أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - الشاعر معد الجبوري.. وجدل التوحد مع درة المدن ام الربيعين














المزيد.....

الشاعر معد الجبوري.. وجدل التوحد مع درة المدن ام الربيعين


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 18:27
المحور: الادب والفن
    


الشاعر معد الجبوري.. وجدل التوحد مع درة المدن ام الربيعين
نايف عبوش
احتل المكان بشتى صوره، مكانة رمزية كبيرة في ذاكرة الشعراء.ولا غرابة في ذلك،فالانسان منذ الصغر يتعلق بكائنات فضاءات بيئته المحيطة به،ويتفاعل وجدانيا مع حيزها الحاضن له بشكل مباشر، باعتبارها واقعا رمزيا محسوسا متساكنا في اعماق ذاته. لذلك يبقى عنصر المكان مهما في ثقافة التراث الشعري،بل ويأتي في سياق الثقافة الطللية للموروث العربي،شعرا، ونثرا، وغناءا، وأمثالا،كما تعارف على ذلك الباحثون، والنقاد.
وفي اطار ذات السياق تأتي قصيدة الشاعر معد الجبوري(ام الربيعين)، نابضة بكل معاني التواشج الوجداني مع مدينته الموصل الحدباء:
يا نينوى الموصل الحدباء، يا ألَقِي
ونبضَ صوتيَ في سَهْلٍ وفي حَزَنِ
فتتدفق صورا شعرية مدهشة حينما نجد قريضه فيها يتناغم مع (توحد سوائي) بين عين المدينة، وذات الشاعر، في جدلية متواشجة،مزدانة بومضات موحية شفافة في مثل قوله في بيت من تلك القصيدة، يسكنه هذا التوحد العجيب، حيث يتخذ المكان بعده المركزي في ذاكرته الشعرية،باعتباره بؤرة إنتاج الصورة الرمزية المستجيبة لانثيالات الذاكرة عن المكان،فيتجلى عنده احساس بالسوائية المطلقة، متخطيا بذلك كل حواجز التحايث المألوفة بين الذات والموضوع:
سِيَّان: أسكُنُ في عينيكِ ، مُتَّشِحاً
بِزهوِ عينيكِ ، أو عيناكِ تَسكُنُنِي
وكيف لا يتناغم هذا الشاعر المبدع مع هذا الجو التعبيري من التوحد المتساكن عضويا ذاتا وموضوعا، وهو من ظلت أم الربيعين تسكنه في أعماقه، وتتجسد في نتاجه الشعري الأدبي،رموزا، وبوابات،وامجادا:
أسـوارُها قِمَمٌ ، أحجارُهـا رُقُمٌ
ظلت تشـعُّ ، وما آلَتْ إلى دِمَنِ
ورغم تداعيات الزمن المتسارعة ، التي تعمل على تنحية الكثير من تجليات التوحد المتساكن مع بيئة الانسان في الحياة المعاصرة، التي كانت يوما ما مبعث استلهام في تفريغ هموم ناسها..الا انها عجزت عن طمس تلك الومضات في ضمير الشاعر معد الجبوري،حيث ما برحت تلك التجليات متدفقة بوضوح في وجدانيات شعره عندما يتغنى بها بشجن جلي:
لو غِبتِ عني فروحي نَوْحُ صادِحَةٍ
تظلُّ تشهقُ مِنْ شَجوٍ ومِنْ شَجَنِ
في اشارة صريحة الى حضور الموصل الدائم في ضميره.ولا يخفى كم هو موحي،ومؤثر هكذا مشهد في مشاعرمتفاعلة عاطفيا مع عنصر المكان، ومتوحدة عضويا معه..مع ان الكثير منها اليوم شأنها شأن عناصر التراث الأخرى طالها العبث،والمسخ، والإقصاء لأسباب كثيرة،ولكنه وهو من عاش تلك الصورة بتفاعلاتها الحسية البدئية، لا زال يسترجعه بعاطفة وجدانية تنبثق من قعر ذاكرة امسه، لتتواصل مع راهن حاضره..حيث يجد نفسه حاضرا في كل منعطفات فضاءات مدينته الساحرة،منذ ان ارتبط مكانها في مخياله بالأحداث، والوقائع،والمعاناة، المتصلة بتجربته الشخصية اتصالا عضويا لا تنفصم عراه:
في كُلِّ مُنعطَفٍ، لي منكِ بحر هوًى
تجري بما تشـتهي في لُجِّهِ ، سُفُني
فلم يفلح توالي السنين،ولا ارهاصات الظروف الضاغطة في ابعاد مدينته عن حسه،ولا ابعاد ذاته عنها:
دارَ الزَّمانُ، ومَنْ داسُوا على كَبِدِي
ظنُّوا بِأنَّ جراحي ، عنكِ تُبعِدُني
ولعل اللقطات المتعددة من المشاهد،والصور المتراكمة في ذاكرته المرهفة الحس، تجمعها معه اصرة فضاء مدينته في مشهد تكوين تدفقات منثالاته التي حوتها بنية قصيدته،وهو ما جعل المكان متجسدا بمدينته فضاءا روحيا حركيا، وجماليا حسيا،يسكن دواخله برمزية درّية:
تضمُّ وجهَكِ أضلاعي ، وقَدْ نَثَرَتْ
دُرَّ الحَنايا لَهُ ، يا دُرَّةَ المُدُنِ
ويأتي حرصه الشديد على سلامة مدينته الموصل الحدباء، ورفضه العبث بكيانها، والمس بمقدراتها، انعكاسا بينا لامتعاضه من محاولات تقطيع أوصال مدينته، بأراجيف، وأطماع، وفتن عاصفة، بدوافع شتى، لا تنطلي على لبيب:
حَصَّنْتُ وجهَكِ بِاسمِ اللهِ مِنْ حَسَدٍ
و مِنْ أراجِيفِ أطمَاعٍ ، ومِنْ فِتَنِ
وخلاصة القول فان الشاعر معد الجبوري بما يمتلك من موهبة فطرية متوقدة، وخيالا خصبا،وتجربة غنية،تمكن من استيلاد هذه القصيدة الابداعية في لحظة انقداح ومضة حسه المرهف عن مدينته في اخاديد وجدانه،فنقل أحاسيسه المرهفة التي عاشها في تلك اللحظة عبر هذه القصيدة، الى وسطه من المتلقين، لكي يجعلهم يعيشوا معه تلك المشاعر التي عبّر عنها بتفاعل وجداني،باعتبار انه لا يكتب لنفسه فقط، بل وللآخرين في نفس الوقت.ولاشك ان ما تفتقت به قريحته من صور وجدانية عن مدينته الموصل الحدباء التي نعتها بدرة المدن،تظل فيضا من مخياله المبدع، المتفاعل بحس وجداني تلقائي مع مدينته على الدوام.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر الدكتور حسين يوسف محيميد الزويد يتواشج مع رعيل البردة
- النهوض باللغة العربية.. مخاطر الانزلاق الى العامية وتحديات ا ...
- المستهلك..وتنمية حس تدقيق صلاحية استعمال السلع
- الشاعر احمد علي السالم يتسلل الى مصاف الرعيل الاول من المداح ...
- مفتاح علي السالم..طبيب وأديب وفنان
- مجالس الدواوين..موروث اجتماعي رمزي بحاجة تفعيل
- تجليات الصبر في مرثية (الصبر هو الملاذ) للشاعر ابو يعرب
- التواصل الوجداني بين المبدع والمتلقي
- التوظيف الابداعي للمفردة الشعبية في نظم الازهيري
- الهجرة النبوية.. تجربة البطولة والتطلع المؤمن
- نظم الزهيري والعتابة بالفصحى
- تجليات مستنبطة من تدبر فريضة الحج
- الكتابة مزاج...وليس مجرد اختصاص
- الربيع العربي..اختلاط المفاهيم واضطراب الرؤى
- الاديب الدكتور حسين اليوسف الزويد..تواشج متواصل مع تراث الأج ...
- الشاعر احمد علي السالم..ابداع التوظيف..وشجن تخاطر المتلقين
- لحظة تأمل عند حافة الشاطيء
- النهوض العربي المعاصر.. تطلعات الانبثاق وأحباطات الأجهاض
- العِنَّة في التراث الشعبي
- انتفاضات الربيع العربي..بين شتاء العرب القارص وصيفهم الساخن


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - الشاعر معد الجبوري.. وجدل التوحد مع درة المدن ام الربيعين