أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في صراع العقل والغريزة..















المزيد.....

في صراع العقل والغريزة..


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4345 - 2014 / 1 / 25 - 20:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وديع العبيدي
في صراع العقل والغريزة..
ثمة اتجاهان في تعريف الانسان؛ الانسان كائن عاقل، الانسان كائن غريزي.
وكلاهما يفتقد الدقة العلمية، أو دقة التعبير، وهنا تكمن 99% من مشاكل البشرية. في العمليات الجراحية يتم تقدير النجاح بمدى دقة التشخيص ودقة المعالجة، وأي خطأ مهما كان نزيرا يقود إلى مضاعفات مرضية وربما إلى الموت. وفي العام الماضي أعلنت احصائية في دائرة الصحة البريتانية مفادها ان 70% من حالات الموت هم من زبائن المستشفيات. أي أن عدم الدقة او العناية المفترضة في التشخيص أو الأدوية أو التداخل الجراحي قاد الى الموت العاجل أو الاجل. هل يمكن التساهل في عدم دقة الكيمياوي في المختبر. هل يمكن احتمال نقص الدقة في مجال علم الفضاء ومستلزمات المركبات الفضائية؟ ان خطأ بسيطا قاد الى احتراق مركبة في الثمنينيات بعد انطلاقها من القاعدة مباشرة. في استخدامات الاسلحة الذكية في الحروب الذكية ذهب الكثير من البشر والخسائر المادية نتيجة عدم دقة الاستخدام والتشخيص والتصويب والرمي. [حادث قصف سفارة الصين في بغداد من قبل الطائرات الأميركية بسبب خطأ عسكري حسب الزعم]. مثل هذه الحالات تخضع لتعليمات الأمن القومي وتفرض اجراءات صارمة على اسرارها (لماذا تدعى اسرار؟)، والافشاء بها خيانة عظمى عقوبتها الموت.
لكن عدم الدقة في مجال الخطاب الاجتماعي المتداول يوميا هو الأكثر شيوعا وضررا. فاللغة احد خصائص الكائن البشري، ونقصها لدى احد ما يشكل - آفة- اجتماعية وطبية. لكن سوء استخدام اللغة كمفردات ومعاني لا يشكل - آفة- في نظر هؤلاء. أنا اعتقد أن أضرار الاستخدام الخاطئ أفدح من أضرار عدم استخدام الشيء. والمثل يقول: من لا يعمل لا يخطئ!.
الانسان ليس كائنا عاقلا فحسب، وانما أرقى الكائنات العاقلة. وإلى جانب القردة والدلافين وكائنات أخرى، ليس الانسان منفردا في حيازته العقل، وانما ينماز بنسبة العقل التي يمتلكها. وأنا أضيف لذلك نسبة ما يستخدمه من عقله ومدى دقة استخدامه الذي يوصف بالذكاء والذكاء الخارق الذي يغير التاريخ والمجتمعات.
أما وصف الانسان بكائن غريزي فليس ثمة أشنع منه. لأن كلّ ما يتحرك من المخلوقات يعيش بالغريزة. والغريزة نظام حيوي بدائي يؤمن ديمومة الكائن الحي وسلامته.
جميع الحيوانات تنطوي على نظام لتحصيل غذائها، وحماية نفسها من حالات الخطر او الأماكن الخطرة.
وربما هناك غريزة أكثر تطورا كما لدى النمل الذي يخزن غذاءه ويحفر لنفسه أغوارا في بطن الأرض.
لمن السؤال هنا، الى أي حدّ تؤمن الغريزة حصول الانسان على الطعام، أو حمايته من المخاطر، أو تجهيزه بالمسكن والمبيت والحياة الاجتماعية؟.
الانسان يحتاج لاستخدام عقله لينجح في تحصيل طعامه، وفي تأمين سلامته ومنامه، وفي تحقيق الشراكة الاجتماعية مع أمثاله. حالات مثل المجاعة والتشرد والخوف هي خاصة بمملكة الانسان، ودليل فشله في استخدام عقله بشكل يحقق تأمين احتياجاته الأساسية.
كيف يمكن الاستدلال على مدى استخدام الانسان لعقله، أو عدم استخدامه إياه؟..
