يا عراقيون لا تدخلوا الحمام ثانية

نوري جاسم المياحي

الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 11:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

اليوم وكل يوم اتذكر موقف مر بي وقول كدت ان ادفع حياتي ثمنا له لولا ارادة الباري عز وجل وموقف الخيرين والطيبين من ابناء العراق الشرفاء ...
قبل ما يزيد عن ثلاثين سنة وكان ذلك في الايام الاولى لدخول الحرب العراقية الايرانية ...وفي احد الصباحات وكان ضباط مديرية صنفنا مجتمعون على مائدة الفطور الصباحي ... وكان الجيش العراقي مندفعا في التقدم كاسحا كل ما يقف امامه بسرعة البرق ..وكان التلفزيون يذيع المارشات والاناشيد الوطنية واذاعة البيانات العسكرية تزف انباء الانتصارات وتشنف اسماعنا وتدخل الفرحة الى قلوبنا والضباط في مديريتنا على قلة عددهم ولا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد ..كانوا يرقصون من الفرح ويتجادلون ويناقشون ويحللون وكل منهم يعتقد انه بمقام مونتكمري او رومل .. وبما اني لست اقل من الحاضرين فكرا وشأنا اورتبة .. فكنت اصول واجول معهم .. وكان عيبي انني اميل الى التفلسف في الامور ويعجني ان اتفلسف فيما لايعجب الاخرين واصرح بما اقتنع بصراحة ابو كاطع ولاتهمني النتيجة وبدون تحسب للنتائج ..وهنا انا من يعطي فرصة لمن يختلف معي بالرأي وللمتصيدين بالماء العكر لينالوا مني ..
وفي خضم هذا النقاش العسكري واحتدامه ..قال احد الضباط الحزبيين ( ضابط امن المديرية ) جوابا على سؤال احدهم ( متى تتوقعون انتهاء الحرب ؟؟) قال ان الحرب ستنتهي خلال ايام بالنصر وازاحة نظام خميني..وهنا انبريت انا معلقا وبطريقتي بالتفلسف ( اخوان لا ترحون زايد وتفرحون ..ترة دخول الحمام مو مثل خروجه ) ..وهنا تكهرب الجو ..وغضب وثار البعض علي من المنافقين ..طارحين السؤال المشؤوم ...ماذا تقصد بهذا الكلام ؟؟ وهل سينتصر خميني ؟؟عندها فطنت لنواياهم ودوافعهم من وراء ثورة غضبهم ..عندها حاولت ان اشرح لهم ...قائلا ان قولي هذا عبارة عن مثل شعبي ولاجدال في الامثال لانها تضرب ولاتقاس عليها ... وحاولت تذكيرهم ان من السهولة اعلان الحروب ودخولها ولكن من الصعوبة ايقافها والخروج منها ...وفعلا اثبتت السنين الثمانية التالية فيما بعد صحة قولي وحدسي ... والى درجة ان العميد الركن كنعان خورشيد التكريتي كان يسألني دائما ومتعجبا كلما يلقاني ... كيف تنبأت بان الحرب ستطول عدة سنوات ؟؟ علما انه كان ضابط ركن جيد ومن معتقدي ان الحرب ستحسم بالنصر لصالح العراق خلال ايام ...
وان انسى فلا انسى كيف ان ضابط الامن الجاهل المتشكك والمتهور هذا كتب تقريرا يحلل فيه اعدامي عن هذه الحادثة البسيطة و(التي تتعلق بحرية الرأي )لرفعه الى الاستخبارات العسكرية مشككا بولائي اخلاصي للعراق ووطنيتي (في وقت كان الاعدام للضابط اسهل مايمكن انذاك ولكي يصعد الافندي هو على اشلائي كعادة العراقيين وحتى يومنا هذا يتبعونها من خلال تقارير المخبر السري للاسف )ولولا الموقف الشريف والشجاع لمدير الصنف انذاك اللواء الركن هاني محمود شهاب وبعض الضباط الخيرين والشرفاء الذين تدخلوا ومنعوه من رفع التقرير ...لكنت اليوم اتناقش واتجادل مع الموتى من المرحومين ..
واليوم يحز بنفسي ان تجار الحروب يروجون ويدافعون عن نفس الموقف ولو اختلف المتصارعون واسبابهم ...هذا ما ما ينتظر العراقيين اليوم اذا اشتعلت الحرب الاهلية الطائفية ..واشتد اوارها .. انهم يروجون ان الحرب لن تدوم اكثر من يومين ثلاث ..وتذكروا قولي .. ان الحرب ستستمر لعشرين سنة وربما اكثر ..
