أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شاكر الناصري - الدولة والعشيرة في العراق*















المزيد.....

الدولة والعشيرة في العراق*


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 3 - 19:28
المحور: المجتمع المدني
    


تواصل العشائر في العراق الإعلان عن وجودها واستمرار تأثيرها في المجتمع بأشكال مختلفة وفي مناسبات كثيرة، ليس كمكون أجتماعي فقط، بل كمنتج وحاضنة للقيم والأعراف العشائرية التي تسعى للتماهي مع ما يسود في المجتمع من قيم وظواهر ثقافية أخرى)، وكأن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الكثيرة التي شهدتها بنية الدولة العراقية أو التي شهدها العالم والمراحل التي مر بها كعصر الحداثة وما بعد الحداثة والعولمة والعالم متعدد الاقطاب أو ذو القطب الواحد وصراعات الايدلوجيات والافكار الكبرى التي هيمنت وأنتشرت في مناطق واسعة من العالم وبضمنها العراق وما شهده من حوادث وتحولات سياسية عاصفة، جرت وتجري بمعزل عن هذه الظاهرة وغير قادرة على التأثير في بنيتها أو تقليص نفوذها وتأثيراتها أو تدفعنا للاستنتاج بأن كل هذه التحولات قد كانت عاملا مساعدا في تعزيز قوة الاعراف والقيم العشائرية والنزعات القومية والوطنية الاقرب الى الانعزال والتقوقع في حاضنة الهوية والدفاع عنها وأتخاذها وسيلة لأثبات الوجود بمختلف الوسائل أمام الهويات الاخرى.

لمَ يستمر وجود العشائر- على الرغم من انها من مكونات ما قبل الدولة- بوصفها ظاهرة اجتماعية وثقافية تفرض حضورها على المجتمع، كقيم وأعراف تارة وتارة أخرى كظاهرة تزيد من تعقيد الأوضاع السياسية عندما تتحول إلى ورقة ضغط سياسي أو ساحة للمساومات السياسية بين القوى التي تتصارع من أجل حكم العراق ؟ لماذا كلما تم استخدام العشائر في اللعبة السياسية يتزايد نفوذها الاجتماعي وتأخذ القيم والأعراف العشائرية مجالا أوسع للتماهي مع سلطة القوانين المدنية إن لم تتمكن من ازاحتها وتعطيل دورها ؟ من أين تستمد قوتها وتأثيرها، من قوة العرف العشائري أم من سطوة ونفوذ شيخ العشيرة وأمكانياته على التحكم بافراد عشيرته وأخضاعهم، أم بقوة الدعم السياسي والتضخيم الأعلامي للعشيرة ودورها المنقذ من قبل من يريد أن تكون العشائر أداته الأمثل لتحقيق مكاسب سياسية ما ؟ لماذا كلما تم زج العشائر في حمى الصراع السياسي أو أعطي لها دور سياسي وأمني أكبر فإن معظم القوى الاجتماعية والسياسية تصاب بحالة من التراجع ويصبح الأمر وكأنه من المسكوت عنه والمحرم الذي لايجوز التحدث به ؟ هل أن مرد ذلك إن هذه القوى والجهات تتوقع قيام العشائر المعنية بردة فعل عنيف وخارج السيطرة؟ لماذا تتحول العشائر، بيسر وسهولة، الى أداة طيعة بيد الحكام والسلطة القائمة الذين يتمكنون من استخدامها بنجاح ووفقا لمتطلبات حكمهم ومواجهة الأوضاع والاشكالات السياسية التي يواجهونها، كنوري السعيد وسلطة الحكم الملكي التي و ( بتحالفها مع المشايخ، توقفت في الواقع عن لعب دور الساعي الى التوحيد الأجتماعي ..) مما ( جعل الملكية نفسها تصبح ، بالمعنى الدقيق ، عامل تخلف أجتماعي) *1 ، او صدام حسين، الذي وجد في العشائر والعشائرية قوة تمكن بواسطتها من أعادة أخضاع مناطق خرجت عن سلطته وأعلنت عليه الحرب ومكنته من اعادة الهيبة لسلطة دولته المستبدة بعد الضعف والهزال الذي اصابها بفعل الحرب والحصار الاقتصادي الذي استمر طويلا ، او نوري المالكي خلال السنوات الأخيرة الذي وجد هو الآخر في العشائر قوة أساسية ( مجالس الإسناد) تمكنه من تعزيز سلطة حكم في بلد تعمه الفوضى ويقف على حافة الضياع والتقسيم وفي نفس الوقت فانه وجد فيها قوة تمكنه من حيازة قوة سياسية وشرعية اجتماعية أمام خصومه السياسين او حتى امام شركاءه في الحكم .

كل واحد من السياسيين العراقيين أوالحكام الذين ذكرناهم له هدف محدد يجد إن العشائر الأداة الانسب لتحقيقه..؟ مَن يؤثِر بالآخر ومن يتحكم بالآخر، الدولة أم العشيرة؟ هل يمكن للعشائر أن تكون أداة مناسبة في أعادة بناء الدولة المدنية التي أصابها الدمار بعد الحروب المتواصلة والارهاب والصراعات السياسية التي تتخذ من العنف وسيلة لها؟ ما المؤهلات التي تمتلكها العشائر لتكون شريكاً في بناء الدولة المدنية والديمقراطية المزعومة في العراق..؟

هذه اسئلة تتشكل في ذهن أي باحث معني بأمر الدولة في العراق وكل المعنيين بأن يكون العراق بلداً تسودة الحرية وقيم التحضر بعيداً عن تعسف وأكراه قيم الدين والعشيرة والطائفة والقومية ولعلنا لانضيف الكثير إذا ما تحدثنا عن ظاهرة العشائر والعشائرية وآثارها الاجتماعية والثقافية على المجتمع الذي تتواجد وتنتشر فيه. فثمة الكثير من الباحثين الأفاضل الذين كان لهم قدم السبق في هذا المجال، بشكل محدود أو بتفصيل واسع أثمر إنجازات فكرية ومعرفية مشهود لها بالرصانة والدقة في دراستهم لمراحل مختلفة من تاريخ العراق المعاصر والأدوار التي لعبها شيوخ العشائر وصراع الزعامات السياسية وما أنتجته من آثار مدمرة على العراق سترافق مسيرته وصراعه من أجل البقاء والانطلاق نحو آفاق التمدن والحداثة أو أنها ( أي اعادة العشائرية الى واجهة المشهد السياسي) شاهد حي على مدى الانتهازية والانحطاط السياسي الذي كان علامة مميزة للعديد من الحكومات العراقية المتعاقبة.

عملية البحث في وجود العشائر والعشائرية وآثارها والادوار التي تلعبها لابد وان يدفعنا لتفحص المجتمع السياسي (أي الدولة ) الذي يضم هذه الظاهرة وكانت جزءا من نسيجه ووجوده وما لحق بهذا الكيان منذ نشأته وحتى الآن من تغييرات وأحداث كانت كافية لأن تجعل جميع من فيه يواجه سؤال وجود هذه الدولة وإمكانيات بقائها وإستمرارها. الا ان النقطة الأساسية والهامة التي يجب الالتفات اليها بجدية هو غياب المساعي الحقيقية للدولة في مسائل التوحيد والدمج الاجتماعي لمكوناتها وعدم قدرتها على إقرار وتشريع سياسات ومشاريع اجتماعية تهدف لتذويب قدرة العشيرة بشكل ايجابي وأزالة المخاوف من الدولة وطغيانها وعنفها.

* هذا المقال هو مقتطف من كتابنا قيد الإنجاز( العشائر في بنية الدولة المدنية في العراق). انشره هنا بعد ان تصاعد الحديث حول دور العشائر في ازمة الأنبار الاخيرة ومساعي حكومة المالكي لمواجهة القوى الإرهابية التي تنتشر في هذه المدينة. فما حصل هو تحول العشائر الى قوة أساسية في مواجهة الارهاب الذي اتخذ من الانبار مركزا وساحة للانطلاق في عمليات كثيرة أودت بحياة الكثير من العراقيين ولكن هذه القوة تمر بحالات من التذبذب والتشتت سببها الارتباط بقوى سياسية لها خصوماتها وتقاطعاتها مع الحكومة العراقية وعدم التزام هذه الحكومة بوعودها أو تلبيتها للمطالب التي يتم الاعلان عنها من قبل سكان مدينة الأنبار وكذلك طموحات شيوخ العشائر والمصالح التي تتحققت لهم. دخول عشائر الأنبار في الحرب الأخيرة ضد القوى الإرهابية كالقاعدة وداعش، جاء بعد ان تزايدت الاحتجاجات والضغوط السياسية على الحكومة من قبل الأطراف السياسية التي تتخذ من المدينة أو من المناطق التي تسكنها اغلبية من " المكون السني" معاقلا أو مناطق نفوذ واسعة لها، مما دفعها لسحب الجيش من المدينة. وان ما حصل يعكس حالة الخصام السياسي في العراق وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية والمخاوف من النتائج التي يمكن ان تتحقق لاحقا او يتم تجييرها كمنجزات للمالكي. خلال هذه الأزمة والازمات الاخرى السابقة التي شهدتها مدينة الرمادي، فإننا اصبحنا امام ثنائية جديدة وخطيرة في نفس الوقت وهي " شيخ العشيرة- السياسي" أحمد ابو ريشة على سبيل المثال لا الحصر.

1- حنا بطاطو.. العراق ، الكتاب الأول . الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العهد العثماني حتى قيام الجمهورية. منشورات فرصاد ، الطبعة الأولى ص 50 .



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن العطل والتعليم والمدارس الخاصة في العراق
- نحن واليابان: آمالنا وآمالهم
- أمريكا وإيران: مَن يروّض مَن؟
- تبريرك بائس يا دولة الرئيس!
- لماذا تخشى حكومة المالكي تظاهرات الغد؟
- السلطات العراقية تستلب حق التظاهر
- إن أردنا ان نكون: لا شيء خارج النقد والمراجعة
- بيان وزارة الداخلية : لننتظر أيام المحنة القادمة
- المالكي ذَب البراءة
- الرسالة التي تبعثها تظاهرات الناصرية
- صرخة ضد حكم الأحزاب الإسلامية في العراق
- الى شباب حملة تمرد و شباب مصر الثوار وقواها التحررية والثوري ...
- ماذا يعني أن تكون نائباً برلمانياً في العراق؟
- عن إينانا، بنين، نبأ وعبير، عن الطفولة المستباحة في العراق..
- البوكسات أهون من الإرهاب
- يا أهالي محافظة ذي قار: أما شبعتم فقرا وذلا؟
- سوق الإنتخابات مابين -أبو القاعة وزوجة المرحوم-
- الحرية لأحمد القبانجي
- فخ التكنوقراط ..احذروا يا أهل تونس !!!
- هل توجد معارضة سياسية في العراق ؟


المزيد.....




- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين
- بعد إدانتهم بـ-جرائم إرهابية-.. إعدام 11 شخصا في العراق
- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شاكر الناصري - الدولة والعشيرة في العراق*