أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم اغا - لقد حلق عاليا قراءة في مجموعة - سيرة ال .. هذا - مشتاق عبد الهادي















المزيد.....

لقد حلق عاليا قراءة في مجموعة - سيرة ال .. هذا - مشتاق عبد الهادي


سمير عبد الرحيم اغا

الحوار المتمدن-العدد: 4378 - 2014 / 2 / 27 - 12:58
المحور: الادب والفن
    


لقد حلق عاليا ...
قراءة في مجموعة " سيرة أل ... هذا " لمشتاق عبد الهادي
سمير عبد الرحيم اغا
…………………………………………………………………………………..
مع إصدار ( مشتاق عبد الهادي ) لمجموعته الجديدة " سيرة أل ... هذا " يكون قد أنشأ ونشر ما يربو على ( 100) قصة قصيرة جدا او اكثر بدء بمجموعته الاولى " ولادات" عام 1999 عن دار الشؤون الثقافية : بغداد ثم الثانية " حربيات " عام 2004 عن دار ينابيع في سوريا و الاخيرة بعنوان " سيرة ال .. هذا " عن مطبعة جامعة ديالى 2013
من الملاحظات الشكلية حول هذه المجموعة أن الأغلبية الساحقة لقصصها انها قصصً قصيرة جداً لا تتجاوز الواحدة منها صفحة واحدة، أو صفحة وبعض الصفحة. أما القصص الاخرى فلم تتجاوز ثلاث صفحات ً، وهي ست قصص:الجنرال ، شارع الجزارين المسيح يذهب ، لاتجلد افكارك ، سيرة ال .. هذا ، عبثية البصاق . وهذا يدل على أن ( مشتا ق) كتب القصة القصيرة جداً، على نحو متواصل ، وقد انحاز إليها بوضوح في مسيرته السردية .
ولقصر القصة المفرط علاقة بسردها، إذ تقل فيها المتواليات السردية، وتضعف فرص نمو الحدث، وتصبح القصة أشبه ما تكون بـ(الومضة) التي تثير فنيا وجماليا ودلاليا . وهذا يرتّب على القاص أن يتحلى ببراعة كبرى تتمثل بالإيجاز الشديد والتكثيف الواضح والاقتصاد في اللغة والخبرة المميزة في اختيار المفردة الدالة وصنع القفلة المحكمة. وهذه القفلة المحكمة هي مما برع فيه (مشتاق ) في قصصه. ونجد مثالاً على ما تقدم في قصة الكاتب المعنونة بـ" قيل ان الجنرل ايضا.... حصان "
- قيل ان انه اذا ما تعرض ولو لخدش بسيط اثناء جموحه اليومي يلقى مسبب ذلك الخدش عقابا قد يصل الموت ، ( المجموعة ص 5.)
أن فضاء هذه القصة يفضح أداء سلطة غاشمة مجهولة توزع الهواء على الناس على هواها، وتتحدى طبيعة الخلق وإرادة الخالق، .. حين يصهل تورق اعشاش اللقالق ، ويعلن العشاق بدء مغامرات العشق ، هو الموجه لسياسات البلاد ، وحين يموت يدخل البلد في كابوس ،،، حداد في جميع المنازل . للقصة تنطوي على سخرية مبطنة من السلطة الغاشمة،
وقد تكرر ما يشبه هذه القصة شكلاً، لا مضموناً، في المجموعة، وكان ذلك في قصص ( سيرة ال .. هذا ) و( مشانق ) و(عبثية البصاق ) و(فوضى ).( لقد حلق بعيدا )
وتفضي قراءة هذه القصص والقصص الأخرى في المجموعة إلى الوصول إلى أن معرفة مظاهر السرد في قصص مشتاق " يمكن أن تتم من خلال فحص ثلاثة عناصر هامة، هي: ، والسخرية، والادهاش ،والفنتازيا مع الإشارة الباكرة إلى أن هذه العناصر قد نجدها في قصة واحدة جميعاً، وقد نجد واحداً منها أو اثنين، وقد يغيب واحد أو اثنان.
والسخرية عنصر فني في القصةالقصيرة جدا .. بكامل تفصيلاتها، بدءاً من اختيار العناوين، وانتهاء بأصغر جزئية تتغلغل في ثنايا السرد، مروراً بالشخصية والحدث والحبكة والحوار والحركة... الخ.
وأول ما يلحظه الدارس في مجموعة " سيرة ال .. هذا " هو التشابه بين أثر طعم الموت ، وأثر قلم الكاتب في جسد مجتمع الجنرال الطاغية ، فطعم الموت وطعم الكتابة كلاهما مزٌّ لاذع جارح، ولكن مع الفارق، فالقصة المكتوبة بقلم كاتب لواذعي، والتي تندد بسلوك مغلوط أو تسخر منه، ترسم على الشفاه اكثر من بسمة
بدا لي (مشتاق عبد الهادي ) في مجموعته هذه، وفي مجموعاته السابقة شغوفاً بتكريس فكرة فحواها: أن على الإنسان أن يصوغ وجوده بانسجام، لا أن يحيا التناقض في سلوكه الظاهري والصراع في عالمه الباطني. وقد ركز الكاتب على هذه الحقيقة الفلسفية والنفسية من خلال عرضه لشخصيات مأزومة في الغالب، وغير منسجمة في العموم، مما يجعل قراءة قصصه في ضوء الفلسفة وعلم النفس لها ما يُسوِّغها.
وإذا عدنا إلى مفهوم الفتازيا ، فإننا نراه يطالعنا في قصة من المجموعة، وعنوانها "مشانق " فقد اصبحت الكوابيس تضيق عليه لذة النوم حتى ارعبته صورة الموت .. يقول :
- توقفي .. ما الجناية التي اقترفتها وتجعلكم تاتون بنهاياتكم وتقذفونها بوجهي . المجموعة ص 12
لقد عنون "مشتاق" قصته هذه بالمشانق : قتل وموت غاية . .... رائحة الموت تفوح من العنوان، كما تفوح من الوصف الموجز لحالة البلد . .... إن القصة تبدو هنا قد استجمعت أشكال الإيقاع القصصي كلها، حسبما يراها (جيرار جينيت) وهي: الحذف الزمني والوقفة الوصفية والمشهد الدرامي والسرد الموجز. ففي الحذف الزمني يغفل السارد أزمان الأحداث غالباً، وفي الوقفة الوصفية أوقف الكاتب سرد الأحداث ليصف بعض الأشياء والمشاهد،
، ثم فعل الذبح ، الذي فسر مشاهد سخرية الاطباء ، في قصة " شارع الجزارين " ثم التحول في مواقف عدة . كطقوس السماعة الطبية التي يردتيها الجزارين او القصابين في فحص دقات قلب الذبيحة قبل الذبح وغيرها من الفنتازيا والسخرية من الواقع حتى تحول شارع الاطباء الى شارع القصابين . البطل هو الراوي الذي يروي هذه المجزرة
السرد تمثل في القفز عن تفصيلات كانت تثقل السرد لو وجدت، وذلك لمصلحة التكثيف والجذب. وقد تمثل لسخرية هنا بوضع (يد) الكاتب في دائرة القص أولاً، ثم إخراجه منها، وبحالة الشراسة إزاء حالة الوداعة، وقد وجد السخرية في قصص أخرى ، ففي قصة ( فوضى ) حدث كل شيء بسرية تامة ، في البيت يهتز رعبا حين يفتح الثلاجة فيجد نفسه فيها ، ويفتح الفرن فيجد زوجته تدعوه للدخول ، تكررت مثل هذه الفوضى ، السوق حول كفه لمراوح استهزاء ، هو نفسه البطل الذي يتحرك في كل القصص يفجر الفوضى ، يجلد الافكار ، يركض ورائه الدائنون ... يطارد المجانين ، خلف القضبان يرقب المشانق ، يتعلم الشرود ، يحارب الطغاة ، يراقب ساعة الصفر ، وغيرها من الثورات . ! وقد ظهرت السخرية في قصة ( لغة الكلاب ) حين كتب " : "
- نبح حين راى زوجته تحمل كتابا وتنبح بنشوة عارمة وينبح الطفل بعدها
في هذه القصة ينطلق صوت النباح في ارجاء القصة ويتجول في ارجاءها ، حتى دعا الى اعداد مناهج موسعة لدراسة النباح ، سخرية عجيبة من السلم الاجتماعي والسياسي الذي يعصف بالبلد
. ومثل هذه الفنتازيا والسخرية نراه يتكرر في قصص ( ثورة الفقاعات) و( قطران ) و(لاتجلد افكارك ).وغيرها والحق أن الكاتب لم يقتصر في لذعه ونقده على الفرد دون المجتمع، بل تجاوز ذلك إلى التنديد بالظرف المحدق والمناخ المهيمن اللذين يفضيان إلى الاستبداد واستلاب الإنسان وقهره وعجزه.
في قصة ( المسيح يذهب من جديد ) الجياع سيد الموقف في صمت المتاهات :
- بل تكلم صدقوني قد جئت اليوم كي ادرج اسم الطفل في البطاقة التموينية ( المجموعة ص 28) اصوات واصوات تتكلم
الكاتب هنا يصور ما يشبه القدر الاجتماعي والسياسي الغاشم الذي يصفع فيه المرء، ولا يجرؤ على أن يجأر مستنكراً أو ثائراً. وهو بهذا يلامس حقيقة نفسية تتجسد في عبارته الأخيرة التي تبدأ بكلمة (لكن)، حتى صار يظن أن ما يلقاه هو، يلقاه الناس كلهم، وأن صمته ليس فردياً بل جمعي أيضاً. وفي ذلك استلاب عميق ومؤلم في الوقت نفسه.
إن رصد هذه الحالة في أقصوصة لا تتجاوز مئة كلمة يدل على أننا أمام كاتب معني بالحركات العميقة للنفس الإنسانية، وبالآليات النفسية التي يجابه بها المرء وما ينتابه من قهر وإذلال وهوان. وقد توصل (مشتاق ) إلى ذلك من خلال إيقاع سردي بسيط، وهو عملية الصفع المتواترة، ثم جهل المصفوع المتكرر بالصافع. وهذا شأن يثبت مرة أخرى أن الإيقاع يخدم الفكرة، بل هو أداة موفقة لكشفها وإظهارها.
وإذا كان ( مشتاق ) قد تعايش مع قهره وهوانه فاستمرأ صفعه، فإن شخصية أخرى في المجموعة كانت تفعل فعلاً معاكساً، هي قصة ( مذبح الديك )
وعلى الرغم من السخرية المرة من سلوك ( الديك تاتور) المتهوِّر، فإننا نرى القصة تنصرف إلى منحى آخر، هو قاع النفس الإنسانية العميقة، وقد أصابه جرح بليغ وهزة قوية،
إن دراسة شخصيات هذه المجموعة تبلغ بالدارس حد الاستنتاج أن تشابهاً قوياً كان يقوم بينها وبين شخصيات (مشتاق ) في مجموعاته الأخرى، فأبطال (مشتاق ) عامة ذوو طباع حادة وغريبة، أو هم ذوو صفات باردة أو جامدة لا حياة فيها، وسلوكهم غالباً مستهجن وغير مفهوم للوهلة الأولى، وربما كان غير منطقي البتة، وبعض هذه الشخصيات يدخل الحدث فلا يغير الحدث فيه شيئاً، وبعضها يدخله فيتغير ويغير الحدث معه، بل قل يصنع انعطافة مفاجئة فيه. فالشخصيات المشتاقية شخصيات فنية ورامزة وغير نمطية. وإذا كان بعض أبطال هذا الكاتب يظهرون وهم في أزمة، فلأن وضع البطل في الأزمة، هو الوسيلة الأنجع لرسم الملامح، والطريق الأقصر لإبراز الأفكار.
واللافت للانتباه أيضاً أن بعض الشخصيات تظهر مسلَّحة بالخنجر أو بالسكين على نحو مفاجئ، والخنجر أو السكين مسخَّر للقتل أو للتهديد به. وإذا كان هذا الملمح يذكر ببرهة تاريخية بدائية كان المرء يمشي فيها وخنجره إلى جنبه، فإنه هنا يبدو موظفاً لإبراز ظاهرة، أو فرض مفهوم، أو إيضاح فكرة، كخنجر ( الجنرال )
وقد تنوعت شخصيات مجموعة ( السيرة ) فكان منها ما هو بشري، وما هو غير بشري، ومن أبطال القصص غير البشريين بطل قصة ( لاتجلد افكارك .. )
وقد اختار الكاتب عنوان قصصه بحذق وبراعة، وهو الخبير باختيار العناوين، والافكار
وإذا رحنا نحصي الموضوعات التي سخر منها (مشتاق )، وسخَّر كتابته من أجلها، فإننا نراها تتمثل برذائل الناس من خنوع وطمع وكذب وغباء ونذالة وغيرها . ولا شك أن أدباً يندد بهذه الأشياء، هو أدب يمجد البطولة والزهد والصدق والذكاء والشهامة.
والنموذج المختار من أدب (مشتاق) كان مثالاً على سردٍ مُفْعَم بالمعاني، وأدب ضاجٍّ بالرموز والدلالات والإشكالات وهذا سر من أسرار العظمة والخلود في الآداب كلها.
لقد حلق مشتاق في " سيرة أل .. هذه : عاليا على بساط اللغة والفكرة بابداع وثقة ورغبة في احداث تغيير على معالم بناء القصة .
...........................................................................................................



#سمير_عبد_الرحيم_اغا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية في الشكل المعماري : دراسة في رواية - متاهة اخيرهم - ...
- كيف تكتب الرؤوس المقطوعة حكايتها : قراءة في رواية - حكايتي م ...
- ثقافة -الحديد - .. تغزو الجامعة
- اللياقة ... من يحتاجها ....؟
- جامعات عالمية... جامعة هارفرد
- مصطلحات جامعية
- جامعات عالمية ... كلية لندن للاقتصاد
- مجموعة راسل للجامعات
- التصنيف الأكاديمي لجامعات العالم
- جامعات عالمية ..... جامعة بريستول
- الكادر الوظيفي في الجامعة
- اين دور الطالب في الكلية
- حكايات طالب جامعي
- التعليم الالكتروني
- اين الجامعة من الحركة الثقافية ..؟
- التعليم العالي في العراق ... نظرة وآراء
- يوميات همر
- توظيف الصور القرآنية في الشعر . قرأءة في مجموعة - مواقف الال ...
- العمل الابداعي ومقياس الاشتباك
- ملحمة الذكر الخالد .. البناء والرؤيا


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم اغا - لقد حلق عاليا قراءة في مجموعة - سيرة ال .. هذا - مشتاق عبد الهادي