدة وما تفرع عنها، هي صنيعة "الولايات المتحدة"، فلماذا قام الأميركيون اذن بغزو "أفغانستان" (مركز القيادة للقاعدة) منذ عام 2001، وخاضوا حربا هناك ضد "القاعدة" وضد "طالبان"، وهي حرب مستمرة حتى الآن، ولا يتوقع للولايات المتحدة أن تخرج منها قبل نهايات عام 2014، مع كل ما تكبدوه من الخسائر البشرية والمالية، اضافة الى الزلزال الاقتصادي الذي ضرب الولايات المتحدة في بدايات هذا القرن نتيجة مباشرة لتلك الحرب؟
فقد يمكن تفهم امتناع "الولايات المتحدة" عن قصف مواقع "داعش" في العراق، لأسباب اقتضتها الاستراتيجية الأميركية سعيا لابقاء حكومة "المالكي"، المباركة من "ايران"، منشغلة في حربها ضد "داعش"، كوسيلة تحذير لها بعدم تطوير علاقاتها مع "ايران" الى مستوى أعلى ربما يؤدي، في نهاية الأمر، الى تواجد قوات ايرانية في بغداد. ف "الولايات المتحدة" بعد غزوها ل "لعراق"، اذا كانت قد اضطرت لمغادرته تخوفا من المقاومة المسلحة التي جابهتها من قبل أنصار الرئيس "صدام حسين" ومن فئات أخرى معارضة، فانها لا ترغب في رؤية الايرانيين يحلون محلها في السيطرة على بغداد.
ومع ذلك فان هذا التحليل أو الاستنتاج لا يستقيم تماما مع المنطق. ذلك أن بقاء العراق برئيس وزرائها "نور المالكي"، يواجهون وحدهم مخاطر "دولة العراق الاسلامية" وتفجيراتها اليومية، هو ما قد يضطر "المالكي" في نهاية المطاف، للاستنجاد ب "ايران" طالبا مساعدتها بارسال قوات "ايرانية" الى "بغداد"، الأمر الذي لا ترغب "الولايات المتحدة" بحصوله. وهذا يضحد الاحتمال بأن "داعش" ومن قبلها "القاعدة"،هما صنيعة "الولايات المتحدة"، كما يتبادر الى ذهن البعض الذين لا يغوصون في أعماق المعضلة ويكتفون بما يتبادر للذهن للوهلة الأولى.
فاذا لم يكن الأميركيون هم من يمولون "داعش"، فمن يمولها اذن، ومن يدفع فاتورتها؟
هل هي "ايران"، بغية استخدام "دولة العراق الاسلامية" كورقة ضغط على "العراق" تضطره في نهاية المطاف لاستدعاء قوات ايرانية الى "بغداد" لمساعدة "المالكي" في السيطرة على الوضع المستعصي عليه؟ ولكن اذا كان ذلك مفهوما ومقبولا في تبرير تقديم المال والسلاح لتمويل عمليات "دولة العراق الاسلامية" في "بغداد" بغية اضعاف الحكومة العراقية، فانه لم يعد مقبولا بعد ان نقلت تلك المنظمة عملياتها الى داخل القطر لسوري، وأخذت تقاتل بوحشية تامة لم يشهدها العالم منذ زمن "المغول"، ضد الجيش السوري، وضد حزب الله، حليفا ايران، بل وربما ضد "الباسدران" – حرس الثورة الايرانية أنفسهم، ان صح الادعاء بوجود مقاتلين من "الباسدران" الايرانيين في سوريا.
وهكذا يقود التحليل المنطقي تدريجيا الى استبعاد ايران، بعد استبعاد الكويت، والسعودية، والولايات المتحدة، من كون أي منها هي الممولة ودافعة فواتير "داعش" في "سوريا" و"العراق"، مما يبقي على جدول الاحتمالات : قطر، تركيا، سوريا، جمعيات الاغاثة الاسلامية، اسرائيل، وانصار الرئيس الراحل "صدام حسين".
وتبدو "قطر" الأصغر حجما بين الدول المشاركة في طاحونة الحرب وأرجوحة الاحتمالات، هي الدولة الأقوى ترجيحا في تبني "داعش" ولو بشكل غير مباشر. ف"قطر" التي لا يزيد عدد مواطنيها الأصليين على مائتين الى ثلاثمائة آلاف مواطن قطري، هي الدولة التي تنطوي على الاحتمال الأكبر في تمويل "داعش"، وذلك لتمكينها من توفير القدرة لنفسها على لعب الدور الكبير الذي ترغب في ممارسته على الساحة السورية، بل والعربية أيضا. صحيح أنها تستخدم ثروتها الكبيرة في تمويل العصيان في "سوريا" بالمشاركة مع "السعودية"، الا أن العنصر المالي وحده ليس كافيا ليجعل دورها على الساحة السورية دورا فاعلا وناجحا ومؤثرا في تقرير مستقبل "سوريا". فقد كانت بحاجة الى رجال يتواجدون في ساحة المعركة ويدينون بالولاء لها مباشرة، كي تحتفظ بدورها الذي رغبت في القيام به وفي تعزيزه. وبما أن عدد سكانها قليل جدا، ولم يكن بوسعها أن ترسل منهم الى الساحة السورية العدد الكافي من المقاتلين، فقد لجأت الى استقدام المرتزقة دون التدقيق في هوياتهم. وكان من الطبيعي أن يندس بين هؤلاء، عددا كبيرا من المنتمين "للقاعدة" الذين تمردوا لاحقا، بعد أن اشتد عودهم، على هويتهم "القاعدية" بناء على رغبة أميرهم، أي قائدهم "أبو بكرالعراقي"، فتمردوا على "ايمن الظواهري" نتيجة ميل "ابو بكر" للسيطرة والانفراد بالقيادة، خصوصا وانه قد ضمن مصدرا هاما وثريا لتمويل فاتورته، وهو دولة "قطر". ويقال أن تمرد "ابو بكر العراقي" قد ذهب بعيدا الى حد انكار بقاء أي اهمية، او دور، أو حتى تأثير "للقاعدة" التي كان ربيبتها، معتبرا نفسه قد بات القائد والموجه لكافة الأعمال الجهادية، مستبعدا بقاء أي دور ل"لقاعدة" فيها.
