|
من اجلنا يصنعون الحروب
مرثا بشارة
الحوار المتمدن-العدد: 4379 - 2014 / 2 / 28 - 22:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من اجلنا يصنعون الحروب
لطالما سخرتُ ممن يروجون لنظرية المؤامرة ، ورُغم عشقي لكل ذرة تراب من ارضي العربية، كنت اظن انني اري الامور بواقعية تفرضها مجريات الاحداث و ما يكمن خلفها ، وليس مجرد عواطف جياشة تعمي او تتعامي ان تري الحقيقة بدافع عشق هلامي للوطن ، كان جوابي دائما : علي ما يحسدنا الغرب و يتربّص بنا و يدبر لنا المؤامرات و نحن العرب الذين لا حول لنا و لا قوة سوي في حفنة دولارات تمكّنا من العيش عالة علي ما يخترعون و ينتجون ؟ حتي هذة الامكنية فقيرة التميز والابداع لم تكن في طاقة يد الغالبية العظمي من بلداننا العربية الفقيرة ، تلك كانت نظرتي للواقع العربي ، الا ان هبّت علينا رياح ما يسمي مجازا بالربيع العربي و دفع ابناء العروبة ثمن زوابعه المتلاحقة الواحدة تلو الاخري ، حينها ادركت كم كانت نظرتي قاصرة في ادراك ابعاد المؤامرة ! ان من يتأمل ما آلت اليه احوال العرب ، يدرك عمق مأساتهم الحقيقية ، ان هناك من يصنعون لأجلهم الحروب وهم عن ذلك غافلون ، فالغرب الذي يدّعي حرية الرأي و الرأي الاخر ، يسخّر آلته الاعلامية المنطلقة من ارضه و ارض حلفائه ليفرض علينا رؤيته هو لما يجري علي ارضنا نحن ، لقد استغل الغرب تعطّش العرب للحرية و الكرامة و جعل من نفسه بوقا يري بعين واحدة ، يري الحقيقة الكاملة لكنه يصدّر لنا نصفها، أؤمن بالتغيير السلمي ، وربما يعارضني في ذلك الكثيرون ، فلن تُجدي الطرق الليّنة نفعا مع طغاة العرب الذين قبعوا علي الكراسي و استعبدوا شعوبهم دهرا طويلا ، لكن السؤال يفرض نفسه ، ما هي المُحصّلة ؟ انقسامات ، فوضي ، تراجع اقتصادي ، تراجع امني امام غول الارهاب الاسود الذي يُجري في كل يوم انهارا لا تجف من الدماء ، ويزهق ارواح الالاف من ابرياء لا ذنب لهم ، ربما حتي لم يكونوا يوما ضمن جموع الحالمون بالتغيير ، لقد كنت واحدة ممن تفائلوا كثيرا بانتفاضة الشعوب العربية علي حكامها العتاة الظالمين ، لكن سرعان ما خاب ظني لأكتشف اننا لم نكن بحاجة لثورة علي حكامنا بل علي ثقافتنا التي صنعت هؤلاء الحكام و جعلتنا ننكفي علي ذواتنا ظانين اننا خير امة رُغم واقعنا المشين ! تلك السذاجة الفكرية عينها هي ما جعلت منا فريسة سهلة و صيدا ثمينا لغرب لا يري فينا سوي سوقا رائجة لمنتجات الدمار ، فلو لم يحارب العرب بعضهم بعضا و لو لم يقتتلون فيما بينهم لمن ستبُاع اسلحة اُنفق علي تصنيعها بلايين الدولارات ؟ ألم ننتبه يوما لنعقد مقارنة سريعة بين الغرب الذي ينعم بالسلام علي اراضيه و هو المنتج الاول و المطوّر لاسلحة الحرب و الدمار بكل انواعها و بين تلك الدول التي تجوّع شعوبها و تسحقهم فقرا لشراء الاسلحة ؟ يدّعون انهم يريدون لنا سلاما وهم يصنعون لأجلنا الحروب ، يدّعون انهم يريدون لنا رغد العيش و هم لا يطمعون سوي في براميل النفط لمزيدٍ من رفاهية شعوبهم ، يدّعون انهم يريدون لنا ديمقراطية و هم يشعلون بيننا نار الانقسام لنهوي من ضعفٍ لضعف ، يريدون لنا حكاما كالدُمي حتي يتحكّمون في مصائر شعوب لا يرون فيها سوي كائنات ولدت لتموت ليحيا الانسان الغربي آمنا مُرفها ، يخشون من ارهابنا لئلا يصيب ما احرزوا من تقدم وما انجزوا من حضارة ، يخشون ان يقتنص الاسلام الوهابي اهدافهم ومصالحهم فيتحالفون مع قادته و يقدّمون لهم الدعم اللوجستي حتي يطلقون ايديهم علي ارضنا العربية لنقضي علي بعضا البعض ونصير امة تأكل ابنائها ! ، لكن ربما لم يكن الغرب وحده وراء تناحر و تشرزم و انقسام العرب ، وربما يكون هناك من هو اقوي من الغرب ذاته يسيطر عليه و يحرّكه وفق ايديولجيته ، لنفتش عن المستفيد !
#مرثا_بشارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بحبك يا ام الدنيا
-
مهرجان الجنس البذيء
-
و يحدث ان...
-
ليست كباقي النساء
-
لا تستكيني
-
يا قاهرتي
-
من يقتل زهور العرب ... احفاد اسماعيل ؟!
-
جوانا كتير احلام
-
الدين و تغييب المصريين
-
شعبٌ اختل توازنه
-
أَحْلُمُ كَفَتَاةٍ شَرْقِيَّة
-
انا عربي .....انا رسالة
-
هنيئاً للحوار المتمدن للحوار الحر
-
خير امة
-
لست مع البابا و لست مع هؤلاء
-
زيدان و الاديان
المزيد.....
-
رئيس مالاوي: الطائرة التي كانت تقل نائبي نُصحت بعدم محاولة ا
...
-
ساويرس عن -قائمة مضروبة- للتشكيل الحكومي المنتظر: -ما بقاش ف
...
-
قتلى من حزب الله بضربات إسرائيلية على الحدود السورية اللبنان
...
-
لأول مرة.. نشر صورة لمحطة -فوميغاتور- الروسية المحمولة المضا
...
-
روسيا بصدد اختبار -دبابات مسيرة هجينة- (فيديو)
-
يوم وضع القذافي يده على مقبض مسدسه.. قصة أول مواجهة مباشرة م
...
-
وسائل إعلام: ماكرون يدرس إمكانية الاستقالة
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمع لجنود الجيش الإسرائيلي في محيط
...
-
مصدر دبلوماسي تركي: لا نرى أي استعداد لجلوس أطراف الصراع الأ
...
-
مسؤول أمريكي سابق: واشنطن ترفض التفاوض حول أوكرانيا بسبب نجا
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|