|
شعبٌ اختل توازنه
مرثا بشارة
الحوار المتمدن-العدد: 3196 - 2010 / 11 / 25 - 01:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مسيحيون يتظاهرون و يعتصمون بالكنائس ضد الحكومة ، مسلمون يهددون و يتوعدون بغزو الكنائس و حرقها لنجدة من تأسرهم الكنيسة الطاغية خلف أسوارها بعد تاسلمهم – كما يزعمون – دنيا تثور و لا تهدا بسبب تصريحات رجال الدين ،...... وغيرها الكثير مما ستحمله الأيام من أحداث ، انه حقا شعب اختل توازنه و أصبح أسير كل ما تروجه له وسائل الإعلام المختلفة من شائعات ، بدء من الجريدة اليومية ( صفراء أو حتي ملونة حسب الطلب ) و حتي الانترنت بمواقعه التعصبية الهدامة ، لقد غاب التفكير السليم عن العامة ، بل و أيضا عن من يدعون العلم و الثقافة ، و أصبحت النزعة الدينية التعصبية هي المحرك الأول للفعل و رد الفعل ، فإذا ما اُشيع تاسلم امرأة مسيحية هاج و ماج المسيحيون و اعتصموا بالكنيسة لحين أن تبّت لهم الكنيسة في الأمر و تطمئنهم علي مسيحيتها ، و كأنه ليس شان شخصيا لا يعني سوي صاحبة الشأن ، متناسين أن فاحص القلوب و كاشف خبايا الأفكار ، لا ينظر سوي للقلب و لا يقبل سوي إيمانا ناتج عن الاختيار بإرادة حرة ، و ان لهت وحده حق محاسبة الإنسان علي اختياراته - هذا ما تعلّمه المسيحية التي يُحسب عليها هؤلاء المتظاهرون اسما لا فعلا - ، أمر أخر يتجلى فيه غياب التفكير السليم ، و هو السعي لبناء الكنائس سرا في الخفاء كاللصوص و السارقين ، دونما السعي لتغيير القوانين المجحفة الغير عادلة و المطالبة جهرا و علنا بشكل قانوني منظم الفكر و محدد الأهداف ، بحق كل مسيحي في بناء دور العبادة طالما هناك الحاجة لذلك ، و كنتيجة متوقعة لذلك يحدث الهجوم علي الكنائس و اقتحامها بذريعة أن بناءها غير قانوني ، و إذا ما لم يتمكن المتعصبون من هدم أو حرق الكنائس ، يبنون و بدون أي شروط أو قيود بل بدعم من الحكومة مسجدا في مواجهة الكنيسة اكبر مساحة و أكثر فخامة و علو ، لا للوحدة الوطنية كما يدعون في الإعلام المنمق ، بل لإغاظة المسيحيين ، و هكذا يتبارى الطرفان في إنشاء الكنائس و المساجد و اقتناص أتباع جدد من هنا و من هناك ، و لا يهم إذا مات هؤلاء أو أولئك جوعا و فقرا و مرضا ، فإنفاق المال الوفير بسخاء علي دور العبادة أهم من إنشاء مستشفي لعلاج مريض لا يجد ثمن العلاج ، و أهم من مسكن يأوي سكان الخيام من شمس حارقة أو برد قارص و يشعرهم بآدميتهم التي أكلها الفقر ، أهم من إنشاء مدرسة مجهزة ومتطورة لتُخرج أطفالنا من ظلام الجهل . لست أطالب بوقف بناء دور العبادة ، بل أطالب بوقف استغلال منابر دور العبادة لتغييب الناس و منعهم عن التفكير الحر السليم ، بل و الأخطر هو إثارة النعرة الطائفية التعصبية بحجة نصرة الدين و الدفاع عنه و لو بتشويه الأخر . و هنا نتساءل ، هل وضعت الأديان لهلاك الإنسان أم لحياته ، للحب و الإخاء أم للفرقة و العداء ، للخير و السلام أم للحروب ، ألا يريد الرحمن سبحانه لبني البشر علي اختلاف أجناسهم حياة ؟ ، حياة أفضل ؟ السنا بحاجة لحفنة راحة من تلك الصراعات ؟ السنا شعب اختل توازنه من جراء التعصب و مقت الآخرين تحت راية الدين ؟ لقد أصبح الدين هو الهوية و القومية بدلا من أن يكون علاقة شخصية بين خالق محب رحيم و مخلوق يشحذ كل طاقاته و إمكاناته ليقدم للجميع حبا و يحدث بالحب فرقا في حياة الآخرين ، دعونا اليوم جميعا مسيحيين و مسلمين أن نسترد توازننا المفقود بالعودة لاستخدام أعظم الهبات التي توجنا بها الخالق الحكيم علي سائر المخلوقات ، دعونا لإعمال العقل و التفكير السليم لنستغل أوقاتنا و طاقاتنا في بناء مجتمعنا بدلا من هدم و تدمير الإنسان لأخيه الإنسان .
#مرثا_بشارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أَحْلُمُ كَفَتَاةٍ شَرْقِيَّة
-
انا عربي .....انا رسالة
-
هنيئاً للحوار المتمدن للحوار الحر
-
خير امة
-
لست مع البابا و لست مع هؤلاء
-
زيدان و الاديان
المزيد.....
-
مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى
...
-
تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
-
الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين
...
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|