ولكن هذا التفسير القائل بأن "قطر" هي الممول ل"داعش"، قد يبدو مقبولا في بداية الأمر. أما بعد تمرد "داعش" على كل شيء، وتوجهها لمقاتلة "الجبهة الاسلامية" التي تدين بالولاء للسعودية، الحليفة الأكبر ل"قطر"، بات من غير المعقول أن تثابر "قطر" على تمويل "داعش" بعد هذا التحول الكبير في دورها العسكري والقتالي. كما أن "داعش" تقاتل في "سوريا" وفي "العراق" في آن واحد، فهل من المنطق أن تمول "قطر" عمليات "داعش" في "العراق" أيضا، مع أنه لا شأن لها في الصراع الدائر في "العراق"؟ وهذا كله يفيد بأنها ربما تورطت في البداية في تجنيد بعض رجالات القاعدة أثناء سعيها لتجنيد عدد كبير من المرتزقة. ولكن مضيها في عملية التمويل تلك، بعد دخول "داعش" في صراع مع المقاتلين من حلفاء السعودية المتحالفة مع قطر، أصبح يبدو مستبعدا خصوصا وأن هناك مؤشرات تفيد أن "قطر" أخذت، بعد استبدال الأمير الأب بالأمير الابن، تخفف فعلا من غلوائها في العلميات القتالية في سوريا، بل وبدأت تجنح أحيانا الى لعب دور الوسيط بين سوريا والمقاتلين، حيث يقال أنها قد لعبت دور وساطة في اطلاق سراح بعض المخطوفين من قبل الجهاديين والتكفيريين، وما زالت تلعب دورا كهذا.
فاذا رجحت تلك الاستنتاجات بأن "قطر" ربما تكون قد توقفت عن تمويل "داعش"، يبقى التساؤل قائما حول من يمولها اذن ويدفع فاتورتها؟ هل تركيا هي الاحتمال الآخر؟
يفترض من حيث المبدأ، أن يكون الدور التركي قد اقتصر على فتح الحدود التركية السورية وتسهيل مرور السلاح والمقاتلين الى الداخل السوري. ولكن اذا توقف القتال لسبب من الأسباب، نتيجة مؤتمر دولي أو وساطة دولية، فان الدور التركي في حالة كهذه، سوف ينكمش أو ينقضي، ولن يعود ضروريا او فاعلا. ومن هنا ربما وجدت "تركيا"، أنه لا بد أن يكون لها تواجد قوي على الأرض السورية، من أجل ابقاء دورها فاعلا في أي تسوية سياسية، خصوصا وأن تأثيرها السابق بفتح حدودها على مصراعيها، لن يعود ضروريا أو مفيدا للطرف الداعم للعصيان، اذا ما توقف القتال لسبب من الأسباب. ومن هنا، ربما تكون الدولة التركية، قد سعت لايجاد قوات مسلحة مقاتلة تابعة لها على الأراضي السورية، كما يفترض أن "قطر" قد فعلت، ولنفس الأسباب. وبما أنها عاجزة عن ادخال قوات تركية الى الأراضي السورية بشكل علني ومفضوح، لما قد يجره ذلك من تبعات دولية، بظهور تركيا رسميا بمظهر الدولة الغازية والمعتدية، فقد لجأت الى استقدام مقاتلين من الخارج لا ينتمون الى دولة معينة. فهم في غالبيتهم من المرتزقة، تماما كما فعلت "قطر" في هذا الشأن. ولا يستبعد أن يكون قد جاء بينهم العديد من مقاتلي "القاعدة" الذين كونوا تشكيلة "داعش"، واضطرت تركيا رغم الصبغة "القاعدية" لبعضهم، أن تمضي قدما في تمويلهم، خصوصا وأنها قد وجدت بأن "داعش" تخدم المسعى لاثارة الرعب في قلوب المواطنين المدنيين السوريين بما فعلته من أعمال وحشية وقتل على الهوية، واعدام للأسرى العسكريين. فهذا كله، بما يشكله من حرب نفسية، كان في اعتقادهم سوف يعجل بفرار جنود الجيش السوري من وحداتهم، ويعجل بالتالي في سقوط النظام السوري.
