أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - حمائم الفاتيكان لها من يقاتل لأجلها في سورية















المزيد.....

حمائم الفاتيكان لها من يقاتل لأجلها في سورية


عادل أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 12:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انشغل بابا الفاتيكان في الفترة الأخيرة باطلاق حملات صلاة لأجل السلام في العالم و بالأخص لأجل السلام في سوريا ، و لكن الخبر الذي استقطب متابعة عالمية كبيرة كان تعرض حمامتي السلام اللتين أطلقهما البابا على مرأى من آلاف المصلين إلى هجوم مزدوج و متزامن بصدفة غريبة من طائر بحري أبيض اللون (النورس) و طائر أخر أسود (غالباً الغراب) . وبالرغم من أن غريزة الافتراس هي ظاهرة طبيعية في عالم الحيوان و لا تظهر في عالم الانسان إلا في حالات شاذة سوداء ، و للأسف فقد كان لسوريا نصيب بحالتين من هذا الشذوذ (الزومبي السوري أبو صقار و اطعام جثة جندي سوري إلى مجموعة من الكلاب الجائعة) إلا أن حادثة الهجوم المزدوج على حمامتي السلام قد أخذت لها أبعاداً رمزية عند المتابعين في العالم ، كما و حملت دلالات واضحة تصل لمستوى الرسائل عند الملتزمين من المسيحيين لأن قراءة المسيحيون لنصوصهم الدينية هي في شكلها الطبيعي عملية فهم للرموز و استقراء للدلالات الموجودة مابين سطور الانجيل .
أي حدث هو في حد ذاته رسالة ، و أي رسالة في عالم السياسة تملك وجهين ، واحد ظاهر يعطي خبرية مباشرة و ساطعة و هو الوجه الشائع الذي يتعامل به و معه أغلب البشر و يكرسه الاعلام بأنواعه المختلفة ، حيث يضخ الأخبار المعلبة يومياً إلى المتلقي و يصنع منها حقيقة راسخة تهاجم سلامة التفكير المستقل و سلام العاطفة الحرة معتمداً على أمرين لانجاح هذا التكتيك . أولهما اطلاق نفس الرسالة من عدة جهات و من زوايا مختلفة و الأمر الثاني هو سرعة الحياة العملية و زحمة الأحداث التي تسلب من المتلقي الوقت اللازم للتحليل بهدوء و الفرصة السانحة لربط الخيوط مع بعضها البعض لاكمال المشهد العام .
و كمثال لا حصري عن الوجه المباشر و المعلب للحقيقة نتذكر جميعنا ذلك الهيجان الاعلامي الغريب الذي أشعلته المعارضة على تقرير قناة الدنيا عن المجزرة التي نفذها الجيش الحر بحق عائلات من أبناء داريا ممن يعملون في القطاع العام . قد فقامت عندها قيامة الاعلام من الشرق و الغرب و لم تقعد حتى الأن على المذيعة ميشلين عازر لأنها سألت على الهواء مواطنين سوريين جرحى عمن هاجمهم !! وهاجت المعارضة و ماجت الأقلام و أصبح الشاطر من المعارضين من يزاود أكثر على المذيعة المسكينة و يرسل لها رسائله الطائرة عبر الانترنت و الفضائيات ، فتارة كانت تأتيها رسائل سوداء قاعدية هي بيانات الوعيد بالقصاص منها و من أسرتها (مثل بيان القصاص الذي نشره موقع كلنا لأجل سوريا في وقتها) و طوراُ تصلها رسائل مغلفة بحلة بيضاء قوامها صف الديباجات العاطفية الطنانة و التفلسف اللاموضوعي عن المهنية في الاعلام وعن اخلاقيات المهنة . و الغريب في أمر هذه الرسائل الأخيرة أن ولا واحدة منها قد جاءت مرة على ذكر القتلة الذين نفذوا الجريمة مع أن احداها قد كتبت بيد واحد كان يُعرف في سوريا على أنه من أصحاب الفكر و من القلائل الذين صنعوا دراما سورية واقعية تميزت بأعطاء صورة عامة دون اهمال التفاصيل ، و هو المخرج هيثم حقي الذي كان (مذهولاً) لكن ليس من المذبحة أو من عنف القتلة بل من المذيعة ميشلين لأنها سألت امرأة مصابة عمن هاجمها بدلاً من أن ترمي ميكروفونها جانباً لتجري عملية تنفس