جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 13:34
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
غ = س + ك + ع
كلمة (عفوا) و (العفو) من الكلمات اليومية التي لها نسبة تردد عالية بمعنى واحد و لكن باتجاهين معاكسين:
اولا طلب الغفران عن ذنب من قبل المتكلم او ترديده فقط كنوع من اللطافة و اللياقة و الادب اي المتكلم هو المستلم للعفو
ثانيا منحه من قبل المتكلم اي ان المتكلم هو المانح للعفو.
اصبحت هذه الكلمة مشبوهة و مكروهة و ملعونة عندما وقعت في افواه الدكتاتوريات لتصدر العفو العام عن السجناء او الهاربين او بالاحرى التكريم على الكرماء و اغراء المساكين في المهجر بالعودة الى مصير مجهول: اصدر السيد الرئيس الخرة عفو عام للمغررين بهم.
و لكن ماذا يعني العفو لغويا؟ العفو يعني حرفيا (المسح) و لكن فقط بمعنى (النسيان) اي (النسيان و التغاضي عن اخطاء الاخرين) اي ان المتكلم يتنازل عن حقوقه و يتغاضى عنها.
استعمالات هذه الكلمة في القرآن تختلف فمثلا يفسر (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا) من سورة الاعراف ليعني عفوا (جموا) او (كثروا اي حتى كثرت ااموالهم و اولادهم) اي (حتى سروا بها). هذا التفسير لا يمكن ان يكون صحيحا و الا لما تطور المعنى الى المعنى العصري. الارجع يعني العفو في هذه الاية (قارن ايضا: الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) ان التكاثر جعلهم لا مبالين اي جعلهم ينسوا كل شيء و هنا نتقرب الى المعنى الحالي (فمن عفي له من اخيه شيء) و الغني يستغني في كبريائه (قارن الانجليزية forgive من give يعطي و العلاقة في الالمانية بين verzichten يستغني و verzeihen يسامح).
لذا كان المعنى الاصلي لـ (عفو) هو الفائض الذي تستطيع ان تتخلى او تستغني عنه اكثر من التسامح و الغفران و هذا ينطبق مع ما يتهم القرآن اهل مكة بالجشع و بتكديس الاموال و المادية. يمكن ان نستنتج ان المعنى الحالي للعفو اساسه مادي و ليس ديني. يا للعجب كيف تسيطر المادة على افعال الانسان لتتطور الى التسامح و الادب. يمكن ان نتوصل الى المعادلة التالية: (الغني = يستغني + يتكبر+ يتأدب) او باسلوب رياضي: الغنى (غ) = الاستغناء (س) و الكبرياء (ك) و العفو (ع):
غ = س + ك + ع
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