يمكن الاستدلال على ذلك عبر نمط حياة الفرد، ومظاهر نشاطه الاجتماعي والثقافي، ويمكن تلخيصها بكلمتين: [كلامه وسلوكه].
يقدر علماء الانثروبولوجيا عمر اقدم الحواضر البشرية بما لا يزيد عن خمسة عشر ألف سنة، بحسب المستكشفات الأثرية. وتتفاوت الحواضر القديمة في أنماط حياتها ومنجزاتها الحضارية. ويعتبر أهل سومر الأرقى عقلا ومساهمة حضارية في تمدين وارقاء البشرية من سواهم، يليهم في ذلك أهل بابل والفراعنة. وكانت المنجزات العلمية وانماط الحياة والتفكير الحديثة تنتقل يومها في أصقاع الأرض ويتم انتشارها وتداولها بطريقة لم يقف العلماء لليوم على تقنياتها. تم العثور في أميركا الجنوبية على مظاهر حياة شبيهة أو مطابقة لما هو في سومر، وكذبك في مصر واليونان.
لكن المنجز العلمي الحضاري لم يكن بنفس القوة والاضطراد في كل مكان وكل زمان. لقد كانت الحقبة السومرية قصيرة زمنيا نسبة لأحقاب تاريخية سياسية أو عسكرية. وإذا حاولنا عقد مقارنة بين حجم النشاط العقلي وحجم النشاط الغريزي في تاريخ البشرية عموما أو في مكان جغرافي محدد، فأن النسبة لن تتجاوز نسبة 1% او أقل منها، على مدى عشرة ألاف عام مثلا.
يمكن تطبيق نفس المقارنة خلال القرن العشرين فقط، أو العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ضمن هذه النتائج، ما الذي يجعل المرء جديرا بنفسه. كم من حياة الانسان مدينة لعقله. كم هي مساهمة كل فرد في مكتبة العقل البشري . في الأطاريح الجامعية الحقيقية –عندما كان للجامعة والاطروحة معنى!- كان على الباحث ان يقدم فكرة جديدة جديرة لحيازة الدرجة العلمية - الأكادمية-. في النقد الأدبي عند قراءة نص أو تجربة شعرية أو سردية، يبحث الناقد عن حجم الاضافة والتجديد لكي ينسب النص للابداع- باعتبار ان الابداع هو الاضافة الفكرية-. ولكن هذه الدقة والصرامة الفكرية تهلهلت، وصارت في حكم التراث والكلاسيك، لتحل محلها حالة من الثقافة الشعبية والجامعة المفتوحة على الشارع والاعلام. وانتهت مفاهيم النخبة على الصعيد الاكاديمي والثقافي والسياسي والاجتماعي بل وحتى الديني.
ليس كلّ ابناء سومر علماء، ولكن نسبة العلماء بينهم ملحوظة، وليس كلّ اليهود علماء ولكن أكثر العلماء المجددين من اليهود. وليس كل الفرنسيين – قبل نصف قرن- مثقفين، ولكن النخبة الثقافية كانت فاعلة في الحياة الفرنسية. إذا كان العقل هو ذروة الجسم، فأن النخبة هي عقل المجتمع. وفي مصر النصف الأول من القرن العشرين كان للنخبة الثقافية دور مميز ومؤثر، يأخذ به الحاكم والحكومة والساسة ووسائل التعليم والاعلام ليصل إلى قاع المجتمع.
قسم أفلاطون المجتمع الى طبقات توازي تقسيمات الجسم البشري، رأس وصدر وأطراف. وكان حلم الانسان وأمله أن يختزل الانسان يوما الى صدر وعقل، وان يختزل ويسمو ليكون عقلا خالصا. أذكر من خضم قراءاتي في السبعينيات كتابا للمفكر الرائع سلامة موسى، عن نظرية التطور وأصل الانواع لدارون –معذرة لنسيان العنوان-. كان يناقش فيه بعض طروحات النظرية حول مستقبل الانسان. على فرض ان -استمرار- التطور الحضاري المثمثل في نمط معيشة الانسان وتعليمه وتغير غذائه وعاداته ودخول النظام والتنظيم في حياته، ستنعكس تدريجيا على تطور مدارك الانسان ووعيه وصورته. وقد تحقق جانب من ذلك على صعيد مدارك الأطفال المولودين حديثا (!!). وكان من مناقشاته التطرق إلى حجم الرأس (الدماغ) وعدد أصابع القدمين والشكل الخارجي للانسان عموما.