فموية استعراضية للضحية على طريقة أفلام هوليوود أو تحتضنها و تبتسم للكاميرا كاشفة عن أسنان ناصعة البياض على طريقة السي ان ان !! و على هذا المنوال و بهكذا تقييمات سوداء تتزين بريش أبيض ألصقت بقناة الدنيا تلك المجزرة بقدرة قادر (الاعلام) و بات هذا الأمر و بوضع اليد من المسلمات لدى المعارضين بصرف النظر عن مستواهم العلمي و الأدبي . أما الوجه الثاني لذات الحدث فهو غير مباشر و للتعرف عليه وجب تحليل الوقائع و قراءة الدلالات و اعطاء العقل استراحة من الحقائق المرسلة إليه بشكل مباشر ، ففي ما يخص المثال السابق دعونا في البداية أن لا ننسى أن من قتلوا هؤلاء الضحايا كانوا من المعارضة و ليسوا من الجيش السوري أو من طاقم تلفزيون الدنيا . فمن المتعارف عليه بديهياً و علمياً أنه لا يمكن لانسان جريح يحشرج باسم قاتله أن يكذب أو يوارب ، و هذا ما سبب جنون المعارضة و من هم ورائها و جعلهم يهجمون بزعيقهم كيفما اتفق وهم يغفلون أن لدى السوريين ما يتذكرونه عن حادثة كانت ليست بالبعيدة بحق الطفل ساري ساعود في حمص عندما هاجمه غراب أسود معارض بطلق ناري و من ثم احتجزه باقي السرب هو و والدته دون أن يسمحوا لها باسعافه حتى توفي . و كل هذه القساوة مع الأم المنكوبة و طفلها كانت لأجل تحقيق خبر مصور لقناة الجزيرة يقول أن النظام السوري قد قتل طفل من أبناء الأقليات ... و لكن لماذا كانت المعارضة بهذه الرعونة و التناقض في رد فعلها على تغطية مذبحة داريا ؟؟
الجواب يكمن في محاولة اعلام المعارضة الصراخ بأعلى صوته للتشويش على أمر حساس جداً قد نشأ من تلك التغطية الاعلامية للمذبحة ، و هو ظهور أول دليل "مادي و ملموس" على مرأى من العالم أجمع يدين المعارضة قضائياً و يثبت أنها تنفذ اعدامات بحق نساء و أطفال مدنيين بصرف النظرعن دينهم و مذهبهم ... و لكن للأسف فحمائم السلام تُهاجم من أكثر من مصدر و لو كانت الطيور القابعة وراء البحار و التي تتزين بحلة بيضاء اخلاقية من حقوق الانسان و العدل قد استسلمت لهذا الدليل وقتها لكانت قد وفرت على الشعب السوري الألوف المؤلفة من الضحايا التي تسبب في وقوعها الطير الأسود الوهابي القاعدي المتربص بالجسد السوري .
المكان لا يتسع الأن لسرد كل الأمثلة المماثلة لمثالنا السابق ، فالأحداث المتعلقة بالحرب السورية غزيرة و متنوعة و هاهو حدث الساعة جنيف 2 قد شارف على وضع أوزاره ، و بدأت قعقعة التصريحات السياسية و المناطحات الاعلامية تهدأ ، و بدأوا المتابعون في فض و قراءة رسائل النهاية الواردة من قاعات و غرف مونترو . و ما بقي من اجتماع أو اثنين لن يخرجوا من خانة تكميل جولات الأخذ و الرد دون خلاصة اضافية تذكر . اولى الرسائل المباشرة المتمخضة عن المؤتمر قرأناها من التركيز الاعلامي الأمريكي و السعودي و من أمامهم المعارضة السورية على الامكانات المميزة المزعومة التي لوفد المعارضة ، و الثناء على "حرفيته و مهنيته العاليتين" . و ترافق ذلك طبعاً بالنيل من امكانات وفد الدولة السورية على أساس أنه اعتمد في الافتتاحية على الخطاب العاطفي و لم يتكلم بطريقة ترضي العقل الغربي . إلا أن الوجه الأخر للحقيقة يقول أمراً مغايراً ، فتهجم الأمريكان على كلمة الافتتاحية لوليد المعلم و وصفها بالرنانة يعني في الحقيقة اقراراً أميركياً بأن تلك الكلمة المدروسة بعناية قد نجحت في رن وجدان المستمعين .