لكن البعض يرى أن "تركيا" ربما لم تكن مضطرة للذهاب بعيدا للاتيان بمقاتلين يأتمرون بأمرها، ويكرسون تواجدها على الأرض السورية. اذ كانت، كما يرى أولئك، لها علاقة وطيدة مسبقة ب"دولة العراق الاسلامية" التي كانت تمولها وتسلحها لاثارة المتاعب لحكومة "لمالكي" العراقية التي لم ترغب "تركيا" بأن تراها حكومة مستقرة بسبب علاقتها الوثيقة ب "ايران". ويعزز هذا الاحتمال، تصريح جديد ل"نور المالكي"، رئيس وزراء العراق، قال فيه أن "داعش" تمول من قبل بعض دول الجوار. ودول الجوار هي: ايران، سوريا، الأردن، الكويت، السعودية، وتركيا. ويمكن استبعاد "ايران" و"سوريا" بسبب علاقات الصداقة بينها وبين "العراق". كما يمكن استبعاد "الأردن" تماما بسبب ما يعانيه من عجز مالي يجعل من المستعصي عليه تسديد فواتيره المستحقة، فكيف يمكن أن يذهب لتسديد فاتورة "دولة العراق الاسلامية". وهذا يترك في ساحة المشتبه بهم، كلا من "الكويت" و"السعودية" و"تركيا". وبما أننا قد استبعدنا سابقا احتمالي "الكويت" و"السعودية"، لم يبق اذن الا "تركيا" كممولة ل"دولة العراق الاسلامية"، وبالتالي كمشجعة لها على ارسال بعض مقاتليها الى "سوريا" لتسمى بعد دخولها الى الشام "بداعش".
كل ما في الأمر، أن "داعش" قد ذهبت بعيدا في وحشيتها، فخاضت من ناحية، معارك وتفجيرات بمحاذاة الحدود التركية، بل وقصفت أحيانا بعض الأراضي التركية، اضافة الى خوضها معارك مع "الجبهة الاسلامية"، و"أحرار الشام"، و"الجيش السوري الحر"، أو ما تبقى منه، وهؤلاء كلهم ينضوون تحت لواء وحماية وتمويل "السعودية"، التي باتت الحليف الأكبر ل"تركيا" في المعركة من أجل اسقاط النظام السوري. ومما زاد في المخاوف التركية، أن رجال أمنها قد ضبطوا بعض مقاتلي "داعش" يتجولون داخل بعض المدن التركية، كما ضبطوا شاحنات ممتلئة بالأسلحة لم يعلن ل"تركيا" عن تواجدها، مما اثار مخاوف الأتراك بأن "داعش" الطموحة لانشاء امارات اسلامية في المنطقة، ربما تعمل سرا على تشكيل خلايا نائمة داخل "تركيا" قد تفيد "داعش" في مخططات لاحقة. وهذا كله بطبيعة الحال، اضافة الى تطورات سياسية داخلية تركية وكردية، اضطر "تركيا"، ان كانت فعلا تمول مقاتلي "دولة العراق الاسلامية" في السابق، و"داعش" في وقت لاحق، الى التوقف عن تمويلهما.
فاذا كانت تركيا قد توقفت عن تمويل "داعش"، فمن يمولها اذن، ومن يدفع فاتورتها الكبيرة؟ هل هي حقا "سوريا"،كما تدعي المعارضة السورية؟
رددت المعارضة السورية كثيرا ما مفاده أن الحكومة السورية قد أطلقت العديد من المساجين المنتمين للقاعدة، وزودتهم بالمال والسلاح، مع تكليفهم بمهمة واحدة، هي أن يعيثوا فسادا عبر ارتكاب أعمال وحشية، بل فيها مغالاة في الوحشية، بغية اثارة الرعب في قلب العالم الأوروبي والأميركي من خطر الارهاب، وتقديمه للعالم على أنه الخطر الأكبر، والقوة الوحيدة المؤهلة لتولي زمام الأمور في "سوريا" اذا سقط النظام السوري. وكان الهدف السوري من ذلك، كما تقول المعارضة السورية، السعي للحصول على تأييد أميركا والدول الغربية، في وجوب التعامل مع الارهاب والارهابيين قبل كل شيء، مع التخلي عن مشروعهم لاسقاط النظام السوري، باعتبار أن خطر الارهابيين ممثلا ب"داعش"، بات هو الخطر الملح والأكثر مداهمة على كل شيء آخر.
ولكن الذين نشروا هذا الادعاء، فاتتهم عدة أمور: 1) أن عدد المساجين السوريين المطلق سراحهم، لا يمكن أن يكون بهذا العدد الضخم من المقاتلين الذي تضمه منظمة "داعش". فعدد المساجين قد يكون بالمئات، وفي أسوأ الحالات بالآلاف. ولكن ليس من المعقول أن يبلغ عددهم عشرات الآلاف، حيث تتحدث الأرقام عن وجود أربعين الى خمسين الفا يقاتلون ضمن "داعش" السورية. 2) "داعش" تضم مقاتلين من الشيشان، ومن افريقيا، ومن الصومال، واليمن، وباكستان ودول أخرى عديدة. فهل كان في سجون سوريا هذا العدد من المساجين غير السوريين لتطلقهم الحكومة السورية بغية انضمامهم لحركة داعش ذات التبعية السورية؟ 3) صحيح بأن "داعش" تقوم حاليا، بين الفترة والأخرى، بمقاتلة السلفيين، وأحرار الشام، والجيش السوري الحر. وقد يدعي البعض بأنها لكونها من صناعة "سوريا" وصنيعتها، تقاتلهم نيابة عن الحكومة السورية. لكن البعض ينسى أمرين هامين: أ) أنها تقاتل الجيش السوري النظامي أيضا. فاذا كانت من صناعته وصنيعته، كيف تقوم بعمليات قتالية وحشية ضده؟ ب) أن "داعش" قد ارتكبت أعمالا وحشية كبرى ضد الجيش السوري والشعب السوري. فقد قتلت أكثر من مائة وخمسين مواطنا سوريا في مدينة (عدرا) العمالية. وقد قتلتهم على الهوية كما كان يحدث في لبنان في الحرب الأهلية هناك، اذ قتلت كل من كان مسيحيا، أوكرديا، أودرزيا، أوعلويا. ج) كما قتلت المئات من النساء والرجال والأطفال العلويين في ثمان قرى علوية في ريف اللاذقية لدى اجتياحها تلك القرى في مسعى منها للوصول الى ميناء "اللاذقية"، بغية تأمين مدخل بحري لأسلحتها ورجالها، يغنيهم عن الاعتماد على الحدود التركية كوسيلة وحيدة للدخول الى "سوريا". د) أن "داعش" قد أعدمت بدم بارد وأمام الكاميرات، عددا من الجنود السوريين، بغية بث الذعر في قلوب بقية الجنود السوريين. وقد فعلت ذلك في مخالفة واضحة منها لاتفاقية "جنيف الرابعة" الخاصة بكيفية التعامل مع الأسرى من الجنود والمدنيين. 4) أن "داعش" كانت موجودة في "العراق"، باسم آخر، قبل اشتعال العصيان في "سوريا"، وكانت عندئذ تقتل الكثير من العراقيين من خلال عمليات تفجير السيارات والانتحاريين. فكيف يمكن بعد ذلك التنسيق مع من يقاتلون ضد الحكومة العراقية، الصديقة الودود لسوريا؟ كيف؟
وهكذا يبدو تدريجيا ضرورة استبعاد الاحتمال بكون الحكومة السورية هي من تمول وتسلح "داعش" وتدفع فاتورتها. فاذا لم تكن "سوريا" هي التي تسدد فاتورة "داعش"، فمن يبقي بعد ذلك على جدول الممولين المحتملين ودافعي كلفة فاتورة "داعش" الكبيرة. لم يبق الا "جمعيات الاغاثة الاسلامية" و"اسرائيل" وأنصار "صدام حسين"، الرئيس الراحل.
ويفترض أن تقتصر مهمات جمعيات الاغاثة الاسلامية التي تجمع أموالها من تبرعات الاسلاميين ومن بعض أموال الزكاة، أن تقتصر مهمتها على نشر الدين الاسلامي، والمساهمة في الأعمال الانسانية في حالة وقوع الكوارث كالزلازل والفيضانات بل والحروب أيضا التي تؤدي الى ظهور قضايا اللاجئين عادة. ولكن مهمتها في الأساس هي اغاثة من تضرروا من الحروب وليس المساهمة في اشعال الحروب. وتردد في بعض الأحيان أن "جمعيات الاغاثة الاسلامية" ربما مولت، أو ما زالت تمول بعض نشاطات منظمة القاعدة ومنظمات اسلامية أخرى التي قد تكون "داعش" من بينها. ويعزز هذا الاحتمال، ما كشفته الحكومة التركية قبل بضعة أسابيع من كون تلك المنظمات، تحت ستار ارسال الاغاثة الى مناطق القتال، كانت تقوم بتهريب بعض المقاتلين الى الداخل السوريضمن قفواقفل الاغاثة التي ترسيلها الى سوريا. ولكن اذا كان ذلك صحيحا ولو الى حد ما، فان تلك الجمعيات لن تكون قادرة على المضي في تمويل حركات قتالية بشكل واسع، لكونها جمعيات خاضعة لمراقبة دولية، ولمراقبة الدول التي تقيم على أراضيها بفروعها المتعددة والمنتشرة في عدة بلدان اسلامية. كما أنها تتلقى الكثير من التبرعات من دول الخليج الثرية وأبرزها السعودية وقطر والامارات والكويت. وبعض هذه الدول كالسعودية وقطر، لا بد أن تضغط لوقف تمويل كهذا، لو تبين أن الجمعيات تمول بعض نشاطات "داعش"، خصوصا بعد شروع مقاتلي تلك المنظمة، بخوض المعارك ضد الجبهة الاسلامية والمقاتلين الآخرين المدعومين من السعودية وغيرها من دول الخليج. ومن هنا يرجح أنه اذا وجد فعلا تمويل من جمعيات الاغاثة الاسلامية، فهو محدود وغير قادر على الاستمرار طويلا. ومن هنا يطرح التساؤل مرة أخرى: من يمول "داعش" اذن؟ هل هي "اسرائيل" أم الجماعات المؤيدة للرئيس الراحل "صدام حسين"؟
كنت قد ذكرت أنني سأتعرض لاسرائيل قبل التعرض لمناصري "صدام حسين" كممولين محتملين ل"داعش". ولكني بت أفضل الآن أن أتعرض لاحتمال كون أنصار "صدام حسين" كممولين محتملين، قبل التعرض لاسرائيل كممولة لها.
ففي عام 1999 لدى زيارتي الأخيرة ل"بغداد"، جاءني في اليوم الأخير لزيارتي تلك (وكانت زيارة قصيرة لم تستغرقني الا يومين)، أخ عراقي منتدبا من الأستاذ "طارق عزيز" (أبو زياد) نائب رئيس الوزراء العراقي آنئذ، ليبلغني بأن الأستاذ "طارق" قد علم بوجودي في بغداد، وهو يرغب في لقائي يوم غد ليدردش معي حول أي تطور في رؤيتي الاستراتيجية بخصوص مستقبل "العراق". وكان الأستاذ "طارق عزيز"، القابع الآن في السجن رغم مرضه وكبر سنه، قد اطلع من قبل على مخطوطة كتابي بعنوان "استراتيجية نهاية المطاف"، وأبدى اعجابه بالتحليل الاستراتيجي الذي أوردته حول ما يجري في "العراق"، والمستقبل المنتظر لذاك البلد الخاضع في ذلك الوقت لقرار مجلس الأمن رقم 687 الذي فرض على العراق استقبال لجان تفتيش دورية تبحث عن نشاطات "العراق" النووية والكيماوية والبيولوجية والصاروخية. وكان بعد قراءته للكتاب ، قد دعاني في مرتين أو ثلاثة الى مكتبه، للاطلاع مني على ما تطور من اجتهاد لدي في رؤيتي حول ما هو متوقع للعراق مستقبلا من قبل الأميركيين.
والواقع أن طلبه الأخير للالتقاء بي، والذي جاء به مندوبه، كان محرجا لي لأنني كنت قد أعددت العدة لمغادرة "بغداد" برا مع الفجر، نظرا لوجود ارتباطات ضرورية لي في "عمان". وهكذا حاولت الاعتذار للشخص المنتدب، الذي كرر علي بأن "أبو زياد" قد أكد عليه ضرورة الالتقاء يوم غد، وهو قد حدد يوم غد وليس اليوم، نظرا لالتزامه المسبق بارتباطات ضرورية. وكنت أقدر أسباب الاصرار على اللقاء، وهو كون "طارق عزيز" كان من يرسم، بالاشتراك مع الرئيس الراحل "صدام حسين"، استراتيجية العراق المستقبلية. وهو لذك يريد أن يطلع مني، ولو من باب الاستنارة فحسب، على رأي آخر، كاحتمال وجود تطور جديد في رؤيتي حول المستقبل الاستراتيجي للعراق. ولكنني اضطررت للاعتذار مرة أخرى، مستدركا بأنني قد كتبت فصلا اضافيا سوف الحقه بالكتاب، وهذا الفصل يورد آخر ما رأيته من احتمالات تنتظر العراق مستقبلا. واقترحت أن أقدم "لأبي زياد" "فوتوكوبي" من ذاك الفصل، مؤكدا بأن الأستاذ "طارق" سيجد فيه الاجابة الكافية لما كان يتوقع سماعه مني.
واتفقنا على ذلك بعد أن تأكد للمندوب أنه لا مفر منه. فذهبنا الى احدى المكتبات، واستنسخت له نسخة من ذاك الفصل الجديد في كتابي: "استراتيجية نهاية المطاف" والذي كان يدعو، كما أوضحت سابقا، الى وجوب دراسة أية استراتيجية في نهاية مطافها وتفاعلاتها بما قد تحمله من تطورات، وليس فحسب على ضوء الأثر المباشر المتوقع لها. وذهبت بعد ذلك الى "وزارة الاعلام"، ووضعت ختم الوزارة على أوراق ذاك الفصل الذي وضعته في مغلف كاكي، بغية تسهيل مروره عبر الحدود العراقية، اذ تخوفت أن يثير مضمون الفصل، متاعب لي مع الأمن العراقي الذي يفتح كل شيء ويقرأ كل شيء في مرحلة التفتيش الحدودي. والغريب في الأمر، أن هذا المغلف الذي بقي على مكتبي في "عمان" لعدة شهور بانتظار توفر المبلغ اللازم لطباعة الكتاب ونشره، قد اختفي فجأة من مكتبي بطريقة غامضة.
وكنت في هذا الفصل قد رجحت فيه منذ عام 1999، تصميم الولايات المتحدة على غزو العراق في وقت قريب. كما قدرت أن العراق مهما بلغت قواته وتنظيماته العسكرية، لن يستطيع الصمود في وجه دولة كبرى كالولايات المتحدة، بقواتها الكبيرة وطائراتها ودباباتها وصواريخها وأقمارها الصناعية، اذ أنها سوف تستطيع السيطرة على كامل الأراضي العراقية بما فيها بغداد, ولن يبقى أمام العراقيين الا النزول تحت الأرض، والمقاومة بأساليب مختلفة بغية الحاق أكبر قدر من الضرر بالمحتل. ولكن تحقيق ذلك لن يكون ممكنا للعراقيين، اذا لم تتخذ اجراءات احتياطية مسبقة، بحيث تدفن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات في عدة مغر وآبار وحفر، لاستخدامها لدى الشروع بالمقاومة. وبما أن البنوك سوف تقفل، وسوف يوضع حجر فوري على ما تبقى من أموال في البنوك العراقية والأجنبية، فانه يتوجب على العراقيين أن يسحبوا مليارات الدولارات نقدا من البنوك، وأن تخزن هذه الأموال بدورها في مغر وآبار وحفر، بغية استخدامها في أعمال المقاومة. فالسلاح وحده لا يكفي للمقاومة، اذ ستكون المقاومة بحاجة الى تمويل نقدي الى جانب الامداد بالسلاح والذخيرة والمتفجرات.