انني انبه كل الاطراف التي بيدها القرار والقوة واقول لهم .. اتقوا الله في حياة شعبنا ...ان كانت الحرب العراقية الايرانية قد استمرت لثماني سنوات ..فالحرب الاهلية ( لاسامح الله ) ستستمر عشرين سنة ..وستحرق الاخضر واليابس ..ولن يكون فيها خاسر او ربحان ...الكل خاسرون ولاسيما الفقراء والمساكين ...عربا واكرادا سنة وشيعة .. مسلمين ومسيحين ..النار ستحرق الجميع ...ومن يتصور ان فكرة انشاء الاقاليم الثلاث ناجحة فهو واهم ..ومن كان يتصور ان شعبنا سيسترد عافيته فهو مخطيء ..ومن قال ان العراقيين سيستفيدون من نفطهم فهو واهم ...ومن يتصور ان الامن سيحل بعراقنا اقول له انت مخدوع ..بالعكس سيزداد دمار وتمزيق ونهب ثروات العراق ومزيد من الظلم والتهميش وكل هذا يصب لصالح اعداء العراق ويوفر الامن لاسرائيل ..والحرب الحالية تحت عنوان محاربة الارهاب .. هي حرب استنزاف ..فكل طلقة تطلق ..او صاروخ يقذف ..او دبابة تدمر او طائرة تسقط او دار اوبناية أوجسر يخرب ..فثمنه يدفعه كل عراقي نال ودم ..
العراقي الذي يقتل او يجرح او يهجر سواء من الجيش او العشائراو من ابناء المدن البسطاء والفقراء سواء كان من ابناء نينوى او الانبار او البصرة او ذي قار ...خسارة ودمار لشعبنا كله ..
الحرب وجعجعة السلاح يجب ان تتوقف فورا واللجوء للحكمة والتعقل وعلى العقلاء والحكماء واعيان القوم ..بالوقوف بوجه المستفيدين والمنتفعين من هذه الحرب القذرة سواء من رجال الدين او شيوخ العشائر او السياسيين والقادة العسكريين والذين يتزعمون ثورة العشائرمن جانب ..او الحكومة المركزية في الطرف المقابل ..ويجب ان يعلم الجميع ان الاغلبية الصامتة والمنكوبة من شعبنا ملت الظلم والتفرقة والتهميش والفساد والرشوة والحزبية المقيتة وتطالب بالحق والعدل والمساواة ليشمل كل المواطنين بدون استثناء ..هذا هو الحل الناجح فهم يرفضون القتل والذبح والتكفير باسم الدين من قبل المتطرفين ...والطائفيين الحاقدين .. وايضا في كلا الطرفين المتنازعين والمتحاربين ..
اسألكم وبربكم ..ما ذنب اهلنا الناس الفقراء الامنين المساكين في الانبار والفلوجة ؟؟وما ينتظرنا نحن سكنة بغداد وحتى بقية المحافطات الا خرى ( حتى محافظات الوسط والجنوب وثقوا بالله لن تسلم من شرور وشرار الحرب الاهلية حاليا والتي ستتحول الى نظامية وبالاسلحة الثقيلة خلال اشهر وبمرور الوقت فسيحل بهم ما يحل بهم ما يحل بالاخرين لان هذا السياق ما يخطط له لو كنتم تعلمون فلا تامنوا قادم الايام ان وقعت الحرب ) فالكل يقتل او يهجر من ديارهم ومدنهم ؟؟ الطرفان المتصارعان حاليا مسؤولان عن المصيبة والكارثة التي وصل اليه حالنا المأساوي اليوم ..
و انا اعلم ان الطرفان لايقبلان بكلامي هذا ..ولكن الحوار والتفاوض واعطاء صاحب الحق حقه واعلان الحرب على الفاسدين والفاشلين ومعاقبة الحرامية وملاحقة العملاء والاذناب وعندها يمكن توحيد الصفوف وطرد اعداء شعبنا من المتطرفين والتكفيريين ..لنتمسك بالعدل وننشره على الجميع سنضمن الحقوق والامن والمستقبل الزاهر للجميع ..ويكفينا الحرب بالاستعاضة عن الاخرين ...ولعنة الله عليهم اجمعين ..فالسلام زينة الحياة ..
انا اعلم ان التهميش والظلم موجود والفساد موجود ويعم الكل بلا استثناء وهو سبب مصيبتنا وبلوانا وعلينا محاربته اولا لكي نحقق اسباب النصر التالية والحذر من الكذب والتلفيق والمبالغة في انتصارات وهمية ..
يا ايها العراقيون احذروا دخول حمام الحرب ثانية ..علينا ان نأخذ العبرة والدروس من حروب الخليج الاولى والثانية والثالثة ؟؟؟
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا ..

#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل