جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 20:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
دون خبرتك مع التعذيب
لقد قرأنا لعدد من الناس عن حالات التعذيب في زنزانات و سجون الحكومات الدكتاتورية و غير الدكتاتورية والارهاق النفسي و الجسدي الذي مر به هؤلاء. الذي يهمني هنا ليست قساوة و بشاعة هذه السلطات بقدر التعرف على هذه الخبرات المؤلمة نفسها: كيف تعامل هؤلاء نفسيا و جسديا مع هذه المعاملات غير الانسانية؟ كيف حس الضحايا بالتعذيب؟ كيف كانت الصورة النفسية اثناء التعذيب؟ ماذا بقى في الذاكرة؟
مر السجناء بعد الحروب العالمية الاولى و الثانية بحالة نفسية غريبة لم تكن معروفة عند معظم الناس تسمى بـ Depersonalization اي نفي الشخصية و كأنك تجعل نفسك لا شيء - لا احد nobody بدون هوية ترفض و تحتقر وجودك لذا تنزع الشخصية منه و يختلط عليك الواقع مع الحلم و تسقط الحدود بينهما لتنتقل بسهولة من الواقع الى الحلم و بالعكس و كانك تخرج من جسدك و تراقب نفسك من الخارج او بعبارة اخرى و كانما انت في فيلم سينمائي تحولت الى الممثل و المتفرج في آن واحد.
يعقتد ان Depersonalization حالة نفسية مهمة كرد فعل لتحمل القساوة و الارهاق و اننا جميعنا نمر بها خاصة في حالات التعب الشديد. لا يفقد الانسان الاتصال بالواقع و يبقى قادرا على التميز بين الحلم و الحقيقة و هذا ما يجعل الخبرة مؤلمة جدا حتى اذا انتهى التعذيب. يحاول الانسان في يأس لمس جسده لليتأكد انه لا يزال موجودا و احيانا يشعر برغبة قوية ان يصرخ باعلى صوته ليوقف الفيلم السينمائي و يمنع اعادة عرضه من جديد و لكن ون جدوي. فكلما اصاب بارهاق يقوم الدماغ بعرض الفيلم غصبا عنه.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