أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - لماذا لا أحب الأعياد؟














المزيد.....

لماذا لا أحب الأعياد؟


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 00:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


من بعيد، كأنما من وطن آخر، جاءتنى أصوات الاحتفالات بالسنة الجديدة ٢٠١٤، أفراح القادرين على الفرح والشراء من السوق الحرة، وأغلب الناس غارقون فى الفقر والحزن، يقضون العيد مع موتاهم فى القبور.

منذ طفولتى أكره الأعياد، يتلقى أخى ضعف نصيبى من العيدية رغم أنه يسقط فى الامتحانات وأنا أنجح بتفوق، يخرج بدون إذن ليلعب مع أصحابه ويركب البسكليتة ويبرطع فى كل مكان بحذائه الجديد، وأنا أبقى بالبيت لأساعد أمى فى الطبخ والكنس، عندما أغضب يقولون، أمر ربنا، وأغضب من ربنا فينتفضون ويتسابقون لعقابى نيابة عنه.


ثم يناقضون أنفسهم ويعاملوننى كطفلة قاصرة غير قادرة على حماية نفسى إن خرجت وحدى، ويتحول أخى الطفل الأصغر إلى رجل قادر على حمايتى. كنت أندهش من تناقض الكبار، كيف يرون الطفلة بالغة الرشد مسؤولة عن سلوكها خاضعة للمحاسبة والعقاب والشغل بالبيت وخدمة أفراد الأسرة (والزواج من رجل فى عمر جدها)، فى الوقت نفسه يرونها طفلة قاصرة فيما يخص حقوقها وحريتها فى الخروج من البيت والاستمتاع باللعب فى العيد. يبررون التناقض بأنه أمر الله، فالله هو الذى خلق البنت وهو الذى خلق الولد، إرادة الله يجب الخضوع لها دون مناقشة أو تذمر، لكن عقلى الطفولى لم يتصور أن يكون الله متناقضا أو ظالما، وهم يقولون إنه العدل.


لم تكن أسرتى من الجهلاء بل من المتعلمين تعليما عاليا، ولم تكن أسرة تقليدية بل كانت أكثر تحررا من أغلب الأسر المصرية، سمحوا لى بالذهاب إلى المدرسة، ومن حسن حظى كان أخى بليدا يسقط فى الامتحانات، خابت أحلام الأسرة فى الولد، فتحولت أحلامهم إلى البنت المتفوقة فى العلم، أدى ذلك إلى مواصلة التعليم العالى واستقلالى الاقتصادى بالعمل المنتج، هكذا خرجت من قبضة القدر الذى قبض على أرواح البنات مثيلاتى.


تظهر التفرقة بين الناس أكثر وضوحا فى أيام الأعياد، تراها عيون الأطفال (أكثر من عيون الكبار) قبل أن يطمس عيونهم التعليم والتربية القائمة على الخوف من النار والطمع فى الجنة. تكشف الأعياد التفرقة بين الأطفال جنسيا وطبقيا، ينزوى الطفل الفقير بحذائه البالى القديم يجتر الحزن والهوان، يسمع أن الله هو الذى خلق الفقير وخلق الغنى، لكن عقل الطفل الذكى بالفطرة لا يصدق أن الله يمكن أن يكون ظالما إلى هذه الدرجة، مع ذلك يخضع الطفل لمنطق الكبار غير المنطقى.

المدارس خاصة الحكومية، تؤكد التفرقة بين البنات والأولاد، وبين الفقراء والأغنياء، وبين الأقباط والمسلمين، وغيرها من أنواع التفرقة بين البشر. يتلقى التلاميذ الفقراء (خاصة البنات) تعليميا دينيا مخيفا أكثر من الأولاد، خاصة من يذهبون إلى المدارس الخاصة أو الأجنبية،


يرث هؤلاء الأولاد المحظوظون عن آبائهم كراسى الحكم، إذ تلقوا تعليما أفضل، لهم أيضا وساطة قوية وكبارى متينة مع السلطة الحاكمة.

تكشف الأعياد العورات جميعا، لهذا لا أشارك فى الاحتفالات وأنسى يوم ميلادى لولا الصوت الطفولى يأتينى عبر الأثير: كل سنة وأنت طيبة يا أماه.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة المكشوفة فى مواجهة التجسس
- الجبل وشابات لبنان
- هل تتغير المهن مع تغير النظام؟
- المنطق الغائب والصدق
- التناقضات الصارخة فى الدستور
- هل هو فيروس مجهول ؟
- الثورة تبدأ فى العقل
- الأسرة الدينية فى الدولة المدنية
- قوارير ذكورية والجوهرة المصونة
- واحدة من النساء تكفي
- أيضحكون على دقون النساء؟
- القمة والحضيض.. عودة الوعى وغيابه!
- فقط لأنها ليست ولداً؟
- لماذا أصبحت المعرفة خطيئة؟
- الأسئلة البديهية الطفولية
- هل نتعلم مما يحدث فى أمريكا؟
- الشيوعية. والإسلام. وجدتى
- الطفلة والشيخ العجوز
- قانون العيب المزدوج
- اقتلاع جذور التفرقة


المزيد.....




- سحر دليجاني المعارضة الإيرانية: الحرب على إيران ليست دفاعًا ...
- أهم تدخلات وزارة شؤون المرأة خلال العام الأول لتولي حكومة د ...
- النساء لا يتملّكن.. مصريات محرومات من حيازة الأراضي الزراعية ...
- فارسين أغابكيان.. أول امرأة تقود الدبلوماسية الفلسطينية
- دراسة: تدمير آثار الملكة حتشبسوت لم يكن بسبب كونها امرأة
- الناشطتان الإيرانيتان نرجس محمدي وشيرين عبادي تطالبان بوقف ف ...
- بليز ميتروويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البر ...
- جلسة نقاش عن حلقة بنلف في دواير من بودكاست راقات
- أول امرأة وأفريقية تتولى المنصب.. كيرستي كوفنتري تتسلم المفت ...
- “بالخطوات” التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالجزائر 2025 عبر ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - لماذا لا أحب الأعياد؟