النارجيلة

قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 06:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

عرّف الشاعر الرصافي في كتابه (الآلة والأداة) النارجيلة بأنها:" آلة يشرب بها التنبك، سميت بذلك لأنها تأخذ من النارجيل، وهو الجوز الهندي، وهي مؤلفة من الجوزة وفيها الماء ومن البكار وهو أنبوب النارجيلة يكون طرفه الأعلى الراس الذي يوضع فيه التنباك وطرفه الاسفل متصل بالماء الذي في جوف النارجيلة جمعه بكاكير.... والبكار مركوز في وسط الجوزة وعليه راس يكون فيه التنباك ، ومن القصبة وهي مركوزة في الجوزة أيضا ، الى جانب البكار بحيث يتكون منها ومن البكار زاوية حادة ومن القصبة يشرب الدخان ، ثم توسعوا في النارجيلة فاطلقوها على ما يشرب من به التنباك سواء كان من متخذا من النارجيل كما ذكرنا او من غيره فان من النارجيلات ما تكون جوزتها من القوارير بان يجعلوا بدل جوزة الهند قارورة من فخار او من زجاج ويركبوا بكارا من الصفر او من الشَبَه ويجعلوا فيه بدل القصبة انبوبا طويلا من السختيان او من الدهان فيه تعاصير وتحازيز كمسلاخ الحية ، يسمى بالمربوج ،ويعرف عندنا بالبربيش او (القمجي) . وجمع نارجيلة نارجيلات، وقد يجمعونها على نوارجيل".

ويطلق البعض مسمى الشيشة على النارجيلة، وهو أيضا لفظ فارسي ويعني الزجاج، كناية عن القارورة الزجاجية التي وضعت بدلا من ثمرة جوز الهند في تصنيع النارجيلة، والجدير بالذكر هنا أن الناس يتفنون في تزين وزخرفة النارجيلة، ويعدونها قطعة مميزة من الأدوات المنزلية.

اخترعت النارجيلة في الهند على يد الطبيب حكيم عبد الفتح، في الفترة المغولية، وكان يعتقد أنها وسيلة غير مضرة لتدخين الحشيشة. وليس هناك رواية واضحة لأصل النارجيلة، فقد تضاربت الرواية بين أن أصلها الفارسي من بلاد فارس، أو أنها من أصل هندي، ولكن أكثر الروايات ترجيحا، هي التي تقول: إن أصلها من الهند، وكانت تصنع من ثمار ولحاء جوز الهند، من أجل تدخين نبات القنب الذي كان يدخنه الهنود في وقت بعيد.

وكانت تصنع من إحداث ثقبين في ثمار جوز الهند أحدهما لدخول الدخان والأخر لخروجه من خلال أنابيب تثبت في هذه الفتحات، وهذا ما يفسر تسمية الجوزة المأخوذة من جوز الهند، والمنتشرة في مصر، والتي تعد شكل من أشكال النارجيلة، ويقال إن ارتفاع سعر الجوز، وصعوبة الحصول عليه هو ما دفع الناس لاستبدلها بالمعدن أو الزجاج.

وقد انتقلت إلى شبة الجزيرة العربية من خلال خطوط التجارة المفتوحة مع الهند، ولكن يعد انتشار النارجيلة الواسع مرتبطا بالدولة العثمانية التي حكمت المنطقة العربية لوقت طويل، والتي كانت مرتبطة بعلاقات قوية مع الدول الأوربية بحكم موقها وكونها قوة أنداك، وهذا ما جعل النارجيلة تدخل إلى دول القارة الأوربية ومن ثم إلى الأمريكيتين، بسبب الهجرات والعلاقات مع أروبا.ويمتد تاريخ النارجيلة في العراق إلى زمن الدولة العثمانية، حيث قام الأتراك بجلب هذه العادة وقام البعض من العراقيين وخاصة الوجهاء بتقليد هذه التقليعة.

وتتكون النارجيلة من أقسام عدة هي: (الشيشة)، و(القمجي) ويسمى في لبنان (النبريج) و(البكار)، و(الفخارة)، وتحتها الصينية والرأس وعلبة واقية وفي الأونة الأخيرة هناك السليفون.

ومن اسمائها: النرجيلة، والأركيلة في لبنان وسوريا، والنركيلة في العراق، والشيشة في مصر والسعودية، وقليان في إيران، والرشبة، والهوكان. كما سميت بالجوزة لأنها كانت تصنع من ثمرة جوزة الهند بعد تفريغها، واسمها بالإنكليزيةwater pipe .

وعن انواع التبوغ المستعملة، وطعم التبغ، فهناك تتن (تنباك) مصري، وأردني وتبغ (الرجيبة) العراقي والذي يفضله كبار السن وكذلك تبغ الشمال. وهناك أنواع أخرى من التنباك ومن أكثرها استعمالا الناشف او المجفف: ولاستعماله ينقع في الماء ويصفى مع إبقائه رطبا. ويسمى في لبنان تنبك عجمي وأشهره الأصفهاني والملغوم، وهو تنباك مضاف إليه مواد مخدرة مثل قنب الحشيشة.

