أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودة إسماعيلي - إهانة الأقزام في السينما والتلفزيون














المزيد.....

إهانة الأقزام في السينما والتلفزيون


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 13:42
المحور: الادب والفن
    


يُعتبر القزم شخصا قصير القامة، أو هكذا يُطلق عليه، والقزامة هي الصغر، فالقزم نجده كمصطلح يطلق كذلك على الشخص الدنيء. فالتقزيم هو التصغير والتقليل، لذلك يطلق على الموضوع الناقص والغير مكتمل، فالقزم هو الشخص الذي يعتبره الناس غير مكتمل الطول، وأيضا الشخص الغير مكتمل الأخلاق (اللئيم)، ومنه نجد التقزيم معناه التنقيص والتحقير. غير أن الغريب في الموضوع هو أنه غالبا ماتجمع الثقافة الشعبية بين القزامة الشكلية والمعنوية، كما يفضح المثل الشعبي هذه النقطة ويقول "أقربهم إلى الأرض أكثر خبثا". ولربما قد بُني المثال على تصور الناس بأن صغار الحجم يعتمدون على الحيل بدل القوة الجسدية، كدفاع عن ذواتهم، إلا أن تاريخ الشعوب يخفي في طياته قصص وأساطير عن الأقزام باعتبارها كائنات شريرة ومخادعة، فقد اعتاد البشر أن يربطوا المختلفين منهم بالسحر والتحايل، كما في الميثيولوجيات الاسكندنافية وهي التي ألهمت وعززت هذه الرؤية نحو الأقزام، والتي نراها مترجمة في أضخم الأعمال الفنية سواء بأفلام الفانتازيا أو أفلام الكرتون، كما بالتلفزيون وقصص الأطفال المصورة.

يعيش صغار القامة بالمجتمع مثلهم مثل باقي الناس، الاختلاف البسيط هو في توقف طولهم بين المتر والمتر ونصف، دون أن يشكل هذا الأمر عائقا في ممارساتهم الحياتية، فهم مواطنون كاملوا المواطنة، ولا يُعتبرون ذوي احتياجات خاصة أو متخلفين عقليين. لذلك نراهم كمكونات تشارك في بناء النظام الاجتماعي بشقيه السياسي والاقتصادي، غير أن للفن رؤية مغايرة، فهم شبه مغيبين عن الشاشة الكبيرة والصغيرة : إلا إذا كان العمل يتناول القصص السحرية ليتم استخدامهم واستغلالهم كشخصيات تجسد كائنات ماورائية، إما ك"جنيات" أو ك"فضائيين" وكل ما يدخل في نطاق الكائنات الغريبة والعجيبة. الأمر الذي يزيد من تعميق الهوة بينهم وبين أفراد المجتمع، بتعميق هذه الرؤية نحوهم، فيستمر الناس بالنظر إليهم ليس بوصفهم مواطنين يشاركون بالحياة المجتمعية، بل ككائنات دخيلة وغريبة، أو حتى مسلية في حالة القبول والإعجاب بأعمالهم، وهذا ما يدمر الحالة النفسية للمعنيين هنا، ويُسهِم في تأكيد احساس النقص والرفض من قبل الآخرين، فغالبيتهم يتعرضون أو تعرضوا على الأقل لمرة في حياتهم للسخرية أو التقليل من الشأن.

تعتمد هوليود على الأقزام في القصص السحرية، غير أنها تضمن لهم كذلك المشاركة بأعمال الدراما كشخصيات فاعلة ولها دور بالمجتمع، الأمر الذي لا نجده في أعمال مختلفة خارج هوليود، منها الأعمال العربية خاصة والتي لازات تعتمدهم فقط ك"جنيات" أو ك"مهرجين مسلين"، دون أن يتم ادراجهم بالأعمال الدرامية والقصص التي تعكس الواقع المعيشي بعيدا عن عالم السحر والفانتازيا، وكأن الفن يلغيهم من الحياة الواقعية، وينقلهم إلى العوالم الماورائية كتوضيح (لاواعي) منه بأن ذلك هو عالمهم الحقيقي !! .

