أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - اقتيات على ذكريات الماضي














المزيد.....

اقتيات على ذكريات الماضي


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 08:49
المحور: الادب والفن
    


اقتيات على ذكريات الماضي
نايف عبوش
هاتفني زميل لي من ايام الدراسة المتوسطة مساء ذات يوم، بعد طول فراق، وكنت ساعتها مضطجعا في فراشي،وسنان العينين،أتأمل في تخاطر غريب، مشاهدا من حياتنا الراهنة المثقلة بكل ارهاصات استلاب الحداثة الذي ينغص علينا ما افرزته العصرنة من معطيات ايجابية،مقارنة بمفردات حياتنا البسيطة ايام زمان.
ومع أن لكل إنسان، قدّر له أن يعيش حياته على طبيعتها، ذكرياته الخاصة به،وبغض النظر عن خزين ذكرياته المتراكمة عنها في مخيلته..فلا شك ان طريقة استرجاع تلك الذكريات،هي النكتة التي تثير الانتباه، في تعاطي المرء مع ذكرياته،إذ يبقى هو الشخص الوحيد القادر على الدخول إلى مكنونات ذات صدره، والتنقيب في دهاليز ذاكرته، لتثوير مكنوناته منها، واسترجاعها،والتفاعل الحسي المرهف معها،كلما اضطرته معمعة الحياة وضغوطها، للعودة لها،للاستعانة بتجربته الماضية على شظفها.
ومع ان البعض منا، عندما يسترجع ذكرياته، يسترسل مليا في تصفح ملف ذكرياته المطوية في سجل مخياله،حتى تطغى عليها مسحة الانشراح، ليتخذ منها واحة وارفة للحبور، بعيدا عن ارهاصات واقعه المؤلم،فأننا نجد البعض الآخر، يحس بعاطفة جياشة، يشعر معها وكأنه لازال صبيا يطارد على عصاه، مع صبية الحي، كما يقولون، مع انه قد بلغ من العمر عتيا، وطوحت بملامح محياه الأيام،بينما نجد البعض الآخر،تطغى على استرجاعه ذكرياته الغابرة، مسحة التشاؤم، لتتمظهر في تجاعيد وجهه ملامح الوجوم، تعبيرا عن حياة مؤلمة، عاشها ببؤس، وعانى شقاءها بقساوة ردحا من الزمن،بقياس كل ما ينعم به اليوم من رخاء ويسر،مما يعطي الانطباع بان الية استذكار مراحل حياتنا الماضية غالبا ما تكون متماثلة وجدانيا الى حد كبير مهما تباينت تجاربنا الشخصية،لاسيما اذا ما جرى استرجاعها بشيء من العاطفية المحضة، والتلقائية العفوية، التي تأخذنا في صورها الوجدانية المركبة، في رحلة من الانزياحات العاطفية المتخارجة عن حقيقة تلك الذكريات بشيء من الحس المرهف، الذي يتخطى احباطات الحال المرهق بسلاسة.
وعندما سألت زميلي عن حاله،في اطار تبادل التحايا معه،استرعى اهتمامي ما اجابني به بصريح القول من (اننا يا اخي انما نعتاش اليوم على ما يختزنه عقلنا الباطن من ذكريات الماضي)استشعارا للسعادة،لكي نتجاوز بها تعاسة غربة الحاضر،وصعوبات الحياة، بعد هذه الرحلة الطويلة من العمر.وبذلك فقد ادهشتني بحق عاطفته الجياشة، وطريقة تعبيره بهذه التلقائية عن ما يجول في خاطره، وما يكابده من معاناة العزلة بفجوة الجيل في حياته الراهنة،التي يسعى لتجاوز مرارتها بلجوئه لإعادة إنتاج صور الماضي،واستيلادها بذهنه بطريقة وردية، ليشاطر زملاءه الاحساس بوحدة المعاناة، ويشاركهم الحنين الى الذكريات، رغم كل الفوارق الشخصية في معايشتها.
وبغض النظر عن التفسيرات النفسية لمثل هذه الظاهرة من الحنين الى الماضي بهذه الطريقة الوجدانية المؤثرة، التي عكستها عبارة زميلي لي،ومن دون الحاجة للدخول في تفاصيل التأويلات العلمية البحتة لها التي غالبا ما تختزلها في نوستالجيا باهتة،فأنه يبدو ان هذه الظاهرة تظل حقيقة انسانية ماثلة بيننا نعيشها بين الحين والآخر،فلطالما شعرنا اننا نقتات فعلا على تخوم حافات ذكرياتنا،كلما سنحت لنا الفرصة بخلواتنا الفردية بالعودة الى تلافيف الذاكرة،والتسكع في وهادها السحيقة، تلمسا لبصمات ماضينا الجميل التي تغمرنا بجرعة سعادة معنوية،كلما هربنا اليها من صخب حياتنا المعاصرة،حتى وان بدت لنا سعيدة في كثير من جوانبها،وطافحة بالرفاهية.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر معد الجبوري.. وجدل التوحد مع درة المدن ام الربيعين
- الشاعر الدكتور حسين يوسف محيميد الزويد يتواشج مع رعيل البردة
- النهوض باللغة العربية.. مخاطر الانزلاق الى العامية وتحديات ا ...
- المستهلك..وتنمية حس تدقيق صلاحية استعمال السلع
- الشاعر احمد علي السالم يتسلل الى مصاف الرعيل الاول من المداح ...
- مفتاح علي السالم..طبيب وأديب وفنان
- مجالس الدواوين..موروث اجتماعي رمزي بحاجة تفعيل
- تجليات الصبر في مرثية (الصبر هو الملاذ) للشاعر ابو يعرب
- التواصل الوجداني بين المبدع والمتلقي
- التوظيف الابداعي للمفردة الشعبية في نظم الازهيري
- الهجرة النبوية.. تجربة البطولة والتطلع المؤمن
- نظم الزهيري والعتابة بالفصحى
- تجليات مستنبطة من تدبر فريضة الحج
- الكتابة مزاج...وليس مجرد اختصاص
- الربيع العربي..اختلاط المفاهيم واضطراب الرؤى
- الاديب الدكتور حسين اليوسف الزويد..تواشج متواصل مع تراث الأج ...
- الشاعر احمد علي السالم..ابداع التوظيف..وشجن تخاطر المتلقين
- لحظة تأمل عند حافة الشاطيء
- النهوض العربي المعاصر.. تطلعات الانبثاق وأحباطات الأجهاض
- العِنَّة في التراث الشعبي


المزيد.....




- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - اقتيات على ذكريات الماضي