أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - يوسف














المزيد.....

يوسف


خالد غميرو

الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


كان حبا من نوع خاص، لايشبه القصص التي نسمعها و نقرأها عادة عن الحب، هنا لم يكن يوسف يعرف عن حبيبته سوى تلك الدقائق المعدودة، التي تمر فيها من أمامه كل يوم، وتلك الإبتسامة التي تعني له اللحظة الجميلة الوحيدة التي من أجلها يستمر في العيش...
ككل يوم بعد أن ينتهي من جولته المعتادة بين مقاهي وسط المدينة، في البحث عن ما يجعله يعيش ليوم إضافي آخر ليرى حبيبته، يعود مسرعا دائما قبل نصف ساعة من الموعد الذي تمر فيه، يحرص دائما على أن لا يتأخر، وحتى إن تعرض له المتشردون الأكبر سنا، و الذين غالبا ما يأخذون منه ما قضى اليوم بطوله في جمعه، يتركه لهم لكي لا يأخروه عن الموعد.
لقد كان بجسده النحيل الذي لم تغادره الطفولة بعد، والذي يختفي في سترته الكبيرة التي لا تعرف لونها الأصلي، يتكأ على حائط قاعة السينما المغلقة، ثم يقرفص رجليه ويبقى متطلعا بعينه إلى الجهة التي تأتي منها حبيبته. كانت فتاته تمر كل يوم من هذا المكان، بخطوات هادئة واثقة من نفسها، ربما كانت تدرس أو تعمل في مكان قريب من هنا، بالنسبة له لم يكن يهمه أن يعرف من هي و ما إسمها، أو إلى أين تدهب ومن أين تأتي، وحتى أنه لم يفكر يوما أن يتبعها، بل فقط كان يحب أن يراها كل يوم، في تلك اللحظة التي تمر فيها و تبتسم له إبتسامة لطيفة وتحييه بهزة خفيفة لرأسها، لقد كان حبه لتلك اللحظة ولتلك الإبتسامة، أهم بالنسبة له من الفتاة بنفسها، كانت تعني له تعويضا عن الدفء والحنان الذي يفتقده، كان حبا أكثر إنسانية ووضوحا من الحب الذي كتب عنه جميع الأدباء والشعراء عبر التاريخ، حب لا يمكن أن يتوطد إلى في هذه اللحظة وفي هذا المكان ومع هذا الشخص بالذات...
مرت على الموعد المعتاد دقائق كثيرة وحبيبته لم تظهر بعد، كان قلقه وخوفه من أن لا تأتي يزداد، ويظهر أنها لن تأتي اليوم، لقد بدأ فعلا يفقد الأمل في مرورها، بل بدأ يخيل إليه أنها لن تمر مجددا، وأنه لن يرى تلك الإبتسامة بعد الآن، لقد شعر بخيبة أمل كبيرة بعد أن خيم الظلام، وتيقن أن حبيبته لن تأتي اليوم، بل ربما حتى غدا، فهي ليست ملزمة بذلك، وهي لا تعرف أن يوسف ينتظر إبتسامتها كتعويض بسيط عن فقدانه لكل شيء يستدعي أن يعيش الإنسان من أجله. شعر حينها بوهن شديد يحتل جسده الهزيل، أراد فقط أن ينام، نهض من مكانه واتجه إلى حيث ينام كل ليلة مع أصدقائه، في الحديقة العمومية الصغيرة داخل الكيس الأسود الكبير، لم يكن هذه المرة أصدقائه هناك، فهم لا يأتون عادة للنوم في مثل هذا الوقت، فلازال الليل في بدايته ، أما هو فلا يريد أن يقوم بشيء سوى أن يتكوم داخل الكيس الأسود، حتى أنه نسي ألم الجوع، والفكرة الوحيدة التي كانت تدور في رأسه، هي أنه فقد حبه وأنه لآخر مرة سيرى فيها تلك الإبتسامة، وأن حبيبته لن تمر مجددا.
ادخل جسمه النحيل في الكيس، وتمدد تحت الشجرة القصيرة، فأغمض عينيه ثم إستسلم للنوم وقرر ألا يستيقظ في اليوم التالي ولا في الأيام القادمة، فحبيبته لن تمر لتبتسم له مجددا...



#خالد_غميرو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلوب سيسيقار
- أرضنا الإفريقية
- -الصعاليك الاشتراكيون-
- لا تخبروا الجنود الأمريكان، أن في بلدنا إرهابي !!
- بين الإضراب العام والضرب العام للصحافة
- ثلاثة هدايا من مدينة -آسفي-.
- مواجهة الشيطان هو الحل !!
- لا تظلموا امريكا...
- -شجرة القايد- - قصة قصيرة
- زعيم مملكة الشعب
- دي كوورة يا عم !!
- ثورية اليسار و فروسية الدون كيشوت !!
- الحلم أمريكي...الكابوس إرهابي !!
- لكي لا ننسى ما نسيناه !! -سبق الميم ترتاح-
- ماذا عن الديمقراطية؟؟
- التحرر الجنسي...تكتيك أم إستراتيجية؟؟ -رد على حالة إفتراضية-
- إنها -ثورة-... !!
- -يكفينا الوحدة التي نحسها.-
- الحب و-الثورة-
- مع القلم تستمر الحكاية...


المزيد.....




- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد غميرو - يوسف