رأى سلامة موسى – بحسب تأويلات النظرية- أن الحيوانات التي تتعلق بالاشجار تتوفر في أقدامها على ظلفين أو ثلاثة، ولكنها تحولت غلى خمسة لدى الانسان الذي صار جسمه -منتصبا- [Homo- Erectosأ] لغرض تحقيق افضل توازن. وأشار إلى ان الاصابع الخمسة في طريقها للاختزال نتيجة تراجع الحاجة لاستعمالها. وفي طفولتي رأيت لدى أبناء خالي وجود غشاء رقيق يملأ تجاويف ما بين الاصابع، وربطت بين ذك وبين كلام الكتاب. وكانت قصص الأطباق الطائرة معروفة وصدرت كتب عن دار المعرفة الكويتية تتحدث عنها، وفي بعضها وصف لسكان الفضاء.. رؤوسهم كبيرة جدا ولهم ثلاثة عيون وأجسامهم صغيرة يبدون مثل الاقزام.. كثير من الناس لا يستعمل أصابع قدميه الخمسة، وبشكل عام يعتمد على اثنين. أصابع القدمين تتعرض غالبا لالتهابات وتقرحات ةتحتاج لتنظيف وتهوية مستمرة. ملاحظات أخرى تتعلق بالجهاز الهضمي وبعض الاجهزة الاخذة بالاختزال او المختزلة مثل الزائدة الدودية عند الانسان أو البظر لدى المرأة. وقبل عامين اجريت عملية هنا لشخص كان يعاني من نتوء ملتهب في نهاية عموده الفقري، يشبع بقايا الذيل.
المغزى من ذلك.. انني كنت أؤمن بالتطور. ليس التطور الحضاري والاجتماعي فحسب. وانما تطور كيان الانسان وعقله وفكره.
يومها قرأت كتابين آخرين عن النظرية النسبية لانشتاين، وجدت فيها ان الانسان – الكائن الحي- هو ساعة بيولوجية، وان الانسان يمكن أن يوقت نفسه كالساعة. هناك من يستغرب كيف يصيح الديك في الفجر في نفس الوقت، أو كيف تنام وتصحو الطيور، وكيف تنظم أوقات طعامها. أخيرا قرأت كتاب (طفيليات العقل) لكولن ولسن الذي يتحدث عن كيفية استخدام طريقة التركيز الذهني للتأثير في ظواهر طبيعية أو حياتية معينة. هذه القراءات الفيزيائية والبيولوجية، كانت تتكامل عندي مع أفكار فرويد عن [super- ego] والانا العليا لدى كيركغارد، والذي يقابل الضمير الاخلاقي الأعلى أو (الاله) لدى البعض. وكانت قراءاتي الفلسفية والعلمية في سباق في هذا المجال، وايماني بالتطور ومستقبل الانسان والجنس البشري ينمو ويضطرد.
(يتبع.. )



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علم الاجتماع القبلي (الكتاب كاملا)
- جدلية الوطن والمنفى في قصيدة أسعد البصري
- نحو علمنة الدين..! (الكتاب كاملا)
- في قصور الفلسفة..
- في رثاء الحضارة ..!
- شاكر النابلسي.. وعلم نقد الدين
- سعدي يوسف.. صورة في الثمانين (الكتاب كاملاً)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (18)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (17)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (16)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (15)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (14)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (13)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (12)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (11)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (10)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (9)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (8)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (7)
- احتفالية سعدي يوسف في عيده الثمانين (6)


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في صراع العقل والغريزة..