وبالفعل، كما توقعت، قام الرئيس جورج بوش الابن في عام 2003، بغزو العراق متذرعا بأسباب واهية، واحتلت قواته كامل الأراضي العراقية بما فيها "بغداد". وهنا بدأت مقاومة عراقية شرسة استمرت عدة سنوات. وساهم فيها، اضافة الى أعضاء من"حزب البعث، بعض أنصار الامام الصدر. اذ شرع أعضاء "حزب البعث" آنئذ، بمشاركة مواطنين عراقيين آخرين، بمقاومة الاحتلال الأميركي وذلك تحت مسميات مختلفة منها: "الجيش الاسلامي" في العراق، و"جيش المجاهدين"، و"كتائب ثورة العشرين"، و"الجبهة الاسلامية للمقاومة العراقية". وقد اتخذت المقاومة أسماء وشعارات اسلامية، ربما سعيا للحصول على تأييد شريحة أكبر من الشعب العراقي. ومع ذلك، فان مجموعة معينة منهم، حافظت على هوية الحزب وشعاراته، وتلك هي "جيش الطريقة النقشبندية" التابعة "لعزت ابراهيم الدوري"، نائب الرئيس "صدام"، والمعروف باتباعه للطريقة "النقشبندية" الصوفية، علما أن "عزت ابراهيم" كان من أبرز القيادات العراقية التي عجزت سلطات الاحتلال عن اعتقالها، ويرجح أنه بات يقيم بعد فراره من العراق، في مكان مجهول يرجح أنه خارج القطر، ومن مخبئه ذاك، يدير عمليات المقاومة ضد الأميركيين، وبعدهم ضد حكومة "المالكي"، باعتباره رئيس الجمهورية العراقية الشرعي كما يقول على صفحته الأليكترونية.
ولكن تلك المقاومة توقفت فجأة بعد بضع سنوات، خصوصا وأن الحكومة العراقية التي شكلها الاحتلال، قد أصدرت قانونا بمحاربة "حزب البعث" واجتثاثه. فكانت تعتقل كل من انتمى الى الحزب، أو كان على علاقة ولو واهية بأعضائه، مما شل الحزب عن العمل لفترة طويلة. ولكن بعد انسحاب المحتل الأميركي من الأراضي العراقية في عام 2011، عادت المقاومة الى الظهور بكثافة باسم "دولة العراق الاسلامية" التي تحول اسمها فيما الى "داعش" كما سبق وذكرت.
وكان تنظيم "دولة العراق الاسلامية" قد تأسس في عام 2006 من مجموعة من المقاومين برايات اسلامية، مع تلقيه الدعم، وربما التعاون بينه وبين جيش الطريقة "النقشبندية" التابع "لعزت ابراهيم الدوري". وأعلن تنظيم "دولة العراق الاسلامية"، المشابه في تنظيمه لتنظيم القاعدة (التي انتمى اليها في حينه)، والمشابه أيضا للقاعدة في قسم الولاء لأميرها، عن أهدافه التي تضمنت تأسيس امارة اسلامية في "الأنبار"، وفي محافظات "ديالى"، و"نينوى" (الموصل)، و"صلاح الدين"، وفي أجزاء من "بابل". وهذه جميعها محافظات يقطنها المسلمون السنة الذين لا يكنون الود لحكومة "نور المالكي" ذات الصبغة الشيعية.
ولم يستطع أحد أن يجزم ما اذا كان ظهور "دولة العراق الاسلامية"، هو عودة للممقاومين "البعثيين" باسم آخر، أم هو شيء آخر تماما. ولكن عزز الاشتباه في وجود أصابع للبعثيين في صفوف "دولة العراق الاسلامية"، اندماج او تحالف جيش الطريقة "النقشبندية" البعثي معهم. وقد يكون مضمون التعاون بين الطرفين، هو قيام "دولة العراق الاسلامية" (العاملة في ذلك الوقت تحت راية القاعدة بزعامة بن لادن ثم أيمن الظواهري) بتقديم المقاتلين، وخصوصا الانتحاريين منهم، على أن يقوم جيش الطريقة "النقشبندية" بتزويدهم بالذخيرة والمتفجرات والأموال المخزنة هنا وهناك، والتي يعرف البعثيون فحسب مواقعها؛ هذا ان كان العراقيون قد قاموا فعلا بتخزين السلاح والمتفجرات والأموال في أماكن مجهولة ومتفرقة.
وهذا احتمال جدير بالدراسة، اذ عززه أيضا أن الكثير من القيادات العسكرية في تنظيم "دولة العراق الاسلامية"، هم ضباط عراقيون برتب عالية كانوا في الخدمة العسكرية في عهد الرئيس "صدام"، وقيل بأنهم كانوا معروفين بولائهم له. ومن هؤلاء الضابط الطيار "سمير خليفاوي" الخبير بالأسلحة الكيماوية، و"أبو مهند السوداوي" الملقب الآن ب "أبي ايمن العراقي" والذي كان ضابطا برتبة مقدم، والعقيد الركن "حاج بكر" الملقب ب "ابو بلال المشهداني" الذي أصبح اليد اليمنى ل "أبو بكر الغدادي" زعيم "داعش".
الا أن صديقا عراقيا لي من أنصار الرئيس "صدام"، ويعيش الآن في المهجر، لكنه ما زال على اتصال وثيق بالناشطين في العراق بسبب مهنته التي تتركز على دراسة الارهاب والارهابيين، قد نفى ذلك مؤكدا لي أن "حزب البعث" ما زال يقاتل بصفته الحزبية البعثية، وهو الآن يقاتل الحكومة العراقية في "الانبار" وفي "الفالوجة"، جنبا الى جنب مع مقاتلي العشائر، ومقاتلي "دولة العراق الاسلامية" التي باتت تسمى الآن ب "داعش". وعزز القول بوجود "بعثيين" عراقيين يقاتلون في الفالوجة والأنبار، ما ذكره أيضا "عدنان الأسدي" الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية العراقية في لقائه مع "قناة العربية". اذ أكد أن من يقاتل الجيش العراقي في الأنبار والفالوجة، هم العشائر وداعش والنقشبندية، في اشارة الى رجال "عزت ابراهيم الدوري". وهذا كلام يرجح بأن "داعش" كما يبدو، تعمل بشكل مستقل، مع عدم استبعاد وجود بعض التعاون بينها وبين بعثيي العراق.
