الليلة التي لم تنطق بها شهرزاد

قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4290 - 2013 / 11 / 29 - 06:56
المحور: كتابات ساخرة
    

اليوم هو الخميس، والليلة هي الجمعة جعلها الله عليكم وعلى المسلمين كافة جمعة مباركة، لم تحكِ لي شهرزاد أية حكاية، فقد غابت عني وعسى أن يكون (المانع خيرا وسرورا).

كنت بانتظار شهرزاد انتظار العاشق لتحكي لي قصة من قصصها، التي عاشتها فعلا في هذه الدنيا المليئة بالكثير من القصص والحكايا لإناس ماتوا، وأخرين ما زالوا ينتظرون وما بدلوا تبديلا، قصصا عن الحرب والحصار والقتل ، والعدوان والدمار، وعن ساسة يلعبون بعواطف الفقراء، يهرجون ويمرجون ويكذبون ، وكلهم فاسدون، وعن معاناة النساء في هذه الأرض وما يلاقينه من ضيم وقهر واستعباد تحت هذه الذريعة وتلك، تحت مسميات الفضيلة والشرف، والخطيئة والعار.

كنت انتظر شهرزاد لتقدم لي خبزها من تنورها حارا معطرا برائحة الحطب، عجنته وخبزته بيديها الكريمتين، تعبيرا عن حبها ومودتها وكرمها ، وتقول لي:" يارب نتجمع صباحا يوما ما لنأكل خبز( العروك) وية( استكان الجاي) ، وتغني لي فرحة مستبشرة " شمحلى من أصب وأنطيه، وأقوله أشرب أتهنى .. لو خد استكانه يمه أطرب على الرنه" .

ولكنها لم تحضر، ولم تقدم لي (خبز العروك) ، ولم (تخدر الجاي) ،ولم تغني لي، فجلستُ - وأنا الملك شهريار-على كرسي العرش منتظرا، لعل ّالساعات تأتي بها ولكنها لم تأتِ، لقد غيبني غياب شهرزاد عن جاهي، ومالي، وسلطتي، ودولتي، وقصتي التي صارت حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، قصة لو تقصها لكم شهرزاد غدا ستكون الليالي ألف ليلة وليلتين، فلم أفكر إلا باللحظة التي ستطل بها عليّ لتحكي لي كعادتها في كل ليلة حكاية من حكايا ألف ليلة وليلة.

انتظرت ، ومضت الساعات، وقبلها الدقائق والثواني، ولكن شهرزاد لم تأت، انتظرت ساعات الليل الاثنتي عشرة: الجهمة والشفق، والغسق، والعتمة، والسدفة، والزُّلَّة، والزلقة، والبُهرة، والسحر، والفجر، والصبح، والصباح، اثنتا عشرة ساعة بأسمائها التي ذكرتها مرّت، ولم تأت شهرزاد، وصاح الديك ولم تأت شهرزاد، ولم أسمع كلماتها الرقيقة بعد أن تبدأ حكاياتها كل ليلة بقولها: بلغني أيها الملك السعيد.

في هذه الليلة ، لم أكن ملكا ، ولم أكن سعيدا ، وفيها لم يسكت قلبي عن الكلام المباح، كما كانت تسكت شهرزاد كل ليلة، فقد عدت الى أيامي فوجدت فيها قسوة ،وظلما، وجورا، فرضتها قانونا في دولتي، عليّ أن ابدله بقانون يعطي الناس حقهم ويحمي حرياتهم ، ويحاسب المخطئ على قدر خطئه ، وأن لا يؤخذ الناس بجريرة غيرهم .ومن أجل هذا سأنتظر شهرزاد غدا ، لأقول لها أحبك ، وسأكون أنا من يحكي الحكاية ، وتصبحون على خير.

#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل