أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق مثليي الجنس - فرات محسن الفراتي - مثلي الجنس في تركيا وقضية الحريات















المزيد.....

مثلي الجنس في تركيا وقضية الحريات


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 21:52
المحور: حقوق مثليي الجنس
    


القلق على الحريات الخاصة هاجس يلاحق كل من يعيش في مجتمعات تحكمها الثقافات او الاحزاب الدينية خاصة الاسلامية منها، ولعل اكثر من يخشون على حريتهم في ظل حكم المتشددين هم مثلي الجنس.. الاشخاص المتواجدون في كل مجتمعات الشرق الاوسط ولكن بلا ظل فحياتهم وحرياتهم وخياراتهم على المحك واحيانا على المقصلة.

الحديث عن مثلي الجنس لازال يعد تابو محرم في العديد من دول الشرق الاوسط.. بالوقت الذي اصبحت حقوق الانسان في اختيار هويته الجنسية من المسلمات الدستورية في العديد من دول العالم المتقدم خاصة في اوربا الغربية والولايات المتحدة واستراليا، تركيا تقف بمرحلة وسطية بين دول العالم المتقدم ودول العالم المتخلف.. حيث لا تعترف قانوناً بالعلاقات المثلية وبذات الوقت لا تجرم قانوناً مثل هذه العلاقات وتتعامل بتقبل اجتماعي الى حد كبير مع مثلي الجنس كمواطنين كاملي المواطنة والحقوق.. الا ان القلق يتطور لدى المثليين من التمدد الاسلاموي الذي يعمل عليه حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة اردوغان.. تللك المشاريع التي حفزت الشارع التركي العلماني على الانتفا ضة الجماهيرية الكبرى اعقاب اعتصامات متنزه جيزي بارك في حزيران 2013 وما تلاها.
يتركز المثليين بأسطنبول في منطقة باي اوغلو حيث مساكنهم وباراتهم ونواديهم وملتقياتهم الاجتماعية، وباي اوغلو منطقة كانت مركز تاريخي لسكان اسطنبول اليونانين.. وبأواسط الخمسينيات مع تنامي الصراع السياسي بين تركيا المنظوية ضمن حلف الشمال الاطلسي (ناتو) واليونان المنظمة لحلف الجمهوريات الاشتراكية (وارشو) وبلوغ التنازع ذروته حول جزيرة قبرص .. قام شخص برمي قنبلة يدوية على المنزل الذي ولد به اتاتورك في مدينة سالونيكا واتهم اليونانيون بتلك الفعلة فهبت حملة شعبية عنيفة لآتلاف ممتلكات اليونانين والاعتداء عليهم وجرى تهجيرهم من باي اوغلو.. وبعد رحيل اليونانيين استقر جيل اسطنبولي جديد في المنطقة معظمه من مناصري الجمهورية العلمانية.. ومع تنامي السياحة وظهور حركة (الهيبز) في منتصف ستينيات القرن العشرين.. اصبحت تركيا اخر محطة سياحية اوربية يصلها شباب الهيبز الرحالة بسياراتهم القديمة او دراجاتهم الهوائية.. وفي تلك الحقبة نشطت باي اوغلو كمعقل للسياحة الاوربية الشابة لحركة الثورة الجنسية الثورة على السياسة والدين والثورة لنصرة الحب والسلام والحياة والموسيقى.
ورغم انحسار مد الحب والسلام بالعالم الا ان منطقة باي اوغلو بتفرعاتها من ميدان تقسيم وشارع الاستقلال بقيت اهم مراكز السياحة التركية عالمياً ومقصداً لآي سائح اجنبي يمر بالبلاد واصبحت غزيرة بالفنادق ومراكز التسوق والنوادي والبارات والمطاعم والمكتبات ومحال التحفيات والهدايا.. ولازالت شققها الباهضة مملئة بالسياح.. وكان لمثلي الجنس وجودهم الكبير في هذه المنطقة التي تعد الاكثر تسامحاً لتنوعها الثقافي وانفتاحها على ثقافات العالم المختلفة ولطابعها الاوربي الذي عززه وجود معظم مراكز الثقافة الاوربية بالمنطقة.