أما الاشهر فهو المعسل الاماراتي وهو يحمل من 40 إلى 50 نكهة بأنواع الفواكه ومنها التفاح والاناناس والبرتقال والموز. هذا غير طعم (الجكليت والعلكة) بأنواعها والمفضل والكثير الاستعمال هو المعسل أبو (التفاحتين).
والمعسل هو التبغ المستخدم في النارجيلة، وله نكهات مختلفة بطعم الفواكه مثل: التفاح والكنتالوب والأناناس والفراولة.

ويذكر البعض أن بداية تدخين المعسل بدأت عن قصة حقيقة تتمثل في أن خابية عسل أسود كانت مشحونة على مركب يحمل _بجوار العسل _ شحنة من أوراق التبغ؛ انكسرت فاختلط العسل بالتبغ، عندها راح صاحب الشحنة يبكي على خسارته، ولكنه حاول أن يجد حلا ينقذ به بعضا من الشحنة، فكان اول ما قام به، أن حاول تدخين التبغ المختلط بالعسل فلم ينجح في اشعاله، فقام بتجريب تدخينه عن طريق وضعه في حجر فخاري، ووضع فوقه فحما مشتعلا، فكانت تلك بداية تدخين المعسل في النرجيلة.

وفي بغداد مثلاً هناك عدد من المقاهي المشهورة تهتم بتقديم النارجيلة للزبائن مثل مقهى عارف آغا سابقاً، والشابندر، وحسن عجمي، وام كلثوم وهي خاصة بالرجال فقط، وفي الفترة الأخيرة بدأت تزداد مساحة المقاهي التي تقدم النارجيلة بعد ازدياد الإقبال عليها وخاصة من قبل الشباب في مناطق المنصور والكاظمية والكرادة والاعظمية وكذلك في محافظات العراق التي شهدت اتساعاً وتزايداً في نسبة الشباب والمراهقين الذين يقدمون على شرب النارجيلة والمعسل.

وهناك العديد من التقاليد التي يعرفها مدخنو النارجيلة الاصلاء، ومنها انه من المعيب ان يقوم أي شخص كان بإشعال سيجارته من نار النارجيلة، فضلا عن الأجواء التي تجمع الاخلاء والأصدقاء اثناء تناول وتدخين النارجيلة حيث أن بعض الوجهاء يأخذ حزام المشرب ونارجيلته الخاصة معه اينما حل وارتحل، ولا يدخن إلا بنارجيلته الخاصة. والبعض لا يلتزم بهذه التقاليد، بل اننا كثيراً ما نرى عدة افراد يقومون بشرب النارجيلة مشتركين.

وهناك اعتقاد خاطئ سائد بين الناس هو ان تدخين النارجيلة أخف من تدخين السيجارة واقل ضرراً حيث ان دخان الشيشة تتم تنقيته بواسطة مياهها، إلا ان الدراسات أثبتت عكس ذلك حيث بينت ان تدخينا لمرة واحدة يعادل تدخين 20 سيجارة وان مدخنها يتناول ويمتص غاز ثاني اوكسيد الكاربون أكثر من مدخن السجائر وبذلك يكون عرضة للإصابة بأمراض القلب والرئتين وقرحة المعدة نظراً لكثرة الكلوليسترول والحموضة.

ويستدل من نتائج هذا البحث أن تدخين وجبة نرجيلة يعادل تدخين 100 سيجارة، ويستدل كذلك من نتائج البحث أن تدخين النرجيلة لمدة نصف ساعة يتسبب في إلحاق أضرار مباشرة لعمل الرئتين وارتفاع حاد بضغط الدم ونبض القلب وهبوط حاد في أكسدة الدم.

كما ان تدخين النارجيلة مضر بالمرأة وخاصة الحامل اما النارجيلة فهي مؤذية ولا يتحملها الجنس اللطيف وهي لا تتلاءم ووضع المرأة وهي تنتشر النارجيلة بين النساء في العراق بنفس انتشارها في مصر والأردن ولبنان.
وكثيراً ما يشكو مدخن النارجيلة من آلام في الرأس ودوران وزغللة في النظر وخفقان في القلب. كما يؤدي تدخين النارجيلة إلى بعض امراض الجهاز التنفسي مثل انسداد الشعب الهوائية وانتشار الامراض المعدية نتيجة لكثرة الاستخدام ومن عدة أشخاص.

ولشدة الولع بالنارجيلة فقد قال بها أحد محبيها:

أقبلـــــُها فــي اليـــوم مليـــون قبلــــة
فلا اســـــتحي منهــــــا ولا هي تمنــعُ

كأني بهـــــــا عــــذراء بـرّت بحبهـــا
فــلا هـــــي تروينــي ولا أنا أشـــــبعُ

تموت علــى ثغــري البريء شــهيدة
فأحـــرق أنفاســي بخــورا يضــــوعُ

________________________
اعتمدت في جمع بعص المعلومات على ما هو منشور في بعض المواقع الألكترونية.

#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات