أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - طفلة زنا للبيع














المزيد.....

طفلة زنا للبيع


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4381 - 2014 / 3 / 2 - 05:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تخيلوا معي طفلةً يتم إيجادها على قارعة الطريق في قريةٍ صغيرة..الطفلة مُلقاة في ذلك الصندوق الكرتوني الخالد الحاضر في مثل تلك المشاهد..إذاً هي ثمرةٌ لخطيئةٍ أُلقيت لمن سيجدها فيشفق عليها إما بالتقاطها و إيصالها إلى أحد دور الرعاية أو بقتلها فيريحها من مستقبلٍ لا إنساني ينتظرها في مجتمعٍ يدعي دائماً الإنسانية أو بالقيام بالحل الأصعب و هو نسب تلك اللقيطة لنفسه.

قلت أنه أصعب الحلول و لكنه في الواقع أسهلها لأن كل ما يتطلبه الأمر هو بعض الشجاعة فقط لإنجازه..و لكن في بعض الحالات يصبح الدافع لهذا العمل ليس الشجاعة فقط و لكن الرغبة في الظهور بالمظهر البطولي خاصةً لو كان المجتمع يعجُ بالجبناء..فهنا تصبح البطولة سلعةً أغلى من الشجاعة بعدة دنانير إضافية.

و لكن لنترك تلك الطفلة و مصيرها قليلاً و لنقفز لما قبل مولدها بثلاث سنوات..فقد ولدت ما تُسمى اعتباطاً "الثورة اليمنية الحديثة" في الـ 11 من فبراير من عام 2011 م..و كانت عبارةً عن ثمرةٍ محرمة لعلاقةٍ أكثر حُرمة بين أفرادٍ من الطبقة الحاكمة و بين ثلةٍ من الثائرين على أمرٍ رضخوا له لعقودٍ طويلة باختيارهم و برغبتهم..و هنا تبرز السخرية بعنقها في أكثر صورها قسوة..أي في الثورة على واقعٍ أنت صنعته بكامل إرادتك الحرة و رسمت تفاصيله بكل سعادة!!.

سيقول لي البعض و لكن في سبيل إنجاب تلك الطفلة قُتل الكثيرون..و لكن لنكن صادقين كثيراً و لنكف عن التجمل قليلاً..هم لم يُقتلوا حقيقةً و لكنهم و بكل قسوة مارسوا الانتحار بكل عبثية..فلقد كانوا تجسيداً لليأس في أبشع صوره..ذلك اليأس الذي يحاول الآخرون تجميله بلفظة "شهيد" المُستهلكة لدينا حد النفاذ..أنه اليأس الذي جعلهم يستقبلون الرصاص بصدورهم العارية من الحياة مُسبقاً..و ليس لأن أرواحهم كانت مليئةً بالشجاعة أو لأنهم كانوا تجسيداً للبطولة و لكن لأنهم علموا علم اليقين أن حياتهم ستظل بلا قيمة طالما أنهم أحياء يُرزقون..لهذا فلنجعل لها قيمةً بالموت..فالموتى دائماً على حق..و لهذا و حتى لو كانت قيمةً وهمية لهم فلا بأس فسيظل هناك من يتغنَّى بهم و ببطولتهم و شجاعتهم بعد موتهم لعدة سنواتٍ إضافية.

حسناً حدث ما حدث و تم إنجاب تلك المولودة بولادةٍ مُتعسرةٍ مليئةٍ بالدماء و لكن ماذا عن النسب؟؟..هنا من الطبيعي -و أقصد بالطبيعي هو ما يحدث تلقائياً في العالم العربي- أن يفر الجميع هارباً من نسب تلك الطفلة إليه و لكن في اليمن حدثت تلك الحادثة بالعكس..أي تصارع الجميع على نسب هذه الطفلة المُعاقة اجتماعياً قبل فكرياً إليه..و هكذا فجأة و بدون مقدمات بدأ الجميع بالتحدث عن أنه هو من كان موجوداً في ليلة زرعها في رحم تلك البائسة..الجميع بدأ في سرد تواريخ علاقته بها ليثبت للآخرين ذلك النسب المُقدس..الجميع أصبح يقاتل من أجل إثبات نسب تلك الطفلة إليه.

راقت لكم القصة؟؟..رائع ففي الأسبوع القادم سنشاهد جميعاً بقية أحداثها بشكلٍ مباشر..و لأني أعلم مدى تعطشكم لتتبع فضائح الآخرين فأراهنكم أنها ستحصد متابعةً عريضة..فقط تذكروا أن أحداث قصتنا الفضائحية الصغيرة سيتم استكمالها في الـ 11 من فبراير..حيث سيتم القتال على إثبات نسب تلك الطفلة ذات الثلاثة أعوام..فبعد عدة أيام قليلة ستبدأ تلك المعركة المهزلة بنزول الجميع للمطالبة بنسبها إليهم.

