أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - لا تستخفوا بالنظام السوري















المزيد.....

لا تستخفوا بالنظام السوري


عادل أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 3737 - 2012 / 5 / 24 - 19:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان لسياسة "الدولة السورية" قوانينها الميدانية التي تعمل بها بعيداً عن استعراضات مقاطع اليوتوب و عن طنطنات البيانات التي تدعي المسؤولية أو النفي ، فالصمت في سياسة الدول يخفي وراءه عادةً عمل حثيث و نيات مبيتة بينما صراخ الأفراد ، كما عنفهم ، يدل على أقصى امكانياتهم و على ضيق أفقهم . و مازال الميدان السوري يثبت لمن لم يفقد بصره بعد أن الجماعات المسلحة في سوريا هي أحوج الأن إلى عصا الأعمى أكثر من حاجتها لكاميرا موبايل تنقل نشوتها بمدرعة محترقة أو توثق تكبيراتها حول جثث لأفراد من الجيش السوري ، فمن جرب المُجرَب و لم يتعلم من التجربة القريبة هو ضعيف القدرة على التقييم و التقدير ، و من نبت في أرض و لم يتعرف على مفاتيحها هو ضعيف البصر و البصيرة ، و من اجتمع ليهلل و يحشر اسم الله في رقصة حول جثث منكل بها هو ضعيف العقل والعاطفة ، أما من ظن لوهلة أن الأزمة السورية متعلقة بمجملها بشخص واحد أو بعائلة معينة و اختزل الحل السحري لكل الاشكاليات السورية المزمنة بتخلي الرئيس السوري وعائلته العمل السياسي و تركهم للساحة السورية فهو أعمى و يسير متخبطاً في بلاد غريبة عنه .
قيل و يقال الكثير عن "رعونة" النظام السوري السياسية التي أوصلت الوضع الأمني الداخلي إلى ما هو عليه الأن كما و حشرت سوريا داخلياً و خارجياً في أحرج حالة سياسية لها منذ عقود و نزعت عنها القدرة على المبادرة و حولتها إلى بيدق يترنح بين المربعات البيضاء و السوداء على رقعة اللعب . لكن ما لم تستطع المعارضة السورية و من خلفها الجماعات المسلحة رؤيته حتى الأن هو أن عالم القرن الواحد و العشرين باعلامه الفضائي الخارق للحواجز و ما وراءه من المشاريع السياسية الطائفية و الاقتصادية الكبرى هم من أعطوا كل هذا الزخم و الشرعية للمعارضة السورية التي لم ترقى بعد لمستوى التفاهم فيما بين أطيافها على المبادئ الأولية ، و هم أيضاً من غطوا كل طلقة صدرت عن الجماعات المسلحة بغطاء الدفاع عن النفس حتى لو كان القتيل امرأة خمسينية مهنتها التدريس ، و هم من ميعوا كارثة التفجيرات الارهابية التي ضربت المدن السورية و جعلوا من خمسة عشر كيساً من أشلاء اللحم لمدنيين مجهولين ( هي نتيجة لتفجير واحد فقط ) أشلاء لخبر مقتول اعلامياً لمجرد أن فداحة التفجير كانت أكبر من أن تنسب للسطات السورية ، و هم من جعلوا من مبدأ حماية المدنيين صمامات لغاز كريه الرائحة تسمح بالتسريب باتجاه واحد فقط ، و هم من شكلوا الظهر و السند لأصوات من المعارضة ما زالت تعارض الزمن أكثر من معارضتها للنظام السوري فأوقفت روزناماتها عند ادعاءات متكلسة بسلمية احتجاجات الجماعات المسلحة في سوريا !!
هذا الزمن السياسي الذي نحن فيه يختلف كلياً عن زمن القرن العشرين ، كما ان النظام السوري الحالي و ان كان يتشابه مع نظام الأسد الأب بمظهره الأمني إلا أنه يختلف عنه جوهرياً في طبيعة ارتباطاته الاقليمية السياسية و في طريقة مناورته و استخدامه لكروته على طاولة الصراع السوري الاقليمي الدولي . فعلى سبيل المثال ، نرى بأن النظام السوري الحالي قد تخلى عن الاستقلالية السياسية التي كانت لسوريا في السابق و التي وفرت لنظام الأسد الأب على مدى ثلاثين عاماً هامش عريض للمناورة و الصد و الرد و منحته مجال سياسي رحب للقيام بمواجهات كبرى ( كما في حربي تشرين و لبنان ) و لاعطاء تنازلات كبرى أيضاً عند الضرورة . لكن نظام سوريا ما بعد الألفين لم يترك ذاك الارث الكبير غباءً أو هباء كما طاب لدهاة الغرب أن يعرضوا و لعميان الشرق أن يروا .
