تحديات ما بعد الاستفتاء

اسلام احمد

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 22:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نجحت مصر أخيرا في انجاز الخطوة الأولى والأهم في خارطة الطريق المتمثلة في وضع دستور جديد يليق بها يؤسس لدولة مدنية حديثة ونظام سياسي ديمقراطي , غير أنه مازال هناك تحديات أمام السلطة الانتقالية يتعين اجتيازها لاستكمال بقية خطوات التحول الديمقراطي في مصر , يمكن إجمالها فيما يلي :

التحدي الأول هو استكمال خطوات بناء النظام السياسي الجديد من خلال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة , أولا فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فان السؤال المطروح بعد أن أعلن الفريق السيسي ترشيح نفسه كيف يمكن إجراء انتخابات حرة نزيهة في ظل انحياز جميع مؤسسات الدولة لصالح السيسي؟!

أما فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية فانه يتعين الشروع فورا في إصدار قانون الانتخابات الذي تأخر كثيرا مع الأخذ في الاعتبار نتائج الحوار الوطني الذي أجرته الرئاسة مع القوى السياسية وما إذا كانت ستتم بالنظام الفردي أم بنظام القوائم أم بالنظام المختلط

ولأن الرئيس الانتقالي عدلي منصور قرر إجراء الانتخابات الرئاسية أولا قبل البرلمانية فان ثمة مشكلة تتمثل في المادة 142 في الدستور التي تحدد ضوابط الترشح للانتخابات الرئاسية ومنها حصول المرشح على تزكية 20 عضوا في مجلس النواب فكيف سيتم ذلك في ظل غياب البرلمان؟ , لذا أخشى أن يتم الطعن لاحقا على نتيجة الانتخابات الرئاسية بدعوى أنه يشوبها شبهة عدم الدستورية

كما أن ثمة سؤال مهم لم يلتفت إليه الكثيرون وهو من سيتولى مهمة التشريع في الفترة من تولى الرئيس المنتخب الحكم إلى أن يتم انتخاب البرلمان؟ , فإذا تولاها الرئيس المنتخب فسيعني ذلك جمع الرئيس بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهو ما يخشى معه أن يقوم الرئيس بالتأثير بشكل ما على سير عملية الانتخابات البرلمانية , لذا أتصور أنه يتعين على السلطة الانتقالية حسم مسألة الانتخابات بكل تعقيداتها بما يضمن في النهاية نزاهتها وتعبيرها بشكل حقيقي عن إرادة الناس

التحدي الثاني يتمثل في التعامل مع التيار الإسلامي في مصر , وهل سيسمح لجماعة الإخوان والتيار الإسلامي بخوض الانتخابات؟ , وهنا ينبغي التمييز بين جماعة الإخوان التي تم إعلانها من قبل الدولة جماعة إرهابية وبين بقية الأحزاب الإسلامية

أولا فيما يتعلق بجماعة الإخوان وحلفائها ففي تقديري أن أمام الدولة خيارين في التعامل معها يمكن للدولة المصرية اختيار أحدهما أو السير فيهما بالتوازي , الخيار الأول هو الحل الأمني والاعتقالات إلى أن يتم في النهاية القضاء على العنف والإرهاب في مصر , أما الخيار الثاني فهو الحوار والمصالحة مع أعضاء جماعة الإخوان ممن لم يرتكبوا جرائم عنف أو يحرضوا عليها

أما فيما يتعلق بالأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حزب النور فسيتوقف دمجها في العملية السياسية الجديدة على الصيغة التي سيقدم بها الحزب نفسه فان قام بصياغة برنامجه في إطار مدني يحترم قواعد اللعبة فينبغي السماح له بالمشاركة في الانتخابات أما إن استند إلى إطار ديني وهذا هو الأرجح فلا ينبغي عندئذ السماح له بالمشاركة إذ ثمة مادة في الدستور تقضي بحظر الأحزاب القائمة على أساس ديني

التحدي الثالث يتمثل في الخوف من عودة النظام الأسبق خاصة أن كثير من رموز نظام مبارك قد أطلوا علينا بشدة في الآونة الأخيرة , والحقيقة أن عودة نظام مبارك لا ترتبط بأشخاص بقدر ما تتعلق بالمنظومة الفاسدة التي أنتجت هذا النظام , وطالما أن الدستور الجديد يضع قواعد جديدة لإدارة اللعبة السياسية فلا خوف في نظري من عودة النظام القديم , على أن يتم ترجمة ما تضمنه الدستور من مبادئ في تشريعات جديدة وخطوات تنفيذية على الأرض

التحدي الرابع يتمثل في التعامل مع الشباب سواء أكان سياسيا ممن شاركوا في الثورة أو غير مهتم بالسياسة , فقد كشفت تجربة الاستفتاء عن عزوف كثير من الشباب عن المشاركة وهي ملاحظة ينكرها البعض ويؤكدها آخرون ومع ذلك يجب أخذها على محمل الجد , وفي اعتقادي أن ما دفع كثير من الشباب إلى العزوف عن المشاركة في الاستفتاء إحساس كثير منهم بضياع الثورة نتيجة التباطؤ في تحقيق أهدافها والقبض على بعض شباب الثورة ناهيك عن محاولة تشويهها من قبل الإعلام! , فضلا عن الحملة الإعلامية المكثفة لدفع الناس إلى التصويت بنعم وهو ما أستفز كثير من الشباب ودفعهم إلى مقاطعة الاستفتاء وهو ما أخشى أن يتكرر في الانتخابات المقبلة نتيجة حملة التطبيل للفريق السيسي! , لذا أعتقد أنه يجب على السلطة الحاكمة تدارك هذا الأمر والعمل على استيعاب الشباب مجددا

وأخيرا فان أهم تحدي يتمثل في تطبيق ما جاء بالدستور من مبادئ في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وألا يكون مجرد حبر على ورق كما جرى في العهود السابقة

#اسلام_احمد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل