أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - يوسف مرة أخرى














المزيد.....

يوسف مرة أخرى


خالد غميرو

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 06:19
المحور: الادب والفن
    


هو الآن قريب من ثلاثينيات العمر، نضج إلى مستوى يستطيع به أن يعي كيف يتحرك العالم، و كيف هو واقع مجتمعه و كل الحروب الصغيرة والكبير التي تطحنه، لكنه لازال عاطفيا إلى درجة التطرف كما كان في طفولته، هي من أعادته إلى ذلك العمر، إلى تلك الابتسامة التي قتلته في المرة الأولى، و هاهي تصر على قتله مرة أخرى بعد كل هذه السنين، الآن لم يعد كما كان، ولن يستطيع أن يفعل ما كان يفعله حينها و أن ينتظرها بنفس الطريقة، لقد تغيرت أشياء كثيرة في حياته، أصبحت الأمور أكثر تعقيدا بالنسبة له، الآن حبيبته لم تكن تربطه بها فقط خمسة دقائق و ابتسامة، بل كانت أحلاما كبيرة خططا لها معا، وتفاصيل دقيقة عاشاها كل يوم، كانت بالنسبة له هي محور حياته، هي أيضا كانت تحبه إلى درجة أنها كانت تسميه حلما جميلا و مختلفا قد تحقق..
ماذا حدث الآن؟ كيف لها أن تتركه بهذه السهولة، بعد أن وجدها و عاش معها، هكذا بدون سابق إصرار أو إنذار، أعادته إلى تلك اللحظة التي عاشها عندما تأكد من أن حبيبته لن تمر مجددا لتبتسم له، اليوم يعيش بنفس الخوف و نفس الألم، بأسئلة تعذبه كل يوم منذ أن تركته، منذ أن رمت في وجهه رسالتها و رفضت أن تلتقي به و تشرح له أسبابها، فقط الصمت و الرفض هما حديثها الأول و الأخير، لا يعرف إن كانت أحبته أم لا؟ أو أنها لازالت تحبه، لا يعرف لما ارتبطت به، لما أعطته كل تلك الآمال ثم انسحبت هكذا، تاركتا وراءها البكاء و الشك و الغموض، كأنها تنتقم منه على جرم لم يرتكبه، أو تعاقبه لأنه أحبها؟ هل كانت تخاف منه، و من أحلامه التي ربما تجاوزتهما معا لتتسع إلى حيز يدخل في العالم كله، أ خافت على طموحها في أسرة صغيرة من أن يضيع وسط هذه الطموحات الكبيرة في تغيير العالم؟
هي من قالت، وكتبت له في مذكرته الصغيرة، "كم من الوقت سننتظر لنكون معا إلى الأبد"، و هاهي تأتي الآن لتقول أنها لم تكن تشعر بالارتياح، و أنها تريد أن تبقى لوحدها، لا تريد حتى أن ينتظرها، و تطلب منه أن يبدأ حياة جديدة، لكنها لا تستطيع أن تقول له كيف يبدأ هذه الحياة، هل يبدأها مع هذا الخوف و الإحباط؟ كيف سيحيى مجددا من هذا الموت المحقق، كم من القلوب سيجني عليها و يعذبها هو أيضا، ليجد ابتسامة أخرى كهذه تلخص حنان و أمان الكون كله كما كان يراها، و كيف سيظل هاربا من وحدته التي كانت تعذبه من قبلها و ستعذبه أكثر من بعدها...
هي تريد الهرب إلى الوحدة من عينيه التي تعذبها و تجعلها تحس بتأنيب الضمير، و هو يريد أن يهرب من كل العالم و من وحدته إلى حضنها. لم تعطه ولو أملا ضعيفا يغذي انتظاره لها، هل سيبقى ينتظرها و هو يعرف أنها لن تعود، و لن تفكر حتى أنه سينتظرها كل يوم في نفس المكان و التوقيت، كما كان يفعل و هو طفل، هي تعرف الآن أنها ستتركه يموت ببطء و هو ينتظرها بتلك الطريقة القاسية، لا تعرف أن هذا الموت أصعب و أكثر ألما من الموت الطبيعي، هذا الموت الذي نشعر به حينما نفقد الحب و الشعور بالأمان، موت كل تلك الأشياء الجميلة و النقية و الصادقة، التي تجعلنا كائنات تستطيع أن تعيش و تستحق أن تتطور.
لن تأتي و لن يتقابلا مجددا، رغم ذلك ينتظرها في المكان و التوقيت الذي قال أنه سينتظرها فيه، كما كان يفعل طيلة الأيام الماضية، يتطلع بشغف إلى كل الحافلات التي تقف أمامه على أمل أن تكون في واحدة منها، قلبه يخفق بشدة كلما ظهرت حافلة أخرى قادمة، و يشعر بخيبة الأمل عندما لا تنزل حبيبته منها، تلك هي طقوسه للانتظار، مستمع بموته البطيء و هو يعرف أنها لن تأتي، و ربما لا تفكر حتى أنه ينتظرها...



#خالد_غميرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف
- مطلوب سيسيقار
- أرضنا الإفريقية
- -الصعاليك الاشتراكيون-
- لا تخبروا الجنود الأمريكان، أن في بلدنا إرهابي !!
- بين الإضراب العام والضرب العام للصحافة
- ثلاثة هدايا من مدينة -آسفي-.
- مواجهة الشيطان هو الحل !!
- لا تظلموا امريكا...
- -شجرة القايد- - قصة قصيرة
- زعيم مملكة الشعب
- دي كوورة يا عم !!
- ثورية اليسار و فروسية الدون كيشوت !!
- الحلم أمريكي...الكابوس إرهابي !!
- لكي لا ننسى ما نسيناه !! -سبق الميم ترتاح-
- ماذا عن الديمقراطية؟؟
- التحرر الجنسي...تكتيك أم إستراتيجية؟؟ -رد على حالة إفتراضية-
- إنها -ثورة-... !!
- -يكفينا الوحدة التي نحسها.-
- الحب و-الثورة-


المزيد.....




- -أنتم أحصنة طروادة للفساد الاجتماعي-.. أردوغان يهاجم مسابقة ...
- آخر مرافعة لترامب في قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز الأ ...
- طريقة تنزيل تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 نايل سات لمتابعة ...
- نتنياهو عن إصدار مذكرة اعتقال ضده من الجنائية الدولية: مسرحي ...
- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...
- مصر.. تأييد الحكم بالسجن 3 سنوات للمتسبب في مصرع الفنان أشرف ...
- بعد مسرحية عن -روسيات ودواعش-.. مخرجة وكاتبة تواجهان السجن ف ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - يوسف مرة أخرى