لكن اذا كان البعثيون يحافظون على بعض التعاون مع "داعش" في العراق، فانه من المستبعد تماما أن يكون هناك تعاون معها في قضية عمليات "داعش" القتالية في سوريا التي يحكمها أيضا "حزب البعث العربي الاشتراكي"، رغم وجود خلافات سابقة بين فرعي الحزب، فرع سوريا وفرع العراق. فهذه الخلافات باتت تبدو الآن أقل أهمية من ذي قبل على ضوء ما تعانيه سوريا من الحرب الداخلية، وما يعانيه "العراق" كافراز للاحتلال الأميركي وما تبعه من حلول حكومة غير مقبولة للشعب. فاذا وجد تعاون ما بينهما، أي بين "البعث"، ممثلا في جيش "الطريقة النقشبندية"، و"داعش"، سواء بالتنسيق القتالي أو التسليحي، فانه يظل تعاونا محدودا ومحصورا في الساحة العراقية، ولا يمكن أن يمتد لتعاون آخر كتمويل وتسليح "داعش" المتواجدة في الجانب السوري.
فاذا استبعد "البعثيون" من كونهم الممولين بشكل كامل "لداعش" العراقية، وبكونهم غير ممولين على الاطلاق ل "داعش" - الجناح السوري (الذي يقاتل الأصدقاء السوريين)، فمن يمول اذن "داعش" السورية، ويسدد فاتورتها الكبرى؟ هل هي "اسرائيل"؟
والواقع أن اسرائيل، قد تكون هي المرشح الأقوى في صناعة "داعش" وتحويلها الى صنيعتها من خلال تمويلها ودفع فاتورتها، لأن "داعش" رغم انتمائها السابق الى "القاعدة" التي تذكر في أدبياتها أنها تسعى لمحاربة "اسرائيل" وتحرير "القدس" و"الأقصى"، (رغم أن كل شيء يدل على أن سلوك القاعدة ومن سار على دربها من السلفيين، باتوا يرون أن الطريق الى القدس ينبغي أن يمر بدمشق)، فانها (أي داعش) قد تحررت من سطوة "القاعدة"، وبالتالي تخلصت من الالتزام "القاعدي"بمحاربة "اسرائيل" وتحرير القدس والأقصى، مما يجعلها متناغمة وغير متعارضة مع الأهداف الاسرائيلية. ويرجح وجود الانسجام بين "داعش" و"اسرائيل"، كون "داعش" تقف أحيانا في "الجولان" وعلى مواقع قريبة من المواقع الاسرائيلية، ومع ذلك فهي تطلق النار على السوريين، وليس على الاسرائيليين المتواجدين أحيانا على بعد مرمى حجر منها. كما أن بعض الجرحى من "داعش"، غالبا ما ينقلون الى داخل اسرائيل، وليس لتركيا مثلا، لتلقي العلاج فيها. أضف الى ذلك ما تردد مؤخرا على لسان مصادر سورية، بوجود ضباط اسرائيليين في سوريا، يخططون ويقودون منظمة "داعش".
وقد يرى البعض أن اسرائيل" – العدو الأكبر لسوريا – وجدت أنه من الضروري أن يتواجد لها على الأراضي السورية مقاتلون يأتمرون بأمرها، لتكون صاحبة كلمة فصل في أي حل يطرح للمعضلة السورية. وبما أنها ك"تركيا"، لم تكن قادرة على ادخال قواتها الرسمية بشكل مباشر في الصراع، لما يؤديه ذلك من ردود فعل دولية، وظهور "اسرائيل" بمظهر القوة الغازية لسوريا، اضافة الى ما سيسببه ذلك من حرج للدول العربية (كالسعودية وقطر) المشاركة في الصراع على الأرض السورية، فقد وجدت اسرائيل أنه من الملائم استقدام مقاتلين من المرتزقة، وربما من "داعش" حصرا، للمقاتلة في "سوريا" نيابة عنها، علما بأنها (أي اسرائيل) ستكون عندئذ في وضع أفضل من وضع "تركيا" و"السعودية" و"قطر"، اللاعبين بشكل رئيسي على الساحة السورية، لأن أولئك يعتمدون على الحدود التركية المفتوحة، لمرور السلاح والمقاتلين الى سوريا. فاذا ما اضطرت "تركيا" لاغلاق حدودها أمام هؤلاء نتيجة ضغوط دولية، فان "اسرائيل" تظل في وضع أفضل، لوجود حدود لها مع سورية، تمكنها من المضي قدما في تزويد المؤتمرين بأمرها بالسلاح والرجال، رغم وجود مراقبين دوليين على تلك الحدود، الأمر الذي يمكن التغلب عليه بحفر أنفاق (شبيهة بتلك التي حفرت بين الحدود المصرية الغزاوية) يستخدمها المقاتلون في التدفق عبرها الى الأراضي السورية.
