أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودة إسماعيلي - ضياع الشهيد السوري بين النظام والمعارضة














المزيد.....

ضياع الشهيد السوري بين النظام والمعارضة


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 17:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشهيد هو الشاهد الذي يشاهد موته، دفاعا عن قضية نبيلة أو ضد الظلم. وفي الصراع بين طرفين، كل طرف يرى صرعاه من "الشهداء" المدافعين عن الحق، كشاهدين على موتهم برفع "قضية" عن التدمير، فتتدمر أرواحهم وأجسادهم، لكن القضية تحيا، سواء كانت قضية "شرف" أو "كرامة" أو "دفاع" عن الذات والوطن. لكن في الصراع القائم في سوريا بين النظام والمعارضة، كل من يسقط صريعا يُسمى "شهيد"، فرغم اختلاف وانفصال الطرفين إلا أن القضية المدافع عنها (والتي يستشهدون لأجلها) واحدة ومشتركة، وهي : "الدفاع عن الوطن (سوريا)". فإذا كان هذا الطرف المدافع عن الوطن يصبح شهيدا بموته، على يد الطرف الآخر الذي يدافع عن نفس القضية التي يدافع عنها الشهيد (الآخر) وهي "حماية سوريا"؛ فإن المفاهيم تختلط، ويصبح مصطلح "الشهيد" مصطلحاً فضفاضا وبلا معنى، فالصراعات تشهد قضايا مختلفة، ليتم تمييز الطرفين (بالنسبة لكل جهة) بين شهيد وخائن، أو شهيد وظالم، أو شهيد ومعتدي، وليس (وهو الغريب هنا) بين شهيد وشهيد (نفس القضية). فالمدافعون عن نفس القضية يلتحمون ولا يتخاصمون. لذلك فإن قضية الصراع السوري ليست الدفاع عن الوطن، بل القضية موضوع آخر، وهو سبب الخلاف بين النظام والمعارضة.

إن نقطة الخلاف بين الطرفين السوريين، والعائق أمام فشل المفاوضات، هو "بشار الأسد". فالمعارضة تطالب بتنحيه ومحاكمته، والنظام يعتبره "خط أحمر" لن يتم التنازل عنه أو المساس به. وبذلك نمسك بالقضية التي يشهد كل من الطرفين موته لأجل الدفاع عنها : المعارضة تدافع ضد "الأسد"، والنظام يدافع عن "الأسد".

فالقتال لا يدور حول سوريا بقدر ما يدور حول شخص أو رمز "الأسد". آلاف الناس سقطت لأجل رجل واحد، كما في رواية "الكنز" لستيفنسون : "خمسة عشر رجلا ماتوا لأجل صندوق" ! . نظرا لأن الناس مدفوعين بتقديم أرواحهم، لأجل القضايا النبيلة، وطلب الاستشهاد (كما يعززه الخطاب الديني والعكسري-السياسي)، دفاعا عن الوطن.

فبين صراع المعارضة والنظام، يسقط الكثيرون صرعى لأجل "رجل واحد"، يدافع كلّ من الطرفين عن قضيته، ويَدْفع الشعب السوري حياته ثمنا لأجل ذلك، لأجل قضايا مُغيّبة على حساب الوهم. ف"سوريا لا أحد يحميها"، إنما الأطراف تحمي مصالحها، وتخدع المصروعين بلقب "الشهداء" ! . فالمواطنون السوريون يصرعون بعضهم البعض، لأن السياسيين فشلوا بعملية التفاهم والمفاوضات لأجل من يحصل على أكبر حصة من الغنيمة "سوريا".