فالمؤتمريون سينزلون في ذلك اليوم للمطالبة بتطهير طفلتهم من فساد حكومة الوفاق و لمحاسبة الفاسدين في تلك الحكومة..متجاهلين حقيقة أن الفاسدين كانوا من حزبهم بشكلٍ رئيسي و شبه حصري لمدة 33 عاماً و ظلوا دون محاسبة بل بالكثير من التغنَّي..و لكن لا بأس فالشرف في اليمن يأتي حسب الهوى و المصالح و حالياً هو وقته و موسم أمطاره.

و الاشتراكيون سينزلون هم أيضاً للمطالبة بأن يتم إعادة تأهيل طفلتهم فكرياً عن طريق محاسبة الفاسدين لعل و عسى أن يتمكنوا بتلك الشعارات المُكررة من استعادة ورقة النضال الثوري التي فقدوها منذ زمن طويل..منذ أن وافقوا كقيادات ممارسة الصمت تجاه أي فساد أخلاقي مالي و حتى وطني يمارسه شركاؤهم في التحالفات السياسية طالما أن صمتهم سيجعلهم يحافظون على مقعدهم الوحيد معهم في تلك الشراكة.

الإصلاحيون أيضاً سينزلون للمطالبة بختان طفلتهم لتعميدها على طريقتهم..فهم أكثر من قدم لتلك الطفلة من تضحيات و القتلى في سبيل معركة النسب أغلبهم من حزبهم..و إن تساءلت هل قاموا بسؤال الجثث عن إنتماءاتها الحزبية سأقول لك و هل سنكذبهم فقط لأن الجثث لا تنطق!!..يجب أن نتحلى بمزيداً من الثقة و الإيمان بأقوالهم أفلا يكفينَّا أن الله معهم شاهداً!!.

فقط الحوثيون لن يطالبوا بها..و هنا أقف احتراماً "مؤقتاً" لهم..و لكنهم لن يطالبوا بها ليس لأنهم لا يرغبون بنسبها إليهم و لكن لأنهم يملكون طفلتهم الخاصة بهم..طفلةٌ تنمو ببطء و لكن بقوة..فليسوا بحاجةٍ لخوض معارك مع الآخرين لإثبات نسب طفلةٍ إضافية إليهم خاصةً و هم المتهمون دوماً بأنهم جميعاً نتاجٌ لعلاقاتٍ مُحرمة..فلديهم سلفاً مُعضلة إثبات نسبٍ "دائمة" لا تحتاج للمزيد من التعقيد.

الجميع سينزل للمطالبة بنسب تلك الطفلة إليه و لكن الوحيد الذي لن يطالب بها أبداً هو من كان سبب وجودها..لأنه كلما رآها سيتذكر أنها طفلة الزنا التي يتمنى لو كان بيده قتلها فيمحيها من الوجود كما خطيئته..و لهذا ستظل طفلة زنا القرية قابلٍة للبيع لمن يدفع أكثر..و أثق أن من سيدفع أكثر هو من سيحصل عليها ليس مؤقتاً و لكن لتاريخٍ طويل يرويه لأبنائه..فالتاريخ دائماً ما يكتبه من يملك أموالاً أكثر.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يمن جديد!!
- رغبةٌ و اشتهاء و بينهما نحن
- الأرباب الصِغار
- طفل البسكويت و طفل العامود
- إغتصاب هدى
- صور
- مَدِّد يا هادي و لا تُبالي
- شجرة بمنزلة نبيَّ
- رداد يمتهن النساء*
- الجمهور عايز كده
- و جُعلتَ لي مسجداً
- النوم على صدر الحُسين
- فتاة لليلة واحدة
- لهو رباني -قصة-
- الشهر الذي اُنزل فيه النفاق
- شيخ الخصيان – 5
- شيخ الخصيان - 4
- شيخ الخصيان – 3
- شيخ الخصيان – 2
- شيخ الخصيان - 1


المزيد.....




- ريانا تتألق بإطلالة زرقاء ناعمة في فستان مستوحى من أزياء الس ...
- لماذا قد يُلوث هاتفك المحمول القديم تايلاند؟
- إسرائيل تريد التطبيع مع سوريا ولبنان لكنها -لن تتفاوض- بشأن ...
- رواية -نديم البحر- لحكيم بن رمضان: رحلة في أعماق الذات الإنس ...
- مصر.. تحذير السطات من ترند -الكركم- يثير الانتقادات!
- شاهد.. ملاكم يتعرض لصعقة كهربائية أثناء احتفاله بالفوز
- غزة وتشكيل لوبي عربي في سلم أولويات مؤتمر الجاليات العربية ب ...
- قصف هستيري على غزة يعيد مشاهد بداية العدوان الإسرائيلي
- ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا
- إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زين اليوسف - طفلة زنا للبيع