بهوليود استطاع بعض صغار القامة من خلق نجومية وصناعة شهرة واحترام، باعتبارهم فنانين حقيقيين يُرشحون لنيل أضخم الجوائز، ويُستقبلون بأشهر البرامج الحوارية التلفزية مثل Verne Troyer و Peter Dinklage و Jordan Prentice و Tony Cox . أما هنا فلا يُسمح لهم بحضور المهرجانات وقد يصل الأمر حد طردهم، وحتى عند استدعائهم بالبرامج الواقعية، فإما ليخيفوا النجوم (بالكاميرا الخفية)، أو لإضافة التسلية والمرح على أجواء وبلاطوهات البرامج، بالسخرية منهم أو فرض دور تهريجي يؤدونه.

يجب إعادة الإعتبار للفنانين قصار القامة، يجب خلق نجوم منهم وليس كائنات سحرية، يجب احترام كرامتهم وإنسانيتهم والتوقف عن تصويرهم دائما كمخلوقات ماورائية، فمن المُعيب أن يتم الغاء القزم من الأعمال الدرامية العربية، بينما يحتل دورا بطوليا بالأعمال الأجنبية، فالفن هو ما يعلي من قيمة الإنسان، وليس ما ينتهكها.

لازالت الإنتاجات العربية تمارس تهميشا في حق الاقزام وذوي البشرة الداكنة كذلك، كأن أبيض البشرة وطويل القامة هو الذي يدور لأجله كوكب الأرض ! . رغم أن نجاح الأعمال وتأثيرها في الناس، يشترط ادراج كافة أطياف المجتمع كمرايا تعكس ملامحه، فدورها هو ادراج جميع الفئات الاجتماعية للتعبير عن ذواتها.

فهل سبق ورأيت قزما يقدم الأخبار على شاشة التلفزيون ؟ طبعا لا ! فهم مخلوقات خرافية لا وجود لها !! .



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاد الشر أوطاني
- الرودِيو العربي : تعليق كارل ماركس على الثورات العربية
- خرافة الفيلسوف
- عطرٌ رخيص
- تصريحات فابيوس والقصة الغير مكتملة للوضع السوري
- تعامل الرجل الشرقي مع الأنثى الأجنبية - تحليل الأنماط
- الدين والكبت والتحرش الجنسي
- ضد استغلال الأطفال في التسوّل وحظر تشغيلهم
- انكسار الإنسان : أو حينما يصبح الشخص قاسياً
- المرأة العربية أنواع والرجل نوع واحد
- الملحدين أو شياطين العصر الحديث
- الترهيب الديني للأطفال عدوان مُمارس على طفولتهم
- الفيسبوك كواقع اجتماعي بديل
- الخروج من العاطفة الأنانية نحو العاطفة الإنسانية
- الرسالة الملعونة
- ما قاله -نيتشه- عن العرب : الجزء 2
- الإنسان العربي : أيها المتناقض !
- ماذا يحدث إذا كنت لا تمتلك المال ؟!
- كي تفهم العذاب النفسي
- الدافع الخفي خلف ادراج الدارجة بالنظام التعليمي


المزيد.....




- مصر.. وفاة الأديب صنع الله إبراهيم عن عمر يناهز 88 عاما
- -وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية-.. وفاة الأديب المصري صنع الله ...
- الحنين والهوية.. لماذا يعود الفيلم السعودي إلى الماضي؟
- -المتمرد- يطوي آخر صفحاته.. رحيل الكاتب صنع الله إبراهيم
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عاما
- وزارة الثقافة المصرية تعلن وفاة -أحد أعمدة السرد العربي المع ...
- وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
- من السجن إلى رفض جائزة الدولة… سيرة الأديب المتمرّد صنع الله ...
- العراق يدرج موقعين في بغداد ضمن لائحة التراث العربي


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودة إسماعيلي - إهانة الأقزام في السينما والتلفزيون