في سنة 1915 عندما وصل الجنود البريطانيون للحدود الألمانية في بلجيكا، ليحلوا محل القوّات المجهدة بالخنادق، ذُهِلَ جفري دجديل (ضابط القوات) مما رآه : "وجدتُ وجنوداً ألمان يسيرون في نطاق لا تُخطئ رصاصة البندقية أيا ممن فيه. وبدا وكأن رجالنا لا يلحظون هذا. أنا قررت في سريرتي ألا تستمر، الأمور على هذا النحو، عندما تولينا المسؤولية. كان واضحا أن هؤلاء الناس لا يعرفون أن هناك حربا دائرة. بدا أن كلا من الجانبين كان مؤمنا بسياسية : عش ودع غيرك يعيش !".

يُعلق مارك بوكانان على هذه الواقعة : "بعد مرحلة استهلالية من الحرب اتسمت بدمويتها، حين كانت القوات متحركة نسبيا، استقرت الحرب العالمية الأولى في حالة من الحرب الراكدة في الخنادق؛ فيها واجهت القوات بعضها بعضا، وبعض مئات الياردات من الأرض الجرداء تفصلها. نفس الرجال واجهوا بعضهم بعضا طيلة شهور عديدة في كل مرة. كل من الجانبين أدرك أنه خاسر كل شيء إن قام بعمليات قصف ثقيل لاتتوقف، وأنه رابح كل شيء إن أمكن نوعا ما الاتفاق مع الجانب الآخر على تهاون كل منهما حيال غريمه".

لقد أدرك الجنود، من كلا الطرفين أنهم هم الخاسرون في الحرب وبأنهم يدفعون ثمن خلافات سياسية محضة، بقتل بعضهم البعض. لذلك توقفوا لربما تنجح المفاوضات السياسية، ولم يؤذ بعضهم البعض حتى ينفك الصراع دون قتال. لذلك حرص الطرفان على عدم خرق الاتفاق، كما يقول أحد الجنود : "عند مغادرة القوات للجبهة كان رجالها يلقنون بدلاءهم درسا في كون الاتفاق المُنفَّذ مرغوبا: السيد بوش (وهو الاسم الذي جرت العادة على الإشارة به إلى الألمان) ليس شخصا رديئا ! اتركه في حالك، وسيتركك في حالك ! ". رغم أن الوضع سيتغيّر (فهي حرب طبعاً)، لكنه على الأقل أوجد الجنود حلا لوقف سفك المزيد من الدماء.

لقد حصل التفاهم بين جنود (وظيفتهم الحرب) من دولتين معاديتين، ولا يفهمون لغة بعضهم البعض، وفي حرب عالمية. وسوريا شعب واحد، وليس فقط لغة واحدة بل يتحدثون نفس اللهجة، ويستمرون في الصراع لأجل أن يكون الحاكم شيعي أو سُني !! .

_______________________________
هوامش :

ـ الذرة الاجتماعية - مارك بوكانان - ترجمة أحمد علي بدوي، الهيئة المصرية العامة.



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إهانة الأقزام في السينما والتلفزيون
- بلاد الشر أوطاني
- الرودِيو العربي : تعليق كارل ماركس على الثورات العربية
- خرافة الفيلسوف
- عطرٌ رخيص
- تصريحات فابيوس والقصة الغير مكتملة للوضع السوري
- تعامل الرجل الشرقي مع الأنثى الأجنبية - تحليل الأنماط
- الدين والكبت والتحرش الجنسي
- ضد استغلال الأطفال في التسوّل وحظر تشغيلهم
- انكسار الإنسان : أو حينما يصبح الشخص قاسياً
- المرأة العربية أنواع والرجل نوع واحد
- الملحدين أو شياطين العصر الحديث
- الترهيب الديني للأطفال عدوان مُمارس على طفولتهم
- الفيسبوك كواقع اجتماعي بديل
- الخروج من العاطفة الأنانية نحو العاطفة الإنسانية
- الرسالة الملعونة
- ما قاله -نيتشه- عن العرب : الجزء 2
- الإنسان العربي : أيها المتناقض !
- ماذا يحدث إذا كنت لا تمتلك المال ؟!
- كي تفهم العذاب النفسي


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودة إسماعيلي - ضياع الشهيد السوري بين النظام والمعارضة