ف"اسرائيل" هي اذن المستفيد الأكبر من "داعش" ومن تحركاتها وأفعالها البشعة. كل ما في الأمر، أن ما يثير الشكوك حول هذا الاحتمال، هو أن "الولايات المتحدة"، الحليفة الأكبر لاسرائيل، تكشف باستمرار عن مخاوفها من "القاعدة" أو ممن سار على هداها في سورية، ك"داعش" و"النصرة". واتفقت مع "روسيا"، كما كشفت التقارير في حينها، على أن تحول مؤتمر "جنيف2" الى مؤتمر لمكافحة الارهاب. والمقصود بالطبع ارهاب "داعش" و"النصرة" أيضا. فالجبهة الاسلامية لم تصنف بالضرورة بعد كمنظمة ارهابية. فهل يمكن أن تتبني "أميركا"، مع عدم اهمال الضغوط الروسية عليها، محاربة "داعش"، اذا كانت "داعش" من صناعة "اسرائيل" وصنيعتها وتخدم مصالحها بشكل جلي؟ قد يبدو هذا الأمر مستبعدا، الا اذا كانت أميركا تناور بادعائها الرغبة في محاربة الارهاب دون أن تكون جادة في ادعائها، طالما أنها ترى أنه ارهاب مسيطر عليه اسرائيليا وبالتالي أميركيا. وقد يرجح هذا الاحتمال، ان مؤتمر "جنيف2" الذي أشيع في حينه، بأنه سيكون مؤتمرا ضد الارهاب بالدرجة الأولى، قد انقضت مرحلة هامة من مراحله، دون أن يتطرق أحد الى قضية الارهاب بشكل جدي. وقد لايتم التطرق اليه أبدا، خصوصا مع انشغال الروس بقضية "أوكرانيا".
واذا كانت هذه كلها مجرد ترجيحات، فانها تظل كذلك في حدود تمويل ودفع فاتورة "دولة العراق الاسلامية"، ثم ما آلت اليه كحركة "داعش"، اثناء مراحل قتالها ضد الجيش السوري النظامي. أما بعد أن دخلت مرحلة القتال ضد الجبهة الاسلامية واحرار الشام والنصرة ولجيش السوري الحر وغير ذلك من التنظيمات، فانه يصبح من شبه المؤكد، لا المرجح فحسب، أن أيا من الدول سابقة الذكر، لم يعد له مصلحة في تمويل "داعش" وتسديد فاتورتها الا "اسرائيل" وربما حليفتها "اميركا". فلا السعودية ولا قطر ولا تركيا بل ولا الكويت، لهم مصلحة في ذلك، بل باتت مصلحتهم في مقاتلة "داعش" لا تقديم العون المالي والتسليحي لها. فالجهة الوحيدة التي تظل مصلحتها قائمة بقاء "داعش" فاعلة دون أن تتأثر بالتطورات، هي اسرائيل (وربما أميركا) مما يعني مضيها في دفع فواتير "داعش" في جميع الأحوال.
ومع ذلك فان هذا التحليل في هذه الدراسة، يظل مجرد اجتهاد معتمدا على ترجيح العقل والمنطق، دون الاستناد، كما سبق وذكرت، الى أدلة مادية أو ملموسة ترجح ما وصل اليه هذا الاجتهاد، الذي لم يصل بعد في حقيقة الأمر، الى نتائج حاسمة، أو حتى شبه حاسمة، تاركا للقارىء أن يرجح بنفسه، لنفسه، الاحتمال الذي يقدر بأنه أقوى الاحتمالات. فلا شيء يؤدي بنا الى الحقيقة الحاسمة، الا ما يكشفه المستقبل، والذي قد يترتب علينا أن ننتظره طويلا.
ميشيل حنا الحاج
عضو جمعية الكتاب الأليكترونيين الأردنيين.
عضو مركز حوار للدراسات الاستراتيجية الجديدة.
عضو مجموعة (Think Tank) للدراسات الاستراتيجية الفلسطينية.
عضو مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو منتدى العروبة - عضو مجموعة مشاهير مصر.
عضو رابطة الأخوة والصداقة اللبنانية المغربية.
عضو في عدة مجموعات أخرى كثيرة.








#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تقدم الولايات المتحدة الأميركية على حرب اليكترونية ضد سور ...
- ماذا عن اغتيال الأفكار والمبادىء، وماذا عن اغتيال الشعوب وآخ ...
- هل أصبح الصراع بين الشيعة والسنة، أكثر أهمية وضرورة من صراع ...
- الواقع الفلسطيني المؤلم على ضوء الواقع العربي البائس
- ماذا عن الصراع داخل المقاومة السورية، وهل باتت هناك مقاومة ل ...
- هل ما يجري في سوريا حرب حقيقية، أم هي حرب -دون كيشوتية-؟
- أهلا جنيف 2 ومرحبا: مؤتمر جنيف2 : ما قبله، وما بعده، والاتفا ...
- مع اقتراب مؤتمر جنيف2،هل بدأت الحرب ضد الارهاب في المنطقة، و ...
- كتاب مفتوح موجه للبي بي سي
- هل يسعى مؤتمر جنيف2 لاعلان الحرب على الارهاب بنقله للبنان، أ ...
- كتاب مفتوح موجه الى صديق
- هل تقرع أجراس -الميلاد- للمطرانين، ولراهبات دير -مار تقلا- ف ...
- من هم الرابحون ومن هم الخاسرون سياسيا في الحرب السورية؟
- هل اقتنعت دول العالم أخيرا أن -القاعدة- خطر عليهم كثر من كون ...
- هل سميت الثورات العربية الحديثة بثورات -الربيع- لكونها ثورات ...
- أين استراتيجية -نهاية المطاف- في أدمغة قادة المعارضة السورية ...
- أين استراتيجية -نهاية المطاف- في أدمغة القادة الأتراك ، وأدم ...
- أين استراتيجية -نهاية المطاف- في أدمغة القادة الأميركيين ؟
- هل تلاشى الحلم العربي بالوطن العربي الكبير، ليصبح الأردن الو ...
- متى يزهر الربيع العربي في أروقة الجامعة العربية ويحولها الى ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - ما هي الاحتمالات الأكثر ترجيحا حول من يمول -داعش- ويسدد فاتورتها؟