الا ان صعود الاسلاميين للحكم بتركيا صاحبه انتكاسة للحريات، فعلى الرغم من نجاح الاسلامين بداية بتطوير الاقتصاد التركي ودفعه للامام.. الا ان ازمة الاسلام مع الحريات الشخصية (المزمنة) لم تصمد طويلاً حتى انفجرت.. لعل العديد غير مقتنعين بفكرة (مشروع الاسلمة) الاردوغاني البطيء في تركيا.. ويراه البعض ضرباً من ضروب الخوض بنظريات المؤامرة، وبالحقيقة هم واهمون فمشروع الاسلمة حقيقة واقعة، الا ان العديد من محللي الشأن التركي (خاصة العرب) يكتفي بقراءات متنوعة عن تركيا ومتابعات اخبارية ليتقدم بطرح افكاره دونما المرور بتركيا ربما بحياته.. لكن العولمة التي حولت عالمنا الى قرية صغيرة لا تعني الاستنتاج فقط فأن لم تعيش في تركيا او تزورها على الاقل زيارة طويلة متفحصة لن تفهم ما يجري بهذا البلد والاسباب عديدة ولعل اهمها ازمة التواصل فتركيا (المجتمع) لا تستخدم الانكليزية او العربية.. اما تركيا (الاعلام الرسمي) فأيصاله للمعلومة يخضع لمعايير البروبغندا اي (التوجيه والتظليل)
مؤخراً تحرك الاسلاميون نحو باي اوغلو محاولين انشاء اول جامع في المنطقة التي تعج بأماكن السهر من نوادي ليلية وبارات.. وبمنطقة يستأجر شققها الصغيرة العديد من الاجانب والفنانين ومثلي الجنس.. لقد كانت الرسالة واضحة وهي محاولة التمدد الاسلامي بهذه المنطقة عبر انشاء جامع وما يتبعه من اذان خمسة مرات يومياً وانصات قسري على صالات الموسيقى بأوقات الصلوات ثم الحث على ابعاد محال الخمور عن الجامع والتوجيه بأغلاقها.. والغريب ان حزب العدالة لم ينتظر سلسلة الموضوع بل سارع لآصدار قرار بذات المدة يحضر به بيع الكحول بعد العاشرة مساءاً .. وهذا بحد ذاته تهديد للنشاط السياحي لمدينة لا تنام طول الاربع والعشرين ساعة.

تجريف متنزه جيزي بارك والحديث عن الرغبة لآنشاء مركز تسوق والقضاء على اخر معالم اسطنبول اثار الشارع وحرك مشاعر اكثر الناس قلقاً وهم الخائفون على حرياتهم من قمع التمدد الديني، نعم فالانتفاضة بالحقيقة ليست من اجل متنزه (فهذا تسطيح للفكرة) بل انه مواجهة للتمدد الاسلامي.. انها ثورة علمانية ضد الدين.

ان اصرار حزب اردوغان على تقييد الحريات والعودة بالمجتمع للخلف بعد ان دفع به اتاتورك للامام نحو اوربا، اصبحت الاسلمة تقلق الاتراك خاصة بعد اصدار قوانين تناقش ايقاف الاجهاض ومنع المرأة من العمل بعد منتصف الليل وما سبقه من السماح للمحجبات من العمل بوضائف رسمية الى المرحلة التي وصل بها الى تقييد حريات والقاء القبض على صحفيين نتيجة قضايا تعبير او قضايا اعتقاد كللت بالحكم بسجن موسيقي تركي معروف لآجهاره بالالحاد! ومضايقة الاديب اورهان باموق الحائز على نوبل للاداب بسسبب اعتراضه على موقف الحكومة من الاقليات.. انتهاءاً بالنغمة الغريبة لآردوغان بدعوته للعودة للسلطنة العثمانية وامجادها على حد ادعائه.. بالوقت الذي يعتبر الاتراك ان جمهوريتهم التي صنعها كمال اتاتورك هي مثار فخرهم ومعيار وطنيتهم وانتمائهم.. ولا يمكن ان ننسى ان حزب العدالة تعامل بكل حزم في تفكيك المؤسسة العسكرية الوطنية.

بالتالي فجميع الاحرار والليبراليون والعلمانيون ودعاة الانفتاح ثاروا على الحكم الاسلامي.. وبلا شك فأن مثلي الجنس الاتراك.. خاصة ممن يسكنون في اسطنبول كانوا من اول من شارك في اعتصامات الدعوة لآيقاف التجريف لمتنزه جيزي بارك وقد رفعوا منذ ايام الاعتصام الاولى اعلامهم ذات الوان الطيف الشمسي الزاهية

يعلق العديد من سكان اسطنبول الاصليين بأن حزب العدالة بوجوهه الرسمية اليوم السياسية والاقتصادية هو تجسيد لنظرية التناشز الاجتماعي بأشارة لقدوم الاشخاص من المدن والقرى البعيدة في عمق الاناضول لآدارة مدن كأسطنبول وانقرة تعد معاقلاً للمدنية.. انها ذات الازمة التي تعانيها العديد من الدول العربية حينما تكون الطبقة الحاكمة من الريف وتتسيد المدينة وتحاول فرض ما جلبته معها من ثقافات قروية بدوية على ثقافة مجتمع المدينة المتحضر.. وهنا احد نقاط التقاطع الثقافي الشعبي بين سكان المدن الكبرى كأسطنبول وانقرة وازمير وبورصا وانطاليا مع الحكومة وحزب العدالة.

بالتالي فالصراع الاجتماعي التركي هو بين تيارين تيار علماني يؤمن بمقولة اتاتورك الذي قال بأن (اتباعنا للشرق يعني سقوطنا في عمق التاريخ واتباعنا للغرب يعني تقدمنا مع العصر).. وبين تيار قادم من الارياف والقرى الجبلية التركية يدعو للعودة للدين ومستلهما نظرته من نجاحات السلاطين السابقة، ويعلق بعض مراقبي الشأن العام التركي بأن الاسلاميين عموماً ليس الاتراك فحسب يعتقدون بأن المرحلة التي كانت بها الدولة الاسلامية قوية هي التي يجب ان تعاد لتعاد معها قوة دينهم ودولتهم بالتالي ينادون بعودة الخلافات الاسلامية!! وهذا بشكل عام تجسيد سطحي وغير عقلاني للمنطق.. فلا يمكن استيراد تجربة من الماضي لعيشها بالحاضر.. كما ان وسائل العالم تغيرت.. وان كانت دولة الخلافة تحارب دولة الصليب في الماضي فعالم اليوم مختلف ومعيار القوة والتقدم والتمدن مختلف.. ثم لماذا هذه الفكرة العدائية لباقي الشعوب على اساس الدين.. انه تفكير خارج معاير الزمان والمكان.
وبالعودة لمثلي الجنس بتركيا فمعظمهم يقول انه خيار شخصي يعيش به وهو مسؤول عنه.. بالتالي لماذا يجب ان يكون هنالك من يتبنى سلطة اعلى ليحدد خيارات الناس بل ويجرم بعضها!! ويرى المثليون الاتراك بأن بلادهم تعتاش على السياحة وتتطور بأنفتاحها على العالم، والاسلاميون يسعون لآغلاقها وتحجيمها وهذا سيؤثر على نموها الاقتصادي ويؤثر على حريات الناس.. ويذكرون دوماً بأن الدولة المدنية تعطي الحق لكل انسان بممارسة حرياته وطقوسه وشعائره.. فالمتدين داخل الدولة المدنية يمارس طقوسه.. ولكن على العكس ما ان تصبح الدولة دينية تصادر حريات من يختلفون معهم وتجبرهم على ممارسة طقوس الدين وان كانوا غير مقتنعين بها.

بالنهاية لابد من التذكير بأن حرية الانسان بأتخاذ هويته الجنسية او ميوله او طباعه لم تعد حتى موضوع مطروح للنقاش في معظم دول العالم المتطور فقد اجتازتها هذه المجتمعات واعتبرتها من المسلمات فكل انسان حر بأختياراته ومسؤول عن تصرفاته فالقانون لا يميز بين احد بين الناس او يتدخل بسلوكيات الافراد، الا ان المعظلة لازالت داخل المجتمعات الشرق اوسطية التي تستقي احكامها القانونية ونظراتها الاجتماعية من خلال نصوص الدين القديمة وتقاليد المجتمع القبلي المتغلغل بالحياة الاجتماعية.. بالتالي فلازالت فكرة رهاب المثلية الجنسية (الهومو فوبيا) تهيمن على عقلية العديد من سكان الشرق الاوسط دون ان يفكر بغرابة المنطق ان يحاكم انسان شخص اخر يشاركه الانسانية ولكن يختلف عنه بميوله!! فلازال العديد لا يفهم كيف العيش دون ان يتدخل بحياة الاخريين او دون تدخل الاخريين بحياته…
لمشاهدة الفيديو والصور حول الموضوع عبر الرابط التالي
http://iraqijournalist.wordpress.com/2014/02/06/gay_and_lesbian_in_turkey/



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العين الزرقاء.. تعويذة النجاة للمرأة التركية
- حقيقة الموقف التركي مما يحدث في سوريا
- السينما التركية.. طائر يحلق قريباً
- رسائل التعري.. علياء المهدي فعلتها بمصر والفيمن يجتحن أوربا
- الابداع الروائي بخلطات دان براون المشوقة
- هل ستعود شان إلى العراق يوماً ؟
- وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم
- امرأة بين تجاذبات الماضي وخوف الحاضر
- كذبة الثقافة العربية
- الصابئة المندائيين الاقلية المهاجرة جبراً من العراق
- تجذر الخرافة بالعقل المسلم.. تنبؤات نهاية العالم انموذجاً
- ان كنتم تستخدمون الدين لمصادرة الحريات وقتل الاخريين.. فأنا ...
- روح الاوان السبعة
- وهم الانفتاح الثقافي وازمة الترجمة
- على مشارف السبات
- ملل المعاناة
- قراءة في الدور التركي في ازمة المختطفين اللبنانيين بسوريا
- مشكلة الاقليات الدينية في مصر
- الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...


المزيد.....




- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- الجنسانية والتضامن: مثليات ومثليون دعماً لعمال المناجم / ديارمايد كيليهير
- مجتمع الميم-عين في الأردن: -حبيبي… إحنا شعب ما بيسكُت!- / خالد عبد الهادي
- هوموفوبيا / نبيل نوري لكَزار موحان
- المثلية الجنسية تاريخيا لدى مجموعة من المدنيات الثقافية. / صفوان قسام
- تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم ... / لارا منصور
- المثلية الجنسية بين التاريخ و الديانات الإبراهيمية / أحمد محمود سعيد
- المثلية الجنسية قدر أم اختيار؟ / ياسمين عزيز عزت
- المثلية الجنسية في اتحاد السوفيتي / مازن كم الماز
- المثليون والثورة على السائد / بونوا بريفيل
- المثليّة الجنسيّة عند النساء في الشرق الأوسط: تاريخها وتصوير ... / سمر حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق مثليي الجنس - فرات محسن الفراتي - مثلي الجنس في تركيا وقضية الحريات