استهل العصر الحديث متغيراته بانتشار الاعلام الفضائي الذي كان له الأثر الأكثر تميزاً على الشعوب العربية و الاسلامية مما على باقي شعوب الأرض ، فالخليفة المبارك الذي أبعدته حقبة القوميات و الايدلوجيات إلى صحراءه قد أعادته الفضائيات بزمن قياسي إلى كل ركن و زاوية ، و الجيل المؤدلج الذي نما في عصر الأسد الأب و الذي أعطى للجيش السوري تماسكه في الثمانينات أثناء قتاله مع الأخوان المسلمين قد أصبح مكشوف لخطاب جهادي يدعوه بقوة الايمان إلى اغاثة الجماعة قبل الجار و لنصرة الأمة كونها الوسيلة الوحيدة الفعالة لنصرة الحق . فكان رد النظام السوري الحالي على هذا الخطر القادم بامالة دفة السياسة السورية بالكامل و بهدوء باتجاه يهمل العلاقات السياسية مع المجتمع الدولي الغربي لمصلحة التركيز على اقامة روابط سياسية اقليمية ذات طبيعة عضوية تعطيه عمق جيوسياسي و بشري مع الجوار الذي لم يتوانى عن المبادرة بالمثل ، و مع الوقت تم تعزيزهذا التحالف باطراد ليصل إلى مرحلة التماهي مع الحلفاء برابط وحدة الهدف و وحدة المصير ، أي بما معناه ان فكرة الوحدة العربية الكبرى التي عجز كل عصر القوميات عن تحقيق خطوة واحدة منها قد عوضها الأسد الابن بوحدة أصغر منها لكنها شديدة التماسك و الانسجام تحت راية دول أو قوى الممانعة.
صحيح أن هذا الواقع السياسي الجديد قد حدد من حركة النظام السوري و زاد من عزلته عن المجتمع الغربي لكنه من جهة أخرى قد دفعه بالكامل باتجاه الروس الشيء الذي أتت ثماره لاحقاً بفيتوهات أمومية و بدعم عسكري لم يكن نظام الأسد الأب ليحلم بمثلهم . بكلمات أخرى ، أن المعادلة الجديدة قد سحبت بعضٌ من كروت اللعب من يد النظام السوري و قيدت من حركته لكنها عززت من قوته بالمقابل و حصنته تجاه الأعاصير الغربية و الرياح الصحراوية . فعلى عكس ما قيل فأن جيش سوريا الحالي هو أقوى من جيشها في الثمانينات بكثير لأنه ببساطة لم يعد "مستقل و وحيد" و الأهم من هذا و ذاك هو أن النظام السوري نفسه ممثلاً بشخص الرئيس ( القائد الأعلى للجيش ) قد أصبح جزءاً عضوياً لا يتجزأ من الكتلة السورية "الممانعة" و التي باتت هي بدورها جزءاً لا تتجزأ من مجموعة قوى أو دول الممانعة التي شكلت بدورها جزءاً حساساً في قطب عالمي جديد متعدد بزعامة روسيا الأم .
في ظل هذه المعادلة يبدو لنا مفهوماً قدرة النظام السوري الغريبة على الصمود لأكثر من سنة في مواجهة حملة غير مسبوقة قادها ضده العالم الغربي بالكامل تقريباً و انخرط فيها البترودولار بأرقام فلكية و تدفقت حولها الفتاوى حتى الهذيان و عزفت لها أكثر من سبعين محطة فضائية عربية و عالمية ، في حين أن أنظمة أكبر كنظام تشاوشيسكو في رومانيا و نظام حسني مبارك في مصر لم يصمدوا شهرين في مقابل حملات هي أصغر بكثير مما تعرض له النظام في سوريا. و في ظل هذه المعادلة نفهم أيضاً عجز المخابرات الغربية المتمرسة طيلة عام كامل و في طول الأرض و عرضها عن اختراق موظف سوري واحد يعمل في السلك الدبلوماسي ليظهروه على الس ان ان و الجزيرة معلناً انشقاقه عن النظام . كما و نفهم أيضاً أن ممثل النظام وزير الخارجية وليد المعلم كان قد تجاوز برؤيته تهريجات و نقد العميان له بأشواط عندما هدد بالتوجه شرقاً و جنوباً رداً على حزمة العقوبات الغربية على النظام السوري ، فالشرق قد كسر الحظر المفروض على سوريا و الجنوب قد أمدها من أقاصي الأرض بما تحتاجه من وقود .
النظام السوري قد صرح بصمته عن أكثر شيء تحتاجه سوريا في أزمتها الحالية و هو حاجة المعارضة فيها لعيون سليمة تكون شدتها عشرة على عشرة لترى بدقة تموضعات القوة و لتسبر الممكن و تحدد ما هو صعب المنال ، فالدماء المسالة ليست مسؤولية النظام السوري وحده فقط لأنه لم يسقط أمام عدو جاهر باستئصاله ، و ما عميت أعين "حملة السلاح" في سوريا و من يطبل لهم عن رؤيته ميدانياً في المرحلة التي تلت مرحلة المراقبين العرب هو أن للنظام صفات مكتسبة مغايرة لتلك التي كانت له في السبعينات و الثمانينات ، فهو بات يفضل أن تبقى عناصر قوته بعيدة عن المشهد العام بينما ضحاياه من الجيش و الأمن هم الأن مقاتلون يقومون بواجبهم الكبير أكثر من كونهم أبناء يجب قطع اليد التي تمسهم ، لكن هذا لا يعني بأن القصاص مهما طال سيكون قاصراً أو غير فعال ، فغضب العصر الحالي البارد سوف لن يرحم الأعمى و العصا القادمة قد لن تكون للمساعدة على السير.





#عادل_أسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بل أهل الشام من أدرى بشعابها 2-2
- بل أهل الشام من أدرى بشعابها (1)
- و لا عزاء للمتسائلين
- تلفن جوبيه...هيدا جوبيه هيدا
- حتى أنت يا ميسي
- سوريا الوسيلة .. سوريا الغاية
- سوريا الصامتة بين الشبيحة و الموتورجية
- وجهة نظر سورية
- تساؤلات سورية غير مشروعة (2)
- تساؤلات سورية غير مشروعة (1)


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل أسعد - لا تستخفوا بالنظام السوري