و نستطيع أن نفهم من تقاطع الخبريات التي تقول بأن وفد المعارضة قد خضع إلى دورة لتعليم اسلوب التفاوض قبل المؤتمر مع بعض التصريحات المسربة من الوفد السوري التي تقول بأن تكنيك مفاوضي المعارضة يبدو عليه بعض التطور مع بقاء التعنت و غياب المرونة عن طروحاتهم ، نفهم من هذا أن رعاة المعارضة كانوا يحسبون ألف حساب لمفاوض الخارجية السورية و يعتبرونه نداً دبلوماسياً قوياً لدرجة أخضعوا فيها تلاميذهم لدورة مكثفة و لم يتعاملوا مع الدولة السورية على مبدأ (هذا ما عندنا و لتخبط رأسك في الجدار) . و هذا ما كان يعرفه الوفد السوري مسبقاً لذلك خاطب وزير الخارجية السوري قرينه الأميركي بالاسم و برفع الاصبع في سابقة دبلوماسية قل نظيرها تحمل رسائل غير مباشرة تقول بأن الدولة السورية قوية بما فيه الكفاية و تعرف مع من تتكلم و تقيس حجم كل لاعب في الميدان بحرفية عريقة . أما الرسالة الغير مباشرة القادمة من شطحات وفد المعارضة و بالذات من الشطيح ميشيل كيلو فتقول بأن وفد الحكومة السورية الموجود في جنيف كان استثنائياً في ثباته و صبره حتى أخر رمق من المؤتمر في مقابل "التعليب الركيك" الذي بدا على سلوك الوفد المقابل . كما و كان حليماً و صلباً في نفس الوقت في مقابل استفزازات توليفة الاعلام السعوأمريكي و بالأخص العراب روبرت فورد الذي لم يستحي من كشف دوره فظهر منفوش الريش على فضائية للمعارضة ليطلع الشعب السوري على آخر تطورات المؤتمر و انجازات تلاميذه !!
ان ذهاب الوفد السوري إلى مؤتمر جنيف و هو يعرف مسبقاً بأنه سيجلس قبالة من لا يمون على أمر في الأزمة السورية هو في وجهه الغير مباشر ذهاب لقتال طائر جارح يحاول من وراء البحار غرز منقاره في سوريا معتمداً على المراوغة و على طلاء ريشه باللون الأبيض الذي يتكلم به عن الحريات و الانسانية . فمن قرأ مابين سطور تشكيلة وفد الحكومة السورية و نظر إليها بهدوء لرأى حقيقة مخفية خاصة بالدولة السورية و هي أنها أرسلت وفداً اعلامياً بامتياز (وزير الاعلام - بثينة شعبان- لونا الشبل) . وفداً ذهب ليقاتل بالكلمة قتال هو رديف للمقاتلين السوريين الذين يحاربون الطير القاعدي الأسود على الأرض السورية . فطائر النورس يلتهم في العادة الأسماك الصغيرة و من كان يتابع بابا الفاتيكان و هو يطلق حمامتي السلام يعرف جيداً أن السمكة ترمز في المسيحية إلى الانسان الذي يتوق إلى السلام من بين الأمواج المتلاطمة ، أما طائر الغراب فبالإضافة لكونه رمز شؤم و موت معروف عنه سرقة كل ما يلمع و يعكس الضوء . و لكن للأزمات دواء ناجع يفلها دوماً و هو الصبر و الصلابة ، و لسورية صبر حضارتها و أصابع صلبة متأهبة على الزناد في الميدان و أصابع صلبة تُرفع أمام الملأ في وجوه قناصي السلام ... أصابع تعرف كيف تنتف الريش .



#عادل_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدرا العمالية تشهد لجورج اورويل
- على رسلك يا حكم البابا .. إنه أكل الحصرم
- أطلال من ضيعة ضايعة تطرق على باب الحارة (1)
- المعارضة السورية..خوف ينتج خوف
- أبو عنتر السوري يتجنب الضوء (2-2)
- أبو عنتر السوري يتجنب الضوء (1-2)
- نهر قويق لم يستر عورتهم هذه المرة
- رقصة غجرية في سيرك النذالة
- هل هي اسرائيل الثانية ...لا انهم المريدون
- حدوتة كوسوفو تروى في سوريا
- إذا سادت الأمنيات في السياسة..سالت الدماء
- حرب الهيدرا في سوريا
- تأملات في دقيقتين و ثانية سورية
- الملائكة تفتي في سوريا
- الرئيس السوري يخاطب الحاوي
- لا تستخفوا بالنظام السوري
- بل أهل الشام من أدرى بشعابها 2-2
- بل أهل الشام من أدرى بشعابها (1)
- و لا عزاء للمتسائلين
- تلفن جوبيه...هيدا جوبيه هيدا


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - حمائم الفاتيكان لها من يقاتل لأجلها في سورية